بنت الجزائر مقاربة أمنية شاملة في سبيل مواجهتها للتهديدات الأمنية اللاتماثلية النابعة من منطقة الساحل الأفريقي بناء على خبرتها العملية مع ظاهرة الإرهاب. قامت هذه المقاربة بالأساس على توثيق علاقاتها السياسية والدبلوماسية مع دول الساحل الأفريقي بغية تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، سواء عبر سلسلة من الحوارات المتبادلة مع هذه الدول، أو عبر إجراء المشاورات وعقد الاجتماعات رفيعة المستوى، أو عبر العمل على إنهاء النزاعات وحل الأزمات القائمة في المنطقة، أو عبر الدفع باتجاه تدعيم الجهود الإقليمية لمكافحة الإرهاب. وقد اعتمدت عذه المقاربة على أطر وآليات عدة، سواء من خلال مبادرة الاتحاد الأفريقي للتعامل مع الإرهاب في منطقة الساحل، أو من خلال اتفاقية الجزائر عام 1999 بشأن منع ومكافحة الإرهاب، أو من خلال بروتوكول اتفاقية منظمة الوحدة الأفريقية بشأن منع ومكافحة الإرهاب، أو عبر التعاون الإقليمي بين دول المنطقة، أو عبر تطوير البنية المؤسساتية للقارة الأفريقية، أو من خلال الوساطة الجزائرية في أزمة الطوارق، أو عبر وضع آليات اقتصادية واجتماعية وتنموية لمواجهة هذه التحديات، بالنظر لأهمية العلاقة القائمة بين الأمن وعملية التنمية، أو من خلال تفعيل مبادرة آلية الشراكة الجديدة لتنمية أفريقيا- النيباد- بغية تطوير مجالات التنمية بأفريقيا وتحقيق السلم والتنمية المستدامة بها، أو عبر تعزيز التعاون الاقتصادي الثنائي أو متعدد الأطراف مع دول الساحل الأفريقي، من خلال تأسيس شبكة للتبادل الاقتصادي مع تلك الدول، وذلك في إطار دعم تعاون الجنوب- الجنوب بدءا من وضع إطار للتعاون الجهوي أخذ شكل مؤتمر التعاون الصحراوي، بهدف تعزيز التكامل الإقليمي وتطوير شبكة الاتصال من خلال بناء المنشآت القاعدية كمشروع الطريق العابر للصحراء، أو عبر المبادرات الاجتماعية والثقافية كتنفيذ مشروعات الإعمار لصالح السكان المحلیین، أو إنشاء صندوق لدعم أنشطة الإعمار، وتقديم مساعدات للصندوق بقيمة 176 مليون يورو من طرف كل من الجزائر ومالي، إلى جانب إعانات دولية أخرى.