عندما يصف وزير النفط الإيراني بیژن زنگنه العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية على إيران بأنها "حرب بلا دماء"، فإنه يشير بوضوح إلى عمق التأثيرات التي أنتجتها تلك العقوبات على إيران، خاصة على صعيد تقليص حجم الصادرات النفطية الإيرانية، وهي المصدر الأساسي للدخل الإيراني، بشكل كبير، على نحو أسهم في ارتفاع معدلات التضخم والبطالة وانهيار العملة الوطنية.
ورغم أن فرض العقوبات الأمريكية على إيران ارتبط بالانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي، فإنه لم ينفصل، في كل الأحوال، عن الخلافات التي تصاعدت بين الطرفين حول ملفات أخرى رئيسية على غرار برنامج الصواريخ الباليستية والدور الإقليمي.
لكن اللافت في هذا السياق، هو أنه رغم الضغوط القوية التي أنتجتها العقوبات على إيران، فإنها ما زالت مصرة على تطوير برنامجيها الصاروخي والنووي، ومواصلة الدور الذي تقوم به على الساحة الإقليمية، حتى وإن اتسم بنوع من الارتباك بعد مقتل قائد "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري قاسم سليماني، في 3 يناير2020 .
من هذا المنطلق، كان الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن حريصا على توجيه رسائل عديدة، قبل فوزه في الانتخابات الرئاسية، تفيد أنه يتبنى نهجا مختلفا في التعامل مع إيران عن النهج الذي اتبعه الرئيس السابق دونالد ترامب، واعتمد في هذا السياق على مقاربة "العودة مقابل العودة"، أى عودة إيران للالتزام ببنود الاتفاق النووي مقابل عودة الولايات المتحدة الأمريكية للمشاركة فيه.
مع ذلك، فإن تجاوز المرحلة الصعبة التي فرضتها تراكمات التصعيد بين واشنطن وطهران على مدى الأعوام الأربعة الماضية، سوف يواجه تحديات عديدة لا تبدو هينة. فالمسألة لا تتعلق فقط بالعودة إلى تفعيل الاتفاق النووي ورفع العقوبات الأمريكية التي فرضت في هذه الفترة، وإنما ترتبط بتقاطع وتشابك مصالح وحسابات لأطراف عديدة معنية بما يجري على الساحة، سواء كانت في طهران أو واشنطن أو في المنطقة.
لكن ذلك لا ينفي أن إدارة بايدن سوف تحاول خلال المرحلة المقبلة اختبار مدى قدرتها على ترجمة آرائه إلى خطوات إجرائية على الأرض ومدى استعداد إيران للتجاوب مع ذلك.