بسمة سعد

باحثة في العلوم السياسية

خُصص العدد(83)- يوليو 2021 من دورية الملف المصري والذي جاء تحت عنوان"القضية الفسطينية..فرص العودة ومعوقات الصمود"، لمناقشة ما طرأ على القضية الفلسطينية من تغيرات، سواء المتعلقة بما يشهده الداخل الإسرائيلي من تعقيدات وتطورات، ألقت بظلالها على التعاطي الإسرائيلي مع عملية تسوية القضية الفلسطينية، أو التغيرات المتعلقة بمستقبل الانتخابات الفلسطينية وإنهاء انقسام البيت الفلسطيني، وما فرضته حرب غزة الرابعة من تأثر على توازنات الداخل الفلسطيني، وكشفته من تطورات في القدرات القتالية الفلسطينية بقيادة"حماس" ساهمت في تغيير قواعد الاشتباك بين إسرئيل والمقاومة الفلسطينية، إلى جانب ما حققته الحرب من تَغير جذري في اتجاهات الرأي العام العالمي لصالح القضية الفلسطينية، أو التطورات المتعلقة بالثابت والمُتغير في المواقف الإقليمية والدولية من القضية الفلسطينية، هذا بالإضافة إلى تناول ما للممارسات الإسرائيلية من تأثير على فلسطيني الداخل الإسرائيلي أعادت للأذهان نظام "الابارتهايد" ولكن في صبغة إسرئيلية.      

استهل العدد بمقالة جاءت تحت عنوان "أزمة الداخل الإسرائيلي وتحديات التسوية"، لمناقشة ما شهدها لداخل الإسرائيلي من تعقيدات داخلية وأزمة سياسية عميقة، إثر صعوبة تشكيل حكومة مستقرة تحظى بأغلبية حاسمة، انتهت بتكليف "يائير لبيد" بتشكيل حكومة إسرائيلية، يُمكن ارجاعها إلى مصدرين، أولهما؛ يتمثل في طبيعة نشأة الدولة الإسرائيلية وارتباطها بالمشروع الصهيوني. وثانيهما، التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والديموجرافية، التي أدت في مجملها إلى تقليص نفوذ اليسار الصهيوني، وسيطرة اليمين الجديد، مما تسبب في خلق تناقض واضح بين مظهر إسرائيل كقوة إقليمية إلى دولة مأزومة داخليًا وغير مستقرة، انعكس على مسار تسوية الصراع العربي الاسرائيلي، بحيث لم يعد ممكنًا قبول التعاطي مع حل الدولتين.

وتحت عنوان "فلسطينيو الداخل الإسرائيلي وتحديات الفصل العنصري"، ناقشت المقالة ما يواجهه فلسطينّيو الداخل في اللحظة الراهنة من تمييز عنصري دأبت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على ممارسته، في محاولة لاستنساخ نظام "أبارتهايد" جديد بصبغة إسرائيلية، وذلك عبر جملة من السياسات والقرارات الموجهه ضد فلسطينيي الداخل الإسرائيلي، سعت بشكل ممنهج إلى خلخلة الوضع الديمغرافي لصالح المكون اليهودي عبر هذه السياسات، التي كانت سبب فيما شهدته البلدات المختلطة من أعمال عنف وتصعيد غير مسبوق في الفترة الماضية. ووفق معادلة جديدة، سعت الكتلة العربية من خلال حزب "القائمة الموحدة" إلى الانخراط أكثر في مشهد عملية صنع القرار الإسرائيلي على صعيد الممارسة وعدم الاكتفاء بالوقوف في "الظل" من خلال عملية التشريع، وذلك في إطار من الرهان على أن المشاركة في الحكومة الإسرائيلية، ستكون البوابة الأمثل لتجاوز التحديات التي يواجهها المجتمع العربي.

وتحت عنوان "تحديات إنهاء الانقسام ومستقبل الانتخابات الفلسطينية"، ناقشت المقالة ما أُثير من ردود فعل حول قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس بشأن تأجيل الانتخابات التشريعية، وكذلك حول القوائم الانتخابية (36)، والتي كشفت عن حجم التراجع في شعبية حركة فتح "الأم" بقيادة "عباس"، خاصة مع الانشقاقات التي طالتها، في مقابل ارتفاع فرص فوز حماس التي قررت خوض الانتخابات بقائمة موحدة تحت اسم "القدس موعدنا". كما تسببت حرب غزة الرابعة في التأثير على توازنات الداخل الفلسطيني لصالح حماس، بشكل أتاح المجال لإسرائيل للعمل على إفشال مساعي إنهاء الانقسام الفلسطيني، وذلك عبر عدة آليات؛ منها التأكيد على أهمية شراكة الرئيس محمود عباس، بهدف ضرب أي توافقات سياسية جديدة يمكن أن يسعى إليها، ويعمل على التوصل إليها بما في ذلك دعوته لتشكيل حكومة وحدة وطنية.

 وتحت عنوان "حرب غزة الرابعة .. تغيير قواعد الاشتباك ومآلات الردع"، تناولت المقالة ما كشفته الحرب الرابعة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة، بقيادة "حماس" عن تطور ملحوظ في القدرات القتالية بقيادة "حماس"، وكيف ساهمت الحرب في اشتعال هبة شعبية غير مسبوقة عمت الضفة والقدس والداخل الإسرائيلي والشتات، أدت إلى تعدد ساحات المواجهة أمام إسرائيل، وتسببت في تغيير قواعد الاشتباك، وزعزعة استقرار جبهه اسرائيل الداخلية، ودخول المواطن الإسرائيلي كعامل ضاغط لإنهاء الحرب مع شعوره بعدم الأمان، وهو ما قاد إلى اهتزاز نظرية الردع الإسرائيلية. وعلى الرغم من نقاط التقدم التي أحرزتها فصائل المقاومة في المواجهة العسكرية، إلا أن مردود ذلك على القضية الفلسطينية، وجني مكاسب فعلية لصالح كل من غزة والضفة والقدس، سيظل رهن إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة السياسية.

وتحت عنوان "تحولات الأدوار الخارجية تجاه القضية الفلسطيني" ناقشت المقالة ما شهدته القضية الفلسطينية خلال السنوات القليلة الماضية من تحولات إقليمية، تعود في إحدى جوانبها إلى توغل سياسات اليمين الإسرائيلي الاستيطانية، والقفز على جميع ثوابت حل قضية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وعلى صعيد مواقف الدول العربية، فقد شهدت تغييرات مفصلية منذ عام 2011، أسفرت عن تراجع القضية الفلسطينية عن صدارة أجندة واهتمامات الأنظمة العربية. أما بالنسبة للموقفين الإيراني والتركي من القضية الفلسطينية، فمعظم مواقفهما لم تأت إلا في إطار ما يحقق أهدافهما ومصالحهما، بينما يُعد الموقف الأوروبي أكثر توازنًا من الموقف الأمريكي المنحاز بالكامل لإسرائيل سواء خلال عهد الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، أو عقب تولي "جو بايدن" الرئاسة الأمريكية، بل إن حرب غزة الرابعة في مايو 2021 أظهرت حقيقة الموقف الأمريكي الداعم لإسرائيل سواء كانت الإدارة جمهورية أو ديموقراطية.

وتحت عنوان "ملامح التغير في الرأى العام العالمي تجاه القضية الفلسطينية" تناولت المقالة كيف أدت الحرب الإسرائيلية الرابعة على قطاع غزة وقبلها عمليات تهجير سكان حي الشيخ جراح، إلى حدوث تحول في الرأي العام العالمي تجاه القضية الفلسطينية بحيث أصبح أقرب للسردية الفلسطينية عن نظيرتها الإسرائيلية، لعبت خلاله مواقع التواصل الاجتماعي دوراً فعالأً في تحول الأنظار لطبيعة الأوضاع والخسائر الواقعة جراء الحرب على قطاع غزة عبر العدسة الفلسطينية في إطار ما يُمكن وصفه بـ"المقاومة الرقمية". والأبرز والأهم أن تنوع المنصات والوسائط واللغات المستخدمة لدعم الموقف الفلسطيني في الحرب على غزة، ساهم في نقد الرؤية والسردية الإسرائيلية بل ونقد إسرائيل من قبل أطراف لم تنتقدها من قبل، خاصة مع استهداف الأبراج السكنية في غزة وبرج الجلاء.