عبير ياسين

خبيرة - مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

رغم أن الأوضاع لم تهدأ بعد في الداخل الفلسطيني والإسرائيلي، ولازالت عوامل التصعيد قائمة، طرح حديث مروان عيسي، نائب القائد العام لكتائب عز الدين القسام- الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، في 6 يونيو الجاري (2021) الكثير من التساؤلات والرسائل المهمة. ورغم أهمية الظهور الأول للرجل الثاني بعد القائد العام محمد الضيف، لما يحمله من أهمية في كتائب القسام وعلاقته بالضيف، وأنه أحد المطلوبين الذين استهدفتهم إسرائيل في حرب غزة 2021 وما قبلها، إلا أن الحدث الذي حصل على الاهتمام الأكبر، خاصة على الجانب الإسرائيلي، تمثل في رسالة صوتية قصيرة تم بثها في الجزء الأخير من برنامج قناة الجزيرة، "ما خفي أعظم"، الذي حمل عنواناً له رمزيته الخاصة وهو: "في قبضة المقاومة".

التسجيل، الذي تم بثه للمرة الأولى، يفترض أنه رسالة من جندي "من الجنود الإسرائيليين الأسرى الحاليين" لدى كتائب القسام في غزة، وفقاً للتعريف المرفق. وفي ظل عدم إعلان كتائب القسام هوية المتحدث، والرواية الإسرائيلية التي تؤكد احتفاظ الكتائب بأربعة إسرائيليين بينهم جثثي جنديين تم أسرهما في حرب غزة 2014 واثنين من غير الجنود، يمكن إدراك حجم الاهتمام الذي اكتسبه التسجيل الصوتي. أحداث تتطور على طريقة إلقاء الحجر في بحيرة راكدة، حيث تتسع دوائر التصريحات وتقود كل دائرة إلى دوائر أخرى لا يُعرف بعد الحدود التي يمكن أن تصل إليها.

وتجاوز الاهتمام بهوية الشخص الذي يتحدث في التسجيل الحديث مع عائلات الجنود وغيرهم من عائلات الأسرى إلى التساؤل عن وجود أسرى آخرين لم تعلن إسرائيل من قبل أنهم في قبضة حماس. بالإضافة للحديث عن وجود أسرى أحياء من الجنود بوصفه احتمالاً قائماً، ويمكن أن يستخدم للإشارة إلى فشل استخباراتي إسرائيلي في التعامل مع ملف الأسرى حال حدوثه. فشل يمكن أن يضاف للحديث عن فشل الاستخبارات الإسرائيلية في حرب غزة وعدم قدرتها على إدراك قوة الفصائل والأسلحة التي تملكها قبل عملية "سيف القدس".

بالمقابل، اعتبر البعض أن التسجيل مجرد خدعة وجزء من الحرب النفسية التي تشنها حماس على الشعب الإسرائيلي من أجل تحقيق مكاسب إضافية في صفقة التبادل المفترضة. واستندت تلك الآراء على حقيقة عدم تحديد هوية المتحدث وصعوبة التحقق من توقيت التسجيل. ومع أنه احتمال قائم من الناحية النظرية، إلا أن استبعاده أكثر اتساقاً مع الإطار الذي أذيع فيه التسجيل. وفي حين كان يمكن للحركة تسريب مثل تلك التسجيلات بشكل غير مباشر مع سهولة التراجع عما فيها بعد ذلك، ودون الإضرار بصورتها وصورة قيادتها، من الصعب القيام بالشيء نفسه في وقت تم فيه الإعلان عن التسجيل مع مشاركة مروان عيسي وغيره من عناصر القسام في الحدث. بالإضافة إلى أن التسجيل لم يكن الوحيد، حيث تم بث العديد من الفيديوهات والوثائق المتعلقة بفترة أسر الكتائب  للجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط والمفاوضات حوله للمرة الأولى أيضاً. 

وفي الوقت الذي تستمر فيه ردود الفعل الإسرائيلية الغاضبة ومحاولات التحقق من هوية الأسير، وتستمر ردود الفعل المؤيدة في الداخل الفلسطيني ومعها آمال عودة عدد كبير من السجناء الفلسطينيين، يظل التسجيل هو الجزء الظاهر من جبل الثلج في وقت توجه فيه المقابلة العديد من الرسائل المهمة عن الحركة والمقاومة والقضية الفلسطينية.

الأسرى.. حقائق أولية وتشابهات مصيرية

حمل التسجيل الصوتي للجندي الأسير الكثير من الإشكاليات للداخل الإسرائيلي، لأنه وببساطة تناقض مع الرواية الرسمية المتداولة حول الأسرى في غزة. وعلى الرغم من الأمل الذي تطرحه فكرة وجود جندي أسير حى لدى حماس بالنسبة للأسر الإسرائيلية المنتظرة، تظل الرواية الإسرائيلية القائلة بموت الجنود حاضرة ومحملة بأسباب الغضب، وربما مطالب المحاسبة حسب التطورات. ومن المفارقات المهمة في هذا السياق، أنه وعلى الرغم من تعامل إسرائيل مع تسجيل الجندي بوصفه خارج المنطق، في ظل الاقتناع بموت الجنود، فإن كتائب القسام لم تحدد وضعية الجنود الأسرى أو الأسرى عموماً بشكل قاطع من قبل. ويفترض أن إسرائيل حصلت على تلك المعلومات من مصادر استخباراتية أو طرف ثالث خلال التفاوض على صفقة للتبادل. وفي حالة تم الكشف عن أن الجنود  أحياء، أو واحد منهم على الأقل، يُتصور إثارة الكثير من الجدل عن مصدر المعلومات وأسباب تبنيها وترويجها لدى عائلات الجنود، وأسباب عدم القيام بخطوات كافية منذ 2014 من أجل عودتهم. كما أن التصور الآخر القائل بإمكانية وجود جندي إضافي لم تعلن إسرائيل عنه من قبل من شأنه، في حال حدوثه، تصعيد الغضب الإسرائيلي والتنديد بسياسات التكتم والسرية والتجاوز عن حقوق الجنود والعائلات وغيرها من النقاط المهمة داخلياً.

وبشكل عام، قامت كتائب القسام، وفقاً لما هو معلن، بإلقاء القبض على كل من الجندي شاؤول آرون والجندي هذار غولدن  في حرب غزة 2014، في حين ألقت القبض على أفيرا منغستو الجندي السابق من أصول أثيوبية في 2014، وعلى هشام السيد، الجندي السابق الذي تم تسريحه من الخدمة لأسباب طبية، عام 2015 بعد التسلل للقطاع بشكل طوعي. ووفقاً للرواية الإسرائيلية تحتفظ حماس بجثث الجنود مع منغستو والسيد.

الأسرى لدى كتائب القسام

م

الاسم

الانتماء العسكري

تاريخ الأسر

معلومات أخرى

وضعه

1

شاؤول آرون

جندي (لواء النخبة- على الحدود مع غزة).

20 يوليو 2014 في حرب غزة.

أعلنت إسرائيل عن أسره بعد إعلان أبو عبيدة ونشره رقمه العسكري.

تقول إسرائيل أنه قُتل وترفض أسرته قبول الرواية الرسمية. ولم تعلن حماس  تفاصيل أخرى.

2

هدار غولدن

جندي (لواء جفعاتي).

1 أغسطس 2014 في حرب غزة.

نجل ابن خال موشي يعلون وزير الجيش الإسرائيلي الأسبق.

الرواية الإسرائيلية أنه مات، في حين لم تعلن حماس تفاصيل أخرى عنه.

3

أفيرا منغستو

تم تسريحه من الجيش في مارس 2013.

اجتاز السياج الفاصل مع القطاع في 7 سبتمبر 2014.

ولد في إثيوبيا وهاجر مع أسرته إلى إسرائيل وهو في الخامسة من عمره.

تتهم أسرته الحكومة الإسرائيلية بتجاهله لأسباب عنصرية. وأعلنت كتائب القسام في يوليو 2019 أن إسرائيل لم تطالب بعودته خلال المفاوضات.

4

هشام السيد

تطوع للخدمة العسكرية في أغسطس 2008 وتم تسريحه في نوفمبر من العام نفسه.

دخل القطاع في 20 أبريل 2015 ولم يظهر بعدها.

فلسطيني يحمل الجنسية الإسرائيلية.

تؤكد أسرته أنه مريض نفسي، ودخل القطاع عدة مرات قبل أسره.

* تم إعداد الجدول بمعرفة الباحثة من مصادر متنوعة

 

بدوره، طرح التسجيل المذاع إمكانية أن يكون المتحدث هو منغستو بسبب درجة إجادته للغة العبرية من جانب وإشارة المتحدث إلى وجود تمييز في التعامل مع الجنود الأسرى من جانب آخر، وهو ما يمكن ربطه بأصوله الأفريقية والحديث عن التمييز العنصري من قبل أسرته. وفي حين صرحت والدة منغستو أن المتحدث ليس ابنها، أشار والده في ما بعد إلى أنه يعتقد أن المتحدث هو ابنه، في الوقت الذي أكد فيه والد السيد أن المتحدث ليس ابنه وطالب حماس بالإعلان عن حالة ابنه الصحية في ظل عدم وصول معلومات عنه منذ القبض عليه. بدورها، أشارت كتائب القسام في مؤتمر صحفي عام 2001 إلى عدم اهتمام إسرائيل بحالة منغستو وعدم المطالبة بالإفراج عنه في اللقاءات التي تمت مع وسطاء، وهي تصريحات تضع الكثير من علامات الاستفهام على التعامل مع ملف الأسرى إسرائيلياً، وتشير إلى وجود اختلافات في التعامل وغياب المساواة.

ويعيدنا الجدل الدائر إلى حالة شاليط الذي خرج بعد توقيع صفقة تبادل عام 2011، وبعد أن ظل في الأسر لمدة 5 سنوات (2006-2011) وتسبب في حرب غزة 2008. والمثير في ظهور مروان عيسي أن الحديث لم يكن عن أسرى في قبضة المقاومة في الوقت الراهن، كما يتصور من العنوان، بقدر ما كان عن شاليط والظروف التي أحاطت بحدث اختطافه والاحتفاظ به حياً. وتم التركيز على صفقة التبادل التي عرفت باسم صفقة "وفاء الأحرار" والتحديات التي تعرضت لها المقاومة في سبيل الحفاظ على شاليط آمناً وحياً، وإنجاز صفقة التبادل. وتجاوز عدد المفرج عنهم في الصفقة المقدمة بوصفها النموذج 1027 سجيناً، منهم بعض "الملطخة أيديهم بالدماء" أو أصحاب المحكوميات العالية المتهمين بقتل إسرائيليين.

الرقم اللغز

على الجانب الآخر، من المتصور أن ينعكس واقع ما لدى كتائب القسام من أسرى على مسار المفاوضات المتعلقة بصفقة التبادل وما يمكن الحصول عليه مقابل عدد وطبيعة وحالة الأسرى. وفي الخلفية، تبدو أهمية التركيز على حالة شاليط والظروف التي أحاطت بالتفاوض من أجل صفقة التبادل، والتنازلات التي قدمتها إسرائيل في النهاية وساهمت في الوصول إلى اتفاق بوصفها الإطار العام الحاكم لتحركات كتائب القسام في المفاوضات الحالية وأى مفاوضات مستقبلية تتعلق بوجود أسرى، خاصة من الجنود الإسرائيليين. ولهذا كانت واحدة من الرسائل الأساسية التي تم التركيز عليها هى التشابه في الظروف وردود الفعل، وبالتالي في النتائج المنتظرة من الحركة والفصائل والشعب الفلسطيني.

وإذا كان أسر شاليط في 2006 تسبب في حرب غزة 2008، ومحاولة الإفراج عنه مزجت بين الضغوط والإغراءات بما فيها الحديث عن عرض مكتسبات مالية وفك الحصار عن القطاع، فإن الواقع ما بعد مايو 2021 يتشابه من وجهة نظر الحركة من حيث الضغوط والإغراءات، على الأقل في الإطار العام ودون إهمال الكثير من الاختلافات المهمة في التفاصيل. وإن كان التمسك بأهداف صفقة التبادل قد أوصل الحركة إلى الإفراج عن أكثر من ألف سجين مقابل شاليط، فإن الرقم اللغز الذي أعلنه يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحماس في غزة، وهو "1111" لازال حاضراً وينتظر أن تنفذ الحركة والقسام وعدها وتحاسب عليه. وتذهب العديد من التكهنات إلى أن الرقم الذي أعلنه السنوار بمثابة إشارة لعدد السجناء المستهدف الإفراج عنهم في الصفقة القادمة دون وجود دليل على ذلك ورغم إصرار العديد من التصريحات والتحليلات الإسرائيلية على صعوبة الوصول إلى هذا العدد في الوقت الراهن. ويتمثل التحدى الأساسي حالياً في أصحاب المحكوميات العالية في السجون الإسرائيلية خاصة بعض القادة الكبار من الفصائل مثل مروان البرغوثي القيادي في حركة فتح، وأحمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

وبشكل عام، يثير النقاش مع مروان عيسي في أكثر من موقع فكرة التشابه بين سياق الأحداث التي صاحبت صفقة التبادل في 2011 والصفقة التي يفترض أن يتم التوصل لها ما بعد مايو 2021. ولكن يظل من المهم التأكيد على أن الرسائل التي تعلن تتجاوز حدود مفاوضات صفقة تبادل إلى ترتيبات أكثر أهمية في الداخل الفلسطيني، وخاصة وضعية حماس وفصائل المقاومة بعد مايو 2021 ليس في غزة وحدها، ولكن في ما يتعلق بفلسطين والتسوية. وإذا كانت صفقة شاليط قد أخذت خمس سنوات وحرب، فإن صفقة منتظرة أخذت حتى الآن، وحسب تاريخ الأسر، 6-7 سنوات وحرب، والحركة، كما قال عيسى بشكل مباشر وغير مباشر، تنتظر ولا تتنازل، وترفض العودة بصفقة لا يقبلها الشعب الفلسطيني اليوم كما رفضت من قبل.

رسائل في اتجاهات متعددة

لعل النقطة المهمة هى السؤال عن الهدف من وراء ظهور مروان عيسى بهذا الشكل وفي هذا التوقيت، وأسباب مشاركة الحركة بكل ما أُعلن من تفاصيل يمكن أن يتعامل معها البعض بوصفها أسراراً عسكرية لم يكن من المفترض للمقاومة أن تشاركها علناً. وهنا تحديداً يمكن أن نقترب من محاولة فهم ما حدث والتغير في الخطاب الإعلامي لحركة حماس في 2021 عن مرات سابقة تواجدت إعلامياً بشكل أقل واشتبكت مع الجماهير في الأراضي الفلسطينية والخارج بشكل محدود.

يبدو ظهور مروان عيسى بوصفه جزءاً من "مقاومة أخرى للكتائب"، ولكنها مقاومة خارج ساحات القتال، ولها أدوات تختلف عن الأسلحة، وتتم في إطار ما يمكن تسميته بـ"معركة القلوب والعقول" ورسائل الردع والحرب النفسية. رسائل لم تعلن في لقاء عيسى فقط، ولكن ظهرت قبل هذا في خطوات مختلفة اكتسبت الكثير من الاهتمام، وأثارت إعجاب البعض وغضب البعض الآخر. خطوات تجاوزت تحدي السنوار لتهديدات الجيش الإسرائيلي باستهدافه بالإعلان عن نيته العودة إلى منزله سيراً على الأقدام خلال مؤتمر صحفي على الهواء، إلى ظهوره وهو يلتقط الصور أمام مكتبه المهدم. وتجاوزت هذا إلى ظهور المتحدث باسم كتائب القسام أبو عبيدة مع مجموعة من أعضاء الكتائب في شوارع غزة. ووصلت إلى حديث الرجل الثاني في الكتائب وأحد المستهدفين ضمن بنك الأهداف الإسرائيلي عن قضايا عديدة تتجاوز ما هو عسكري وأمني بشكل مباشر إلى السياسة والمفاوضات والتخطيط طويل الأجل، والإعلان عن تسجيلات ووثائق وتفاصيل لقاءات ظلت سرية حتى اللحظة.

تبدو كل التحركات بوصفها جزءاً من الحرب، ولكنها أيضاً جزء من تمتين قاعدة حماس الشعبية. وهنا تظهر أهمية التسجيل الصوتي الذي تم بثه في سياق الحديث عن مرحلة التفاوض خلال أسر شاليط ومطالبة إسرائيل بدليل يثبت أنه على قيد الحياة، حيث تحدثت مصادر إسرائيلية، بعد بث التسجيل، عن طلب إسرائيل دليل يثبت أن منغستو والسيد أحياء، ولكن تلك المرة وبدلاً من تقديم تسجيل مصور إلى إسرائيل، كما حدث في حالة شاليط، قدمت حماس دليل حياة لم يكن متوقعاً إلى العالم والأكثر أهمية إلى الشعب الفلسطيني ومعه الشعوب العربية وغيرها من القوى المتضامنة والمؤيدة للمقاومة.

وبعيداً عن ما يحدث خلف الأبواب المغلقة، يعيد ما أعلنه حديث مروان عن تفاصيل تجربة الكتائب مع شاليط والتسجيل الصوتي، تركيب المشهد وإسقاط الماضي على الواقع الراهن لتأكيد التشابهات التي ترتب تمسك المقاوم بمكانه ورفض التنازل عن أهدافه. رسائل ترد على كثير من التساؤلات المثارة عبر التصريحات الإسرائيلية وتعليقات وسائل التواصل الاجتماعي والبرامج المختلفة عن استهداف الفصائل والضغوط الإسرائيلية والأمريكية الهادفة إلى تقليص دور ومكانة حماس ليس في غزة وحدها ولكن في القدس والقضية الفلسطينية عموماً. وإن كانت بعض الأصوات تعبر عن خوفها من محاولات استهداف المقاومة، وترتفع أصوات أخرى بمعلومات وتسريبات تؤكد على وجود سياسة واضحة تهدف إلى تهميش الفصائل بصفة عامة وحماس بصفة خاصة، فإن مروان عيسى وشاليط والتسجيل الصوتي أجزاء من مكونات حماس للرد على تلك التهديدات الإسرائيلية وتهدئة المخاوف الفلسطينية.

في الخلفية، يؤكد المقاوم على أنه سياسي أيضاً، يتجاوز السلاح عندما يحتاج إلى توظيف أدوات أخرى مثل الحضور الإعلامي وصور شاليط وقت تناول الطعام وممارسة الرياضة وربما الهزيمة في مواجهة لاعب من كتائب القسام كما شهدنا. رسائل مباشرة ورمزية تهدف إلى إعلان موقف كتائب القسام من صفقة تبادل الأسرى، ورفض الربط بينها وبين إعمار القطاع أو فك الحصار عنه كما فعلت في صفقة شاليط، كما تؤكد على أن الكتائب لازالت تراقب الموقف ولن تقبل بالتهميش في غزة أو في الشأن الفلسطيني عموماً.

قد يبدو التسجيل الصوتي قصيراً ومُربِكاً، وفيديوهات شاليط عادية وفرصة للكوميديا، ولكن في العمق يتم إعلان أهداف والرد على تساؤلات وتوزيع رسائل للجميع في الداخل والخارج مفادها أن حماس والمقاومة جزء أساسي من القضية الفلسطينية، وأن السياسي لا يسير بدون المقاوم. رسائل من شأن التطورات القادمة أن تكشف كيف سيتم التعامل معها وما الذي يمكن أن تحققه حماس في جولة مفاوضات جديدة تتعلق بشكل مباشر بالقطاع والأسرى ولكنها تتجاوز كل هذا إلى موقع الفصائل والمقاومة في خريطة التفاعلات السياسية. ومن أجل هذا تزداد أهمية المفاوضات الحالية حول الإعمار وصفقة التبادل التي يمكن أن تعيد نتائجها تشكيل المشهد الفلسطيني ومسار التسوية بكل ما لها من انعكاسات داخلية وإقليمية مهمة.