يناقش العدد 44 من دورية الملف المصري "مستقبل العلاقات المصرية- السودانية"، حيث تناقش الدكتورة أماني الطويل، خبير الدراسات الأفريقية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، مسار العلاقات المصرية السودانية، حيث ترى أن الحديث عن مستقبل العلاقات المصرية- السودانية محفوف بالمخاطر، إذ ظلت هذه العلاقة متأزمة طوال تاريخها. ويرجع تأزم هذه العلاقات إلى تقاطع المصالح والتوجهات المختلفة في العديد من الملفات السياسية والاقتصادية أبرزها الملف المائي المتعلق بسد النهضة، وصراع النفوذ والتكالب الإقليمي والدولي على القارة الأفريقية، والإدراك الثقافي والتاريخي والأيديولوجي السلبي لكل طرف للآخر. ورغم هذه التعقيدات إلا أنه يمكن تطوير آليات لتجاوز تقاطع المصالح خاصة من جانب مصر لضمان استمرار التفاعلات حتى تحت مظلة الأزمات.
فيما يتناول الإمام الصادق المهدي، زعيم حزب الأمة ورئيس الوزراء السوداني الأسبق، مستقبل العلاقة بين القاهرة والخرطوم. ويرى أن العلاقات المصرية- السودانية تنطلق من خمس منطلقات هي العوامل الجغرافية، والعوامل التاريخية، والعوامل الثقافية، والعوامل الاقتصادية، والعوامل التمازجية. وللحديث عن مستقبل العلاقة بين البلدين ينبغي أولا أن يكون هناك تصورا مشتركا خاصة تجاه حوض النيل، فلا ينبغي أن تتقوقع العلاقات المصرية- السودانية في الإطار الثنائي، بل لابد أن تكون لها أبعاد إقليمية ودولية. وهناك ثانيا حاجة ماسة لعلاقات مع دول الجوار خاصة ليبيا وتشاد لما تمثله هذه البلاد من أهمية لكلا البلدين. ثالثا، هناك حاجة ماسة لمراجعة دعم النظم الإخوانية في السودان، حيث عملت هذه النظم على تسميم العلاقات بين مصر والسودان .
كما يناقش الدكتور أيمن عبد الوهاب، الخبير بمركز الاهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، البعد المائي كمدخل لصياغة استراتيجية حتمية، حيث يرى أن ملف المياه يعكس طبيعة العلاقات بين مصر والسودان من حيث طبيعة التعاون والتوافق من جانب، والتباين والصراع من جانب آخر. ويعود ذلك إلى العديد من الأسباب، أبرزها التراكمات المرتبطة بالإرث التاريخي، والحساسيات بين البلدين، وتغليب المحدد السياسي على المصالح الإستراتيجية. ورغم وجود إطار قانوني ينظم العلاقات المائية بين مصر والسودان، خاصة اتفاقيتي 1929 و1959، إلا أن هناك عدد من الاختلافات حولهما، حيث غلب الطابع السياسي بقدر أكبر عن الطابع الفني والهندسي والقانوني. وعلى جانب آخر، يعد موقف السودان من سد النهضة أبزر عناصر العلاقات المائية بين البلدين، حيث مر بعدد من المراحل بداية من التوازن، ثم التأييد المطلق والكامل لإثيوبيا، ومن ثم فإن الحديث عن مستقبل العلاقة المصرية- السودانية يستلزم وجود صياغة جديدة لبناء منظور شامل للعلاقات على المستوى الاستراتيجي يأخذ في الاعتبار الأوضاع الإقليمية والتحركات المصرية الأخيرة تجاه القارة الأفريقية.
فيما ترصد الاستاذة أسماء الحسيني، نائب رئيس تحرير جريدة الاهرام، دور الإعلام في العلاقات المصرية- السودانية، حيث تؤكد أنه على مدار أكثر من 50 عاما لعبت وسائل الإعلام دور سلبي تجاه العلاقات المصرية- السودانية. وينقسم الدور الذي لعبته وسائل الإعلام إلى ثلاث مراحل. الأولى، من بعد استقلال السودان وحتى الثمانينيات، وتمتد الثانية من عام 1995 إلى يناير 2011، وتمتد الثالثة من يناير 2011 حتى الآن. وبجانب الإعلام التقليدي، لعبت منصات السوشيال ميديا الدور الأسوأ في العلاقة بين البلدين. وفي هذا الإطار، تم دس الكثير من السموم والأكاذيب والافتراء، وتسميم أجواء العلاقات بين البلدين، علاوة على منع الإعلاميين من كل بلد دخول كلا البلدين بأشكال متعددة. وبالتأمل وتقييم كل ما سبق يتبين أنه من الضروري أن يُعاد النظر في أداء ودور وأهداف الإعلام في العلاقات المصرية- السودانية.
ويتناول الأستاذ صلاح خليل، الباحث بمركز الدراسات التاريخية والاجتماعية بالأهرام، اتفاقية الحريات الأربع والعلاقات المصرية - السودانية، حيث يعزو تأرجح العلاقات المصرية- السودانية إلى عدد من القضايا التي تشهدها الساحة السياسية. يأتي على رأسها قضية سد النهضة، ومثلث حلايب وشلاتين. ورغم ارتباط مصر والسودان بروابط سياسية وعقائدية، علاوة على أن كلاهما يمثلان جزء لا يتجزأ من أمنهما القومي، إلا أن السودان انفتح على تكتلات لا تعزز المصالح المصرية. وقد نص اتفاق الحريات الأربع، الذى تم توقيعه في 2004، على حرية التنقل، وحرية الإقامة، وحرية العمل، وحرية التملك بين الدولتين، ورغم مضي أكثر من أربعة عشر عامًا، على توقيع الاتفاقية إلا أنه لا يزال تنفيذه محل تساؤلات، لما يشهده البلدان من توترات خلال الفترة التالية على توقيع الاتفاق. لذلك فإن كل من القاهرة والخرطوم في حاجة ماسة إلى أطر جديدة تتجاوز الخلافات الماضية، برؤية مستقبلية تضع العلاقة بينهما في إطار التحرك الإقليمي المرتبط بالتكالب الدولي والإقليمي في المنطقة.
فيما يحلل الاستاذ رمضان قرني محمد القمة المصرية- السودانية الأخيرة، حيث يرى أن القمة قد أسست لمرحلة تطور في العلاقات بين البلدين انطلاقا من قضايا القمة وسياقاتها الإقليمية والتوترات التي شابت العلاقات المصرية- السودانية. وقد ارتكزت القمة على عدد من القواعد، من بينها التهدئة الإعلامية بين البلدين، وتعزيز التوافقات السياسية في بعض الملفات، وبناء وتأسيس مرحلة إستراتيجية للعلاقات بين البلدين تقوم على عدد من المحددات، أبرزها التأكيد على محورية مفهوم الإرادة السياسية المشتركة لحل أي خلافات، والإشارة بشكل عملي إلى الجوانب التنفيذية في العلاقات والمشروعات المشتركة المعنية بالربط الكهربائي، والبري، والبحري، وربط السكك الحديدية، وتطوير أطر العلاقات من خلال مراجعة الآليات التي تم التأسيس لها في مختلف المجالات، وتعظيم التعاون الاقتصادي وتحقيق المصالح المشتركة في مجالات الزراعة والإنتاج الحيواني والنقل والبنية التحتية، والتأكيد على العلاقات الأخوية والأزلية والروابط المشتركة التي تجمع شعبي وادي النيل.