قضايا وتحليلات - قضايا وتفاعلات عربية وإقليمية 2018-5-6
رابحة سيف علام

خبيرة - مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية

لم يكن اللبنانيون الذين انتخبوا مجلس نواب عام 2009 يعلمون أنهم ينتخبون مجلسًا لمدتين وليس لمدة واحدة. حيث مدد نواب مجلس 2009 ولاية مجلسهم لمدتين بدلًا من مدة واحدة في سابقة لم تحدث منذ مجلس عام 1972، الذي تعذر استبداله نظرًا لاندلاع الحرب الأهلية اللبنانية، فامتدت ولايته إلى عام 1992، وهو تاريخ انعقاد أول انتخابات نيابية بعد الحرب. وفي ذلك إشارتين مهمتين. الأولى، تؤكد التداخل الكبير بين الشأنين اللبناني والسوري، فالحرب السورية انعكست بشكل كبير على المناخ السياسي في لبنان، وأدت إلى شبه تجميد للحياة السياسية اللبنانية لفترة طويلة، إلى أن تحلحل الوضع في أكتوبر 2016 بالصفقة التاريخية التي عقدها زعيم تيار المستقبل سعد الحريري، مع زعيم التيار الوطني الحر ميشال عون، حيث تم الاتفاق على انتخاب الأخير رئيسًا للجمهورية في مقابل حصول الأول على منصب رئيس الحكومة. أما الإشارة الثانية، فتعني أن المجلس النيابي الجديد الذي تنتهي مدته في مايو 2022  لن يكون هو المجلس الذي سينتخب الرئيس القادم والذي يجب انتخابه قبل يوليو 2022، إلا لو تم تمديد مدته هو الآخر لأي سبب من أسباب التعطيل المعتادة في السياسة اللبنانية.

ورغم أجواء الاستقطاب السياسي الكبير في لبنان خلال السنوات الماضية حول الموقف من الحرب السورية، إلا أن الانتخابات الحالية تجري في أجواء هادئة نسبيًا بعد أن أيقن الجميع بأن الحرب السورية على وشك الانتهاء، وأن الفائز فيها هو معسكر إيران. وربما كان هذا اليقين هو الذي دفع الحريري إلى عقد صفقته التاريخية مع عون لإعادة الحياة السياسية في لبنان وتخطي الهزيمة التي تلقاها المعسكر القريب من السعودية في سوريا، وتقليل أثر هذه الهزيمة على المعسكر ذاته في لبنان. وكان الفريقان اللبنانيان الرئيسيان - فريق 14 آذار الذي يتزعمه تيار المستقبل والقوات اللبنانية، وفريق 8 آذار الذي يتزعمه حزب الله والتيار الوطني الحر وحركة أمل- قد اختلفا حول الحرب السورية. فحزب الله المحسوب على النفوذ التوسعي الإيراني في المنطقة انخرط عسكريا في الحرب السورية، بينما أيد تيار المستقبل القريب من السعودية المعارضة السورية. وبالتالي، فإن عقد الانتخابات النيابية أخيرا هو دليل على إيمان الجميع بأنه قد آن للبنان أن يمضي في استكمال بناء مؤسساته الدستورية بعيدا عن التعطيل الذي دام لسنوات.  

ويميز هذه الاتخابات عدد من الملامح المهمة، فهي تزاوج بين عناصر جديدة وأخرى قديمة، ما قد يجعلها انتخابات استثنائية، ولكنها ليست بالانتخابات التي ستقلب الموازين وتغير المشهد السياسي بشكل حاسم.

الجديد في هذه الانتخابات

لهل أهم ما يميز هذه الانتخابات مسألة إقرار القانون الانتخابي الجديد الذي يعتمد النسبية والقوائم المغلقة، والذي أجبر كل القوى السياسية تقريبًا على نسج تحالفاتها الانتخابية على أسس محلية. فتيار الحريري الذي يبني حملته السياسية على أساس العداء مع أجندة حزب الله، تحالف فعليا مع الحليف الأقرب لحزب الله وهو التيار الوطني الحر في عدد من الدوائر الانتخابية، أبرزها دائرة بيروت الأولى. ونلاحظ أنه تخلى في الوقت ذاته عن تحالفه التقليدي مع حزبيّ القوات البنانية والكتائب الذين يشكلان معًا ركنين مهمين من أركان تحالف 14 آذار. من جهة ثانية، نجد أن أهم معارضي سوريا إبان ثورة الأرز النائب بطرس حرب، قد تحالف في دائرة الشمال الثالثة مع طوني فرنجية، الذي يفاخر أبوه سليمان فرنجية زعيم تيار المردة بصداقته القوية ببشار الأسد، وهو التحالف الموجهة بالأساس ضد حزب الرئيس عون، التيار الوطني الحر أو ما بات يُعرف اليوم بحزب السلطة. ومن ثم، فإن التحالفات الكبرى التي كانت تُبنى على أساس العلاقة مع الخارج تحطمت على صخرة الحسابات الانتخابية المحلية، رغم أن أجندة السياسة الخارجية لاتزال حاضرة في الخطاب الانتخابي الشعبوي من حيث العداء لإسرائيل أو لإيران أو للسعودية.

عنصر التمايز الثاني في هذه الانتخابات، فيتمثل في ترشح لوائح تمثل المجتمع المدني، حيث كوّن المجتمع المدني منفردا أو متحالفا مع قوى سياسية تقليدية - كالحزب الشيوعي مثلا، وحزب الكتائب، وحزب القوات اللبنانية - نحو 28 لائحة من أصل 77 لائحة تتنافس على 15 دائرة بامتداد لبنان، منها مثلا لائحة "كلنا وطني" ولائحة "البيارتة المستقلين"، ولائحة "المجتمع المدني المستقل"، ولائحة "كرامة بيروت". فالحراك المدني الذي اندلع مع انتفاضة النفايات في صيف 2015 قد أثمر أخيرا تكوّن تحالفات قادرة على المنافسة على مقاعد البرلمان بعد أن أثبتت شعبيتها خلال المنافسة الحامية في الانتخابات البلدية منذ عامين. ورغم تفاوت حظوظ هذه اللوائح طبقا لدرجة التنافسية في الدوائر اللبنانية، إلا أنها قد تتمكن من إيصال وجوه جديدة – من خارج الطبقة السياسية التقليدية- إلى البرلمان. وتتصاعد حظوظ بعض مرشحي المجتمع المدني في دوائر بيروت الأولى، والثانية، والشمال الثالثة، بالإضافة إلى دوائر جبل لبنان الأولى والثالثة والرابعة. وإذا نجحت هذه اللوائح فإنها ستخصم من نجاح القوى السياسية التقليدية بدرجات متفاوتة، فمن المرجح أن يكون تيار المستقبل والتيار الوطني الحر أكبر المتضررين منها وأن يكون أقل المتضررين هو حزب الله.       

ويتكامل مع مسألة القانون الانتخابي الجديد، مسألة الصوت التفضيلي في القانون الانتخابي، وهو الصوت الذي يختار المواطن أن يعطيه لمرشحه المفضل ضمن القائمة التي اختارها ولكنه يعطيه لمرشح ضمن نفس القضاء وليس على أساس الدائرة – والقضاء أصغر من الدائرة حيث تتكون الدائرة من عدة أقضية- وهو مسألة فنية تحسم إعطاء المرشحين الحاصلين على أعلى الأصوات التفضيلية، مقاعد ضمن اللائحة الفائزة، ولكنها قد تفتح المجال أيضا لإعطاء المقعد لمرشح ذي أصوات تفضيلية قليلة لمجرد أن مقعد طائفته لايزال شاغرا. وبالتالي، تعتبر مسألة الصوت التفضيلي البوابة التي قد تجلب المفاجآت إلى نتائج الانتخابات، وهذا عنصر جديد ثالث، لأنه عادة ما كان يتم التوقع بدقة بنتائج الانتخابات بحسب المقاعد المعطاة لكل لائحة وشخصية المرشحين الناجحين الذين سيشغلون هذه المقاعد، وهو ما يصعب توقعه هذه المرة. ولكن ما يمكن التنبؤ به هو أن تحقق قوائم المجتمع المدني نجاحا ملموسا طبقا لآلية الصوت التفضيلي لأنه يعطي فرصة لتمثيل الأقليات الانتخابية.

عنصر التمايز الرابع في هذه الانتخابات، والذي يعد إيجابيا للغاية، هو حصول اللبنانيين المغتربين على فرصة التصويت بالخارج من خلال السفارات والقنصليات اللبنانية في 39 دولة حول العالم. ويترتب على ذلك تمتع نحو 82 ألف مغترب بحق التصويت والذين سجلوا أسماءهم في السجلات الانتخابية للاقتراع ضمن هذه الدورة في الدوائر اللبنانية المختلفة، على أن يُخصص لهم بدءا من الانتخابات القادمة ست مقاعد إضافية في المجلس النيابي تكون مخصصة لتمثيل اللبنانيين بالخارج. وتعد هذه النقطة من أهم إيجابيات القانون الانتخابي الجديد، ولكنها أثارت أيضا جدلا كبيرا في ظل انتقادات لوزير الخارجية جبران باسيل بنسب هذا الانجاز لنفسه واستخدامه في دعايته الانتخابية، خاصة خلال جولاته ولقاءاته بالجاليات اللبنانية بالخارج. كما أن 82 ألفا من المغتربين المسجلين يُعد رقما ضعيفا إذا ما قورن بالتقديرات التي ترفع عدد اللبنانيين بالخارج إلى نحو مليون ونصف. ولكن انخفاض العدد المسجل يعود إلى أنها المرة الأولى، وبالتالي هذا الرقم قد يرتفع بشكل كبير في المرات القادمة. ويُرجح أن يكون تصويت المغتربين حاسما في تصعيد وجوه جديدة إلى البرلمان، وفقا لفرضية أن من غادر لبنان للعيش بالخارج هو حانق بالضرورة على الطبقة السياسية الحاكمة.

أما عنصر التمايز الخامس فيتمثل بانشقاق وجوه بارزة عن الأحزاب الكبرى ومنافسة أحزابها القديمة في معاقلها. أبرز من يواجه هذه المعضلة تيار الحريري الذي انشق عنه وزير العدل الأسبق أشرف ريفي وكون لائحة في طرابلس، وكان قد استطاع أن يتغلب على لائحة الحريري في الانتخابات البلدية السابقة. ومعضلة ريفي أنه يحاول أن يسرق من رصيد الحريري عبر المزايدة عليه بخطاب شعبوي وطائفي يشكك به في قدرة الحريري على حماية مصالح الطائفة السنية ضد حزب الله. أما التيار الوطني الحر، فقد تخلى عن ترشيح عدد من نوابه ومحازبيه القدامى لكي يتمكن من عقد تحالفات انتخابية جديدة، ولكن هؤلاء ترشحوا على قوائم منافسة بالتعاون مع الكتائب والقوات في مناطق، وبالتعاون مع المجتمع المدني في مناطق أخرى، وهو ما قد يشكل منافسة حقيقية للتيار الوطني الحر وقد يفقده بعض مقاعده المهمة. وبالمثل يواجه حزب الله منافسة من لوائح كوّنها محازبين قدامى اختلفوا مع خط الحزب الموالي بشدة لإيران والمنخرط في الحرب السورية. ولكن مرة أخرى يعتبر حزب الله أقل المتضررين من هذه الظاهرة، لأن جمهوره يعد الأكثر التصاقا به على خلفية استخدام الحزب لمقولات العداء لإسرائيل واستثمار إرث المقاومة للحفاظ على شعبيته. ولكن رغم ذلك كانت واقعة العنف الوحيدة تقريبا التي سُجلت بحق مرشح خلال هذه الانتخابات قد وقعت بحق أحد المرشحين على لوائح منافسة لحزب الله في دائرة  الجنوب الثالثة.

عناصر الاستمرار في هذه الانتخابات

أما من حيث عناصر الاستمرار أو العناصر القديمة التي نشهدها خلال هذه الانتخابات فهي كثيرة، ومنها مثلا مسألة وراثة عدد من المرشحين الجدد للموقع السياسي لآبائهم في هذه الانتخابات، على نحو ما درجت عليه الزعامات السياسية اللبنانية. ونظرا لعقد هذه الانتخابات بعد 9 سنوات منذ آخر انتخابات، فعنصر الوراثة الجيلية كان واضحا، حيث يوّرث وليد جنبلاط، زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي، مقعده لابنه تيمور، ويوّرث سليمان فرنجية، زعيم تيار المردة، مقعده إلى ابنه توني، ويرث فيصل كرامي مقعد والده الرئيس عمر كرامي الذي توفي منذ 3 سنوات.

من جهة أخرى، نجد في هذه الانتخابات أيضا مسألة العلاقة الجدلية بين المحلية والوطنية، حيث يتنافس خلال هذه الانتخابات عدة قوى سياسية منها ما له نفوذ في أكثر من منطقة، ومنها ما له نفوذ في مناطق محلية محددة فقط. وبالتالي، تتنازع الناخبين فكرة الانتخاب على أساس وطني وقضايا وطنية عابرة للشأن المحلي، أم انتخاب القوى السياسية التي يمتد نفوذها بين أكثر من منطقة. والمثال الأبرز على ذلك الدعاية الانتخابية السلبية التي يوجهها خصوم الحريري له في طرابلس باعتباره ليس طرابلسيا ولا يزور طرابلس إلا في مناسبات انتخابية، وأنه يعبر عن تيار يجد ثقله الأساسي في بيروت ومناطق أخرى، حيث يجتمع خصومه مثل أشرف ريفي أو نجيب ميقاتي أو حتى فيصل كرامي – رغم اختلافهم السياسي فيما بينهم- على هذا الانتقاد لكي يروّجوا لأنفسهم باعتبارهم الوجه الحقيقي لطرابلس. وبالمثل توجه القوات اللبنانية مثل هذه الدعاية السلبية إلى التيار الوطني الحر في بعض المناطق باعتباره غريبا عنها وأن القوات اللبنانية هي الممثل الحقيقي لهذه المناطق، بدلا من التيار الوطني الحر القابع في العاصمة والذي يمثل العهد الرئاسي الحالي أو السلطة الحالية.  

ومن العناصر القديمة أيضا التي تجد لها صدى في هذه الانتخابات مسألة المزاوجة في الخطاب الانتخابي الدعائي بين الطائفية والمسائل الوطنية بالإضافة لقضايا السياسة الخارجية. ولعل أهم من يستخدم هذا الإسلوب هو حزب الله الذي يؤسس دعايته على أساس العداء مع إسرائيل، وأن أي خسارة انتخابية يحققها هي مكسب لإسرائيل، وأن الدعاية التي يمارسها خصومه ضده هي خدمة لإسرائيل. وبالمثل، استخدم أيضا حزب الله  حربه في سوريا للترويج لنفسه باعتباره هو من حمى لبنان من خطر التكفيريين والإرهابيين، واتهم خصومه السياسيين باعتبارهم أيدوا هؤلاء "الارهابيين". من جانب آخر، بنى تيار المستقبل دعايته الانتخابية على خطاب محاربة النفوذ التوسعي لإيران في المنطقة، وأنه هو الذي يحمل المشاريع التنموية والنهضة الاقتصادية للبنان بدلا من سنوات التعطيل، التي يتهم حزب الله بها. كما حذر الحريري من محاولات خصومه من المرشحين السنة التقدم ضده، باعتبارهم يهددون مركز الطائفة السنية ككل في لبنان، وكأن أي اختصام من رصيده هو اختصام من مركز السنة ككل.

أما على المستوى المسيحي، فيتجاذب المرشحون المتنافسون دعاية "من الذي أعطى للمسيحي حقوق عادلة في التمثيل" من خلال القانون الانتخابي الحالي، أو من الذي أعطى للمغتربين – وهناك اعتقاد بأن أكثرهم من المسيحيين- حق الانتخاب وأدخلهم في المعادلة السياسية. وعادة ما يقدم التيار الوطني الحر نفسه باعتباره الذي أعاد الحقوق للمسيحيين منذ دخوله إلى السلطة، ويأخذ على خصومه الذي شاركوا في السلطة سابقا أنهم عجزوا عن ذلك. أما فيما يخص قضايا مكافحة الفساد والتنمية المتوازنة بين المناطق ومحاربة المحسوبية والطائفية، فكلها قضايا حاضرة في غالبية الخطاب الانتخابي لكل القوى ويتبادلون في شأنها الاتهامات رغم أن جميعهم ضالعين فيها بدرجات متفاوتة. ولكن يبقى مرشحو لوائح المجتمع المدني هم الأصدق في شأن توجيه اتهامات الفساد والمحسوبية والطائفية وإغفال التنمية المتوازنة لبقية القوى السياسية، لأن الأخيرة هي المسئولة عن هذا الإرث الطويل من الفساد والذي يمتد منذ تسعينيات القرن الماضي. ويتكامل مع ذلك أيضا مسألة استخدام المال الانتخابي أو الرشاوى الانتخابية وشراء الأصوات وهو عنصر مستمر منذ سنوات في الانتخابات اللبنانية، ويبقى حاضرا أيضا هذه المرة.

ولعل أحد عناصر الاستمرار في هذه الانتخابت أيضا مسألة استقرار التمثيل السياسي لكافة القوى السياسية التقليدية. ففي هذه الانتخابات، كغيرها من الانتخابات السابقة، لا أحد من القوى الكبرى مهدد بالخسارة فالكل فائزون مقدما. فحزب الله فائز، وكذلك حركة أمل، وتيار المستقبل، والتيار الوطني الحر. لكن السؤال هو عن عدد المقاعد، وعدد الحقائب الوزارية، التي سيحظى بها كل طرف عند تشكيل تحالفات مابعد الانتخابات. ورغم العداء الانتخابي والخطابي بين حزب الله وتيار المستقبل الذي يستعر على  أساس طائفي، فكلاهما حليف مهم للتيار الوطني الحر وهو الحزب الذي ينحدر منه الرئيس ميشال عون. وبالتالي فكلاهما حليفان – تحت الطاولة- وكلاهما سيتشاركان في الحكومة القادمة. ولكن الأهم من ذلك أن كلاهما قد انتخب خصمه أو اختار خصمه، فحزب الله الذي كان بإمكانه الإجهاز على المستقبل السياسي للحريري خلال أزمة استقالة الأخير واحتجازه بالسعودية في شهر نوفمبر من العام الماضي (2017)، ولكنه آثر أن يُبقي عليه كحليف وخصم في الوقت ذاته، لأن البديل عنه سيكون أكثر طائفية وتشددا مثل أشرف ريفي مثلا. وفي المقابل، فإن الحريري الذي خرج أقوى من أزمته مع السعودية، قد أعاد بناء شعبيته على أرضية أقوى من منطلق أنه رجل دولة يعرف كيف يقترب خطوة من خصومه، قبل حلفائه، لكي يحل أزمات البلد، فلولا موافقة الحريري لما كان مرشح حزب الله للرئاسة- أي ميشال عون- هو القابع الآن في القصر الجمهوري. ومن هنا يمكن القول إنه رغم العداء الانتخابي بين مختلف الفرقاء في هذه الانتخابات، فإن الطبقة السياسية الحالية تعضد بعضها بعضا وتحافظ على نفسها ككل متماسك في وجه محاولات قوى المجتمع المدني لإلغاء الطائفية أو حتى تغيير أولويات الأجندة السياسية المطروحة.