قضايا وتحليلات - الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي 2021-5-4
عبير ياسين

خبيرة - مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

مهّدت التصريحات الفلسطينية الرسمية خلال الأيام الأخيرة للقرار الصادر في 30 أبريل 2021، والخاص بتأجيل الانتخابات التشريعية التي كان من المقرر إجراؤها في 22 مايو من العام نفسه. التأجيل الذي أعلن، كما كان متوقعاً، قبل بداية فترة الدعاية الانتخابية التي كان محدداً لها أن تبدأ في اليوم نفسه، فرض واقعاً صعباً على مجمل المشهد الفلسطيني وفرص إجراء الانتخابات التشريعية. كما طرح تساؤلات مهمة عن الانتخابات التالية ممثلة في الانتخابات الرئاسية وانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني بوصفها الخطوات المفترضة لإنهاء حالة الانقسام، وتشكيل المؤسسات المنتخبة وفقاً لشرعية جديدة تسهل من مواجهة تحديات الداخل وفرص التفاوض المستقبلية.

وعلى صعيد الداخل الفلسطيني والأطراف المعنية بتقريب وجهات النظر بين السلطة والفصائل، يبدو المشهد أكثر تعقيداً، فبعد أن كان الجميع على مقربة من الانتخابات، وبعد أن أعلنت عدة فصائل عن مشاركتها وتحدثت عن أهميتها بصورة مغايرة لمواقفها السابقة، أصبحت الانتخابات بعيدة ومعها فرص مشاركة تلك الفصائل والقوى في المؤسسات السياسية والحصول على مساحتها في اتخاذ القرارات، وربما فرصتها في توضيح حجم ما تتمتع به من دعم ومساندة لدى الناخب الفلسطيني. ويصبح من الصعب إجراء سلسلة أخرى من المفاوضات الفلسطينية- الفلسطينية من أجل الوصول إلى تفاهمات مشابهة مع تراجع مصداقية تلك الاتفاقات، من وجهة نظر العديد من الفصائل، وفي ظل سهولة تجاوزها على أرض الواقع بقرارات منفردة من قبل السلطة، وفقاً لها.

من جانب آخر، تتقلص فرص إجراء الانتخابات التشريعية، وربما الانتخابات الفلسطينية عموماً، بعد إعلان قرار التأجيل، خاصة بعد أن تم تمريره باسم مشاركة القدس ومكانة القدس الشرقية بوصفها عاصمة الدولة الفلسطينية المرتقبة. وإذا كانت الانتخابات بدون القدس تهدد مكانة المدينة المقدسة في التسوية في انتخابات تتم في مايو 2021، فالطبيعي أن تهدد مكانة المدينة في انتخابات تتم في أية تواريخ أخرى لا توافق فيها إسرائيل على إجراء الانتخابات في المدينة، بما يشبه إعطاءها حق الفيتو على إجراء الانتخابات، ويضع ثقل القرار على الجانب الإسرائيلي ويعقد فرص إجراء الانتخابات الفلسطينية في ظل التفاصيل الحالية.

أوضاع تثير الكثير من التساؤلات حول قرار التأجيل وما يفرضه من تحديات ومعها البحث عن فرص من شأنها المساعدة في الخروج من حالة الجمود الداخلي، والوقوف في مواجهة فرص التصعيد الإسرائيلي، والاستفادة من احتمالات التفاوض برعاية إقليمية- دولية قبل أن يتراجع الاهتمام بالقضية في مواجهة تطورات أكثر إلحاحاً بالنسبة للأطراف المعنية بالصراع والتسوية.

انعكاسات صعوبة التوافق

ساهمت التصريحات التي أعلنت من قبل السلطة الفلسطينية وشخصيات قريبة منها في وضع خيار تأجيل الانتخابات على ساحة النقاش الفلسطيني والإسرائيلي والدولي بصورة واضحة. ورغم أن الهدف المباشر من تلك التصريحات تمثل في التنديد بالموقف الإسرائيلي من إجراء الانتخابات في القدس، ومطالبة الاتحاد الأوروبي وغيره من الأطراف المعنية بالتدخل من أجل الحصول على موافقة إسرائيلية لمشاركة القدس في الانتخابات، إلا أن تأثير الرسالة كان أوضح في الداخل الفلسطيني وخاصة بين الفصائل والقوى التي كان يفترض أن تشارك في الانتخابات. وتصاعد خطاب السلطة من مجرد التنديد بالموقف الإسرائيلي الصامت من الانتخابات، والمطالبة بموافقة علنية، إلى وضع القدس بوصفها الشرط الأساسي الذي لن تتم الانتخابات بدونه. ومع الحديث عن القدس بوصفها الخط الأحمر ظهر خيار التأجيل بوصفه السيناريو الوحيد في ظل المعطيات القائمة.

ولم يتغير الموقف الإسرائيلي في مواجهة المناشدات والانتقادات الفلسطينية، وعلى العكس كان من شأن الطرح الفلسطيني أن يزيد من التصميم الإسرائيلي على رفض مساندة أو تسهيل إجراء الانتخابات في القدس الشرقية. فإذا كانت السلطة ترفض الذهاب إلى الانتخابات بدون القدس الشرقية بسبب مكانتها وأهميتها في ملفات التسوية النهائية، فإن إسرائيل ترفض المشاركة أو القبول بتلك الانتخابات تأكيداً لموقفها المعلن وهو أن القدس الموحدة عاصمة للدولة الإسرائيلية. وكان من الصعب الوصول إلى مساحة وسط بين أن تكون القدس الشرقية للدولة الفلسطينية والقدس الموحدة لإسرئيل، وهي القضية التي تمثل إشكالية كبرى للسلطة في مواجهة الداخل، وفي مواجهة محاولات العودة للمفاوضات وبالطبع فرص التوصل إلى تسوية نهائية. ولكنها ترتب في الوقت ذاته الحاجة إلى تنسيق وتوافق فلسطيني من أجل لحظة حقيقة قادمة.

ولم يستطع الاتحاد الأوروبي الحصول على موافقة إسرائيلية تجيز مشاركة سكان القدس الشرقية في الانتخابات، كما حدث في الانتخابات السابقة، وما أعلن عنه من بيانات أو تسريبات حول اللقاءات التي تمت في هذا السياق قدم أسباباً إسرائيلية إضافية للحيلولة دون إجراء الانتخابات وخاصة المخاوف من وصول حماس أو غيرها من الفصائل التي تعارض نهج التسوية وترفض دولة إسرائيل إلى السلطة كما حدث في انتخابات 2006. واعتبرت العديد من التحليلات أن إسرائيل تجاوزت عن خيار التصعيد في غزة، رغم إطلاق الصواريخ من القطاع والتحذيرات الإسرائيلية، رغبة في التفرغ لقضايا أكثر أهمية وخاصة الموقف من إيران وبرنامجها النووي، وربما بالاعتماد على وجود تعقيدات أخرى كافية لوقف مسار الانتخابات دون أن تتحمل المسئولية المباشرة عن إرجاء الانتخابات عبر التصعيد.

بدوره يتجاوز قرار التأجيل السلطة وفصيلها فتح وغيرها من الفصائل والقوى المشاركة إلى المواطن الفلسطيني. وفي حين تشير استطلاعات الرأى عادة لعدم الثقة في نجاح جهود إنهاء الانقسام، إلا أنها تؤكد على تمسك المواطن بالفرص عندما تطرح، ورغبته في إنهاء الانقسام ومواجهة الكثير من القضايا المعيشية والسياسية في مرحلة تالية. كما أن قيمة الانتخابات تتجاوز إنهاء الانقسام إلى إعادة الأمور إلى الناخب الفلسطيني من أجل تقييم الفصائل والقوى السياسية ومكانتها، وتوضيح اتجاهات المواطن والقضايا الأكثر أهمية في عملية الاختيار عبر الصناديق التي غابت منذ عام 2006 عن الساحة الفلسطينية.

الفصائل وفتح: المكانة والفرص

تواجه بعض الفصائل الكثير من الانتقادات على أساس تغير مواقفها من الانتخابات الفلسطينية، ويتم التنديد بدفاع تلك الفصائل عن الانتخابات ورفض التأجيل بعد أن كانت ترفض المشاركة فيها أو تراها جزءاً من علاقات مرفوضة مع الاحتلال الإسرائيلي كما كان يتردد منذ سنوات. والغريب في هذا الانتقاد، رغم ما يحمله من دلالات، هو الفاصل الزمني والتطورات التي مرت بالقضية والجميع. فمن جانب، يدور الحديث في هذا السياق عن فاصل زمني طويل يصل إلى عقود بين تأسيس السلطة الفلسطينية والموقف من الانتخابات التي تمت في إطارها والوقت الحالي. وتدخل بعض الفصائل إلى الانتخابات في ظل الرهان على فشل سلطة فتح في تحقيق التسوية، وربما فشل رهان التسوية نفسه، مع إمكانية طرح خيارات أخرى تعبر عن تلك الفصائل. يضاف إلى هذا التغيرات التي شهدتها الفصائل، بما فيها حماس وتحديات فترة ممارسة السلطة في قطاع غزة، والمشكلات المتراكمة على الأرض والحاجة إلى إحداث تغيير جوهري في الأوضاع المحيطة بها للخروج من المشكلات المركبة التي تواجهها على صعيد السياسة والمقاومة. في ظل تلك القراءة قدمت الانتخابات طوق نجاة للبعض وفرصة للبعض الآخر يمكن من خلالها إعلان شرعية قائمة على صناديق الاقتراع والتأكيد على مكانة تلك الفصائل على الأرض، وعلى دورها في رسم السياسات الفلسطينية بما فيها التأثير على خيارات التسوية.

وفي حين تبنت السلطة خطاب تأجيل الانتخابات بسبب القدس الشرقية، وجدت العديد من الفصائل أن قرار السلطة نابع من فتح ومخاوف تفتت الأصوات التي ظهرت مع دخول عدد من قادة الحركة للانتخابات في قوائم مستقلة أو عبر دعم بعض تلك القوائم كما جاء في تصريحات موسى أبو مرزوق نائب رئيس حركة حماس في الخارج بعد قرار التأجيل وغيره من قادة الفصائل المعارضة لقرار التأجيل. وحاولت فتح عبر تصريحاتها المباشرة التأكيد على الثقة في الفوز وفقاً لاستطلاعات الرأى، في حين أكدت العديد من الفصائل على هشاشة تلك التصريحات والخوف من سيناريو 2006، ووصل البعض إلى اتهام السلطة باستخدام سيناريو 2006 بوصفه فزَّاعة لتسويق خيار تأجيل الانتخابات في اللقاءات التي تمت مع الاتحاد الأوروبي وغيره من الأطراف.

ورغم ما يحيط بتلك التصريحات والتصريحات المضادة من شكوك، وما يمكن أن يحمله البعض من مصداقية، وإمكانية تمرير بعض تلك الرؤى في ظل التفاصيل المحيطة بالمشهد ومخاوف السلطة وحركة فتح التي تتجاوز الانتخابات التشريعية إلى الرئاسية بكل ما ترتبه من إمكانية إحداث تغير حقيقي يمكن أن يخيف بعض الأطراف الإقليمية والدولية، تظل النقطة الأساسية في وجود عدد من الحقائق الناتجة عن قرار تأجيل الانتخابات من حيث صياغة وطرح القرار.

الحقيقة الأولى، هى تأجيل الانتخابات ومعها جهود ممتدة لتقريب الفصائل والسلطة. والحقيقة الثانية، هى صعوبة عودة الفصائل إلى خيار الانتخابات أو الوصول لصيغة تفاهمات جديدة دون اشتراطات أكثر مصداقية حتى لا تفقد المزيد من مصداقيتها الذاتية وتبدو في صورة الباحث عن سلطة ومقعد بعيداً عن المقاومة. والحقيقة الثالثة، أن تأخير الوصول إلى تصور حول إجراء الانتخابات التشريعية ومصير خطة الطريق الانتخابية بشكل عام من شأنه الإضرار بالعلاقات الفلسطينية الداخلية ومعها فرص إنهاء الانقسام بما يحتاج إلى صيغة اتفاق حول الخطوات القادمة فلسطينياً، كما ينعكس على العلاقات مع الأطراف الداعمة مثل الاتحاد الأوروبي الذي طالب بتحديد موعد جديد للانتخابات دون تأخير. والحقيقة الرابعة، أن التغيرات التي رتبها قرار التأجيل تتجاوز في تأثيرها اللحظة إلى كل الخطوات التالية في ما يتعلق بالانتخابات والتسوية كما يتضح من النقاط التالية.

القدس والانتخابات: فيتو ممتد

دشن قرار تأجيل الانتخابات بالطريقة التي أعلن بها وضعية القدس بوصفها الخط الأحمر الذي لا يمكن إجراء الانتخابات دون مشاركتها بصورة كاملة وفعّالة كما سبق القول. وفي اللحظة التي أسس فيها القرار لوضعية القدس في المسار السياسي الفلسطيني، أسس للفيتو الذي تملكه إسرائيل أيضاً ويمكن من خلاله التأثير على هذا المسار كما تشاء. وفي الخلفية، ومع تمسك كل طرف بموقفه من القدس، أدى القرار إلى تأجيل مفتوح للانتخابات، وبدلاً من أن يكون المسار السياسي الداخلي مرشداً لمسار التسوية، أصبح مسار التسوية مُحرِّكاً للمسار السياسي الفلسطيني في شق الانتخابات ومعه الكثير حول العلاقات البينية بين السلطة والفصائل والقوى الداخلية.

ورغم أهمية القدس الشرقية بالنسبة للقضية الفلسطينية عموماً ومسار التسوية خصوصاً بوصفها عاصمة الدولة الفلسطينية المنتظرة، إلا أن الرابط الذي حدث لمشاركتها في الانتخابات وإجراء الانتخابات بتلك الطريقة قيّد فرص المناورة واحتمالات إجراء الانتخابات وهو الموقف الذي حاول الاتحاد الأوروبي والفصائل التجاوز عنه قبل إعلانه بالحديث عن التفكير خارج الصندوق ومشاركة سكان القدس بطرق أخرى من أجل إجراء الانتخابات وعدم الربط بينها وبين الموقف الإسرائيلي.

غياب المناورة في موقف السلطة يحتاج إلى درجة عالية من الرشادة في التعامل مع التطورات الناجمة عنه من أجل تجنب الحديث عن تراجع مكانة القدس أو التجاوز عن الخط الأحمر الذي تمثله في المفاوضات النهائية، وفي الوقت نفسه تجاوز الدور الإسرائيلي وتأثيره في إجراء الانتخابات الفلسطينية. 

وقد كان يفترض أن تكون القدس مفتاحاً لموقف فلسطيني جماعي يدشن أهمية المدينة ويؤكد على أهمية المسار السياسي، ولكن ما حدث هو الاكتفاء بالجزء الأول فقط. ورغم أهمية القدس، فإن الفيتو المجاني الذي قدم إلى إسرائيل يضر فتح بوصفها فصيل السلطة كما يضر بمجمل العملية السياسية. وإن كان الحديث الآن يدور عن رغبة فتح في العودة لمسار التسوية دون المسار السياسي الداخلي، فإن وضعية القدس التي أعلن عنها من خلال جدل المشاركة في الانتخابات يؤشر لصعوبة التوصل إلى إنجازات كبرى من شأنها أن تتجاوز حالة الإحباط الفلسطيني التي صاحبت قرار تأجيل الانتخابات، أو الوصول إلى تسوية نهائية مقبولة في حالة رفض إسرائيل تضمين القدس الشرقية.

الفصائل والتسوية: قضايا الاعتراف إلى الواجهة

طرح الجدل الذي أحيط بالانتخابات وأسباب التأجيل لدى السلطة وإسرائيل الكثير من القضايا المهمة والمُؤجَّلة في المشهد الفلسطيني من حيث استحضار القدس إلى الواجهة، كما سبق القول، والنقاش حول مشاركة الفصائل التي لا تعترف بإسرائيل والتسوية في مؤسسات السلطة الفلسطينية التي توجد بدورها في ظل اتفاقات التسوية وتهدف إلى إنشاء دولة فلسطينية أقل بكثير من فلسطين التاريخية من البحر إلى النهر التي ترد في أدبيات ومواثيق تلك الفصائل. ولعل مشاركة تلك الفصائل والمخاوف من حصولها على نسبة دعم أكبر من غيرها تمثل هاجساً أساسياً لكل من إسرائيل والولايات المتحدة وغيرها من الأطراف التي تدرك أن حدوث تلك التطورات من شأنه أن يعيد القضية الفلسطينية إلى أوضاع قريبة لما حدث بعد انتخابات 2006، وربما تحويل الأوضاع في الضفة وغزة إلى شكل مشابه لما وصلت إليه الأوضاع في غزة في ظل سيطرة حماس.

وفي حين كان على الرئيس الفلسطيني الأسبق ياسر عرفات المرور عبر مسار خاص للوصول إلى درجة شريك في المفاوضات/ التسوية، وهى الصفة التي خسرها أحياناً من قبل إسرائيل والولايات المتحدة، فإن الفصائل الأخرى تظل خارج تلك المساحة وهى تعلن عن فلسطين التاريخية بوصفها الهدف، والمقاومة بوصفها الوسيلة، وسلاح المقاومة بوصفه نقطة خارج المفاوضات. وما أعلنته فصائل مثل حماس من اقتراح هدنة طويلة الأجل أو مرحلية في فترات سابقة لا يصل إلى درجة القبول بها شريكاً تفاوضياً ضمن مؤسسات هى في النهاية جزء من وضعية السلطة التي تعد بدورها جزءاً من ترتيبات التسوية السياسية التي تم التوصل إليها في ظل أوسلو.

وتبدو قضية مشاركة الفصائل معقدة إن طرحت بما يتجاوز الترتيبات الفلسطينية الداخلية. ويصعب تسويق التغيرات الهامشية التي تمت في مواقف بعض الفصائل من أجل تبرير المشاركة في الانتخابات لدى الخارج وفي إطار التسوية السياسية، وهى مواقف يظهر منها قيمة ما أعلنت عنه إسرائيل في اللقاء مع شخصيات من الاتحاد الأوروبي وهي تحذر من سيناريو 2006، والموقف الأمريكي الذي تحفظ على تلك الفصائل دون أن يتدخل في الانتخابات بوصفها شأناً داخلياً كما أعلن على هامش الجدل حول مشاركة القدس الشرقية واحتمالات تأجيل الانتخابات. مواقف تحمل بدورها توجهاً واضحاً إزاء انتخابات يمكن أن ترتب وصول فصائل غير مرغوب فيها إلى السلطة، بما يرجح خيار المقاطعة الدولية كما حدث من قبل مع حماس بوصفه سيناريو يمكن تحققه وتطوراً محتملاً يفترض الاستعداد له فلسطينياً.

لقد أثارت الانتخابات التشريعية المؤجلة الكثير من القضايا المهمة وجعلتها في مقدمة الحديث بعد أن كانت قضايا توافق الجميع على السكوت عنها مرحلياً وخاصة القدس الشرقية ومشاركة الفصائل الفلسطينية في العملية السياسية. وإن كانت بعض الأصوات ترى أن قرار السلطة أو فتح تحديداً بالموافقة على إعلان الانتخابات كان متسرعاً أو لم ينل ما يستحقه من الدراسة، فإن ما كشفت عنه المرحلة من قضايا من شأنه أن يعقد فرص إجراء الانتخابات بالشكل الذي كان يفترض أن تكون عليه في مايو 2021 سواء من حيث القدس والفيتو الإسرائيلي أو الفصائل والاعتراف بإسرائيل أو دولة فلسطينية على حدود 1967. وترتب تلك القضايا الحاجة إلى نقاش أكثر عمقاً قبل الإعلان عن الخطوة التالية في ما يتعلق بترتيب المشهد السياسي الفلسطيني والموقف من كيفية وآليات إجراء الانتخابات في القدس الشرقية وفي مستقبل التسوية، ومن حكومة فلسطينية ممثلة لفصائل مرفوضة من قبل بعض الأطراف الإقليمية والدولية. وبدون موقف موحد من تلك القضايا خلف الأبواب المغلقة تظل الانتخابات مُؤجَّلة والانقسام مطروحاً والتسوية بعيدة.