تحاول هذه الدراسة فهم ما آلت إليه العلمانية التركية في مواجهة عملية "الأسلمة" التي يقوم بها حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان. وتفترض الدراسة بداية أن العلمانية في تركيا حتى وإن نبتت في أرض ليست أرضها، إلا أنها باتت جزءا لا يتجزأ من نسيج الحياة. صحيح أنه شابها بعض التشوهات التي جعلتها مختلفة عن مثيلتها في القارة الأوروبية، وصحيح أيضا أن محاولات تجريفها ستزداد سنة بعد أخرى طالما يقي حزب العدالة والتنمية في السلطة، لكن مع هذا ظلت العلمانية سمة مهمة ميزت تركيا عن باقي البلدان الإسلامية.

وتقوم الدراسة بمعالجة هذه الإشكالية من خلال ثلاثة أقسام. يعرض القسم الأول خلفية تاريخية الهدف منها هو الخروج بنتيجة مفادها أن العلمنة لم تكن ابتداعا كماليا فحسب بل هي نتاج تطورات تفاعلت على مدار قرنين ونصف قرن من الزمن. ويتناول القسم الثاني مرحلة نجم الدين أربكان، والتي تم فيها نثر بذور الأسلمة. أما القسم الثالث فيتناول مرحلة حزب العدالة والتنمية التي يُعتقد أنها المحطة الأهم في إنتاج نسق لنظام سياسي مغاير لما ساد في تركيا طوال الفترة الممتدة من عام 1923 إلى عام 2002.