لا يعتبر المشروع الحوثي الحالي مشروعًا طارئًا على الساحة اليمنية، فقد استغرق نحو ثلاثة عقود تقريبًا نشأ وتطور خلالها حتى تشكل بواقعه الحالي عبر ثلاث مراحل كل مرحلة منها استغرقت نحو عقد من الزمن تقريبا؛ فالعقد الأول هو عقد النشأة والظهور على الساحة، والثاني هو عقد الحروب الستة والصراع مع الدولة، والعقد الثالث هو عقد التمكين والصراع على الدولة ذاتها.

كما تشكل الحالة الجنوبية شقًا آخر من المعضلة اليمنية على مستوى التفاصيل والتطورات التي تضفي بدورها مزيدًا من التعقيد والتركيب على مسرح الصراع اليمني، فالتطرق إلى الجنوب في ظل مآلاته المرحلية يتجاوز ما عرف تقليديًا بالقضية الجنوبية التي تولدت كرد فعل طبيعي على فشل سياسات الإدماج التي انتهجها النظام السابق، ليتسع مجالها لتصبح دائرة أخرى للصراع في اليمن يمكن أن يطلق عليها «المعضلة الجنوبية» التي تتشابك في بعض أبعادها مع المعضلة المناظرة في الشمال في إطار مشهد كلي يعبر عن تفكك الدولة في اليمن والمعضلة اليمنية بشكل عام.

ويستدعي تناول المعضلة الجنوبية إثارة العديد من الإشكاليات، منها على سبيل المثال إشكالية «متلازمة الجنوب» المتعلقة بسؤال البدايات الخاص بكينونة الجنوب بالنظر إلى طابعه الخاص الهوياتي الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي الذي تشكل تاريخيا كنمط مغاير عن مسار تطور الشمال، وما إذا كان من المفترض أن ينعكس هذا التمايز على العلاقة مع الشمال في إطار يمن واحد أم يمنان. أيضًا هناك إشكالية القواسم المشتركة، فرغم التمايز الواضح بين شطري اليمن، إلا أن هناك تشابهًا في أعراض الأزمة على الجانبين يكاد يدحض هذا التمايز الذي تصدره القوى الجنوبية كدافع للانفصال بأن الجنوب كان دولة مؤسسات والشمال قبيلة في شكل دولة، في حين أن جذور هذه الإشكالية هي جذور تتعلق بميل الشخصية اليمنية إلى العصبوية على الجانبين.

وأخيرا، تمثل حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي أحد أوجه المعضلة اليمنية، بحكم التركيبة والأداء السياسي في التعامل مع الأزمة اليمنية. فعلى الرغم من أنه يفترض أن هذه الحكومة تمثل الشرعية المدعومة دوليًا وفقًا للإطار الدستوري الانتقالي، ووفقًا لقرارات الأمم المتحدة خاصة القرار 2216، لكن تعقيدات المشهد اليمني جعلت منها واحدة من المعضلات التي تواجه مستقبل الدولة اليمنية.