عبد المجيد أبو العلا

باحث في العلوم السياسية

صدر عن مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية العدد 80 (أبريل 2021) من مجلة أحوال مصرية عن "أهل مصر" وتحولات المحروسة بين عشرينيتين.

فلسفة العدد

تنطلق فلسفة هذا العدد من أهمية الوعي بالذات والتطور التاريخي كمدخل لفهم مكنون وثوابت الشخصية المصرية، حيث لا يتوقف هذا العدد عند السرد التاريخي إنما دراسة التطور الاجتماعي والثقافي والعمراني والسياسي للمجتمع المصري عبر قرن من الزمان. فكعادة مجلة "أحوال مصرية" فإن "الإنسان" و"المجتمع" هما مدخلا التحليل وإطاره. وهما كذلك الهدف الذي تسعى موضوعات المجلة نحو تبيان تطوره ومكنونه وتحولاته في إطار ثنائية الثابت والمتغير، وهو ما يميز ذلك العدد "التاريخي" الذي يذهب إلى ما هو أبعد من استحضار التاريخ إلى فهم الواقع ومعرفة ماذا جرى؟

وبذلك فإن هذا العدد يحدد بعض ملامح التغيير الذي اكتنف حياة المصريين على جميع المستويات والمجالات المتعددة، وساهم فى إعادة تشكيل البنية المجتمعية والثقافية والسياسية، بما يعكس حجم الفجوة التى تولدت عن انقطاع عملية التطور والبناء التي شملت العديد من جوانب الحياة، وحدود تأثير ذلك على عملية تشكيل الوعى الذاتى وحركة المجتمع.

تحولات المحروسة بين عشرينيتين

تناولت موضوعات هذا العدد الجوانب والتحولات السياسية عبر أكثر من مدخل، فقد قدمت دراسة العدد قراءة في انعكاسات النظام الدولي وتحولاته بين قرنين على الواقع السياسي المصري، وعلى الهوية التي تناولتها افتتاحية العدد من مدخل ثنائية الحراك المجتمعي والعمل الأهلي. فيما تناولتها رؤيتا العدد حركيًا وفكريًا عبر ثنائية "الرابطة الوطنية" و"الرابطة الدينية". كما يقدم أحد مقالات القسم الثقافي قراءة لإتجاهات صحافة العشرينيات والقضايا السياسية التي تناولتها.

وحاول ملف العدد رسم صورة متكاملة الجوانب لتحولات المجتمع المصري بين عشرينيتين، باستعراض شخصيات وسمات وتوجهات النخبة المصرية خلال المائة عام الأخيرة في مختلف المجالات. وكذلك استعراض تحولات الاقتصاد المصري ومراحله المختلفة، التي يمثًل فهمها مدخلاً مهماً لتناول تحولات الخريطة الطبقية للمجتمع المصري، ما بين صعود وانزواء الطبقة الوسطى. وعلى مستوى التكوينات الاجتماعية فقد شهدت الأسرة المصرية تحولاً من النمط الممتد إلى النمط النووي التعايشي، في الوقت الذي يشهد فيه العالم الاجتماعي بشكل عام تحولاً من التناظرية إلى الرقمية، بما لذلك من انعكاسات على التنشئة الاجتماعية. كما قدم مقالان بملف العدد رؤيتين متكاملتين للحالة الدينية للمصريين –مسلمين وأقباط– بين قرنين، فيما يتعلق بالثقافة الدينية والحالة الاجتماعية.

وفيما تمثل "بورسعيد" نموذجًا مميزًا لحالة الحنين إلى الأزمان الماضية، فإن الحالة القاهرية وتحولات أحيائها ترسم صورة لتحولات العمران، وارتباطه بعوامل سياسية وطبقية. وفي الوقت الذي تعاني فيه مصر والعالم من جائحة كوفيد – 19، فإن المقال الأخير من ملف العدد يقدم عرضًا تاريخيًا لمعاناة المصريين مع الأوبئة العالمية والمتوطنة. كما قدم القسم الثقافي قراءة في ظاهرة التعددية في السينما المصرية على مستويي الصناعة والمضمون، وكذلك الدور المسرحي في الحياة السياسية والاجتماعية في العشرينيات. بالإضافة إلى استعراض تطورات وتحولات الموسيقى والغناء الشعبي خلال مائة عام.

عشرينية "أحوال" وعشرينيات مصرية

يسكتمل ملحق هذا العدد الصورة العشرينية لموضوعاته، باستعراض تطور بعض رموز الدولة المصرية كعلمها ونشيدها وعملتها النقدية ومقر مجلس نوابها. وتقديم لمحات من العشرينيات عن المجتمع المصري، وبدايات الصناعات الوطنية والإنتاج السينمائى المصرى، واستعراض أحوال التعليم والحركة الطلابية فى تلك الفترة، وكذلك رصد نشاط الجمعيات السرية كأحد سمات العمل السياسى آنذاك.

وفي قسم خاص داخل الملحق -بمناسبة صدور 80 عددًا من مجلة أحوال مصرية خلال 20 عامًا من البحث والتحليل والاشتباك مع قضايا المجتمع المصري- يقدم الملحق قراءة لتاريخ المجلة ورؤيتها وفلسفتها، كما يقدم عرضًا وقراءة موضوعية لأبرز القضايا التي تناولتها المجلة خلال مسيرتها البحثية، بالإضافة إلى عناوين وتواريخ أعداد المجلة منذ العدد الأول.

إجمالا، في الوقت الذي تكمل فيه مجلة أحوال مصرية عامها العشرين، كمجلة تعنى بأحوال المجتمع المصري والاشتباك مع قضاياه، فإن هذا المجتمع –وعلى مشارف عشرينيات جديدة– شهد عددًا من التحولات والتغيرات التي تزداد وضوحًا إذا ما اتخذنا من عشرينيات القرن العشرين نقطة انطلاق تحليلية لكشف وفهم هذه التحولات والتغيرات.