تطرح الدراسة تساؤلين أساسيين: أولهما، ما هي العلاقة بين الديناميات الداخلية والإقليمية والدولية ودورها في صياغة الخريطة الجيوسياسية الجديدة في القرن الأفريقي؟ وثانيهما، ماهي الفرص والآثار الضمنية لعمليات الهندسة الجيوستراتيجية لمنطقة القرن الأفريقي بالنسبة لمصر؟ ولعل ذلك يطرح بعض التساؤلات الفرعية المرتبطة بالعلاقة بين النهج السياسي المتبع في دول المنطقة وتأثيره على الصراع أو التعاون في الإقليم؟ ما الدور الذي قامت به التدخلات الدولية في ديناميات الصراع وصياغة التحالفات في القرن الأفريقي؟ فالقرن الأفريقي يشكل مركبا صراعيا تتداخل فيه العوامل الداخلية مع العوامل الخارجية بما يُسهم في جعل بيئة الصراع تبدو أكثر تعقيدا وتحتاج إلى نهج مغاير للوصول إلى تسويات توافقية.
وتنطلق الدراسة من أربعة افتراضات أساسية. أولاً، يتعين لفهم طبيعة وديناميات التحولات الجيوستراتيجية في القرن الأفريقي وضعها في سياقها المحلي والإقليمي والعالمي. فالقرن الأفريقي كمفهوم جغرافي يضيق ويتسع بحسب رؤية الأطراف الفاعلة والمهيمنة فيه وهي عادة من خارج الإقليم. ثانيًا، من أجل فهم النزاعات والصراعات الحالية مثلما هو الوضع في الصومال والسودان بدولتيه ينبغي النظر في سيرورتها التاريخية وعلاقتها بأطراف محددة. ثالثًا، تخضع الدول الهشة والمنهارة التي تشهدها المنطقة لعمليات إعادة تشكيل وذلك بضغوط هائلة من الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية وهو ما يجعلها تستجيب لأجندات خارجية بغض الطرف عن متطلبات سياقها المحلي والوطني. رابعاً، قد يشكل ظهور قوى إقليمية بارزة وقوى دولية متنافسة في القرن الأفريقي فرصة ومخاطر أمنية بالنسبة لمصر، وهو ما يدعو إلى تبني سياسة خارجية عقلانية وحازمة تهدف إلى استغلال الفرصة، والتقليل من المخاطر واحتواء ظاهرة الوكالة الإقليمية الجديدة.