بسمة سعد

باحثة في العلوم السياسية

خُصص العدد (84)- أغسطس 2021 من دورية الملف المصري والذي جاء تحت عنوان "السياسة الخارجية المصرية..الثابت والمتغير" لمناقشة حجم التغير الذي شهدته التحركات المصرية في عدد من دوائر سياستها الخارجية وتجاه مختلف القضايا والملفات الرئيسية، تعكس في مجملها ما استندت عليه مصر من ثوابت راسخة وآليات رئيسية لتحقيق أهداف محددة، تشير إلى ما اتسمت به السياسة الخارجية المصرية من مرونة في مواجهة العديد من التحديات في ظل بيئة دولية أكثر تنافسية وبيئة إقليمية مضطربة، لتكن بذلك القاهرة نقطة الارتكاز الرئيسية لأمن واستقرار المنطقة.

استهل العدد بمقالة جاءت تحت عنوان "السياسة الخارجية المصرية في بيئة دولية أكثر تنافسية"، لمناقشة طبيعة المحددات التي تؤثر في تشكيل السياسة الخارجية المصرية يُمكن أن يُطلق عليها المتغيرات الداخلية والخارجية. تأتي في مقدمة المتغيرات الداخلية ثورة 30 يونيو، ثم إجراء الانتخابات الرئاسية 2014، التي مثلت البداية الحقيقية لإعادة رسم مستقبل الدولة المصرية من خلال عدة أركان، منها ركن السياسة الخارجية. بينما تنعكس المتغيرات الخارجية في أربع مستويات رئيسية، هي مستوى البيئة الإقليمية وما شهدته دول الإقليم كسوريا وليبيا واليمن من اضطرابات، ومستوى الخليج العربي الذي يتصدره الملف الإيراني، والمستوى الأفريقي الذي يتصدره ملف سد النهضة وتداعياته على الحقوق المائية المصرية السودانية، بينما يُمثل صعود القطب الصيني وانتشار ظاهرة الإرهاب أبرز المتغيرات في المستوى الدولي. 

وتحت عنوان "توجهات وآليات السياسة الخارجية المصرية تجاه الأزمات العربية"، تناولت المقالة المؤشرات الدالة على استمرار التوجهات الحاكمة للسياسة الخارجية المصرية تجاه الأزمات العربية في ليبيا واليمن وسوريا خلال عام 2021، بهدف دعم الاستقرار في المنطقة العربية، وامتلاك أوراق للتأثير في التعاطي مع الدول الصديقة، وكبح تنامي نفوذ القوى الإقليمية غير العربية.من بين تلك المؤشرات، التأكيد المصري على الحفاظ على هياكل ومؤسسات الدولة الوطنية، ورفض الحلول العسكرية والتدخلات الخارجية، ودعم الجهود الدولية والإقليمية للخيارات السلمية. ولقد استندت مصر على عدد من الآليات لتنفيذ وترسيخ توجهات سياستها الخارجية تجاه تلك الدول، منها إعادة بناء مؤسسات الدولة الوطنية، والتركيز على دحر التنظيمات الإرهابية، وتأييد المبادرات الداعمة لتسوية الأزمات العربية.

وتحت عنوان "مصر والتحالفات الإقليمية .. دوافع الاستمرار ومحركات التغيير"، تناولت المقالة الدوافع الرئيسية وراء سعي مصر للحفاظ على ثبات عدد من التحالفات الإقليمية الداعمة لتحركاتها إزاء التحديات في المنطقة، والتي يأتي من بينها تعثر تسوية الصراعات الإقليمية، وتنامي أدوار المليشيات المسلحة والفاعلين العنيفين من دون الدول. بينما في المقابل، ثمة تغيرات دفعت بالقاهرة نحو إعادة النظر بهيكل التحالفات الإقليمية، والتي انعكست بشكل واضح في تحالفات نوعية/ معيارية، تتعلق بشكل مباشر بالأهداف والمصالح الوطنية للدولة، بالإضافة إلى التحالفات الأمنية وكذلك التحالفات الاقتصادية، لإنجاز عمليات إعادة الإعمار ومشروعات البنية التحتية. فضلًا عن بروز التحالفات التي ترتكز في مضمونها على إنجاز الاستراتيجيات التنموية، التي تستند إلى مسارين؛ الأول، ما يتعلق بمجالات "الطاقة"، والثاني، ما يتعلق بالمعرفة "التكنولوجية".

وتحت عنوان "السياسة الخارجية المصرية تجاه أفريقيا ودول حوض النيل"، ناقشت المقالة الحضور النشط للسياسة الخارجية المصرية تجاه القارة الأفريقية عمومًا، ودول شرق أفريقيا وحوض النيل على وجه الخصوص منذ عام 2014، استناداً إلى عدة محددات رئيسية؛ منها تعزيز العلاقات المصرية الأفريقية وفقًا لمبدأ الشراكة وتبادل المنافع. ولقد اعتمدت القاهرة على حزمة من الآليات تعكس مدى التطور الذي لحق بالرؤية المصرية لمكانتها في القارة الأفريقية؛ منها تفعيل الحضور المصري داخل التنظيمات الإقليمية الأفريقية، ودعم القدرات العسكرية لدول القارة. لكن على الرغم من ذلك، لا يزال هناك الكثير أمام القاهرة للقيام به من أجل تعزيز حضورها وذلك عبر عدة مداخل رئيسية؛ منها دعم السياسات الأفريقية الوطنية لمواجهة الأمراض والأوبئة.

وتحت عنوان "السياسة الخارجية المصرية تجاه القضية الفلسطينية.. فعالية الدور وآلياته"، عكست المقالة كيف تحظى القضية الفلسطينية بمكانة متقدمة في أجندة السياسة الخارجية المصرية، وحرص مصر على الالتزام الاستراتيجي تجاه ثوابت القضية والانخراط المتواصل في معالجة ملفاتها المختلفة، وهو ما تجسد في الحضور المصري اللافت في وقف إطلاق النار في حرب غزة الرابعة، والمساعي المصرية لتثبيت التهدئة وتحسين شروطها، وإعادة إعمار قطاع غزة، وكذلك الدور الإغاثي لدعم أهالي القطاع، والذي ساهم في استعادة حالة الزخم للدور المصري في الملفات المختلفة للقضية الفلسطينية، بما في ذلك العمل على إنهاء الانقسام الفلسطيني؛ كمدخل لمسار سياسي جديد يستهدف تسوية القضية الفلسطينية على أساس عادل يرتكز إلى حل الدولتين باعتبارها مدخلًا رئيسيًا لتحقيق الاستقرار والأمن والسلام في المنطقة.

وتحت عنوان "مصر وأنماط التفاعل في منطقة شرق المتوسط" تناولت المقالة عدداً من المداخل والآليات متعددة الأبعاد التي تعتمد عليها السياسة الخارجية المصرية في منطقة شرق المتوسط، تكشف عن تعدد أنماط التفاعل؛ كتدشين منظمة دول غاز شرق المتوسط، مقرّها القاهرة، وتوقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع اليونان، وتدشين آلية للتعامل الثلاثي بين مصر وقبرص واليونان، ومواصلة الجانبان المصري واليوناني تحقيق المكاسب الاستثمارية والتجارية. بالإضافة إلى تقوية العلاقات التاريخية بين شعوب مصر واليونان وقبرص عبر مبادرة إحياء الجذور، وتعزيز قدرات الردع المصري عبر تدشين عدد من القواعد العسكرية، ودعم القدرات البحرية، والحرص على الانخراط في تسوية النزاعات؛ وذلك إدراكًا منها بأنها الضمانة الرئيسية لاستدامة الاستقرار والسلام في المنطقة.