قضايا وتحليلات - قضايا وتفاعلات عربية وإقليمية 2018-9-8
محمد جمعة

باحث بوحدة الدراسات العربية والإقليمية - مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

على الأرجح حُسم مصير مدينة إدلب، آخر المعاقل التي تسيطر عليها المعارضة السورية المسلحة في شمال غرب سوريا؛ إذ ستقع المدينة تحت سيطرة النظام السوري خلال عام على الأكثر. لكن ثمة حالة من عدم اليقين فيما يتعلق بطبيعة سقوطها، سواء كانت ستفضي إلى تفاقم أكثر لمشكلة اللاجئين، أو نشر "الجهاديين" في مناطق أخرى من الإقليم والعالم، أو إذا ما كان قادتها قادرين على التفاوض بعد عملية محدودة للنظام السوري. وستعتمد النتائج إلى حد كبير على التفاعل بين روسيا وتركيا، وهما أكثر الفاعلين الخارجيين تأثيرا في إدلب. وستعتمد أيضا على نجاح جهود تركيا في إعادة تشكيل كتلة الجماعات المسلحة النشطة في إدلب، وفصل من تسميهم بالمعارضة المعتدلة القابلة للتفاوض معها، عن ما تسميهم بالمعارضة المتطرفة، التي تسعى تركيا لتفكيكها ودمج عناصرها في كيانات أخرى أكثر اعتدالا.

 

أولا: ديموجرافيا الجماعات المسلحة في إدلب

هناك ما يقدر بحوالي 2.5- 3.3 مليون شخص (منهم 1.2 مليون تقريبا من النازحين داخليا) حالياً في إدلب، التي لا تشكل سوى 4% من إجمالي مساحة سوريا. قبل عام 2011، كانت إدلب موطنًا لما لا يزيد عن 750 ألف نسمة. ثم تحولت المحافظة الواقعة شمال غرب سوريا، إلى مركزا للمعارضة المسلحة، وبيئة خصبة للعمليات المرتبطة بتنظيم القاعدة، وحاضنة أخيرة لمقاتلي المعارضة المسلحة المهزومين وعائلاتهم النازحين من أماكن أخرى في البلاد.

فى الوقت الراهن، وبحسب بعض التقديرات، يوجد ما لا يقل عن 70 ألف مسلح في إدلب والمناطق المحيطة بها. ويشمل طيف الجماعات المسلحة المناوئة للأسد في إدلب جماعات تتراوح في توجهاتها من أكثر الجماعات اعتدالا في الجيش السوري الحر، إلى مجموعات تتسق أيديولوجياً مع جماعة الإخوان المسلمين وغيرها ممن يتبنون أيديولوجية سلفية متشددة مثل "هيئة تحرير الشام"، ثم تنظيم "حراس الدين" الموالي للقاعدة. وخلال الأشهر الأخيرة، ظهرت أيضًا شبكة آخذة في الانتشار من خلايا الدواعش النائمة، بعد أكثر من أربع سنوات من طرد داعش من إدلب على يدي فصائل المعارضة.

خلال العام الماضي (2017)، عززت "هيئة تحرير الشام" المعروفة في السابق بــــ "جبهة النصرة" تفوقها العسكري في الشمال الغربي من سوريا. بعدها، سعت إلى توسيع نفوذها السياسي من خلال "حكومة الإنقاذ". كما دفعت قُدما بمبادرات لتوفير الخدمات الأساسية، من التعليم والرعاية الصحية إلى الكهرباء والمياه. وأعادت تشكيل بعض وحداتها العسكرية في صورة قوات شرطة محلية. بل وأعادت هيكلة مكتب سياسي لها وفوضته بإجراء اتصالات مع الحكومات الأجنبية. ومع ذلك، فإن الوضع لم يستتب لها بشكل كامل في "إدلب" كونها لا تحظى بشعبية كبيرة في الشمال الغربي، لأن الطريقة التي هيمنت بها عسكريا على إدلب - على حساب المزيد من جماعات المعارضة المحلية الأكثر شعبية - أحرقت جسورها مع السكان المدنيين وحركة المعارضة الأوسع التي أمضت "جبهة النصرة" سابقا سنوات في بنائها. والمفارقة أن "هيئة تحرير الشام" وظفت في خطابها المعادي لحركة "أحرار الشام" -على سبيل المثال- علاقات الأخيرة بتركيا كذريعة للتحشيد ضدها والهجوم عليها، رغم أنها الآن تفعل الشيء ذاته تماما.

 

ثانيا: تركيا ومحاولات تشكيل "الكتلة الجهادية" في إدلب

أهم فاعل في شمال غرب سوريا هو في الواقع ليس "هيئة تحرير الشام"، وإنما تركيا التي تسيطر على 150 كيلومترًا من الأراضي الممتدة من شرق عفرين إلى جرابلس على الضفة الغربية لنهر الفرات. وبصفتها الضامن الرئيسي لمنطقة خفض التصعيد في إدلب، أنشأ الجيش التركي أيضًا 12 "مركز مراقبة" في منطقة تمتد من غرب حلب وتتجه جنوبا عبر إدلب، إلى شمال حماه، وعبر الحدود الغربية لإدلب مع اللاذقية. وبدأت هذه المواقع كنقاط مراقبة بسيطة، ولكنها نمت الآن لتتحول إلى ما يشبه قواعد عملياتية أمامية صغيرة، محاطة بالأسلاك الشائكة، والجدران الخرسانية المسلحة، والمركبات المدرعة وغيرها من الأسلحة الثقيلة. ولكن عندما يبدأ هجوم إدلب، سيكون على تركيا أن تختار بين الدفاع عن هذه النقاط الصغيرة أو الانسحاب. إذ في الوقت الراهن تتبدى مصلحة "أنقرة" في تعزيز دفاعاتها لحماية هذه البؤر الصغيرة من التهديدات "غير المتماثلة"، ولكنها أيضا قد تضطر للتخلي عن هذه المواقع في حال توقف المفاوضات مع موسكو.

المثير هنا أن "هيئة تحرير الشام" ساعدت تركيا بنشاط على تأسيس وجودها العسكري في إدلب – وبحسب عبارات زعيمها "أبو محمد الجولاني"، كانت هذه العلاقة التعاونية مع القوات المسلحة لدولة أجنبية طريقة براجماتية لحماية مصالح جماعته على المدى الطويل. لكن هذا التفسير بات من الصعب تسويقه بشكل متزايد داخل الجماعة الآن، دون المزيد من الأدلة على أن التحالف مع تركيا يمكنه بالفعل منع النظام السوري من شن حملة شاملة ضد إدلب ومعاقل "هيئة تحرير الشام" بداخلها. كما أن الضغط التركي القوي عليها كي تحل نفسها وتندمج في بنية معارضة أوسع وأكثر شمولية - ربما امتدادًا لـ "الجيش الوطني" المدعوم من قِبل تركيا ومقره شرقًا في شمال حلب - زاد من الشعور داخل الجماعة بأن تركيا قد لا يكون لديها المصالح والاعتبارات نفسها التي للجماعة. إلا أن الجماعة في النهاية، وعلى ضوء خصومتها مع الجماعات المعارضة الأخرى، ربما لن تجد أمامها سبيلا سوى الاندماج أو الموت، خاصة إذا ما تمكنت تركيا من إقناع روسيا، ومن ورائها النظام السوري، بمنحها مزيدا من الوقت كي تعيد ترتيب الأوضاع داخل إدلب، بحيث تفصل المعارضة القابلة للتفاوض عن تلك التي تُصنف كجماعة "إرهابية".

تركيا، من جانبها، وسعت نطاق العلاقات مع "هيئة تحرير الشام" والهيئات التابعة لها في شمال غرب سوريا، ولكن بغرض تعزيز جناح الجماعة "البراجماتي" وتقويض الكتلة الصلبة من المتطرفين بداخلها. وخلال العام 2017، سهلت تركيا عمليات اغتيال "للجهاديين" الأكثر إزعاجا، بما في ذلك أعضاء في "هيئة تحرير الشام"، كجزء من استراتيجية إعادة تشكيل معقدة. حتى الآن، يبدو أن هذا النهج المحفوف بالمخاطر قد نجح، ولكن من غير الواضح مدى قوة تأثير تركيا على الهيئة عندما يصوب النظام أسلحته تجاه إدلب.

أيضا، ضغطت تركيا على فصائل المعارضة الرئيسية في إدلب كي توحد قواها وتبرز كتحدى أكثر تماسكًا أمام "هيئة تحرير الشام". ونتيجة لهذا الضغط، في فبراير 2018، اندمجت "أحرار الشام" و "نور الدين زنكي" لتشكيل "جبهة تحرير سوريا" (SLF). وفي أواخر مايو 2018، اجتمع عشر فصائل من الجيش السوري الحر لإنشاء "جبهة التحرير الوطني" (NLF). وفي غضون ذلك، واصل "الجيش الوطني" نشر قواته إلى جانب قوات الشرطة العسكرية والمدنية المنفصلة - وجميعهم مدربون ومجهزون من قبل الجيش التركي. وفي يوليو 2017، توسطت تركيا في محادثات مكثفة (عُقدت في شمال إدلب، شمال حلب، وفي أنقرة، وشملت هيئة تحرير الشام) سعت صراحة إلى توحيد ودمج كافة التشكيلات المذكورة أعلاه بما فيها "هيئة تحرير الشام". في نهاية المطاف، وافقت الجماعات على انضمام "جيش تحرير سوريا" و"صقور الشام" و"جيش الأحرار" إلى جبهة التحرير الوطني (التي أُعلن عنها في الأول من أغسطس 2017). ونصت اتفاقية ثانية على أنه في حالة هجوم النظام على إدلب، ستقوم غرفة عمليات واحدة بمهمة الدفاع الجماعي، تجمع بين جهود "جبهة التحرير الوطني"، و"جيش تحرير سوريا"، وهيئة تحرير الشام، وعدد من الجماعات الموالية للقاعدة. ولكن، على الرغم من الموافقة على توحيد قواتهم، لا يبدو أن جماعات المعارضة السائدة في إدلب قد مارست أي جهد للتدريب والتحضير لاستئناف القتال. باستثناء "هيئة تحرير الشام" التي يُقال إنها استثمرت بشكل كبير في التدريب والإعداد للقتال، بالاستعانة بعناصر من ذوي الخبرة العسكرية السابقة لتشغيل معسكرات تدريب مكثفة، وتدريب مسلحيها على تكتيكات بإمكان وحدات صغيرة تنفيذها مثل عمليات الاختطاف، والغارات بمجموعات صغيرة، وإطلاق النار من سيارة مسرعة، وهجمات باستخدام قذائف صاروخية، وأيضا، تصنيع العبوات الناسفة. وكما ذكرت مصادر صحفية غربية، فإن قائمة المقاتلين المستعدين لتنفيذ عمليات انتحارية لصالح الجماعة نمت بشكل كبير. كما استخدمت الهيئة أول شركة "مقاولات عسكرية جهادية" خاصة في سوريا، المعروفة باسم "ملحمة تكتيكال" Malhama Tactical- التي يديرها جنود نخبة سابقين من الناطقين بالروسية يقدمون دورات تدريبية متخصصة في الأسلحة الخفيفة والثقيلة وغيرها من الأساليب التكتيكية. ولهذا يمكن القول، إنه بالمقارنة بالجماعات الأخرى المفضلة لدى تركيا، لا توجد قوة حقيقية مستعدة لمجابهة النظام في إدلب سوى "هيئة تحرير الشام".

 

ثالثا: التفاعلات التركية الروسية ومصير إدلب

بالحسابات التركية، يمكن القول إن السماح لإدلب بالسقوط من شأنه أن يشكل سابقة خطيرة، تفتح الطريق أمام النظام لاستعادة المناطق الأخرى في شمال سوريا الخاضعة للسيطرة التركية، وبالتالي انخراط القوات التركية في مواجهة مباشرة مع قوات الأسد. أيضا، يضع هذا السيناريو "وحدات حماية الشعب" الكردية في مركز المعادلة في مواجهة تركيا، خاصة على ضوء التعليقات الأخيرة من مسئولين أكراد تشير إلى أن "وحدات حماية الشعب" ستكون مستعدة لمساعدة النظام في حملته على إدلب. وإلى جانب هذا التهديد، أجرت الهيئة السياسية الأوسع المسئولة عن حملة وحدات حماية الشعب ضد داعش، المعروفة باسم "المجلس السوري الديمقراطي"، في يوليو 2018، حوارا رسميا مع نظام الأسد في دمشق، مما زاد من المخاطر بالنسبة لأنقرة. ولكن، بما أنه لدى روسيا وتركيا - بالتأكيد - حافز للتعاون على إيجاد حل سلمي في إدلب، وبما أن الحسابات الروسية لا تزال تفضل مواجهة محدودة في المدينة، فلا تزال هناك فرصة – محدودة وغير مؤكدة - لتجنب معركة شاملة هناك. إذ يدرك الروس أن اجتياح الحكومة السورية لإدلب لن يؤدي إلا إلى إطالة أمد الحرب، وهو ما لا تريده روسيا، التي تبحث الآن عن "مخرج" للأزمة السورية. كما أنهما – موسكو وأنقرة - تدركان أنهما بحاجة إلى بعضهما البعض. إذ تعتمد روسيا على تركيا لإدارة المعارضة، فيما تعتمد تركيا على روسيا لكبح الأسد؛ فروسيا فقط، من خلال سيطرتها على القوة الجوية للحكومة السورية، هي من يمكنها منع نظام الأسد من مهاجمة إدلب. وتركيا فقط، التي دربت وجهزت العديد من الميليشيات المعارضة في إدلب، هي من يمكنها إقناع هذه الجماعات كى تتفاوض مع نظام الأسد، وتضع أسلحتها في نهاية المطاف لدعم اتفاق سلام يتفق عليه الطرفان.

تجدر الإشارة إلى أنه، وحتى وقت قريب، كانت تركيا وروسيا قد تمكنتا من تجنب "معضلة" إدلب وتحقيق وضع هش في المحافظة. إذ إن هجوم النظام، المدعوم بالقوة الجوية الروسية، سيكون دمويًا ويمكنه تمديد الحرب، وبالتالي تعطيل جهود روسيا للتوصل إلى مخرج سياسي وعسكري للأزمة السورية. أما بالنسبة لتركيا، فإن أي تصعيد حاد في العنف قد يؤدي إلى دفع المزيد من تدفق اللاجئين نحو الحدود التركية. ولكن، مع فشل تركيا في ضمان وقف إطلاق النار في إدلب، وكبح جماح "الجهاديين" هناك، صعّد المسئولون الروس كثيراً من لغتهم الخطابية، مهددين "بعملية مكافحة إرهاب" وشيكة. وقال وزير الخارجية الروسي "سيرجي لافروف" إنه من غير المقبول أن يستخدم "الإرهابيون" المدنيين كدروع بشرية وشن هجمات من داخل منطقة خفض التصعيد، بالإضافة إلى منع جماعات المعارضة الأخرى بالقوة من التفاوض على تسويات محلية. وبالإشارة إلى إدلب، قال: "ينبغي فقء هذا الدمل". ومن جهتها، قالت الحكومة السورية إن "الحرب على أي إرهابي متبقي، بما في ذلك في إدلب"، و"إنقاذ" المدنيين في المنطقة هو "واجب الحكومة الذي لا مفر منه". وكانت قوات النظام قد احتشدت على طول خطوط الجبهة الشمالية الغربية. ويبدو الآن أنهم ينتظرون أمر الهجوم. ولكن الروس سيريدون من القوات الحكومية السورية شن هجوم مرحلي، بدءاً بريف جسر الشغور ومناطق اللاذقية بالقرب من الحدود التركية. وهو ما أعلن النظام فعلا -في الثلاثين من أغسطس 2018- عن نيته القيام به.ويسمح هذا النهج التدريجي لموسكو بمواصلة مشاركة تركيا في المفاوضات الثنائية وزيادة الضغط على أنقرة من أجل الضغط على المعارضة المناهضة للأسد كي تستسلم أو ترضخ لشروط روسيا وتجلس على طاولة المفاوضات. وستحاول تركيا هنا استخدام ضغط النظام المتزايد على إدلب للضغط على الجماعات. وسيكون هذا بمثابة تحدي مزدوج ومقامرة بالحسابات التركية، لأن الجماعة الأقوى والمطلوب بالفعل استسلامها أو حلها – هيئة تحرير الشام - هي الجماعة الأقوى والأقدر على الدفاع عن إدلب في حال اندفعت القوات الموالية للنظام نحو شن عملية واسعة النطاق في إدلب، الأمر الذي يمثل تهديدا حقيقيا لتركيا.

وبالنسبة لاستراتيجية الأسد القتالية الأوسع نطاقا، فإن وجود "هيئة تحرير الشام" و تنظيم "حراس الدين" يمثلان فرصة وتحدياً. فمن ناحية، وضع الأسد الصراع مع المعارضة بوصفه صراعا مع "الجهاديين"، واستخدم الجماعات المرتبطة بالقاعدة كدليل على صحة هذه الحجة. ومع ذلك، ولإنهاء الحرب، فإن للنظام أيضًا مصلحة في فصل العناصر غير القابلة للمصالحة في المعارضة، عن تلك التي يمكن أن تقبل بعودة النظام.

 

رابعا: بين تصعيد محدود مطلوب وتصعيد شامل محتمل

 وهكذا، وعلى المدى القصير، يرى كل طرف ميزة في تدخل محدود في إدلب. فبالنسبة لروسيا والنظام، سيزيد الهجوم في وقت واحد من الضغط على "هيئة تحرير الشام" وتركيا. وبالنسبة للأتراك، يمكن إدارة هجوم صغير، ويمكن الاستعداد لمنع تدفق المدنيين عبر الحدود. بل ويمكن لكل فاعل خارجي في النزاع استخدام صراع محدود على طول محيط إدلب بشكل فعال للتفاوض مع الحلفاء والأعداء المختلفين حول النتيجة النهائية لمعركة إدلب. ولكن مكمن الخطر، خاصة بالنسبة لتركيا، هو أنه إذا فشلت جهودها في توحيد صفوف المعارضة، وإفراز كيان مستعد لتقديم تنازلات للأسد وموسكو، سيصبح التصعيد الشامل في إدلب أمرا حتميا. وفي هذه الحالة – أي في البدء في عملية شاملة - ستكون تركيا على استعداد للمجازفة بمخاطر غير عادية لمنع النظام من التقدم تجاه معاقل سيطرتها في شمال شرق سوريا - وهو أمر تعرفه روسيا على الأرجح. وعند هذه النقطة تشير بعض المصادرإلى أن  تركيا ستزود المعارضة المسلحة في إدلب قريبا بمنظومات دفاع جوي محمولة، الأمر الذي سيثير حساسية روسيا التي تخشى تهديد قواعدها الجوية. كما أشارت تركيا إلى أنها ستنسحب من عملية أستانا وستستأنف الدعم الكامل لمجموعة كاملة من وكلائها من الجماعات المسلحة في شمال سوريا، إذا تعرض "خطها الأحمر" في إدلب إلى التهديد.

أيضا، وعلى الرغم من أن تكاليف الصراع الهائلة في إدلب واضحة للغالبية، إلا أن هناك الكثير من "المفسدين"، بما في ذلك الشبكة المتنامية للخلايا النائمة لداعش، التي تبدو عازمة على غرس أو تعميق انقسامات المعارضة. وقد أدى تصميم الموالين للقاعدة على إظهار رفضهم لاتفاق خفض التصعيد إلى عدد من الاعتداءات المسلحة الجسيمة على المواقع المؤيدة للنظام في اللاذقية، والتي لا تخدم سوى تبرير رغبة النظام في شن حملة شاملة لاستعادة إدلب. وقد يسعى بعض الموالين لتنظيم القاعدة إلى تقويض العلاقة بين "هيئة تحرير الشام" وتركيا، وبالتالي إمكانية استعادة تنظيم القاعدة لسيطرته على آلاف المقاتلين الذين فقدهم إذا ما تابعت الهيئة مسارها المنفصل. وأخيراً، وربما الأكثر خطورة، استهدفت نحو 20 عملية هجوم بدون طيار غامضة من إدلب الغربية، مقر قيادة روسيا العسكرية في قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية. ويمكن لهذه الهجمات أن تقنع روسيا المتشككة بضرورة دعم حملة النظام لسحق المعارضة في إدلب.