د. هند فؤاد السيد

أستاذ علم الاجتماع المساعد - المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية

مقدمة

تعتبر اللقاحات والتطعيمات أحد أبرز إنجازات الصحة العامة على مستوى العالم، حيث ساهمت برامج التطعيمات فى انخفاض معدل الوفيات وانتشار الأمراض المعدية، ويُعزى إليها الفضل فى القضاء على بعض الأمراض منها شلل الأطفال فى الأمريكتين، ومرض الجدرى فى جميع أنحاء العالم. وتعتمد سياسات التطعيم واللقاحات على النسب المرتفعة فى تلقى هذه اللقاحات، بالإضافة إلى الحماية المباشرة للأفراد الذين تلقوا التطعيم، وتجنب الآثار الجانبية للمرض، لذا فإن ارتفاع معدلات تغطية التطعيم باللقاحات المختلفة تحفز الحماية غير المباشرة للمجتمع ككل، أو تخلق ما يسمى "مناعة القطيع"، وذلك عن طريق إبطاء انتقال VPD، وبالتالى تقليل خطر الإصابة بين أولئك الذين لا يزالون عرضة للإصابة فى المجتمع(1).

من هنا، فإن التطعيم ضد كوفيد 19 يعد أمراً بالغ الأهمية للحد من انتشار جائحة كورونا بمختلف موجاتها وتحورات أعراضها، لكن لا يعنى ذلك العمل على تطوير وتوفير اللقاحات ضد كوفيد 19 فقط، بل من الضرورى أن يكون هناك عدد كافٍ من الأفراد مستعدين لتلقى هذا التطعيم، فعلى مستوى نسب كبيرة من السكان فى جميع أنحاء العالم فإن هناك ترددًا فى تلقى اللقاح، مما يجعل من الأهمية تحديد وتفسير العوامل المرتبطة بقبول اللقاح لدى الأفراد أو التخوف والتردد فى تلقيه.

فعلى الرغم من الاعتراف به باعتباره أحد أكثر تدابير الصحة العامة نجاحًا، إلا أن عددًا متزايدًا من الأفراد يعتبر التطعيم غير آمن وغير ضرورى. كما أن عدم الثقة فى اللقاحات تشكل تهديدًا لنجاح برامج التطعيمات. بالإضافة إلى أن القلق المرتبط بـلقاحات كوفيد 19 والمخاوف المتعلقة بالصحة والآثار الجانبية المختلفة التى ظهرت لبعض اللقاحات ارتبطت بنسب تردد أو قبول اللقاحات، فى حين أظهر الخوف من العواقب الاجتماعية والاقتصادية والنفسية النتيجة نفسها(2).

فالتردد تجاه اللقاحات مسئول عن تقليل تغطية اللقاح وزيادة خطر تفشى الأمراض والأوبئة بصفة عامة، والتى يمكن الوقاية منها بتلقى التطعيم ضدها، الأمر الذى يثير عدة تساؤلات منها: إلى أى مدى يظل التردد تجاه لقاحات كوفيد 19 سائدًا ومؤثرًا على نسب تلقى السكان له؟، وما هى العوامل المؤثرة فى ظهور هذا التردد لديهم؟، وهل التردد مرتبط بعوامل اجتماعية أو اقتصادية أو نفسية أو دينية أو عوامل أخرى؟، وهل لعبت وسائل التواصل الاجتماعى عبر شبكات الإنترنت دورًا فى ظهور هذا التردد؟.

وفى هذا السياق، تحاول الدراسة إلقاء الضوء على مفهوم التردد تجاه اللقاحات بصفة عامة ورصد التفسيرات والعوامل المختلفة المرتبطة بالقلق تجاهه، وذلك من خلال عدة عوامل منها الثقة فى اللقاح والمعلومات المتاحة حوله، ودور وسائل التواصل الاجتماعى، والسياقات الاجتماعية والثقافية والدينية، والصحة العامة وسياسات اللقاحات وغيرها من العوامل، هذا بجانب توفير تفسيرات مهمة للدراسات والتدخلات المستقبلية.

نظرة عامة حول مفهوم التردد تجاه اللقاحات

يعتبر التردد تجاه اللقاح سلوكًا فرديًا يتأثر بمجموعة من العوامل، مثل المعرفة أو التجارب السابقة. كما أنه نتيجة لتأثيرات أوسع يجب النظر إليه دائمًا فى ظل السياق التاريخى والسياسى والاجتماعى والثقافى الذى يحدث فيه التطعيم. كما يجب أن توضع الثقة فى النظام الذى يقدم اللقاحات، سواء فى المهنيين الصحيين الذين يوصون باللقاحات ويديرونها، أو فى صانعى السياسات الذين يتخذون قرارًا بشأن برامج التطعيم وفى الأنواع المختلفة من المعلومات حول اللقاحات التى يتم نقلها عبر وسائل الإعلام فكلها عوامل لها تأثيرات متباينة على تردد اللقاح(3).

وقد أسفرت الدراسات التى تتناول محددات اتخاذ القرار بشأن التطعيم عن عدة نماذج مقترحة للقبول والمقاومة، ويركز معظمها على اتخاذ القرار الأبوى. حيث حدد Gustوالمتعاونون معه خمسة أنواع من مواقف الوالدين فيما يتعلق بالتطعيم، بترتيب إيجابى تنازلى: (دعاة التطعيم، المضى قدمًا للتعايش، دعاة الصحة، المربيات، والقلقون)(4).

كما ميزكين والمتعاونون معه أربعة ملامح من الوالدين: الآباء "المؤمنون باللقاح" الذين كانوا مقتنعين بالفائدة من التطعيم، الآباء "الحذرون" المتورطون عاطفيًا مع طفلهم والذين يجدون صعوبة فى مشاهدته أثناء تلقيحه، الآباء "المسترخون" الذين تميزوا ببعض التشكك فى اللقاحات، والآباء "غير المقتنعين" الذين لا يثقون بالتطعيمات وسياسة التطعيم(5).

أما بينين والمتعاونون معه فصنفوا المشاركين فى دراستهم بناءً على مجموعة من تصرفات ومواقف الأمهات إلى أربع فئات: "المتقبلون" الذين وافقوا أو لم يشككوا فى التطعيم، "المترددون فى اللقاح" الذين قبلوا التطعيم ولكن لديهم مخاوف كبيرة بشأن تطعيم أطفالهم، "الملقحين المتأخرين" الذين عطّلوا عمداً التطعيم أو اختاروا بعض اللقاحات فقط و"الرافضون" الذين رفضوا التطعيم كليًا(6).

وتوضح الاختلافات بين هذه النماذج المختلفة صعوبة تصنيف المواقف حول التطعيم، نظرًا لأن هذه النماذج غالبًا ما تكون متجذرة فى الدراسات الفردية وبسبب التفاعل المعقد للعوامل الاجتماعية والثقافية والسياسية والشخصية المختلفة فى قرار اللقاح، فمن الصعب الحصول على صورة واضحة لمجموعة المواقف المحتملة حول التطعيم. ومع ذلك، فإن الأرضية المشتركة بين هذه النماذج هى حقيقة أن المواقف تجاه التطعيم يجب أن ينظر إليها فى سلسلة متصلة تتراوح من الطلب النشط على اللقاحات إلى الرفض الكامل لجميع اللقاحات. وبشكل عام، الأفراد المترددون فى اللقاح هم مجموعة غير متجانسة فى منتصف هذه السلسلة المتصلة. فقد يرفض الأشخاص الذين يترددون فى تلقى اللقاحات بعض اللقاحات، لكنهم يوافقون على البعض الآخر؛ وقد يؤخرون اللقاحات أو يقبلون اللقاحات وفقًا للجدول الزمنى الموصى به، لكنهم غير متأكدين من القيام بذلك.

وقبل عرض العوامل المختلفة المرتبطة بالتردد إزاء اللقاح،يمكن الإشارة إلى بعض الإحصاءات الخاصة بالسكان عبر جميع بلدان العالم الذين تلقوا اللقاحات ضد كوفيد 19، وذلك عبر موقع التعداد الآلى للقاحات على مستوى العالم https://covidvax.live.

ويمثل الشكل التالى اتجاهات تطور تلقى اللقاحات المختلفة ضد كوفيد 19 على مستوى دول العالم، ومدى الارتفاع والانخفاض فى تلقى هذه اللقاحات على مستوى يومى خلال شهر يوليو 2021.


 

وتشير الإحصائيات المختلفة إلى أن الجرعات اليومية للقاح كوفيد 19 على مستوى العالم بلغت (36.713.969) وفقًا لآخر تحديث 5 يوليو 2021 تمام العاشرة مساء، حيث بلغ عدد الأفراد الذين تلقوا اللقاح ضد كوفيد 19 (3.267.693.559) بنسبة 16,25% من إجمالى سكان العالم.

وفيما يتعلق بتلقى اللقاحات المختلفة على مستوى دول العالم، يتضح أن الإمارات العربية المتحدة من أعلى معدلات الدول فى تلقى اللقاح، إذ بلغت معدلات الجرعات اليومية (65,780)، بإجمالى عدد الجرعات (15.586.500) بنسبة 157.59% لكل 100 شخص، ووصلت نسبة التطعيم فيها إلى 70% من إجمالى عدد السكان. وتعتبر دولة الإمارات من أوائل الدول التى وصلت لمعدلات تطعيم مرتفعة بلغت 70% وهى النسبة المطلوبة لتحقيق "مناعة القطيع" للحماية من الفيروس.

تليها مالطا، التي بلغت معدلات الجرعات اليومية فيها (4.618) جرعة يوميًا، بإجمالى عدد الجرعات (690.731) بنسبة 156.44% لكل 100 شخص، كما وصلت نسبة التطعيم فيها إلى 70% من إجمالى عدد السكان. وجاءت أيسلندا من ضمن الدول التى يتبقى لها يومان فقط فى معدلات التطعيم لتصل بعدد سكانها لنسبة 70% من السكان، حيث بلغ إجمالى عدد الجرعات (456.350) بنسبة 133% لكل 100 شخص.

كما برزت البحرين فى نسبة التطعيم لشعبها، حيث يتبقى لها 12 يومًا فقط لتصل نسبة التطعيم لديها 70%، وبلغ إجمالى عدد الجرعات (2.161.100) بنسبة 127% لكل 100 شخص وذلك بمعدل (17.027) جرعة يوميًا. أما بريطانيا فبلغ معدل التطعيم اليومى لديها (291.403) جرعة يوميًا، بإجمالى عدد الجرعات (79.316.800) بنسبة 116.14% لكل 100 شخص، ويتبقى 53 يومًا لتصل نسبة التطعيم لدى سكانها 70%. في حين بلغ معدل التطعيم اليومي في الولايات المتحدة الإمريكية (1.039.560) جرعة يوميًا، بإجمالى عدد الجرعات (331.456.400) بنسبة 100% لكل 100 شخص، ويتبقى أمامها 126 يومًا لتصل نسبة التطعيم لديها 70%. 

وجاءت ألمانيا بمعدل تطعيم يومى (701.988) مرتفع نسبيًا، بإجمالى عدد الجرعات (77.912.125) بنسبة 92.99% لكل 100 شخص، ويتبقى أمامها 56 يومًا لتصل نسبة التطعيم لدى سكانها إلى 70%.  

وتميزت الصين بمعدل تطعيم يومى مرتفع جدًا بلغ (17.101.714) جرعة يوميًا، بإجمالى (1.319.600.555) بنسبة 91,68% لكل 100 شخص، يتبقى أمامها 40 يومًا لتصل نسبة تطعيم السكان بها إلى 70%.

وتوضح القراءة الآنية للإحصاءات واتجاهات تلقى التطعيمات ضد كوفيد 19 ارتفاع المؤشرات والإحصاءات على مستوى دول العالم فى تلقى اللقاح، ووصول بعض الدول إلى تطعيم نسبة 70% من سكانها، لكن هذا لا يمنع من تردد البعض تجاه اللقاحات على مستوى جميع البلدان فى العالم، حيث أنها ظاهرة مرتبطة بالعديد من العوامل التى يمكن رصدها فى الدراسة.

العوامل المختلفة المرتبطة بالتردد تجاه اللقاحات

كما اتضح سابقًا، فإن مفهوم التردد إزاء اللقاح هو سلوك فردى مرتبط بخصائص الفرد ومدى معلوماته عن اللقاح، ومدى ثقته فى النظام الصحى والسياسات الصحية المتبعة فى دولته تجاه التطعيمات واللقاحات، كما يرتبط أيضًا بالسياق الاجتماعى والاقتصادى والتاريخى الذى يظهر فيه المرض وتطوير اللقاح ضده، مثلما حدث فى انتشار كوفيد 19 وتطوير اللقاحات المختلفة حوله، ففى الدول المتقدمة ارتبط تردد اللقاح لدى الأفراد بفكرة الحرية والليبرالية التى يعتنقونها فى ممارسة حياتهم وحرياتهم الشخصية، فعندما انتشر كوفيد 19 وفرضت الحكومات إجراءات التباعد الاجتماعى وشددت على الإجراءات الاحترازية والغلق الجزئى أو الكلى بادروا بالمظاهرات تجاه هذه الإجراءات وأبدوا عدم الالتزام بها، ونفس الشئ ظهر أيضًا عندما طورت هذه الدول اللقاحات المختلفة التى تحمى من الإصابة بكوفيد 19، فالحرية المطلقة التى يعيشها السكان فى هذه البلدان جعلتهم يرفضون فكرة الإلزام والتطعيمات الإجبارية حتى وإن كانت تمثل لهم النجاة من الأمراض. وهذا يفسر جزءًا من التردد تجاه اللقاح وعدم قبوله لديهم، بجانب عوامل أخرى مرتبطة بالثقة فى فاعلية اللقاحات ضد كوفيد 19، وآثاره الجانبية، والسياق المجتمعى والظروف والعوامل الشخصية للأفراد، ومصادر معلوماتهم حول اللقاحات، وخبراتهم السابقة مع اللقاحات وغيرها من العوامل والظروف التى تتسبب فى ظهور التردد لديهم. 

ويوضح المخطط التالى مجموعة العوامل التى تشكل تردد اللقاحات لدى الأفراد ومدى تداخلها معًا، وتأثيرها على اتخاذهم القرار تجاه اللقاح، بين القبول أو التردد أو الرفض. وأُعد هذا المخطط من خلال نتائج مجموعات النقاشات البؤرية حول الجذور الثقافية والدينية للتردد فى اللقاح فى كندا، حيث التقى حوالى 40 خبير من مختلف المجالات(العلوم الاجتماعية والإنسانية والصحة العامة والعلوم الطبية الحيوية) لتبادل وجهات نظرهم إزاء تردد اللقاح فى السياق الكندى(7).


 

Figure 1. Conceptual model of Vaccine Hesitancy. Adapted from the Schema summary of discussions held during the Workshop on the cultural and religious roots of vaccine hesitancy: Explanations and implications for the Canadian healthcare. Accessible online:

 

http://www.usherbrooke.ca/dep-sciences-sante-communautaire/fileadmin/sites/dep-sciences-sante-communautaire/documents/HesitationVaccination/AfficheMG-anglais.pdf

 

نظرًا لتداخل العوامل المختلفة المرتبطة بالتردد تجاه اللقاحات كما يوضحه المخطط السابق، يجدر بنا رصد العوامل المهمة والمؤثرة فى اتخاذ القرار تجاه اللقاحات، وذلك كالتالى:

1- السياق الاجتماعى والثقافى والتاريخى السائد:

أظهرت أبحاث العلوم الاجتماعية أن اتخاذ قرار التطعيم يجب أن يُفهم فى سياق اجتماعى ثقافى أوسع فى الواقع، فالتطعيم هو جزء من "عالم اجتماعى أوسع" مما يعنى أن العوامل المختلفة قد تؤثر على عملية اتخاذ القرار فيما يتعلق باللقاح مثل (التجارب والخبرات السابقة مع الصحة، نوعية الخدمات، تاريخ العائلة، مشاعر السيطرة والقلق، المحادثات مع الأصدقاء، وما إلى ذلك)(8).

إن فكرة الحرية السائدة فى اتخاذ القرار فيما يتعلق بالتطعيم لدى الأفراد فى الدول المتقدمة ظهرت نتيجة التركيز على تعزيز الصحة على نمط الحياة والعمل الفردى ونمو "الاستهلاك" فى الرعاية الصحية، وتحسن الخدمات الصحية، وإتاحة الفرصة لمشاركة المرضى فى قراراتهم الصحية، الأمر الذى أدى لتزايد عدد الأشخاص الذين يشككون فى أهمية التطعيم. بل قد يكون تردد اللقاحات نتيجة لذلك أيضًا.

أظهرت دراسة إثنوجرافية قام بها براون والمتعاونون معه أن إدراك الأقران وأفراد الأسرة أن التطعيم هو قاعدة اجتماعية يتقبلها أفراد المجتمع لحماية أنفسهم ومجتمعهم تجعل الأسر تؤيد اللقاحات، كما يمكن أن تشكل القاعدة الاجتماعية أيضًا ضغوطًا مجتمعية لقبول التطعيم. من وجهة نظر أخرى، يمكن أيضًا ربط المسئولية الاجتماعية، أو رؤية التطعيم كواجب على الأفراد من أجل الحفاظ على مناعة القطيع، بقبول اللقاح وعدم التردد تجاهه(9).

وترتبط فكرة رفض التطعيم أحيانًا بالمعتقدات الفلسفية أو المعتقدات الأخلاقية فيما يتعلق بالصحة والحصانة، مثل تفضيل الأدوية "الطبيعية" على الأدوية "الاصطناعية الكيميائية". كما تم ربط رفض اللقاحات بمعتقدات دينية قوية. فالبروتستانت الأرثوذكس فى هولندا والأميش فى الولايات المتحدة مجتمعات دينية معروفة برفض التطعيم لأسباب دينية. ففكرة أن التطعيم لا يتوافق مع الاعتبارات الدينية فيما يتعلق بـ"أصل المرض، والحاجة إلى اتخاذ إجراءات وقائية والبحث عن علاج"، كلها عوامل ترتبط بفكرة رفض اللقاحات والتى ظهرت مع لقاحات كوفيد 19(10).

ومن كل ما سبق يتضح أن فكرة الحرية فى اتخاذ القرار فيما يتعلق بقبول التطعيم أو رفضه أو التردد تجاهه ترتبط بشكل كبير بالسياق المجتمعى السائد أثناء التطعيم، وضرورة استيعاب وفهم متغيرات هذا السياق وظروف الأفراد ومعتقداتهم الدينية والأخلاقية والثقافية، ومدى قدرتهم على التكيف مع الوضع الوبائى السائد فى ظل كوفيد 19، والتوازن بين ميولهم الفردية وحرياتهم ومسئوليتهم تجاه المجتمع.

2- دور وسائل التواصل الاجتماعى

أظهرت الكثير من الدراسات أن وسائل الإعلام التقليدية والشبكية عبر الإنترنت لعبت دورًا فعالًا تجاه تلقى اللقاحات، وهذا الدور قد يتسم بالإيجابية وقد يتصف بالسلبية تجاه قبول اللقاحات، حيث أتاحت شبكة الإنترنت فرصة للناشطين الصوتيين المناهضين للتلقيح لنشر رسالتهم، فيرى الكثيرون أن الوجود الكلى للمحتوى المضاد للتلقيح على شبكة الويب العالمية قد ساهم فى نشر أوسع وأسرع للتطعيم، كما أن الإشاعات والأساطير والمعتقدات "غير الدقيقة" فيما يتعلق باللقاحات كان لها تأثير سلبى على قبول اللقاح فى الواقع، فقد أصبحت شبكة الإنترنت عنصرًا أساسيًا لأنها تتيح للمستخدمين إنشاء محتوى ومشاركته باستخدام الشبكات الاجتماعية (مثل Facebookأو Twitterأو YouTubeأو Wikipedia)، ويمكن للأفراد مشاركة تجاربهم الشخصية فى التطعيم، حيث تضيف هذه الروايات بُعدًا جديدًا للمعلومات الصحية من خلال نظرة شخصية ومتجسدة للأمراض التى يمكن الوقاية منها باللقاحات، واللقاحات وعواقبها المحتملة وكلها محتويات غالبًا ما تكون ذات توجه سلبى أو إيجابى لدى البعض تجاه تلقى التطعيم(11).  

وقد أظهرت الدراسة التى قامت بها كاتا أن المواقع الإلكترونية المضادة للتلقيح تشترك فى خصائص مشتركة واستخدمت حججًا واستراتيجيات متشابهة لنشر رسالتها، فعلى سبيل المثال، تجادل معظم مواقع التطعيم ضد سلامة التطعيم وفائدته، باستخدام الحجج مثل وجود "خدمات الخط الساخن" عن "اللقاحات أو وجود السموم فى اللقاحات واستخدام نداءات عاطفية مثل القصص الشخصية عن تلف اللقاح. وكل هذه الرسائل تحمل توجهًا مضادًا لقبول اللقاح(12).

كما لوحظ أن الأفراد الذين تأخروا فى الحصول على اللقاحات أو رفضوها هم أكثر عرضة بشكل ملحوظ للبحث عن معلومات اللقاح على الإنترنت. وأكدت نتائج الدراسة التجريبية واسعة النطاق التى أجراها بيتش والمتعاونون معه هذه الملاحظة، حيث أن التصفح على أحد مضادات التطعيم فى موقع الويب لمدة 5-10 دقائق كان له تأثير سلبى على تصورات المخاطر المتعلقة بالتطعيمات وعلى اتخاذ قرار التطعيم. ومع ذلك، هناك حاجة إلى مزيد من البحث لتقييم ما إذا كان الأفراد الذين لديهم بالفعل مخاوف بشأن التطعيم هم أكثر عرضة للبحث عن معلومات على الإنترنت أو ما إذا كانت عمليات البحث على الإنترنت هى التى تثير مخاوف بشأن التطعيم(13).

وفيما يتعلق بالثقة فى فعالية وأمان اللقاحات، لعبت وسائل التواصل الاجتماعى دورًا فعالًا فى التشكيك فى مأمونية اللقاحات، حيث وجدنا دعمًا لربط التضليل الأجنبى بنشاط وسائل التواصل الاجتماعى السلبى حول التطعيم. يتمثل التأثير الجوهرى للمعلومات المضللة الأجنبية فى زيادة عدد التغريدات السلبية عن اللقاح بنسبة 15٪ للبلد الوسيط. وبالتالى فإن انتشار المعلومات المضللة الأجنبية للقاحات له أهمية كبيرة فى التنبؤ بانخفاض متوسط تغطية التطعيم بمرور الوقت(14).

ومن كل ما سبق، يتضح أن وسائل التواصل الاجتماعى لعبت دورًا له طابع سلبى فى مجمل رسائلها تجاه اللقاح مما أثر بالسلب على اتخاذ القرار بالتطعيم لدى الكثير من الأفراد الذين يخافون من النواحى الصحية ويتشككون فى فاعلية وأمان اللقاح.

3-  دور الصحة العامة وسياسات اللقاحات

فى القرن الحادى والعشرين، لعبت برامج التطعيم دورًا رئيسًا فى مكافحة الأمراض والقضاء عليها، وبرزت كواحدة من أكثر تدخلات الصحة العامة فعالية من حيث التكلفة، وكان وصول لقاحات جديدة موضع ترحيب دائمًا من قِبل صانعى القرار والأطباء فى مجال الصحة العامة، ومن أجل تحقيق تغطية عالية للقاحات، أدخلت بعض البلدان قوانين تٌلزم الآباء بتلقيح الأطفال قبل دخول المدرسة، مما أثار الكثير من الجدل فيما بعد تجاه إلزامية التطعيمات وعدم قبول فكرة التطعيم الإجبارى لدى الكثير من الأفراد، وهذا قد يرتبط بشكل كبير بتعزيز الصحة العامة وتمتع الأفراد بالحرية المطلقة فى اختياراتهم وسلوكهم ليس فقط تجاه ذواتهم بل تجاه أطفالهم أيضًا(15).

وقد أدت الزيادة فى عدد اللقاحات وما ترتب على ذلك من انخفاض فى الأمراض التى يمكن الوقاية منها من خلال التطعيم إلى تركيز انتباه المهنيين الصحيين وأولياء الأمور على فوائد اللقاح وسلامته، نظرًا لنجاح برامج التطعيم ضد الأمراض المعروفة، فأصبحت الآثار الجانبية لها أقل انتشارًا بين الأفراد، أما فى حالة الأمراض الحديثة مثل فيروس كوفيد 19 فتواجه سياسات اللقاحات الكثير من التشكك والقلق تجاهها بسبب عدم توفير معلومات عن مأمونية اللقاح وفوائده، وبالتالى يظهر التشكك والتردد تجاه اللقاح ليس فقط من الأفراد العاديين بل أيضًا من العاملين بالصحة والأطباء، فعلى الرغم من أن المهنيين الصحيين يعدوا بشكل عام من المؤيدين الأقوياء للتطعيم، إلا أن نتائج دراسة حديثة أجريت فى كيبيك بكندا، أظهرت أن نسبة مهمة من العاملين فى مجال الرعاية الصحية البالغ عددهم 540 الذين شملهم الاستطلاع لديهم مخاوف بشأن التطعيم.

 ويمكن تفسير ذلك من خلال وجهتى نظر: الأولى، ترجع إلى وجود استجابات عاطفية قوية لدى العاملين بالصحة تخشى فقدان الثقة فى علاقتهم بالمرضى الذين قد يتعرضون للخطر وبعض المخاوف الطبية والقانونية. والثانية، تشير إلى حاجة العاملين بالرعاية الصحية إلى الدعم النفسى عند معالجة مخاوف المرضى بشأن التطعيم، فقد يصابوا بالإحباط والإرهاق نتيجة تعاملهم مع المرضى، هذا بخلاف التطور السريع فى اللقاحات الخاصة بكوفيد 19 الذى يتعين على العاملين توعية المرضى وطمئنتهم تجاهها مما يشكل ضغطًا نفسيًا عليهم، والخوف من نزع الثقة بينهم وبين المرضى إذا أضافوا معلومات غير دقيقة عن اللقاحات(16).  

فسياسات اللقاحات لعبت دورًا مهما فى مكافحة الأمراض المختلفة المعروفة وذلك قد يختلف من دولة لأخرى وفقًا لسياسات الصحة العامة السائدة فيها، أما فى ظل انتشار فيروس كوفيد 19 فقد اختلف الدور الخاص بالتطعيمات وفقًا لنمط وسياسات الصحة العامة ومدى تمتع الأفراد بالحرية فى قبول أو رفض اللقاح، وهذا ما ظهر، حيث أن التردد إزاء اللقاح الخاص بكوفيد 19 قد يزداد فى دولة ما عن أخرى وفقًا لسياسات الصحة العامة المتبعة لديها.

4- الثقة فى فاعلية اللقاح وأمانه

فى دراسات صنع القرار بشأن التطعيم، غالبًا ما يرتبط إدراك المخاطر ارتباطًا وثيقًا بأفكار الثقة فى المهنيين الصحيين، فى الحكومة أو فى مؤسسات الصحة العامة والتفاعل بين هؤلاء الفاعلين. فالتفاعل بين المرضى ومقدمى الرعاية هو حجر الزاوية للحفاظ على الثقة فى التطعيم، لذا قدما براونلى وهوسون تعريفًا للثقة على أنها "ممارسة علائقية معقدة تحدث فى سياق اجتماعى سياسى معين، ولا تقوم الثقة على المعرفة فقط بل أيضًا على العلاقة الوثيقة مع الأطباء والعاملين بالصحة"(17).

فقد أظهرت الدراسات أن الثقة فى اللقاح فى كثير من الأمراض ترجع لمعرفة واتجاهات العاملين بالمجال الصحى وعلاقتهم بالمرضى مما يؤثر بدرجة كبيرة على قبول المرضى للقاح، إذ تشير دراسة حول محددات ممارسات الممرضات فيما يتعلق بالتطعيم ضد الإنفلونزا إلى وجود علاقة بين المعرفة والمواقف وممارسات التطعيم، وأوضحت النتائج ارتباط المعرفة العالية والمواقف الإيجابية تجاه التطعيم ضد الإنفلونزا بشكل إيجابى بتغطية التطعيم بين الممرضات، كما كان هناك أيضًا ارتباط بين حالة تطعيم الممرضات وترويجهن للتطعيم لمرضاهم(18).

وبما أن المهنيين الصحيين يعتبروا المصدر الأكثر ثقة للمعلومات حول التطعيم بالنسبة لغالبية المرضى، لذا تم تقديم العديد من الأدوات والنصائح لمساعدة مقدمى الخدمات فى مناقشاتهم مع المرضى المترددين فى التطعيم أو الذين يرفضونه. وعلى الرغم من اختلاف الأساليب بين العاملين بالصحة وفقًا لكل دولة، إلا أن هناك بعض الخصائص المشتركة مثل أهمية الحفاظ على علاقة جديرة بالثقة بين المريض ومقدم الخدمة، وأهمية الاستجابة مع مخاوف وشكوك المرضى المحددة.

5- عوامل مرتبطة بسمات الفرد وتردده تجاه اللقاحات

تعد السمات الشخصية للأفراد معيارًا لقبول اللقاح أو رفضه أو التردد تجاهه، فعلى الرغم من أن اتخاذ القرار الفردى بشأن اللقاح يختلف وفقًا للسياق الاجتماعى والثقافى والظروف الاجتماعية، إلا أنه يمكن اعتبار عدد من العوامل الشخصية قد تؤثر فى قرار الفرد الخاص بقبول أو رفض اللقاح، وذلك كالآتى(19):

أ‌- العوامل النفسية المرتبطة بالشخص وسماته التى تؤثر على قبول اللقاح أو رفضه.

ب‌- نقص الوعى حول أهمية اللقاح وفوائده لمكافحة المرض.

ج- الرضا عن المعلومات المتعلقة باللقاح وطرق التطعيم مرتبطة أيضًا بقرار التطعيم.

د‌- التجارب الشخصية السابقة مع التطعيمات وخدمات وجودة التطعيم قد تؤثر على اتخاذ القرار المستقبلى بشأن التطعيم مرة أخرى.

هـ - التكاليف المباشرة وغير المباشرة للحصول على خدمات الرعاية الصحية من المحددات المهمة فى قبول أو رفض اللقاح.

و- الخوف من الألم ووخز الإبر بعد التطعيم "رهاب الثقاب" قد يؤثر على قبول اللقاح لدى بعض الأفراد.  

ز- تفضيل المناعة الطبيعية والنظر إلى اللقاحات على أنها مواد تزعج جهاز المناعة بدلًا من تعزيزه أصبحت وجهة نظر تسود على مستوى كثير من الأفراد فى العالم.

ح- فكرة التحكم فى التعرض للمرض بالالتزام بالإجراءات الاحترازية والعادات الشخصية والنظافة التى يمكن أن تجعل التطعيم غير ضرورى من وجهة نظر بعض الأفراد.

وفى الختام، يقر الخبراء فى جميع أنحاء العالم بأن هناك اتجاهًا نحو التردد فى اللقاح. كما أوضحنا، فإن اتخاذ القرار الفردى بشأن التطعيم معقد وينطوى على عوامل عاطفية وثقافية واجتماعية وروحية وسياسية بقدر العوامل المعرفية. وبالطبع، كان الأفراد مترددين أو غير متأكدين من التطعيم منذ أن تم توفير اللقاحات الأولى لفيروس كوفيد 19، لذلك، يمكن أن يزيد التردد إزاء اللقاح من خلال "التطور العلمى وتحورات الفيروس، والشائعات المضللة للقاحات وآثارها الجانبية، وعدم فاعلية اللقاحات ضد كوفيد وإصابة الذين تلقوا اللقاح، وعدم توافر المعلومات حول أمان اللقاحات وفوائدها تجاه انتشار الفيروس. أو ما يطلق عليه "بيئات الوسائط".

بالإضافة إلى العوامل التى تؤثر على قبول اللقاح على المستوى الفردى، فإن الفهم المدروس للتردد إزاء اللقاح يحتاج إلى أسس فى السياق التاريخى والسياسى والاجتماعى والثقافى المحدد الذى يحدث فيه التطعيم. كما يجب أيضًا إيلاء الاعتبار للتأثيرات الأوسع على تردد اللقاح مثل دور الصحة العامة وسياسات اللقاح والاتصالات والإعلام والمهنيين الصحيين. فعملية صنع القرار الفردى فيما يتعلق بالتطعيم معقدة ومتعددة الأبعاد. وقد تم تحديد العديد من العوائق التى تحول دون التطعيم مثل الخوف من الآثار الجانبية، وعدم وجود توصية من مقدم الرعاية للتلقيح، والمعتقدات المتعلقة بفعالية وفائدة اللقاحات، وعدم الثقة فى الدوافع الكامنة وراء التطعيم، ونقص الوعى بالحاجة إلى التطعيم وغيرها التى تؤثر على قرار الفرد بقبول أو رفض التطعيم.  

ونتيجة لتزايد معدلات تردد اللقاحات على مستوى العالم، اقترحت العديد من الدراسات طرقًا لمواجهة التردد إزاء اللقاح على مستوى السكان، تشمل وضع استراتيجية تتضمن "الشفافية فى قرارات صنع السياسات المتعلقة ببرامج التطعيم، وتوفير التثقيف والمعلومات للجمهور ومقدمى الخدمات الصحية حول الإجراءات التى تؤدى إلى الموافقة على اللقاحات الجديدة لكوفيد 19، ومراقبة التسويق للأحداث المتعلقة باللقاح والشائعات المضللة عبر الإنترنت، بالإضافة إلى ذلك ضرورة التركيز بشكل إضافى على الاستماع إلى المخاوف وفهم تصورات الجمهور وإدماج وجهات النظر العامة فى تخطيط سياسات اللقاحات وبرامجها، والحاجة إلى مزيد من البحث لتقصى وفهم أسباب استمرار التردد والشك لدى بعض الأطباء والعاملين بالصحة والعلوم الطبية فيما يتعلق بسلامة وفاعلية اللقاح ومدى استجابته لتحورات الفيروس"(20).

 
المراجع:

1- See:

    - Antonia BendauJens PlagMoritz Bruno Petzold,1, and Andreas Ströhle, COVID-19 vaccine hesitancy and related fears and anxiety, Published online 2021 Apr 27. doi: 10.1016/j.intimp.2021.107724

     - Eve Dubéand others, Vaccine hesitancy,An overview, Published online 2013 Apr 12. doi: 10.4161/hv.24657

2- Centers for Disease Control and Prevention (CDC) Ten great public health achievements--United States, 1900-1999. MMWR Morb Mortal Wkly Rep. 1999;48:241–3

3- Larson HJ, Cooper LZ, Eskola J, Katz SL, Ratzan S. Addressing the vaccine confidence gap. Lancet. 2011;378:526–35. doi: 10.1016/S0140-6736(11)60678-8. 

4- Gust D, Brown C, Sheedy K, Hibbs B, Weaver D, Nowak G. Immunization attitudes and beliefs among parents: beyond a dichotomous perspective. Am J Health Behav. 2005;29:81–92. doi: 10.5993/AJHB.29.1.7. 

5- Keane MT, Walter MV, Patel BI, Moorthy S, Stevens RB, Bradley KM, et al. Confidence in vaccination: a parent model. Vaccine. 2005;23:2486–93. doi: 10.1016/j.vaccine.2004.10.026. 

6- Benin AL, Wisler-Scher DJ, Colson E, Shapiro ED, Holmboe ES. Qualitative analysis of mothers’ decision-making about vaccines for infants: the importance of trust. Pediatrics. 2006;117:1532–41. doi: 10.1542/peds.2005-1728.

7- See:

Eve Dubéand others, Vaccine hesitancy,An overview, Published online 2013 Apr 12. doi: 10.4161/hv.24657

- Larson HJ, Cooper LZ, Eskola J, Katz SL, Ratzan S. Addressing the vaccine confidence gap. Lancet. 2011;378:526–35. doi: 10.1016/S0140-6736(11)60678-8. 

8-Streefland P, Chowdhury AMR, Ramos-Jimenez P. Patterns of vaccination acceptance. Soc Sci Med. 1999;49:1705–16. doi: 10.1016/S0277-9536(99)00239-7. 

9- Eve Dubéand others, Vaccine hesitancy,An overview, Published online 2013 Apr 12. doi: 10.4161/hv.24657

10- Eve Dubéand others, Vaccine hesitancy,An overview, Published online 2013 Apr 12. doi: 10.4161/hv.24657

11- Zimmerman RK, Wolfe RM, Fox DE, Fox JR, Nowalk MP, Troy JA, et al. Vaccine criticism on the World Wide Web. J Med Internet Res. 2005;7:e17. doi: 10.2196/jmir.7.2.e17.

12- Kata A. A postmodern Pandora’s box: anti-vaccination misinformation on the Internet. Vaccine. 2010;28:1709–16. doi: 10.1016/j.vaccine.2009.12.022. 

13- Betsch C, Renkewitz F, Betsch T, Ulshöfer C. The influence of vaccine-critical websites on perceiving vaccination risks. J Health Psychol. 2010;15:446–55. doi: 10.1177/1359105309353647. 

14- Steven Lloyd Wilson1 and Charles Wiysonge2, Social media and vaccine hesitancy, https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/?term=wilson

15- Lantos JD, Jackson MA, Opel DJ, Marcuse EK, Myers AL, Connelly BL. Controversies in vaccine mandates. Curr Probl Pediatr Adolesc Health Care. 2010;40:38–58. doi: 10.1016/j.cppeds.2010.01.003. 

16- Hollmeyer HG, Hayden F, Poland G, Buchholz U. Influenza vaccination of health care workers in hospitals--a review of studies on attitudes and predictors. Vaccine. 2009;27:3935–44. doi: 10.1016/j.vaccine.2009.03.056. 

17- Eve Dubéand others, Vaccine hesitancy,An overview, Published online 2013 Apr 12. doi: 10.4161/hv.24657

18- Clark SJ, Cowan AE, Wortley PM. Influenza vaccination attitudes and practices among US registered nurses. Am J Infect Control. 2009;37:551–6. doi: 10.1016/j.ajic.2009.02.012. 

19- See:

- Briss P, Shefer A, Rodewald L. Improving vaccine coverage in communities and healthcare systems. no magic bullets. Am J Prev Med. 2002;23:70–1. doi: 10.1016/S0749-3797(02)00438-5.

- Eve Dubéand others, Vaccine hesitancy,An overview, Published online 2013 Apr 12. doi: 10.4161/hv.24657

20- Larson HJ, Cooper LZ, Eskola J, Katz SL, Ratzan S. Addressing the vaccine confidence gap. Lancet. 2011;378:526–35. doi: 10.1016/S0140-6736(11)60678-8.