لم تسفر نتائج الانتخابات البلدية التي شهدتها تركيا في 31 مارس 2019 عن نتائج اعتادها حزب العدالة والتنمية، إذ أسفرت الانتخابات عن خسارة حزب العدالة والتنمية الحاكم الانتخابات في أغلب المدن الرئيسية الكبرى، مثل أنقرة وإسطنبول وأزمير وأنطاليا. خسارة الحزب بدت مركبة، فهي من ناحية غير مسبوقة منذ عقد ونيف، ومن ناحية أخرى، جاءت في وقت كان الحزب التركي الحاكم يمني نفسه بسنوات أربع قادمة تتسم بالهدوء، وذلك بعد أن سيطر على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية العام الماضي، فيما من المفترض ألا تشهد البلاد انتخابات أخرى حتى عام 2023، لتدخل تركيا فيما يمكن أن نسميه "بياتٍ انتخابي".
وحسب النتائج الأولية للانتخابات البلدية، فإن العدالة والتنمية التركي حصل على نحو 51 في المئة من إجمالي الأصوات، بينما حصل حزب الشعب الجمهوري المعارض وحزب "الخير" على 30.25 في المئة. تشير هذه النتائج، على الصعيد العملي إلى فوز العدالة والتنمية، غير أنها على الصعيد السياسي تعني "فضيحة انتخابية" للحزب الحاكم ذلك أن الانتخابات البلدية في تركيا نتائجها تحسب بدلالاتها السياسية أكثر منه بنتائجها الفعلية، لذلك فقد حددت نتائج الانتخابات مسبقا مصير اتجاهات الناخبين في مدينتي أنقرة واسطنبول.
وتصب نتائج الانتخابات لصالح المعارضة الحزبية، حيث فاز بمنصب بلدية العاصمة مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض، منصور يافاس محمد أوز هسكي بـ50.9 في المئة من الأصوات مقابل 47 في المئة لمرشح حزب العدالة والتنمية، هذا فيما فاز مرشح حزب الشعب الجمهوري لبلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، حيث حصل على 4159650 صوتًا مقابل حصول مرشح حزب العدالة والتنمية، رئيس الوزراء السابق بن على يلدريم، على 4131761 صوتًا، بعد فرز 31102 من صناديق إسطنبول، بينما يتواصل فرز 84 صندوقًا بسبب الاعتراضات والطعون الانتخابية.
أولا: محركات نتائج الانتخابات
تتعدد محركات خسارة حزب العدالة للانتخابات رغم أن الرئيس التركي سعى إلى تعبئة طاقة الدولة وإمكانياتها لخدمة مرشحي الحزب، سيما في المدن التركية الرئيسية.
1- سيادة المركزية بديلا عن التعددية السياسية
عهد الناخب التركي على مدى سنوات خالية تركيا متعددة الألوان السياسية والقوى الحزبية التي يتنافس فيها الجميع على مقاليد السلطة بمستوياتها المختلفة.، بيد أن تحول النظام السياسي التركي من برلماني إلى رئاسي قد أنهى تعددية تركيا وجعلها ذات لون سياسي واحد. وعلى الرغم من أن قطاع عريض من الناخبين قد ساهم في صنع هذه الحالة المركزية التي لم تعهدها تركيا، غير أن تشكلها وخبراتها أوضحت مساوئها على الصعيدين السياسي والاقتصادي، سيما أنها لم تصنع استقرارا سياسيا ولا تنمية اقتصادية إن لم تكن أسهمت في تعزيز التوتر وعدم الاستقرار على المستويين معا.
فلم تفض هذه الحالة إلى خلق بيئة داعمة لها جماهيريا، بل أوجدت حالة رفض لسياسات الرئيس التركي التقليدية، والتي طالما وظف فيها قضايا الخارج وأصبغها بصبغة دينية، وقضايا الداخل التي دائما ما طبعها بطابع قومي. فبدا وكأن الرئيس في خطاباته وتصريحاته وتكتيكاته يعيد استنساخ ذاته ويستخدم ذات أوراقه وربما تعبيراته لخلق حالة شعبية مواتية وبيئة انتخابيه يتركز انتباهها نحو الرئيس ليسيطر عليها أردوغان وكأن الانتخابات رئاسية وليست محض انتخابات بلدية.
وأقدم الرئيس التركي (65 عاما) على قيادة الحملة الانتخابية لمرشحي حزب العدالة والتنمية، فعقد أكثر من مئة مهرجان انتخابي خلال خمسين يوما، وألقى ما لا يقل عن 20 خطابا في إسطنبول، وذلك على نحو جعل من هزيمة الحزب في هذه الانتخابات تمثل هزيمة لأردوغان نفسه.
وعلى الرغم من أن أنماط التصويت في الانتخابات البلدية طالما تعلقت بالتصويت على أساس شخصية المرشح وليس موقفه السياسي، بل قدرته على تقديم الخدمات للمواطنين، بيد أنه من الواضح أن هذه الانتخابات شهدت اتساع أنماط "التصويت العقابي" بسبب سياسات الرئيس التي لا تزال تنتقد المعارضة رغم أنها خارج دائرة التأثير السياسي، وربما ذلك ما أكسبها تعاطفًا شعبيًا متزايدًا، سيما مع تنامي الإدراك بأن تحسين أداء السلطة الحاكمة قد يستوجب تأييد المعارضة حتى تُعيد السلطة السياسية تقويم سياساتها وتوجيهها.
2- انكشاف "استراتيجيات أردوغان الانتخابية
لن تفضي هذه الانتخابات ونتائجها على نحو مباشر إلى المساس بسلطات الرئيس التركي وصلاحياته. وقد عبر عن ذلك أردوغان بقوله إن الناخبين "جعلونا الحزب الأول للمرة الـ15 في التصويت، وإنه سيبقى رئيساً لتركيا 4.5 سنوات إضافية، وإن حزب العدالة سيستمر في حكمه بنفس الطريقة التي أتى بها للسلطة". وأشار إلى أنه لا يوجد "ما يقلقنا، سنفكر في إخفاقاتنا بالانتخابات وتعويضها والمضي في طريقنا متفائلين بأعمال أخرى".
بيد أنه على جانب آخر فإن هذه الانتخابات قد أضرت بسمعة الرئيس، كونها أول هزيمة لحزب العدالة والتنمية الحاكم بعد أن عاد إليه أردوغان رئيسا فعليا. ورأس الرئيس التركي حزبه منذ تأسيسه عام 2001 باستثناء ما بين 2014 (تاريخ انتخابه رئيسًا) و2017 (تاريخ الاستفتاء على النظام الرئاسي)؛ ذلك أن الدستور كان يحظر ذلك. وربما يوضح ذلك أن تكتيكات الرئيس البالغ من العمر 65 عاما باتت مكشوفة ولم تعد تجذب قطاعات واسعة من الناخبين الأتراك، ومن ضمنهم الكتل التقليدية المؤيدة لحزب العدالة والتنمية، ذلك أن 16 عاما من الحكم كفيلة بأن تخلق خبرات عظيمة لدى المواطن في فهم ديناميات تحرك السلطة الحاكمة وأدواتها.
لذلك، ربما توضح هذه الانتخابات أن السلطة الحاكمة في تركيا قد بلغت الحد الأقصى من حيث الحضور السياسي، وأن مرحلة الخفوت التدرجي قد حان موعدها. وفي هذا الإطار تقول تشيرآيسي أياتا -أستاذة العلوم السياسية في جامعة الشرق الأوسط التقنية في أنقرة- أن هذه النتائج هي مؤشر على "بداية النهاية" للنخبة السياسية الحالية. وأضافت "لقد لاحظ أردوغان خلال الشهور القليلة الماضية تراجع حزبه، لذلك نزل شخصيا وبقوة إلى المعركة مشاركا بكثافة في التجمعات الانتخابية".
ويبدو أن العامل الحاسم في خسارة الرئيس وحزبه رغم قيادة أردوغان الحملات الانتخابية أن تكتيكاته لم تعد مقبولة، خاصة من حيث التصريحات الدائمة عن المؤامرة التي تتعرض لها تركيا، والحديث المستمر على أن "بقاء الأمة" على المحك، والدعوة التقليدية إلى "دفن" أعداء تركيا "في صناديق الاقتراع"، وأن تركيا تدافع عن "الأمة الإسلامية" لا حدودها الجغرافية وحسب، وذلك بالتزامن مع سياسات تستهدف توظيف أحداث العالم الإسلامي لخدمة أجندة الحزب السياسية على الصعيد المحلي.
3- الاقتصاد... "ورقة" أردوغان التي أسقطته
شكل التطور الاقتصادي التركي الذي شهدته تركيا منذ وصول حزب العدالة والتنمية أحد محركات بقاء الحزب في الحكم طيلة السنوات الخالية، وذلك بعد أن أسهم الاقتصاد ذاته في إسقاط نخب ما قبل مرحلة العدالة والتنمية بأغلب أحزابها بسبب الأوضاع الاقتصادية التي عانت منها الدولة قبيل وصول الحزب إلى السلطة. ويبدو أن الورقة التي لعبت أدوارا كثيرة لصالح أردوغان باتت تلعب ضده ولصالح منافسيه، وذلك في ظل استمرار تزايد مؤشرات التراجع الاقتصادي وتصاعد مظاهر انخفاض مستويات معيشة الأتراك، حيث تواجه تركيا أول انكماش اقتصادي منذ عشر سنوات وتضخما قياسيا وبطالة متزايدة.
وقد اندفع عدد من كتاب الأعمدة في الصحف المؤيدة للحكومة إلى التحذير من أن الفساد والمحسوبية في البلديات يحولون الناخبين عن الحزب الحاكم إلى دعم أحزاب المعارضة انتقاما من الحزب الحاكم لا حبا في أحزاب المعارضة.
ويمكن القول، إن الوضع الاقتصادي المتراجع أثر على نحو دراماتيكي على شعبية حزب العدالة والتنمية في المدن الكبيرة، بعدما اعتمد طويلا منذ العام 2002 على ارتفاع مضطرد لنسبة النمو في البلاد ما أتاح له تحقيق انتصارات انتخابية متتالية. بيد أنه بدلا من أن يتناول الصعوبات الاقتصادية التي ينسبها إلى "مؤامرة الغرب على تركيا"، ركز أردوغان حملته على المسائل الأمنية، محذرا من خطر إرهابي يحاصر البلاد. وربما يعكس ذلك حديث أردوغان خلال تجمع انتخابي قبل يوم واحد من بداية الاقتراع في اسطنبول حين قال "إن التصويت لن يكون على "سعر الباذنجان أو الطماطم أو الفلفل إنها انتخابات من أجل بقاء البلاد".
4- رفض سياسات "تدوير" النخب الأردوغانية
تعبر نتائج الانتخابات عن رفض شعبي لسياسات الرئيس التركي المتعلقة بتوظيف نخب العدالة وتدوير مواقعهم بما يخدم مصالح سلطاته وصلاحياته السياسية ليس وفق ما تقتضيه الحاجات العملية والضرورات السياسية، وإنما بمقتضى مصالح أردوغان. وقد أوضح ذلك سياساته حيال الرئيس التركي السابق عبد الله جول، ومن بعده رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، وفي الوقت الذي قام فيه أردوغان بتصعد صهره بيرات البيرق من وزارة الطاقة والموارد الطبيعية إلى وزارة المالية ليسطر على الجهاز المصرفي في تركيا، فإنه قام باستبعاد العديد من الشخصيات التي طالما تمتعت بثقل سياسي ودعم شعبي، ووضح ذلك مع رجل السياسة بولنت أرنيج ورجل الاقتصاد على باباجان.
وحاول أردوغان خلال الانتخابات الأخيرة انتهاج الاستراتيجية ذاتها، فبعد أن قام بتعديل الدستور وألغى منصب رئيس الوزراء لكي يسيطر على السلطة منفردا قام بترشيح رئيس الوزراء السابق، بن على يلدريم لرئاسة البرلمان، ورغم ممانعة الرجل أقدم على ترشيحه مرة أخرى لرئاسة بلدية اسطنبول الكبرى بعد أن "سحبه" من رئاسة البرلمان التركي.
وفي انتخابات 2014، اختار الحزب بن علي يلدريم مرشحًا لرئاسة بلدية أزمير، ظنًا منه أن فوز يلدريم بمقعد البرلمان عن أزمير مرتين متتاليتين، ونجاح مشاريع القطار السريع وتطوير البنية التحتية والإنترنت وخدمات الخطوط الجوية التي اقترحها في زيادة شعبية العدالة والتنمية في أزمير، ستمكن يلدريم من التغلب على حزب الشعب الجمهوري في معقله. لكن عزيز كوكا أوغلو، في معقله الذي شغله منذ عام 2004، خالف نتائج الاستطلاعات، ونجح في الاحتفاظ بمنصبه ليحل يلدريم في المرتبة الثانية.
هذه المرة، أقدم أردوغان على استدعاء ثاني أهم شخصية في النظام السياسي التركي لكي يترشح عن حزبه وحزب الحركة القومية لبلدية إسطنبول، في مواجهة أكرم إمام أوغلو، الرئيس السابق لبلدية قضاء بيليك دوزو، ومرشح حزب الشعب الجمهوري وحزب الخير، وهو شخصية تتسم بالتدين والحياد والبعد عن التعصب الحزبي. وقد استطاع إبطال سياسات "تدوير المناصب" التي يتبعها أردوغان، هذا على الرغم من أن اسطنبول لم تشهد رئيسًا للبلدية من خارج حزب العدالة والتنمية أو سلفه حزب الرفاه منذ أكثر من عقدين.
5- تزايد خبرات المعارضة في مواجهة "العدالة والتنمية"
على الرغم من أن هزيمة العدالة قد تعود إلى تزايد مظاهر ضعفه بعد أن تحول من مؤسسة حزبية إلى حزب يعبر عن محض قيادته السياسية الممثلة في الرئيس، غير أن المعارضة السياسية بدورها راكمت -كما كشفت عنه هذه الانتخابات- الخبرات والدروس من سلسة هزائمها السياسية والانتخابية التي منيت بها خلال السنوات الخالية في مواجهة العدالة والتنمية. وربما يكون "تحالف الأمة" الذي خاض هذه الانتخابات يعكس ذلك، حيث خاض حزبا الشعب الجمهوري و"الخير" الانتخابات الرئاسية، ورغم أنهما خسرا هذه الانتخابات غير أنهما بدا أكثر تماسكا ونضجا في الانتخابات البلدية، التي شهدت، على جانب آخر- تنسيق مع حزب الشعوب الديمقراطية الموالي للأكراد، دون أن يُعلن عن ذلك رسميا من أجل الرغبة في اكتساب دعم قطاعات من الناخبين المواليين للأحزاب القومية الذين سعى حزب العدالة لاستقطابهم عبر "تحالف الشعب" الذي ضم إلى جانبه حزب الحركة القومية.
وقد قرر حزب الشعوب الديموقراطي الموالي للأكراد تقديم مرشحين في جنوب شرق البلاد حيث غالبية السكان من الأكراد، ولم يقدم مرشحين في المناطق الأخرى لتجنب تشتيت الأصوات المناهضة لأردوغان. وقد أوضحت نتائج الانتخابات أن الأرقام بشكل عام تكشف أن مرشحي المعارضة نجحوا في اجتذاب غالبية ناخبي حزب الشعوب الديموقراطي، سيما في البلديات الكبرى، وأبرزها أنقرة وإسطنبول، ومُساندة مرشحي المعارضة في المناطق الغربية، غير أن الطرفين ابتعدا عن الدخول في تحالفٍ رسمي تجنباً لرد فعل غير محسوب من قواعدهما نظراً للاختلافات الأيديولوجية بين القوميين التركيين والقوميين الأكراد، وأيضاً بفِعل الحملة الشرسة على الأحزاب الكردية، والتي شملت سجن نواب بالبرلمان وكوادر حزبية على خلفية اتهامات بـ"الإرهاب".
ثانيا: ما بعد الانتخابات البلدية
إن خسارة حزب العدالة الانتخابات في كل من اسطنبول وأنقرة تعني أن شعبية الحزب قد تراجعت على نحو دراماتيكي، بما قد يعزز من الشعور بعدم شرعية استحواذ الحزب على مختلف المسئوليات التنفيذية في الدولة، وعلى نحو قد يخلق توترا قد تتضاعف أثاره مع تصاعد مظاهر الضعف الاقتصادي وتراجع الاستقرار السياسي وتنامي السياسات التي تستهدف قمع وإسكات المعارضين.
وحسب بعض الأكاديميين الغربيين فإن خسارة أردوغان غير قابلة للتعويض كونها جاءت في توقيت تشهد فيه تركيا تحديات خارجية ومشكلات داخلية مركبة، بالتزامن، بما دفع البعض إلى القول إن "خسارة أردوغان اسطنبول وأنقرة تمثل خسارة ليست سياسية وإنما هزيمة نووية" كونها تمثل خسارة مركز السلطة السياسية ومعقل القوة الاقتصادية.
وقد يدفع ذلك بارتدادات عديدة على الحياة الحزبية التركية، ربما يكون أبرزها تصدر حزب الشعب الجمهوري للمشهد السياسي خلال المرحلة المقبلة. وربما يكون الأرجح ظهور حزب سياسي جديد يخرج من رحم العدالة والتنمية، ويقوده عدد من كوادره المستبعدين من قبل أردوغان بسبب ما أسماه "التعب" أو "الصدأ"، الذي أصاب من يصفهم الرئيس "غادروا القطار ولن يركبوه ثانية"، ومع شريحة من المتحفظين داخل الحزب على الإدارة المركزية للحزب والدولة، ومع عوامل أخرى كثيرة، يبدو أن فكرة تأسيس حزب جديد بقيادة أو بمساندة الرئيس السابق عبد الله جول ورئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أوغلو وبقيادة وزير المالية الأسبق علي باباجان، قد وضعت على مسار التسخين والتفعيل.
وعلى الرغم من تعدد السيناريوهات بشأن مستقبل الأوضاع السياسية في تركيا بعد الانتخابات البلدية، غير أنه من الواضح أن البلاد قد تشهد أزمات متلاحقة خلال المرحلة المقبلة، فالغموض السياسي يزداد على نحو غير مسبوق، سيما بعد أن أقدم الرئيس التركي على تغير العديد من القوانين التي تربط ميزانية البلديات بوزارة المالية، وتعزز من قدرته على إحكام قبضته على مختلف البلديات التركية، بما قد يدفع الرئيس إلى استغلال أحداث داخلية طارئة قد يصنعها هو ذاته ليقوم بإقالة نواب حزب الشعب الجمهوري من مناصبهم سيما في اسطنبول وأنقرة، بما قد يدخل البلاد في أزمة سياسية وأمنية قد تُعرف بداياتها بيد أن سيناريوهات نهاياتها لكن تكون محدودة.
لذلك فحينما قال أردوغان "نعرف أننا كسبنا قلوب الناس حيث انتصرنا، ونقر بأننا لم نكن على المستوى حيث انهزمنا" موجها حديثه لناخبيه قائلا "من فضلك لا تحزن... سنرى كيف سيديرون"، فإنه كان يدرك جيدا محركين رئيسيين، أولهما أنه يستطيع أن يتحكم في أداء البلديات عبر سلطاته الواسعة، وثانيهما، أنه يعي خطورة الوضع الاقتصادي الذي يتطلب حالة من التهدئة، قائلا أنه رغم الهزيمة "لا يزال يملك غالبية الأحياء في اسطنبول". بيد أن حالة الهدوء السياسي قد لا تستمر كثيرا فأردوغان لا يقوى على العمل مع خصومه، وهو أمر قد يجعل من نتائج الانتخابات البلدية زلزال تركي ومقدمة لمشهد مختلف عما عايشته التركية خلال العقد ونيف الخاليين.