خُصص العدد (77) - يناير 2021 - من دورية الملف المصري والذي جاء تحت عنوان "قانون التصالح ومخالفات البناء..رؤية تقييمية" لدراسة ومناقشة أسباب تنامي ظاهرة مخالفات البناء والعشوائيات في مصر وتداعياتها على القطاع الزراعي، وما تواجهه الحكومة المصرية من تحديات وما اتخذته من آليات للتصدى لتلك الأزمة والحد من تناميها، فضلاً عن تناول حجم تأثير تلك الأزمة على حركة السوق العقاري بشكل خاص والاقتصاد المصري بشكل عام، فضلاً عن طرح حلول بديلة لمعالجة تلك الأزمة بدعم من قبل المجتمع المدني وعدد من الخبراء على غرار عدد من التجارب الدولية.
ولقد استهل العدد بمقالة للدكتور هاني سراج الدين، أستاذ بالمركز القومي لبحوث الإسكان والبناء، تحت عنوان "مخالفات البناء وتحديات حوكمة العمران"استعرض خلالها السياسات المصرية ذات النهج الإشتراكي في قطاع العمران منذ خمسينينات القرن الماضي، التي على الرغم من أن لها انعكاسات إيجابية على المستوى الاجتماعي، لكنها مع مرور الوقت وباختلاف البيئة المواتية، ساهمت فى بروز ظواهر سلبية، كان أهمها؛ الإسكان العشوائي. ومع تراجع دور الدولة وتنامي دور القطاع الخاص في قطاع الإسكان، تصاعدت ظاهرة مخالفات البناء وتنوعت، لاسيما في ظل استشراء الفساد في المحليات، مما أدى لتقويض جهود الدولة للتصدى لها على مدار عقود، إلى أن قررت القيادة السياسية مواجهة هذا التحدي بقوة عبر اصدار قانون التصالح وما تضمنه من إجراءات ساهمت في معالجة تلك الأزمة ورفع وعي المواطن بمخاطرها، إلى جانب ضبط السوق العقاري.
وتحت عنوان "مخالفات البناء وانعكاساتها على قطاع الإسكان"، ناقشت دكتورة منى حواس، آثار مخالفات البناء على قطاع الإسكان في مصر عبر تناول التحديات الثلاثة الرئيسية التي تواجه قطاع الإسكان في مصر والناجمة عن اتساع ظاهرة البناء المخالف، كارتفاع تكاليف البناء والمرافق المتعلقة بقطاع الإسكان بشكل يفوق قدرة غالبية الأُسر، إلى جانب استعراض التداعيات المتنوعة لمخالفات البناء سواء على قطاع الإسكان والثروة العقارية، أو على الدولة ككل، مثل تفاقم مشكلة العشوائيات، وزيادة العبء الاقتصادي على خزينة الدولة، فضلاً عن الحرص على طرح حزمة من التدابير والتوصيات للقضاء على البناء المخالف وظاهرة العشوائيات، ودعم وتعزيز قطاع الإسكان الرسمي، منها؛ التوسع في تقديم قروض التمويل العقاري للشريحة ذات الدخل المنخفض لضمان تجنبهم اللجوء إلى تملك العقارات المخالفة.
وتحت عنوان"قانون التصالح..الإشكاليات وجهود التصدي لها"، قدم الأستاذ هاني سليمان، مدير المركز العربي للبحوث والدراسات، قراءة في قانون التصالح والإشكاليات الأربع التي أُثيرت حول القانون وتسببت في حدوث جدل مجتمعي واسع، ومنها؛ توقيت صدور وتطبيق القانون، ناهيك عن مناقشة الخطوات التي اتخذتها الحكومة المصرية من أجل معالجة الأزمة المتعلقة بآليات تطبيق القانون وانهاء الجدل المجتمعي الدائر حول القانون، فضلاً عن تناول دور المجتمع المدني والأحزاب السياسية في احتواء الأزمة، والدروس المستفادة من قبل الحكومة في معالجتها لأزمة التصالح في مخالفات البناء.
وتحت عنوان"التطوير العمراني وسُبل تفعيل التنظيم المجتمعي كبديل للإخلاء"، ناقش الأستاذ أحمد زعزع، الباحث والمصمم العمراني" العوامل السياسية والعسكرية والثقافية التي ساهمت في ظهور نمط عمراني بديل على مدار عقود ممتدة، برزت خلالها "العشوائيات" التي يسكن فيها نحو 40% من إجمالي تعداد السكان، وهو ما دفع الحكومة للتركيز على تلك القضية والتسويق لمخاطرها والعمل على حلها عبر آليات محددة غلب عليها آلية الهدم والإخلاء والنقل لمكان آخر، وبالتالي تدمير الأسس والهياكل الاجتماعية والاقتصادية شديدة التعقيد القائم عليها المجتمعات القاطنة في العشوائيات، كما طرحت المقالة بدائل فعالة لإخلاء ما تبقى من مناطق صُنفت على أنها مناطق خطرة بمشاركة ودعم من قبل المجتمع المدني، وذلك من أجل التوسع في هذا التوجه مستقبلياً، على غرار عدد من التجارب الدولية التي تعكس التشارك بين الحكومة والتنظيمات المجتمعية التي لعبت دوراً في تطوير العديد من المناطق غير الرسمية دون نقلها.
وتحت عنوان "تداعيات مخالفات البناء على القطاع الزراعي"، تناولت الأستاذة سنية الفقي، الباحث الاقتصادي في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، المزايا التفضيلية للقطاع الزراعي التي تجعله أحد أهم قطاعات الاقتصادي المصري على الرغم من تراجع أهميته النسبية مقارنة بقطاعي الصناعة والخدمات، إلى جانب مناقشة حجم ودرجة التعديات على الأراضي الزراعية على مدار عقود ممتدة بشكل أضر بمعدل الأمن الغذائي، ودفع الحكومة المصرية لاتخاذ حزمة من الآليات من أجل مواجهة التعديات على الآراضي الزراعية.