هذا الكتاب "دعاة عصر السادات" الذى صدر للكاتب الصحفى المتميز وائل لطفى يتناول نجوم الدعوة الإسلامية الجهيرة فى عهد الرئيس الأسبق أنور السادات، وتوظيفاته السياسية والاجتماعية للخطابات الدعوية لهذا النمط من الدعاة الذين لعبوا دوراً مهماً فى سياسة تصفية الإرث السياسى والاجتماعى الناصرى، والانتقال من مرحلة رأسمالية الدولة الوطنية إلى نظام الانفتاح الاقتصادى، وفى عملية إعادة صياغة السياسة الخارجية نحو الدول العربية النفطية المحافظة، وعلى المستوى الدولى بفك الارتباط بالاتحاد السوفيتى والاتجاه إلى الولايات المتحدة والكتلة الغربية، ثم السلام مع إسرائيل.
أهمية هذا الكتاب الوجيز -198 صفحة- أنه جزء مكمل تاريخياً لكتابيه المميزين "الدعاة الجدد"- الذى حصل على جائزة الدولة التشجيعية-، و"دعاة السوبر ماركت"، اللذين تناولا التحولات فى الحقل الدينى من منظور بعض الفاعلين في نطاق الدعوة والدعاة وخطاباتهم، وجذورهم الاجتماعية، والتحولات فى السوق الدينى المصرى، والإقليمى –وأسباب ذلك-، وانعكاسات بعض الخطابات البروتستانتية الدعوية عليها، من حيث بناء الخطابات، وأساليب التأثير النفسية، على مستهلكى هذه الخطابات، ونمط تلقيها، والقواعد الاجتماعية المستهلكة لهذا النمط الدعوى، ونجومه.
كتاب "دعاة عصر السادات" انتهى منه مؤلفه بعد كتابيه المهمين عن ظاهرتى "الدعاة الجدد" وامتدادها فى "دعاة السوبر ماركت"، وهو ما كان ينبغى أن يكون كتابه الأول. هذا الكتاب ينتمى إلى الجهد الصحفى الاستقصائى والتحقيقى حول بعض الظواهر المركبة التى برز وائل لطفى في معالجتها في هذا المضمار، فى تقصى بعض الظواهر السياسية والدينية والاجتماعية والثقافية المركبة فى مصر. هذا الجهد ندر أن نجد له نظراء إلا قلة فى الكتابة الصحفية المصرية.
هذا الكتاب يؤصل لجذور ظاهرة الدعوة والدعاة والسوق الدينى للدعوة ومنافساته وصراعاته بين الدعاة، على الرغم من وحدة الهدف المعلن، وهو إعادة أسلمة المجتمع، والدولة والنظام السياسى، والهندسة الاجتماعية الحديثة. حقل منافسات بين فاعليه الدينيين –الدولة والدعاة والجماعات الإسلامية السياسية والسلفية على تعددها-، وأيضاً حقل مناورات ومراوغات، وهجوم ودفاع تشوبه الإثارة والهدوء النسبى، والغليان، والأضمار والتصريح لكل فاعل من أهدافه المتدثرة بتأويلات النصوص الدينية، والمرويات، والسرديات التاريخية الوضعية حول تاريخ الإسلام، وسيرة الرسول الأكرم (صلعم).
كتاب "دعاة عصر السادات" يقارب لحظة تاريخية لا تزال بها بعض من الغموض، والإضمار، والمسكوت عنه، لأن غالب فاعليها ورموزها، وشخوصها، توفاهم الله ومعهم بعض من أسرارها التى لا تزال مستورة. لا شك أن ذلك يعطى الكتاب أهمية خاصة، لاسيما في ظل أسلوب وائل لطفى فى المقاربة الذي يتسم بالتشويق والرجوع إلى بعض مصادر هذه المرحلة.
"دعاة عصر السادات" يدور فى المرحلة التاريخية الانتقالية فى التطور التاريخى لحقل الدعوة والإفتاء، وهى الانتقال من المشايخ/ الفقهاء من دارسي الشريعة وأصول الفقه، وتاريخ التشريع الإسلامى، وعلم الكلام الذى ساد مصر قبل 1952، وبعدها فى عقدى الخمسينيات والستينيات مع الناصرية وغالبهم كان من أبناء الأزهر الشريف.
كان غالب الخطاب الدينى والدعوى فى هذه المرحلة يدور حول ظواهر التغير الاجتماعى، وتصفية "الإقطاع" وفق تعبيرات هذه المرحلة -كبار ملاك الأراضى الزراعية- والطبقة شبه الرأسمالية، والتأميمات وقوانين الإصلاح الزراعى، والعروبة، والقومية العربية، والاشتراكية العربية، والاستقلال الوطنى، ومواجهة الاستعمار الغربي، وحركة التحرر الوطنى العربية والعالمثالثية، والدين والتطور الحضارى..الخ. مهّد لهذه المرحلة بعض الكتابات الهامة الحاملة لروئ إصلاحية مثل كتابات خالد محمد خالد التي مهّد لها بكتابه الهام "من هنا نبدأ" –الذى اختار عنوانه عبد الله القصيمي- ثم "الدين للشعب" وكتب أخرى.. الخ، و"حرية الفكر في الإسلام"، و"الحرية الدينية في الإسلام" و"المجددون في الإسلام" الخ لعبدالمتعال الصعيدى، و"الإسلام والأحوال الشخصية" للشيخ محمد أبو زهرة وكتب أخرى من الفقه والفقهاء الإسلاميين.
ثم ظهر الجدل حول بعض الأعمال السردية الهامة لنجيب محفوظ وروايته "أولاد حارتنا"، والدور الذى لعبه الشيخ محمد الغزالى وآخرون فى الدفع نحو مصادرة هذه الرواية، والجدل الكبير حولها آنذاك. (أنظر حول هذا الجدل وسياقاته محمد شعير "أولاد حارتنا سيرة الرواية المحرمة"، الناشر العين). هذه المرحلة التاريخية على الرغم من تداخل بعضها، مع مرحلة دعاة عصر السادات، إلا أن ثمة تغايراً تمثل فى بروز أدوار بعض الدعاة كانوا يعبرون عن التحولات الاجتماعية والسياسية فى أعقاب حرب أكتوبر 1973.
الكتاب الهام لوائل لطفى يتناول الموجة الأولى من دعاة الاستعراض فى السوق الدينى الدعوى المصرى. الكتاب يشكل سردية واقعية من حيث السرد المشوق، والنظرة إلى ما وراء ظاهرة الدعاة النجوم وما وراءهم من محفزات ودوافع السياسة والدين. من ثم نحن إزاء عمل يتسم بالرشاقة الأسلوبية. فى مجال التحليل السوسيو-ثقافى، والسوسيو- سياسى لهذه الظاهرة، سوف أحاول الإدلاء بالرأى حول هذه الظواهر من هذا المنظور، مع التفاعل مع سردية وائل لطفى الجميلة "دعاة عصر السادات".
أستطيع أن أطلق على بعضهم دعاة الاستعراض، على الرغم من خروج غالبهم من أصلاب المدرسة الأزهرية، إلا أن السياقات الاجتماعية- التاريخية، كانت تتغير، سواء على مستوى السلطة السياسية، أو الحراك الاجتماعى، فى ظل الانفتاح الاقتصادى بعد حرب أكتوبر 1973، ويبدو التحول نحو الاستهلاك، والاستيراد من الخارج للسلع والمنتجات، وظهور طبقة جديدة من القطاع الخاص من مصادر شتي –بعض من أبناء الطبقات القديمة قبل 1952، وبعض من بيروقراطية جهاز الدولة اليوليوي وبعض المستثمرين العرب وبعض من قادة القطاع العام الذين خرجوا للعمل في قطاع الاستثمار العربي والأجنبي– وتركيز جهاز الدولة الإيديولوجي على القيم الاستهلاكية، وربط معانى السعادة بالاستهلاك، والتملك، والثروة فى عديد أشكالها. وبرز الاستعراض السلوكى الاستهلاكى فى عديد أشكاله، وتواكب معه تغيرات فى الثقافة اليومية، والهجرة إلى النفط سعياً وراء الرزق، والادخار من أجل التملك والاستهلاك الذى بدى كقيمة عليا، يحفز عليه النظام، ورئيسه وأجهزة الدولة الإيديولوجية.
هذا السياق وانعكاساته هو الذى أدى إلى ظهور هذا النمط من الدعاة، وتوظيفهم تناقضات هذه المرحلة فى بناء مكانتهم الاجتماعية والدينية، وهو ما سوف نشير إليه فيما بعد.
حمل الكتاب بعضاً من المقولات الاستشراقية التى تمت استعارتها من بعض كتاباته وآخرين منها على سبيل المثال، القول أن صعود الإسلام السياسى فى مصر كان نتاجاً لأزمة الهوية بعد هزيمة يونيو 1967، وهو ما سبق لنا أن عرضنا له قبلاً فى كتابنا "المصحف والسيف: صراع الدين والدولة"، الصادر قبل هذه الكتابات، ومنها كتاب روبير سولييه "السادات"، ثم كتاب جان نويل فرييه (المشار إليه في كتاب روبير سولييه). ذهب سولييه نقلاً عن جان نويل فرييه إلى أن "نكسة 1967 كان من نتائجها انهيار الحلم القومي ليحل محله مفهوم الأمة الإسلامية، حيث انفتح المجال واسعاً للسعودية كى تقدم لمصر دعمها المادي وعقيدتها الوهابية" (ص 16 من الكتاب).
بعض هذه الأفكار التى طرحت فى هذه الكتابات غير دقيق تاريخياً لأن فكرة الجامعة الإسلامية لم تطرح في أعقاب الهزيمة، لأن الفكرة القومية العربية كانت أساس السياسة الخارجية الناصرية، وأحد دوائرها الرئيسة فى إطار سياسة عدم الانحياز. صحيح أن بعضاً من الوهابية تداخل مع الدعم المالي السعودي، لكن في ضرب السياسة الدينية للنظام ومن خلال بعض السلفيين والأزهريين. الصراع بين الفكرة الإسلامية الجامعة، وبين القومية المصرية، والعروبة، كانت جزءاً من النزاعات على الهوية فى أعقاب سقوط الخلافة العثمانية. ثم طرحت مع بعض الجماعات السلفية، وظهور حسن البنا وجماعة الإخوان المسلمين. كان الطلب الدينى السياسى هو عودة الخلافة الإسلامية، ثم تطورت تاريخياً إلى الدعوة إلى تطبيق نظام الشريعة، ثم استمرت كدعوى ناعمة وهشة فى المرحلة شبه الليبرالية، ومفادها ضرورة الاعتماد على المبادئ الكلية للشريعة، ورفع بعض التناقضات بين النظام القانوني الوضعي، وبين بعض قواعد الشريعة الإسلامية. استمرت هذه الفكرة كأداة صراعية إيديولوجية فى إطار معاداة الناصرية من جماعة الإخوان وبعض الإسلاميين من السلفيين وغيرهم.
ثم ظهرت هذه الفكرة مع وضع دستور 1971، وصراع السادات مع قوى اليسار والناصريين وبعض الليبراليين، ومع التعديل الأول للدستور، ووضع أداة التعريف الألف واللام إلى مصدر رئيسى للتشريع، لتكون ولاية رئيس الجمهورية لمدد مفتوحة لصالح السادات، انفتح الباب واسعاً أمام التوظيفات الإيديولوجية الدينية السياسية للنص الدستورى للمادة الثانية.
بعد ذلك، حاول بعض الأكاديميين فى الجامعة جرياً وراء التيار الإسلامى، توظيف مفاهيم الخصوصية الثقافية، ومسألة الهوية الإسلامية فى طرحها الأحادى اللاتاريخى السائل والغامض. ثم طرحت مسألة الدولة الإسلامية، ونظام الشريعة الكلى، وتطبيقه كاملاً. كل هذه الأفكار اعتمدت عليها بعض الكتابات الاستشراقية الفرنسية والغربية.
فى هذا الإطار، ما هى العناصر المائزة لنجوم دعاة الاستعراض الدينى، وما هو سبب ذيوعهم فى السوق الدينى المصرى؟
إن البحث عن تفسير سوسيو- سياسى وثقافى لظاهرة دعاة السبعينيات وطابع أداء بعضهم الاستعراضى يكمن أساساً فى طبيعة توظيف النظام السياسى المكثف للدين فى العمليات السياسية، وخاصة من الرئيس الأسبق أنور السادات، الذى أدركه بوصفه أداة هامة فى الضبط الاجتماعى للجموع الشعبية، وفى تعبئتها لصالح خياراته السياسية فى مواجهة خصومه السياسيين من الماركسيين والناصريين وبعض الليبراليين، وتهميشهم فى اللعبة السياسية، ووصم خطابهم السياسى الراديكالى بمعاداة القيم الدينية، والبُعد عنها، وفى ذات الوجه الاعتماد على بعض النصوص الدينية فى تسويغ خطابه السياسى. من هنا كان توظيف الإسلام، والأحرى بعض تأويلاته فى الخطاب السياسى، سلاحاً رمزياً بالغ التأثير فى مسار السياسة الساداتية، ومن ثم وظفت أجهزة الدولة الإيديولوجية الخطاب الدينى السلطوى فى التعبئة السياسية والاجتماعية، وفى وصم خصوم النظام، وتهميشهم وإقصاءهم. (أنظر مؤلفنا "المصحف والسيف: صراع الدين والدولة فى مصر"، مدبولى 1984).
لا شك أن السياسة الدينية الرسمية، وطبيعة القيم السياسية والاجتماعية التى تنطوى عليها وتدافع عنها دارت حول قيم الإجماع والولاء للحاكم المؤمن وخياراته السياسية، والدفاع عن قيم القرية، واحترام الكبير، والدفاع عن الملكية الفردية، وفتح الأبواب أمام نقد ورفض الاشتراكية واعتبارها تتنافى مع القيم الإسلامية، وأن الشيوعية هى الإلحاد.. الخ. ساهمت هذه السياسة الدينية وتأييد المؤسسة الدينية الأزهرية التابعة للنظام فى تمهيد الأرضيات السياسية الداعمة لنمط الدعاة الاستعراضيين، وخاصة فى ظل نمط من الأداء الشعبوى الاستعراضى للرئيس السادات المتدثر بمظاهر التدين، فى الخطاب، ونظام الزى فى القرية، وفى الصلاة..الخ.
لا شك أيضاً أن المؤسسة الدينية الرسمية استفادت كثيراً من هذا التوظيف السياسى للإسلام من الرئيس، وجهاز الدولة الإيديولوجى، كى يتمدد دورها فى الإفتاء فى عديد مستويات الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية، وبروز دعاتها فى الصحف الرسمية، والمجلات، وفى الإذاعة والتلفاز، فى دعم توجهات الرئيس والنظام.
مع سياسة الانفتاح الاقتصادى، بدأ التغير فى أنظمة القيم السائدة، والتحول إلى بعض قيم السوق، والملكية الفردية. بدأت أيضاً تغيرات فى السوق الثقافى، والتحول من السلع الثقافية التى اتسمت بالجدية، والانفتاح على المسرح العالمى، والروايات المترجمة من مصادر ثقافية متعددة، وبدأ طلب جديد على المسرح والسينما التجارية، التى وصفت فى عقد الثمانينيات بسينما المقاولات، وذلك كنتاج للطلب الخليجى والنفطى على هذا النمط من المسرحيات، والأفلام، وذلك بالنظر إلى السياحة الخليجية بعد حرب أكتوبر 1973، وأثر ثورة عوائد النفط على الطلب الثقافى والسينمائى والمسرحى.
فى ذات الوقت، برزت أشكال جديدة من الاستهلاك للسلع والخدمات لم تكن معهودة، طيلة عقد الستينيات، وأوائل عقد السبعينيات، على نحو كرس النزعة الاستهلاكية فى بعض أنماط السلوك الاجتماعى للفئات الوسطى العليا، والوسطى- الوسطى، وشغف الوسطى الصغيرة فى المدن المريفة نحو الاستهلاك. ظهر دعاة عصر السادات فى ظل هذه السياقات الاجتماعية والسياسية والثقافية، والتدهور المستمر فى النظام التعليمى المدنى، والدينى والجامعى، والفنى، وتزايد ترييف المدن، فى ظل استقطابات حضرية للعمالة الريفية غير المدربة، والهجرة إلى المدن بحثاً عن فرص للعمل، أو الهجرة إلى النفط سعياً وراء فرص للعمل والثراء.
من هنا نستطيع أن نجد بعض التشابهات والتنظرات بين بعض هؤلاء الدعاة البارزين فى هذه المرحلة، وبين نظراء لهم فى مجالات أخرى، وهذا التشابه بين ما يمكن أن نطلق عليهم نجوم هذه المرحلة لا يعنى قط التقليل من شخوصهم، ولكن يساعد في فهم السياق السوسيو-تاريخى، والسوسيو-ثقافى الذى ظهر خلاله هؤلاء النجوم، وطوابع أداءهم الاستعراضى، والذى شكل فيما بعد عهد السادات نمط الدعاة الراديكاليين المتشددين المحرضين على العنف والتمرد الدينى والسياسى على السلطة والمؤسسة الدينية الرسمية، ثم ظهور بعض الدعاة الجدد في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك الذين حاولوا تقليد الوعظ الكاريزماتى البروتستانتي الذى ساد فى التقاليد الوعظية الأمريكية، وتقاليد السوق الدينى هناك، وتمت استعارته من بعض الدعاة الإنجيليين المصريين، وخاصة كنيسة قصر الدوبارة فى منطقة جاردن سيتى بالقاهرة.
الدعاة الجدد هو موضوع الكتاب الأول للكاتب وائل لطفى، وهو كتاب متميز فى مجاله.
من هنا، يبدو وضع شخصية داعية السوق والاستعراض فى المرحلة الساداتية وتغيراتها الاجتماعية فى إطار نظائر لها فى مجالات أخرى، مهماً لفهم سر ذيوعها، وانتشار خطابها الدعوى، وبناءها لسلطة دينية ورمزية موازية لسلطة الداعية الأزهرى التقليدى، الذى يوزع الخطاب الدينى الرسمى المقرر من قبل وزارة الأوقاف، عملاً بالسياسة المستمرة من العهد الناصرى، مع إدخال بعض الهوامش الداعمة لخطاب الوزارة المقرر.
نمط الداعية الاستعراضى خرج من أعطاف الأزهر بدعم من النظام، ولكنه مع تزايد قاعدة مستهلكى خطاباته المتمردة والسجالية والهجائية، بات قادراً على إبداء النقد اللاذع والساخر من بعض سياسات السلطة وكبار نجوم الغناء والفن.. الخ.
السؤال الذى نطرحه مجدداً فى هذا الإطار هو: ما سبب ذيوع ظاهرة الشيخ عبد الحميد كشك على سبيل المثال، وما سبب انتشاره: هل هناك تشابهات بينه وبين نجوم هذه المرحلة فى الغناء مثلاً، أو فن التلاوة؟ وهذا ليس تقليلاً من شأنه ولكنه محاولة لفهم الظاهرة.
هذه المرحلة ظهر فيها المطرب الشعبي أحمد عدوية من خارج السلطة الإعلامية الرسمية وشروطها، والشيخ محمد الطبلاوى على هامش "دولة التلاوة"، وكلاهما شكلا تعبيراً عن "الشعبى" المقموع تاريخياً وسلطوياً من قبل جهاز الدولة الإيديولوجى، الإذاعة والتلفاز، والصحف. أصوات غنائية وتلاوية وخطابية محجوبة عن التحديدات السلطوية للطرب والغناء والتلاوة والخطابة الدينية وتم انتشارها وتمددها فى الأفراح الشعبية، والموالد والمساجد، ووجدت الفئات الشعبية أنها تشكل تعبيراً عنها من حيث الذوق، والرغبات، ونتاج لتدهور ثقافة المدن، والتمايزات الاجتماعية التى بدأت فى الاتساع فى عصر السادات، حيث تحول الفساد داخل جهاز الدولة وخارجه إلى أحد آليات الحراك الاجتماعى لأعلى، بديلا ًعن التعليم، وخاصة فى ظل الهجرة إلى إقليم البداوة النفطية السلفى والوهابى، سعياً وراء الرزق، الذى حمل معه آلية للصعود الاجتماعى المحمول على قيم اجتماعية ودينية محافظة ومتشددة ومتسلفة، تربط بين الثراء من وراء النفط، وبين الدين على التأويل السلفي الوهابي، وبين ثرائها الجديد الوافد، وبين الهبات الآلهية وليس نتاجاً لقيمة العمل، وهو نمط من التدين القدري الريفى السائد مع ترييف المدن.
إن نظرة على السياق الاجتماعى، والسياسى والتاريخى، تشير إلى أن الأصوات المعبرة عن مؤشرات التغير الاجتماعى، بعد هزيمة يونيو 1967، وصولاً إلى ما بعد حرب أكتوبر 1973، تشير إلى شيوع تصور سلطوى لم يدرك التغير فى تركيبة المجتمع، وقيمه، ورغباته فى جميع فئاته الاجتماعية، وذلك لاعتماد السلطة السياسية على أجهزة القمع المادى والإيديولوجى والإسلام الرسمى المؤسسى، فى فرض السيطرة السياسية والدينية على المجتمع. بينما الواقع يتحرك بعيداً عن آليات الضبط السلطوى، ويفرض تعبيراته وأذواقه فى الحياة اليومية، بل وفى فرض قانون الواقع. أدت ظواهر الاستقطاب الحضرى، نحو المدن الكبرى، لاسيما القاهرة والإسكندرية، إلى تمددات عشوائية، وأنظمة للبناء العشوائى، تكاثرت وتضخمت، منذ نهاية عقد الخمسينيات، وتزايدت قبل وبعد هزيمة يونيو 1967، ثم فى أعقاب حرب أكتوبر 1973. هذا العالم العشوائي ظل بعيداً عن اهتمامات ورعاية وتنمية الدولة، وغير مدروس إلا قليلاً! هوامش وفضاءات عشوائية مريفة، ومعها تدفقات يومية من الأرياف على نحو أدى إلى تمدد أنماط التدين الريفى القدري، والتواكلى، والمهجن بالمرويات والأساطير الشعبية والخرافات، ولم يعد قاصراً على حواضنه الريفية، وإنما تمدد إلى المدن، وأجهزة الدولة مع سياسة التعيينات، واتساع قاعدة المتعلمين من الأرياف.
من هنا كان صوت أحمد عدوية تعبيراً عن الأحياء الشعبية الفقيرة يزاحم أصوات محمد قنديل، ومحمد رشدى، ومحمد عبد المطلب، وخضرة محمد خضر، وجمالات شيحة، وفاطمة سرحان، وفاطمة عيد، وبدرية السيد، وعزت عوض الله الاسكندرانى، والمطربات الشعبيات ما بعد هزيمة يونيو 1967، عايدة الشاعر، وليلى نظمى. من وسط "دولة التلاوة المصرية العظمى" وأصواتها الصادحة ومشايخها من عارفى قواعد الموسيقى العربية، وإيقاعاتها، إلى صوت الشيخ الطبلاوى، الشعبى، حيث تلاوة المأتم، والطهور فى الحارات والأحياء الشعبية، وفى أمسيات رمضان المنزلية لدى بعض الميسورين نسبياً. صوت متقشف وشعبى -لعامل في مصنع للثلج- يعبر عن تحولات فى نمط التلقى الشعبى لتلاوة القرآن الكريم، وذلك قبل أن يكسر سياجات الإعلام الرسمى، ويفرض صوته فى إذاعة القرآن الكريم، ويتمدد إلى آفاق واسعة.
من هنا نستطيع أن نضع ظاهرة الشيخ عبد الحميد كشك موضع دراسة.
صوت صاخب، وساخط، وساخر فى خطابه الدينى، يُعبر عن إحباط فئات اجتماعية واسعة، بعد أكتوبر 1973، وتوسع بيئات الفساد وصعود فئات لأعلى اجتماعياً دون تاريخ من الثروة أو السند العائلى والأسرى، ولا العمل المنتج الذى أنتج الثروة، وإنما من مصادر تفشى الفساد، والانفتاح.. الخ، فى ظل استبداد الحكم الفردى، واستعراضات السلطة عند القمة من تمثيلات الأناقة ومفرداتها، والأبهة فى الحكم.. الخ.
ثمة حاجة موضوعية فى الواقع الاجتماعى والدينى المريف تدعو إلى التعبير الدينى عنها، خاصة فى ظل جمود واستكانة الخطاب الدينى الرسمى فى المساجد، وتكراراته النقلية، ودعمه غير المحدود للسلطة السياسية. من هنا شكل خطاب الشيخ عبد الحميد كشك أحد تعبيرات هذه الفئات، وخاصة فى ظل حالته كداعية ضرير يبدو شجاعاً لا يخاف، ويمزج بين الدين، ونصوصه المقدسة، وأحاديثه النبوية، وبين واقع هذه الفئات، ويمزج بين النقد الساخر، وبين النص الدينى، وبين السخرية من أقانيم الأصوات الرسمية –أياً كانت مكانتها وقيمتها ومواهبها- ساخراً من أغانى أم كلثوم، ومنها شخصياً، ومن ممثلين وممثلات، واستهدافهم كأيقونات جهاز الدولة الإيديولوجى، ومن دخولهم وثرواتهم، وذلك ليسهل عليه تعبئة جمهور مستمعيه، ومستفيداً من ثورة الكاسيت. خطاب ينطوى على تناقضات بين النص الدينى، والدعاء، والسخرية، والفكاهة، والقدح، والنكات، على نحو يؤدى إلى السيطرة على المتلقين، ويؤسس لعلاقة معهم. من الملاحظ أن دوره لا يعدو كونه الوعظ، وليس الفقه، وهذا النمط من الخطاب الوعظى الذى ينتجه لا يعدو أن يكون نمطاً ريفياً وشعبوياً كما ذكرت سابقاً، يدمج فيه بين العامية والفصحى، وينتقل فيما بينهما، من هنا كان يرى أن نقده وتجريحه للفنانين يدخل فى باب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.
فى حديث له مع مجلة الشراع اللبنانية -18 فبراير 1991- يقول أنهم "يسمون النهى عن المنكر تجريحاً، ولكنه ليس كذلك، لأن النبى صلى الله عليه وسلم قال "أذكروا الفاجر بما فيه كى يحذره الناس" أما عن الفنانين فهذا ليس بتجريح ولكنه لتوجيه وإرشاد، لأن هؤلاء يمثلون أعلى الأصوات فى البلاد، وهم يأخذون كل ما يريدون، وإذا كنت قد تحدثت عن بعض كلمات بعض الأغانى فلأن الكلمة لها وقعها. فعندما يصف عبد الحليم القدر بأنه أحمق فهذا خروج على الإسلام ومنهجه القويم. كذلك هناك أغانى ساقطة أيضاً مثل: خذنى فى حنانك بعيد بعيد وحدينا، فهذا خروج على الإسلام لأنه ما خلا رجل وامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما".
لا شك أن هذا الخطاب الوعظى للشيخ عبد الحميد كشك لعب وظائف عديدة على رأسها:
1- نقد الأوضاع الفاسدة أخلاقياً، وهو ما يؤدى إلى استقطاب جمهور واسع من المتلقين، من ذوى التدين الشعبى الرافض بازدواجيته، ويؤدى وظيفة التطهر الشعورى، من الآثام والازدواجية فى الممارسة اليومية.
2- أن نقد الفساد والفنانين بقسوة وبساطة وسخرية يؤدى وظيفة التبرير للفسادات المتعددة التى يمارسها المتلقون، لأن بعض الرموز فى الحياة المصرية يقارفونها.
3- السيطرة الرمزية على الجمهور المتلقى، وتحطيم أيقونات الحياة المصرية الرسمية فى الفن والصحافة، وهو ما يؤدى إلى تمدد التيار الإسلامى المعارض.
4- التمهيد لإنتاج حواضن اجتماعية للتيار الإسلامى السياسى والإخوان المسلمين.
السؤال الذى يطرحه الكتاب، وكتابات أخرى: هل ينطبق عليه الوعظ الكاريزماتي البروتستانتى فى الولايات المتحدة، وبلدان عديدة ومصر داخل بعض الكنائس البروتستانتية. الحالة الأمريكية التي استعارها بعض الدعاة الجدد الذين جاءوا في العقود الأخيرة جاء نتاجاً لدرس هذا النمط الوعظي الكاريزماتي خارج مصر وداخلها. أما وعظ الشيخين عبد الحميد كشك ومحمد متولي الشعراوي لا أعتقد أن لا علاقة لهما بهذا النمط الكاريزماتي قط، وذلك لأن ظهوره في أمريكا كان تعبيراً عن تفعيل دور الكنائس الجديدة لتكون معبرة عن مبدأ "الرخاء"، وإلى تمثيل الرموز الدينية القوي في واقع الاستهلاك المعيش (الإنشاد الديني) على طريقة "البوب"، والمتنزهات الروحية، وإعادة صياغة الخطاب التبشيري بتقنيات السوق والمتصالح مع آلياته، والانطلاقة الدينية عموماً، وأن هناك أوجه شبه بين "روح الرأسمالية" وإعادة صياغة أو "عصرنة الدين" (أنظر باتريك هايني: الإدارة.. النجاح.. الإنجاز، قيم إسلامية جديدة في كتاب "الدعاة الجدد بين عصرنة التدين وبيع الدعوة، كتاب المسبار"، مارس 2010). هذا النمط لاعلاقة له بالدعاة المصريين البارزين في عصر السادات من حيث تكوينهم وتوجهاتهم الدعوية. الشيخ محمد متولي الشعراوي الداعية الأشهر في هذا العصر ولايزال تأثيره حاضراً بعد أن توفاه الله. ما سبب هذا الحضور الطاغي في مجال الدعوة الدينية؟. يتمثل ذلك في حضوره في قلب توظيفات السلطة السياسية للدين في العمليات السياسية. الجديد أيضاً يتمثل في قدراته اللغوية والبلاغية في خطابه الأوّلي، وبعض من المنطق الشكلي. هذا التلاعب اللغوي في الخطاب الوعظي المتداخل مع بعض الفقهي لا الكلامي هو ما أعطاه ثقلاً في بداية ظهوره التلفازي في برنامج نور على نور، في مواجهة الخطاب الوعظي الأزهري التقليدي، وجموده اللغوي، وقدمه النقلي، وتكراره علي ألسنة وعاظ الأزهر من شيخه الأكبر جاد الحق علي جاد الحق إلى غالب شيوخه، ووعاظ الأوقاف الرسميين. المراحل التالية في تطور الخطاب الوعظي للشيخ الشعراوي تمثل في الدمج بين الفصحى والعامية، والسرد الريفي في المسجد، وفى حلقة أقرب إلى رواقات الأزهر، والتناصات بين النص الدينى والسيرى –من السيرة النبوية- والمرويات التاريخية والمرويات الشعبية السائدة فى الأرياف، سرد حكائى أعطاه حضوراً طاغياً، وخاصة مع الإذاعة والتليفزيون والجرائد كانت تسند لبعض كتابها الصحفيين إعادة كتابة هذه الأحاديث الشفاهية للشيخ متولي الشعراوي، وعلى رأسهم أحمد زين ثم بعد وفاته صلاح منتصر.
لا شك أن البنية الاجتماعية التى تستهلك الخطاب الوعظى للشعراوى كانت أوسع نطاقاً من البنية الاجتماعية لمتلقى خطاب الشيخ عبد الحميد كشك، حيث استطاع اختراق فئات اجتماعية، من أسفل الهرم الاجتماعى إلى أعلاه، وهذا يعود إلى الأمية الدينية الواسعة، من ناحية أخرى خطاب متعدد المستويات من العامية الموجهة إلى الجمهور الواسع من الأميين، ومحدودى ومتوسطى التعليم، إلى العربية الفصحى، والتفسيرات اللغوية للنصوص، والقواعد الدينية، وهو ما جذب إليه المتعليمن تعليماً عالياً ممن يعانون من العيّ اللغوى، كنتاج لتدهور مستوى التعليم للعربية، وشيوع العامية فى الدرس الجامعى.
من ناحية ثالثة: دور جهاز الدولة الإيديولوجى فى توزيع خطابه الوعظى!
لا شك أن خطاب الشيخين البارزين الشعراوى وعبد الحميد كشك كان شعبوياً، ومن ثم لعب دوراً وظيفياً فى حرث الوعى والإدراك الدينى المريف، لتمدد الإخوان المسلمين، والسلفيين فى ضوء علاقة كليهما بنظام السادات، وأجهزته الأمنية.
الشيخ الفقيه محمد الغزالى، خطابه الدينى يمثل منطقة وسطى بين الوعظ الشعبى، وبين الفقه، وبعض السرديات التاريخية والسيرية للرسول الأعظم (صلعم)، والواقعات والأمثولات السياسية، ومن ثم كان أقرب إلى التأثير على طلاب الجامعات، وبعض المتعلمين. كان عمله بالجزائر والسعودية لفترات طويلة نسبياً قد أثر على حضوره فى السوق الدينى، وصراعاته، إلا أنه كان يلعب دوراً مهماً وظفته جماعة الإخوان لصالحها. على الرغم من كتاباته السجالية القديمة، مع خالد محمد خالد وآخرين، إلا أن أهم كتبه حول الحديث، للأسف لم يحظ بالمكانة الملائمة له، لأن به بعض من الاجتهادات. أثرت سلباً على صورته الإفتاء فى مسألة مقتل الكاتب فرج فودة أمام القضاء.
الشيخ السيد سابق إخوانى على الرغم من بعض خلافاته، إلا أنه ظل تقليدياً، وفياً للجماعة، وشكلت بعض كتبه نمطاً تقليدياً متشدداً، ولقب إعلامياً آنذاك بمفتي الدم. كانت دائرة نفوذه هي قاعدة استهلاك خطاب جماعة الإخوان المسلمين، وبعض العاطفين عليها، إلا أنه لم يستطع أن يمد تأثيره ونفوذه، ودوائر استهلاك خطابه خارج هذا الإطار كثيراً وظل خطابه محدوداً في هذا الإطار خاصة بعد سفره إلى المملكة العربية السعودية، وله كتاب مرجعي محافظ هو "فقه السنة".
مشايخ الأزهر الكبار
1- الإمام الأكبر الشيخ عبد الحليم محمود
تعلم فى فرنسا وحصل على الدكتوراه، ومن ثم كان من أكثر مشايخ الأزهر الكبار فى عصر السادات من حيث التكوين العلمى، والوعى السياسى، وفهم سلطة الدولة ودهاليزها.
واتسم بالنزعة الصوفية، والقدرة على فهم توظيف الدولة والسلطة للإسلام فى السياسة والضبط الاجتماعى والتعبئة السياسية. من ثم استطاع أن يوظف بعض من فائض القوة للمؤسسة داخل أجهزة الدولة، بل ويفرض على السلطة بعض مطالب المؤسسة الأزهرية.
ساهم بدور بارز فى مواجهة الشيوعية والماركسية وأصدر كتاب للفتاوى ضدها، وأنها ضد الإسلام، والحادية، ومن ثم تكفيرها.
من ناحية أخرى كان طرفاً فاعلاً فى الصراع الطائفى مع بطريرك الأقباط الأرثوذكس الأنبا شنودة الثالث.
له عديد من الكتابات عن كبار المتصوفة المسلمين، وكان ذا شخصية قوية، لكن خطابه الدينى، كان مستواه أعلى من الطلب الدينى الشعبى، وقاعدة مستهلكيه الواسعة النطاق.
2- الشيخ جاد الحق على جاد الحق
رجل قضاء شرعى، في ثقافته القانونية وتكوينه وخبراته فى مجال القضاء فى الأحوال الشخصية، ولم يكن تكوينه أوسع نطاقاً فى مجال علم الكلام والتاريخ الإسلامى. اتسم خطابه الدينى كمفتى وكشيخ للأزهر بالمحافظة الشديدة، والغلو فى الأمور الشرعية، ولا يميل إلى الظهور الجماهيرى. كان خطابه الديني يميل مع الاتجاهات السلطوية فى عديد الأحيان، ويخالفها فى بعض الأحيان.
3- الشيخ سيد طنطاوى
كان متبحراً فى التفسير، وعلوم الفقه، وأميل إلى الخطابة الأزهرية التقليدية، وله فتاوى متقدمة، مثل فوائد البنوك، وفى بعض إصلاحات قانون الأحوال الشخصية، وكان أقرب شيوخ الأزهر إلى السياسة الرسمية فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك.
لا شك أن غلبة التسييس على دور شيخ الأزهر، ومكانته على قمة المؤسسة الدينية الرسمية ساهم فى تراجع دورها، بالنظر إلى التمدد الاجتماعى للجماعات الإسلامية، السياسية والسلفية، والأخطر تمدد بعض هذه الجماعات داخل تكوين المؤسسة من خلال تجنيد طلابها، وبعض أساتذتها، على نحو ما ظهر فى أعقاب 25 يناير 2011 ووصول الإخوان المسلمين والسلفيين إلى سدة السلطة.
إن التفسير السابق لظاهرة دعاة الاستعراض الدينى والتمايز بينهم، وبين الأنماط التقليدية للداعية الأزهرى، يشير إلى جنيولوجيا نمط الدعوة فى مصر وتغيراتها، وهو ما يظهر أهمية كتب وائل لطفى الثلاث "دعاة عصر السادات"، و"الدعاة الجدد"، و"دعاة السوبر ماركت".