عقد مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، يوم الاثنين الموافق 30 أغسطس 2021، حلقة نقاشية بعنوان "آفاق تحول الطاقة في مصر: الفرص والتحديات.. رؤية مجتمع الأعمال"، بمشاركة عدد كبير من مسئولي شركات الطاقة والخبراء والأكاديميين.
وتأتي هذه الحلقة ضمن مشروع بحثي يجريه برنامج دراسات الطاقة بالمركز، يتضمن تنظيم مجموعة من حلقات النقاش حتى نهاية العام الجاري لمناقشة مجموعة من أوراق العمل يتم إصدارها في شكل كتاب يصدر عن المركز بنهاية هذا العام الجاري، يشارك فيه 15 خبيرا في الطاقة والاقتصاد والعلاقات الدولية والقانون، لمعرفة الفرص والتحديات المحيطة بهذا التحول المهم من وجهات نظر مختلفة.
وقد ناقشت حلقة النقاش الثانية، محورين رئيسيين، تناول الأول رؤية القطاع الخاص لمشروعات تحول الطاقة في مصر. بينما ركز المحور الثاني على مشروعات الهيدروجين الأخضر والطاقة الحيوية.
وقد هدفت حلقة النقاش إلى تقييم دور القطاع الخاص، ومدى مشاركته في عملية تحول الطاقة في مصر، فضلا عن استعراض ما يمكن عمله لتشجيع مجتمع الأعمال على الانخراط بشكل أكبر في تسريع تحول الطاقة في مصر، خاصة فيما يتعلق بمشروعات الهيدروجين الأخضر والطاقة الحيوية وتصنيع السيارات الكهربائية وما يرتبط بها من محطات شحن كهربائية.
وقد أكدت المناقشات عددًا من النقاط، أبرزها: أن مصر حققت تقدما كبيرا في تحول الطاقة،خلال السنوات السبع الأخيرة،خاصة فيما يتعلق بمشروعات الغاز الطبيعي والطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، وأن هذا التقدم سوف يستمر، على الأرجح، في ضوء تبني الحكومة المصرية منهجيــة "الاقتصاد الأخضر" لتحقيــق التنميــة المستدامة في إطــار رؤيــة مـصـر 2030. وفي هذا السياق، أكد المشاركون على ضرورة توسيع المجال أمام القطاع الخاص في مشروعات الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، وأن تقف الدولة حارسة لتهيئة المجال للاستثمار في هذه المشروعات، من خلال وضع التشريعات اللازمة لتشجيع الاستثمار والرقابة على الأسواق والمنتجات.وفي هذا السياق، قد يكون من المفيد دراسة تنفيذ توصية الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، الخاصة بإنشاء الوكالة الوطنية للطاقة المتجددة، كمنسق وطني لمشروعات الطاقة المتجددة، وبالتالي تمكين مجتمع الأعمال من المشاركة في هذه المشروعات، بوصف هذه الوكالة "محطة واحدة" للتيسير على الراغبين في الاستثمار في هذا المجال. ومن جهة أخرى، أكد المشاركون على ضرورة وجود إستراتيجية مصرية لتحول الطاقة، تكون بمثابة خريطة الطريق لكافة مؤسسات الدولة ومجتمع الأعمال، بما يتيح للدولة المصرية النجاح في عالم المستقبل الخالي من الانبعاثات الكربونية، وفي نفس الوقت زيادة تصدير الكهرباء إلى دول الجوار مثل السودان والسعودية والأردن وليبيا وقبرص واليونان والعراق.وهذه الإستراتيجية يجب أن يكون لها برامج عمل محددة بتوقيتات محددة بجهات تنفيذ معينة. كما أكد المشاركون على ضرورة إعادة هيكلة مرافق تنظيم الكهرباء والغاز، بما يجعلهما أكثر استقلالية وحيادية في ممارسة أعمالهم (على غرار تحرير قطاع الاتصالات). وفي هذا السياق، اقترح بعض المشاركون وضع هذه المرافق تحت إشراف رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس الوزراء، مع زيادة تمثيل مجتمع الأعمال في إدارة هذه المرافق. ومن ناحية ثانية، أكد عدد من المشاركين على أهمية تفعيل قانون 87 لسنة 2015، واللائحة التنفيذية لهذا القانون، وعدم تغيير أي من مواد هذا القانون إلا بعد مناقشة وافية مع الأطراف ذات الصلة. كذلك، من الضروري أيضا تفعيل المادة 46 من قانون الكهرباء الخاصة بتشجيع كفاءة الطاقة. ومن جهة أخرى، أكد المشاركون ضرورة التوسع في السماح للقطاع الخاص بالمشاركة في إنتاج البيوجاز من المخلفات العضوية، خاصة بعدما أصدرت الحكومة تعريفة التغذية الخاصة بها، وموافقة وزارة البيئة على عدد من الشركات العاملة في هذا المجال. كذلك، طالب عدد من المشاركين على ضرورة معالجة مشكلة تعدد القوانين المنظمة ذات الصلة، حتى يتمكن مجتمع الأعمال من ضخ الاستثمارات في مشروعات تحول الطاقة. وفيما يتعلق بالتمويل، أكد المشاركون على ضرورة قيام المؤسسات المالية المحلية بالنظر إلى مشروعات الطاقة المتجددة باعتبارها استثمارات منخفضة المخاطر، وبالتالي وضع برامج تمويلية متميزة لمشاريع الطاقة المتجددة.
وفيما يتعلق بالرقابة والإجراءات، أكدت الحلقة النقاشية على ضرورة وضع مواصفات فنية طبقاً للمعايير العالمية للمعدات المستخدمة في مشروعات الطاقة الشمسية والرياح وغيرها، مع ضرورة وجود شهادات ضمان الجودة للمكونات نظراً لطول فترة الاعتماد عليها لحماية جميع الأطراف، الذين قد يعانوا من عدم جودة المنتجات فيؤثر ذلك سلباً على الخطة الإنتاجية للكهرباء وعلى استثمار الأفراد والهيئات. أيضا من المهم عمل قائمة للمكونات المؤهلة (سواء مستوردة أو محلية) والتي تمت الموافقة عليها من قبل وزارة الكهرباء وإبلاغ القائمة للهيئة العامة على الصادرات والواردات للتصريح بدخول هذه المكونات فقط من الجمارك. كما يجب على الحكومة أيضا أن تولي تركيزها على تطوير شبكات النقل ومراكز المراقبة والتحكم، خصوصا في ظل القانون الجديد للكهرباء، والذي يفتح المجال واسعا للشركات الخاصة ورؤوس الأموال غير الحكومية.
فيما يتعلق بسوق المركبات الكهربائية في مصر (وهو من السمات الواعدة لتحول الطاقة في المستقبل)، رأى المشاركون أنه ما يزال مقيدا بعدة عوامل منها عدم وجود بنية تحتية للشواحن الكهربائية وارتفاع تكلفة التشغيل والصيانة وعدم وجود القواعد المنظمة، ولذلك من الضروري توفير القواعد المنظمة للمساعدة في انتشار السيارات الكهربائية. وفي هذا السياق، اقترح عدد من المشاركين تشجيع توطين انتشار المركبات الكهربائية في مصر، من خلال قيام الحكومة بإصدار العديد من الحوافز لمالكي السيارات الكهربائية مثل: استخدام المواقف العامة بالمجان، والإعفاء من مصاريف الترخيص (أو خفضها)، والإعفاء الجمركي من ضريبة القيمة المضافة، والإعفاء من مصاريف محطات الرسوم، وتطبيق خصم على سعر السيارة الكهربائية في حالة التصنيع أو التجميع المحلى.
عُقدت ورشة العمل بالمشاركة مع مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية بمصر. وشارك فيها كل من د. محمد فايز فرحات، مدير مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية، د. أيمن السيد عبد الوهاب، نائب مدير المركز، د. هناء عبيد، الخبير بالمركز، د. أحمد قنديل، رئيس برنامج دراسات الطاقة بالمركز، د. وليد منصور، مدير برامج المناخ والطاقة في مؤسسة فريدريش ايبرت بالقاهرة، والمهندس أسامة جنيدي، رئيس لجنة الطاقة في جمعية رجال الأعمال المصريين، ود. تامر أبو بكر، رئيس غرفة البترول والتعدين في اتحاد الصناعات المصرية، والأستاذ وائل النشار، رئيس مجلس إدارة شركة اونيرا لأنظمة الطاقة، والمهندس حسن أمين، مدير شركة اكوا طاقة، والمهندس شمس الدين عبد الغفار، شركة انفنيتي انرجي، والمهندس شريف الصيرفي، الخبير الهندسي لمشروعات الطاقة، والدكتور مهندس محمد الصاوي، الخبير الاستراتيجي في الطاقة، ود. صلاح عرفة، أستاذ العلوم بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، والمهندس حسن جمعة، الاستشاري في مجال هندسة البيئة والطاقة، والأستاذ/ حسين سليمان، الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية.