مروة أحمد سالم

باحثة في العلوم السياسية

انتشرت شركات الأمن الخاصة الدولية منذ عقد التسعينيات وارتبط ذلك بشكل كبير بالصراعات المسلحة المنتشرة في العالم، فكانت تلك الشركات تقوم -في حالات معينة- بالانخراط في الصراعات العسكرية بدلاً من الجيوش النظامية. وفى مرحلة لاحقة، تجاوزت أنشطة هذه الشركات المجال العسكرى لتمارس أدواراً سياسية. وتمثل شركة "فاجنر" Wagner إحدى أبرز هذه الشركات، ورغم أنها شركة تجارية ربحية إلا أنها تلعب دوراً مهماً في تحقيق أهداف السياسة الخارجية لروسيا، خاصة فى ظل التحول الكبير الذى طال هذه السياسة لاسيما تجاه إفريقيا، حيث كشفت تقارير عديدة عن تدخل "فاجنر" فى العديد من الدول الإفريقية ومنها ليبيا وأفريقيا الوسطى ومؤخراً مالي.

وعلى الرغم من تنصل روسيا من تبعية تلك الشركة وتوجهاتها المعبرة عن سياستها الخارجية، إلا أن العديد من التقارير الأمريكية والأوروبية تشير إلى أن تلك الشركة تسير بخطى مرتبة ومنظمة من قبل المخابرات الروسية، على نحو يطرح دلالات حول دخول روسيا في حلبة تنافس شركات الأمن الخاصة الدولية، وهو طابع يختلف عن تحركات الجيوش النظامية من حيث الشكل، لكنه يظل آلية مهمة من آليات دعم النفوذ الدولى.

وفى ظل الجدل الذى أثارته مجموعة "فاجنر" حول توجهاتها وسياستها ومصادر دعمها، يسعى المقال إلى محاولة تقديم قراءة أولية لنشاط المجموعة من حيث طبيعة عملياتها الممنهجة، ومناطق انتشار عناصرها من أجل الوصول إلى إجابة على تساؤل رئيسى حول ما مدى إمكانية تقييم اتجاهات السياسة العسكرية الروسية من خلال تحركات "فاجنر".   

من هى "فاجنر"؟

تأسست مجموعة "فاجنر" في عام 2014 على يد العميد السابق في الجيش الروسي ديمتري أوتكين، الذي يخضع لعقوبات أمريكية على خلفية دوره في الأزمة الأوكرانية، حيث قاتل إلى جانب المتمردين الانفصاليين الأوكرانيين، وقام بتشكيل"فاجنر" من مجموعة من العسكريين الروس المتقاعدين، من أمثال يفيغني بريغوجين، المقرب من الرئيس الروسي فيلاديمير بوتين. ونظراً إلى أن الشركات العسكرية الخاصة غير قانونية في روسيا، فإنها مسجلة في الأرجنتين، كما يعود مصدر تمويل المجموعة إلى أرباح العقود الروسية في الموارد الطبيعية في البلدان التي تعمل فيها، مثل حقوق التعدين، وبالتالي فإن الاستخدام الأمني للمجموعة يفرض تواجداً لروسيا على المستوى الاقتصادي تقوم "فاجنر" بتأمينه([1]).

وتشير تقديرات أمنية وعسكرية غربية، إلى أن تعداد مقاتلي "فاجنر" يقدر ببضعة آلاف، كما يمثل المتقاعدون وقدامى المحاربین في أفغانستان والشیشان القوام الأساسي للمجموعة، التي توسعت عبر التعاقد مع مجندین جدد لديهم خبرة عسكریة محدودة بشكل عام ویتم إرسالهم إلى منطقة الحرب بعد تدریب عسكري لا یتجاوز عدة أسابیع، ویتلقون رواتب عالية مقارنة بمستوى الدخل للمواطن الروسي العادي، تصل إلى نحو 4 آلاف دولار أمريكي.

ويبدو أن الدور الذى تقوم به مجموعة "فاجنر" فى العالم ليس بالجديد على أدوات تنفيذ السياسة الخارجية الروسية، حيث سعت موسكو خلال عقود سابقة إلى الاعتماد على قوات "خفية" لدعم حلفائها وتحقيق مصالحها فى العالم. فخلال عام 1937 فى أثناء الحرب الصينية- اليابانية الثانية تم نشر قوات سوفيتية في الصين، ونفى الاتحاد السوفيتي (السابق) رسمياً أى صلة بها. وفي الواقع، كان عناصرها ينتمون إلى القوات الجوية السوفيتية. واستمراراً للنهج نفسه، أرسل الاتحاد السوفيتي آلاف المتخصصين العسكريين كمستشارين لتحليل الصراعات في جميع أنحاء العالم. وفي التسعينيات، شاركت قوات من روسيا في الصراعات الانفصالية في جورجيا، بينما نفت الأولى رسمياً تورطها في هذه الصراعات ووصفتها بالحروب الأهلية([2]).

ومنذ التسعينيات وحتى عام 2000 درس الخبراء العسكريون الروس عن كثب كيف استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الشركات الأمنية الخاصة والشركات العسكرية الخاصة في أفغانستان والعراق. بالإضافة إلى ذلك، كان لروسيا اتصالات مباشرة، وإن كانت متقطعة، مع الشركات الأمنية الخاصة الغربية في أفغانستان. وبدأت بعد ذلك الشركات العسكرية الروسية الخاصة في اكتساب المزيد من الاهتمام منذ عام 2010، نتيجة لمشاركتها في الحروب في سوريا وأوكرانيا وبعد ذلك ليبيا وأفريقيا الوسطى وأخيراً مالي.

ويصر المسئولون الروس على إنكارهم للعلاقة بين مجموعة "فاجنر" والمؤسسات الرسمية فى البلاد وخاصة جهاز المخابرات والمؤسسة العسكرية، ومن هؤلاء الرئيس فلاديمير بوتين. ففي أبريل 2012 سأل بعض النواب في مجلس الدوما بوتين (وكان رئيساً للوزراء آنذاك) عما إذا كان يؤيد فكرة إنشاء شبكة من الشركات العسكرية الروسية الخاصة، وأجاب بأن الشركات العسكرية الخاصة يمكن أن تكون أدوات للسماح بتحقيق المصالح الوطنية دون التدخل المباشر للدولة لكنه لم يذكر أى علاقة بـ"فاجنر"، وحصر مهام هذه الشركات في توفير الحماية للمنشآت المهمة، وكذلك تدريب الأفراد العسكريين الأجانب في الخارج([3]).

هذا الموقف جاء مخالفاً للبيانات والتقارير المختلفة والشواهد الفعلية التى تؤكد وجود علاقة وطيدة بين السياسة العسكرية الروسية وبين "فاجنر".فقدأكدت تقارير غربية أنه لا توجد شركة واحدة مسجلة تسمى (Wagner)، وأن الاسم يصف شبكة من الشركات تضم مجموعات المرتزقة، وهى متورطة في مجموعة واسعة من الأنشطة، بما في ذلك العمل على قمع الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية، ونشر المعلومات المضللة، والتنقيب عن المعادن كالذهب والماس، والانخراط في نشاط عسكري. وتسعى هذه التقارير لتحقيق هدفين: الأول، تقويض نشاط "فاجنر" لما يفرضه من تنافس على الأدوار الدولية المعلنة لشركات الأمن الخاصة سواء الإسرائيلية أو الأوروبية أو الأمريكية. والثاني، الدعوة إلى فرض المزيد من العقوبات على روسيا لما ينتجه ذلك من مزيد من الخسائر الاقتصادية لموسكو([4]).

ويمكن القول إن ثمة اعتبارات عديدة تفسر أسباب اهتمام روسيا بالأنشطة التي تقوم بها مجموعة "فاجنر" يتمثل أبرزها في:

1- تعتبر مثل هذه النوعية من الشركات أرخص وأقل عرضة للمساءلة وفي الوقت نفسه أكثر قدرة من الجيوش النظامية على التعامل مع البيئات المختلفة، وهو ما يبدو جلياً في حالتى أفغانستان والعراق.

2- وجدت موسكو أن "فاجنر" تساعد على توسيع نطاق نفوذها في الخارج دون تدخل القوات العسكرية الذي يمكن أن يُعرِّضها لخسائر بشرية.

3- يمثل دعم نشاط المجموعة آلية لتجاوز المحاذير في القوانين الروسية من إنشاء قوات عسكرية خاصة ونشرها في الحروب، حيث أكدت هذه القوانين على استخدام الشركات العسكرية الخاصة في إطار حماية المنشآت والشخصيات العامة فقط.

4- يساعد نشاط تلك المجموعة في تقليص احتمالات التعرض للعقوبات الدولية، التي تنتج خسائر اقتصادية لا تبدو هينة.

5- التخلص من المخاطر الأمنية التي يمكن أن يفرضها وجود المرتزقة في روسيا، حيث يشكلون تهديداً أمنياً وسياسياً للدولة، بتدريبهم العالي وقدراتهم القتالية.

وانطلاقاً مما سبق، فإن "فاجنر" تعتبر فعلياً يد روسيا الخفية، لأنها تابعة للأخيرة وفي الوقت نفسه لا تعترف بتبعيتها، بما يعني أنها تتبنى سياسة معاكسة فيما يخص التدخلات العسكرية فيمناطق الصراع، حيث تتدخل الدول الغربية بقوات نظامية ثم تسند الأعمال القتالية بعد ذلك للشركات الخاصة، بينما تدفع روسيا بشركات الأمن الخاصة في الصراعات ثم تدرس إمكانية التدخل عسكرياً واقتصادياً بشكل مباشر.

كيف تدعم "فاجنر" مصالح موسكو؟

يفتح تحليل انخراط "فاجنر" في مناطق الصراعات المجال أمام استشراف اتجاهات السياسة الخارجية الروسية، وخاصة ما يتعلق بجوانبها العسكرية. ويقدم الجدول التالى رصداً لتحركات المجموعة فى العالم منذ نشأتها فى عام 2014.

 

جدول رقم (1): مناطق انتشار "فاجنر" واتجاهات عملها

مناطق الانتشار

اتجاهات العمل

أوكرانيا

تم رصد عناصر "فاجنر" للمرة الأولى في عام 2014 إلى جانب الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا، حيث ظهروا في صفوف المجموعات المتمردة التي تحارب السلطات الأوكرانية الموالية للغرب.

سوريا

عند التدخل العسكري الروسي في سوريا عام 2015 دعماً للرئيس بشار الأسد، بدأت تقارير عديدة تكشف عن وجودهم إلى جانب الجيش الروسي خصوصاً في معارك كبرى مثل استعادة مدينة تدمر الأثرية.

  أفريقيا الوسطى

 ألحقت مهام حماية المؤسسات ومناجم الذهب واليورانيوم والماس والموارد الطبيعية الأخرى بـ"فاجنر"، كخطوة لتهيئة الظروف أمام تعزيز نفوذ الشركات الروسية.

بيلاروسيا

أعلنت بيلاروسيا عن تواجد مجموعة من قوات "فاجنر" التي تدعم المعارضة ضد ترشيح الرئيس الحالي للرئاسة مرة أخرى.

مالي

اتجهت الحكومة المالية إلى التفاوض مع "فاجنر" من أجل القيام بمهام أمنية خاصة بحماية المؤسسات والشخصيات العامة ضد الإرهاب في ظل تخفيض فرنسا قواتها تمهيداً لانسحابها من البلاد.

فنزويلا

دعمت المجموعة الرئيس نيكولاس مادورو (حليف روسيا) وساهمت في إبقائه في سدة الحكم، خصوصاً بعد تصاعد موجة الاحتجاجات ضده في نهاية عام 2019.

موزمبيق

وصل حوالي 200 من مرتزقة "فاجنر" إلى العاصمة الموزامبيقية، مابوتو، ومنذ وصولهم، دخلوا في معركة شرسة مع تمرد مرتبط بتظيم "داعش" الإرهابي في منطقة كابو ديلجادو الغنية بالنفط والتي تسكنها أغلبية مسلمة في البلاد، وأودت المعركة بحياة أكثر من 200 شخص منذ عام 2017.

السودان

تواجدت المجموعة في السودان دعماً لحكم الرئيس السابق عمر البشير قبل الإطاحة به في إبريل 2019، بالإضافة إلى مهام حماية مناجم الذهب واليورانيوم والماس والموارد الطبيعية الأخرى، كخطوة لتهيئة الظروف للشركات الروسية.

ليبيا

ظهرت "فاجنر" منذ أكتوبر عام 2018، حيث تقدم مساعدات فنية لإصلاح المركبات العسكرية وتشارك في العمليات العسكرية. ووصل عدد المرتزقة الروس في ليبيا نهاية عام 2019 إلى ما بين 800 و1400 مقاتلاً حسب بعض التقديرات.

* قامت الباحثة بجمع هذه المعلومات من مصادر مختلفة.

 

من الجدول السابق، يتضح أن تحركات "فاجنر" في مناطق الصراعات تتركز فى ثلاثة اتجاهات يمكن توضيحها فيما يلى:

1-  دعم النظم الموالية لروسيا.

2-  محاربة "داعش" والتنظيمات الإرهابية الأخرى.

3-  تحقيق مكاسب اقتصادية.

 فقد تم رصد مجموعة "فاجنر" للمرة الأولى في أوكرانيا عام 2014، حيث دعمت الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا وانضمت إلى صفوف المجموعات المتمردة التي تحارب السلطات الأوكرانية الموالية للغرب.

وبرزت المجموعة بشكل أكبر في الصراع السوري، بعد إعلان موسكو تدخلها العسكري المباشر دعماً لنظام الرئيس بشار الأسد في سبتمبر 2015، وكانت في هذا التدخل جنباً إلى جنب مع الجيش النظامي، وشمل الدعم المقدم من "فاجنر" تدريب قوات النظام والتواجد في خطوط القتال الأولى، وتجنيب القوات الروسية النظامية الخسائر البشرية، ثم وسّعت المجموعة من نشاطها في المناطق التي لا تستطيع روسيا التدخل فيها رسمياً أو تفضل أن لا تكون في الواجهة([5]).                               

ويتضح من الحالتين السابقتين أن النمط الأول من التدخل وإن عكس التوجهات الروسية فهو ليس مباشراً، أما النمط الثاني فهو يعبر بشكل مباشر عن السياسة الروسية، وهو ما يوحي بأن روسيا تعتمد على "فاجنر" كأداة لتحقيق مصالحها دون أن تتورط بشكل مباشر في بعض الصراعات.

ويدخل انخراط "فاجنر" في أزمة فنزويلا في إطار الاتجاه الأول، حيث جاء هذا التدخل من أجل دعم الرئيس نيكولاس مادورو حليف روسيا وإبقائه في الحكم بعد تصاعد الاحتجاجات ضده في نهاية عام 2019. كما تواجدت "فاجنر" في السودان دعماً لحكم الرئيس السابق عمر البشير قبل الإطاحة به في إبريل 2019. والأمر نفسه بالنسبة لبيلاروسيا، حيث تم إيقاف 32 مقاتلاً من مجموعات "فاجنر" اتهموا بمحاولة التحضير لعمليات إرهابية ودعم المعارضة أثناء الانتخابات الرئاسية، ويذكر أن روسيا وبيلاروسيا حليفتان، إلا أن التوتر تصاعد بينهما في نهاية 2019، مع قيام الرئيس ألكسندر لوكاشينكو بتوجيه اتهامات مباشرة إلى موسكو بالسعى إلى التدخل فى الشئون الداخلية لبلاده وخاصة الانتخابات([6]). وعلى صعيد موازٍ، تدخلت "فاجنر" في ليبيا، وبدأت بإرسال الأسلحة والمعدات العسكرية، والمرتزقة لمساندة الجيش الليبي، وحددت الأمم المتحدة عددهم بما لا يقل عن 1200 عنصراً. إلا أن المتحدث باسم الجيش الوطني اللواء أحمد المسماري نفى، في 31 يناير 2021، وجود قوات "فاجنر" في مدينة سرت أو خارجها، مضيفاً أن "الوضع في سرت مستقر تماماً، كما أن الأجهزة الأمنية تسيطر بشكل كامل على الوضع"[7].

ويشير ذلك في مجمله إلى أن روسيا حريصة على تعزيز تواجدها فى الشرق الأوسط بعد تدخلها في سوريا، حيث يمثل البحر المتوسط أهمية كبيرة فى إطار تأكيد نفوذ روسيا الدولى، كما أن التواجد في ليبيا يدعم السياسة الروسية إزاء بعض الملفات وخاصة ملف اللاجئين، الذي لا يزال يمثل مصدر قلق كبيراً لكثير من الدول الأوروبية، ما يعني أن أى أزمة أخرى للاجئين تنبثق من ليبيا ستعزز من تصاعد اليمين المتشدد وتزعزع استقرار الاتحاد الأوروبي، وستكون أداة ضغط قوية على أوروبا للتراجع في ملفات مهمة مثل الملف الأوكراني.

فضلاً عن ذلك، تسعى روسيا إلى الاستفادة اقتصادياً من نشاط المجموعة،على نحو يبدو جلياً في القارة الإفريقية، حيث تمتلك القارة نصيباً وافراً من الموارد الطبيعية والمعادن، وتحتاج موسكو للمواد الأولية من المعادن، مثل المنجنيز والكروم. كما أن لدى روسيا خبرة في قطاع الطاقة يمكن أن تقدمه للدول الغنية بالبترول في إفريقيا. وتفيد التقارير الغربية أن شركة "لوك أويل" الروسية العاملة في قطاع الطاقة لديها مشروعات في الكاميرون وغانا ونيجيريا وتتطلع إلى الاستحواذ على حصة في جمهورية الكونغو، وهى أهداف ومصالح يمكن أن تساهم "فاجنر" في تحقيقها وحمايتها.

وقد سعت "فاجنر" إلى استغلال حاجة الدول الإفريقية للدعم الأمني ضد تصاعد الصراعات الداخلية وضعف القوى الأمنية في مواجهة التنظيمات الإرهابية والفصائل المسلحة، إضافة إلى ارتفاع معدلات الجريمة، من أجل تعزيز تواجدها وفتح الباب أمام الشركات الروسية العاملة في مجال الماس والذهب واليورانيوم. وقد بدا ذلك جلياً فى موزمبيق، حيث جاء تدخل مجموعات "فاجنر" فى إطار الاتجاه الثانى المرتبط بمواجهة الإرهاب.

وخلال الفترة الأخيرة، تناولت تقارير عديدة معلومات حول إقدام الحكومة المالية على عقد اتفاق  بشكل رسمي مع "فاجنر". وفي حوار مع دكتور مادي كانتي المحاضر بكلية القانون والسياسة بالعاصمة المالية باماكو حول هذه المعلومات، أكد أن الاتفاق لم يتم حتى الآن بشكل رسمي لكن ثمة مفاوضات حوله، رداً على الانسحاب الفرنسي من مالى، ولتحقيق هدفين مهمين هما دعم مؤسسات الدولة وحماية المسئولين، مشيراً إلى أن المعلومات حول تواجد "فاجنر" فى مالى يتم ترويجها من قبل الإعلام الفرنسي، لكن ما تم فعلياً كان اتفاقاً رسمياً بين روسيا ومالى في ديسمبر 2020 شمل صفقات سلاح وتبادل التعاون الاقتصادي والعسكري.

ويطرح هذا الحوار دلالة مهمة تؤكد على أن المبالغات الغربية حول انتشار مجموعات "فاجنر" تشير إلى العداء والتنافس على النفوذ الدولى بين روسيا والقوى الغربية، كما تكشف أن التواجد الروسي بشكل عام في الغرب الإفريقي أصبح أمراً وارداً، وأن تواجد "فاجنر" يمثل مدخلاً رئيسياً لموسكو([8]).

ختاماً، يمكن القولإن "فاجنر" تمثل اليد الخفية لروسيا التي تساعدها على توسيع نطاق نفوذها دون خسائر بشرية وتحقيق مكاسب اقتصادية، وهو ما يؤشر إلى احتمال اندلاع صدام قريب بين القوى الغربية من ناحية وروسيا من ناحية أخرى. بالإضافة إلى ذلك، يمكن استشراف مناطق التواجد الروسي من خلال التحليل الرصدي لتحركات "فاجنر" في الدول المختلفة. وتشير القراءة الموضوعية للأحداث إلى أن هناك مبالغات غربية في تناول وضع "فاجنر" وتحركاتها، لكن ذلك لا ينفي تبعيتها لروسيا. وفي النهاية، ستظل "فاجنر" محل جدل كبير وواسع تتضارب فيه الحقيقة والشائعات في ظل إنكار موسكو تبعيتها لها، وهو توجه يتوقع استمراره لفترة طويلة.


  [1]أحمد عبد الحكيم، كيف تغلغلت روسيا في مناطق الصراع عبر "شركات الأمن الخاصة"؟ اندبندنت عربية، 21/6/2021:

https://www.independentarabia.com/node/130611/%D8%AA%D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D9%85%D8%B7%D9%88%D9%84%D8%A7%D8%AA/%D9%83%D9%8A%D9%81-%D8%AA%D8%BA%D9%84%D8%BA%D9%84%D8%AA-%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%A7-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D9%86%D8%A7%D8%B7%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%B1%D8%A7%D8%B9-%D8%B9%D8%A8%D8%B1-%D8%B4%D8%B1%D9%83%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D8%B5%D8%A9%D8%9F

[2] Band of Brothers: The Wagner Group and the Russian State:21/9/2021.

https://www.csis.org/blogs/post-soviet-pos/band-brothers-wagner-group-and-russian-

[3] Ibid.

[4] Russia’s Wagner Group Doesn’t Actually Exist:https://foreignpolicy.com/2021/07/06/what-is-wagner-group-russia-mercenaries-military-contractor/

[5] كيف تغلغلت روسيا في مناطق الصراع عبر "شركات الأمن الخاصة"؟، مرجع سبق ذكره. 

6][ بيلاروسيا تُعلن إيقاف "مقاتلين" من روسيا وتطلب توضيحات من موسكو: 29/7/2020

https://sdarabia.com/2020/07/%D8%A8%D9%8A%D9%84%D8%A7%D8%B1%D9%88%D8%B3-%D8%AA%D9%8F%D8%B9%D9%84%D9%86-%D8%A5%D9%8A%D9%82%D8%A7%D9%81-%D9%85%D9%82%D8%A7%D8%AA%D9%84%D9%8A%D9%86-%D9%85%D9%86-%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%A7/

[7] الجيش الوطني الليبي ينفي وجود قوات «فاجنر» الروسية في سرت أو خارجها، صحيفة الشروق، 31/1/2021.

https://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=31012021&id=74bdf4d1-3b72-4cad-a42a-3acdd0f39ce4

  [8]حوار قامت به الباحثة مع د. مادي كانتي.