مصطفى كمال

باحث مساعد - مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

يناقش العدد 43 من دورية الملف المصري، مارس 2018، توجهات السياسة الخارجية المصرية حيث تناقش الدكتورة نهى بكر، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية، السياسة المصرية تجاه المنظمات الدولية، وترى أن السياسة الخارجية المصرية تحكمها مجموعة من الثوابت، خاصة فيما يخص سياستها تجاه المنظمات الدولية والإقليمية؛ فقد اتسمت هذه السياسة تجاه المنظمات الدولية بالانخراط النشط من خلال انتظام حضور الرئيس السيسي لفاعليات الاجتماعات العامة للأمم المتحدة، وتقديم اسهامات من أجل إصلاح منظومة العمل داخلها. كما توجت جهود هذا الانخراط النشط بحصول مصر على العضوية غير الدائمة لمجلس الأمن (2016– 2017)، بجانب احتفاظ مصر بمنصب الأمين العام لجامعة الدول العربية. وفيما يتعلق بسياسة مصر تجاه الاتحاد الأفريقي سعت مصر عقب ثورة 30 يونيو 2013 إلى عودة عضويتها إلى الاتحاد بعدما تم تعليقها، كذلك كانت اجتماعات الاتحاد الأفريقي على رأس أولويات الرئيس السيسي، وبذلك تبنت مصر بعد ثورة 30 يونيو 2013 استراتيجية توسيع وتنويع قاعدة العلاقات الدولية على المستوى الثنائي والمتعدد الأطراف.

فيما ناقش د. أحمد يوسف أحمد، أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، المبادئ الحاكمة للسياسة الخارجية المصرية، حيث يرى أن ثمة ارتباط بين السياسة الخارجية المصرية مع معطيات التاريخ والجغرافيا، فكلما زاد الاتساق بينهم زادت الفاعلية، وكلما ابتعد السلوك الخارجي المصري عن معطياته الطبيعية قلت الفاعلية وتبددت، ولذلك أمكن تقسيم مراحل السياسة الخارجية المصرية لأربع مراحل تبين مدى قرب كل منهم لما يمكن تسميته بالنموذج السوي للسياسة الخارجية المصرية. المرحلة الأولى، هي فترة حكم الرئيس جمال عبد الناصر والتي اتسمت باقتراب شديد من النموذج السوي. المرحلة الثانية امتدت منذ تولى أنور السادات إلى نهاية حقبة مبارك، واتسمت بالبعد عن النموذج السوي. أما المرحلة الثالثة فهي مرحلة الاضطراب التي أعقبت ثورة يناير وصولا إلى الإطاحة بحكم الإخوان من السلطة في يوليو 2013, المرحلة الأخيرة بدأت عقب 3 يوليو 2013 التي بدأت فيها السياسة الخارجية العودة إلى أصول النموذج السوي.

فيما ناقشت الدكتورة إيمان رجب، خبير الأمن الإقليمي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، المكون الأمني في السياسة الخارجية المصرية حيث ترى أن السياسة الخارجية المصرية ارتبطت بمعطيات الأمن القومي طوال العقود السابقة على ثورتي 2011 و2013، ورغم ذلك لم يتم تفسير هذا الارتباط أو توضيح أبعاده، بل أحيانًا كان يستخدم هذا الارتباط للتعتيم على بعض القضايا الخارجية كونها ترتبط بالأمن القومي، ومن ثم من الأفضل عدم الخوض في مناقشة طبيعة توجه الدولة في التعامل معها. ولعل المتابع للسياسة الخارجية المصرية في فترة حكم الرئيس السيسي يجد أن هناك ثلاثة أبعاد للمكون الأمني لسياسته الخارجية، أولها مأسسة دور المؤسسات الأمنية في صنع قرار السياسة الخارجية، والبعد الثاني يتعلق بما يمكن تسميته "عسكرة" السياسة الخارجية من خلال تزايد أهمية القوة العسكرية كأحد أدوات السياسة الخارجية. والبعد الثالث والأخير يتعلق بتصدر قضايا الإرهاب والتطرف أولويات التحرك الدولي لمصر في المحافل الإقليمية والدولية.

وناقش السفير محمد أنيس سالم، رئيس مجموعة الأمم المتحدة بالمجلس المصري للشئون الخارجية، السياسة المصرية تجاه الولايات المتحدة، حيث يرى أن العلاقات المصرية- الأمريكية تتسم بالعديد من الخصائص. أولها، أن كل منهما قد حافظ على مجموعة أساسية من المصالح. ثانيها، أن الطرفين أدارا التحديات والخلافات بينهما بأسلوب لا يعطل مساحة التوافق بينهما. ثالثها أن علاقات التعاون العسكري ظلت مكونا أساسيا في منظومة العلاقة بين الطرفين، حيث أخذت بعدًا مؤسسيًّا بين المؤسستين العسكريتين. وتشير هذه الخصائص إلى أن السمة المميزة للعلاقات المصرية- الأمريكية  هي البراجماتية من الطرفين، حيث يحاول كل طرف تحقيق مصالحه وفقًا لتوجه سياسته العام. ويمكن رصد ظاهرتين في تحليل تلك العلاقة، أولهما التباعد بسبب سياسات الولايات المتحدة تجاه النزاع العربي- الاسرائيلي وحرب العراق، والثاني هو تبني الولايات المتحدة أجندة الإصلاح وتدخلها في العديد من القضايا المصرية التي تتعلق بالحريات وحقوق الإنسان والمجتمع المدني. وتواجه العلاقات المصرية- الأمريكية مجموعة من التغيرات في الوقت الحالي أبرزها التوجه الأمريكي إلى آسيا، وتهميش الدور العربي في تسيير أمور المنطقة. ويفيد هذا التحليل في تحديد ثلاثة بدائل لمستقبل العلاقات المصرية الأمريكية، أولها بقاء الوضع الحالي، وثانيها انتقال العلاقة إلى "شبه تحالف"، وثالثها تدهور العلاقات بسبب انحيازيات ترامب.

وتناقش الدكتورة سما سليمان، خبير العلاقات الدولية، السياسة الخارجية المصرية تجاه أوروبا، حيث ترى أن العلاقات المصرية - الأوروبية تُعد ذات أهمية بالغة لا يُمكن الاستغناء عنها، حيث ترتبط مصر بعلاقات سياسية واقتصادية وعسكرية مع أوروبا  التي تعد الشريك التجاري الأكبر لمصر، ومصدر مهم للاستثمار الأجنبي في المجالات المختلفة. كما يوجد عدد من الاتفاقيات والبرامج المبرمة بين الجانبين بما في ذلك اتفاقيات المساعدات والمنح المقررة لمصر على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي. ومن ناحية أخرى، فإن الاتحاد الأوروبي يعتبر مصر دولة محورية لأهمية الحفاظ على الاستقرار السياسي في المنطقة الذي ينعكس على الهدوء على ضفتي المتوسط، كما توجد العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك بين مصر وأوروبا من بينها قضايا انتشار أعمال العنف وانتعاش التطرف الديني سواء من داعش أو القاعدة، وقضايا الهجرة واللجوء وقضايا الطاقة، والقضايا المتعلقة بالحريات وحقوق الإنسان، ولا تغني أهمية العلاقة بين الطرفين عن بعض الاختلافات في الرؤى تجاه القضايا السابقة.

فيما ترصد الدكتورة نيفين مسعد، أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، سياسة مصر الخارجية تجاه إيران وموقع الخليج منها، حيث ترى أن العلاقات المصرية - الخليجية تُعد مكونًا رئيسيًا في السياسة الخارجية المصرية تجاه إيران، حيث ترتبط مصر بشبكة مصالح ذات طابع استراتيجي بدول الخليج. ورغم هذا الطابع فإنه لا يعني تطابق المواقف الخليجية والمصرية في القضايا المختلفة تجاه إيران، أولا: لأن المواقف الخليجية في حد ذاتها غير متطابقة، وثانيا: لأن درجة حساسية مصر لما تعتبره الدول الخليجية مصادر تهديد لأمنها القومي تختلف عن حساسية هذه الدول لها. وعلى هذه الخلفية، تتسم السياسة الخارجية المصرية تجاه إيران بعدد من السمات أبرزها أنها تتسم بالثبات، كما أن مصر ترفض سياسة المحاور وتركز على الأبعاد السياسية وليست المذهبية للمشروع الإيراني، ومن ثم يوجد العديد من القضايا ذات العلاقة بإيران منذ العام 2011 وهي قضايا الملف النووي الإيراني، وربط إيران بالإرهاب، والتدخل الإيراني في كل من سوريا واليمن.

ويحلل الأستاذ مصطفى كمال، الباحث المساعد بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية،السياسة الخارجية المصرية تجاه الصراعات العربية، حيث يرى أن مصر تمتلك من القوة والمكانة والموقع الجغرافي والدور التاريخي ما يمكنها من لعب دور رئيسي في هذه المنطقة خاصة تجاه الأزمات والصراعات داخل الدول العربية لاسيما الأزمة السورية واليمينة والليبية، إلا أن هذه المقومات تراجعت بعد ثورات الربيع العربي مما فرض تحدي على السياسة الخارجية المصرية من خلال المحافظة على دورها كفاعل مهم في هذه المنطقة. كما أن أبعاد الأزمات التي ضربت دول المنطقة العربية باتت تشكل خطرا على المنطقة وذلك بسبب التعقيدات التي مرت بها واستمرت بدون حلول واقعية ملموسة، فضلا عن زيادة حدة الصراع هناك مع زيادة وجود أطراف خارجية ودولية تتقاسم الصراع وتساهم في تأجيجه، الأمر الذي يفرض على مصر توسيع الدور الذي  تلعبه مؤسساتها الخاصة بالسياسة الخارجية لكي تتناسب مع حجم هذه التحديات والأزمات والعوائق الكبيرة التي تواجه المنطقة حال استمرار الأزمات بدون حلول تناسب جميع الأطراف.

وترصد الدكتورة أميرة عبد الحليم، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، سياسة مصر الخارجية تجاه دول حوض النيل، حيث ترى علاقات مصر مع أفريقيا عانت لسنوات طويلة من حالة التجاهل والتعالي التي أصابت الحكومات المصرية في تعاملها مع قضايا القارة والمصالح المصرية هناك، بما كان يمثل انسلاخًا مصريًا عن الانتماء الأفريقي، الأمر الذي دفع دول حوض النيل للبحث عن أطر تعاون وتكامل تتجاهل وتتعارض مع المصالح المصرية في أحيان كثيرة، مما دفع مصر في السنوات الأخيرة لاستخدام مجموعة من الأدوات والمبادئ التي تحقق التعاون والتقارب مع دول حوض النيل من خلال إعادة هيكلة الجهاز الدبلوماسي بتعيين نائب لوزير الخارجية خاص بالشئون الأفريقية، إضافة إلى مساعد وزير خاص بشئون السودان، علاوة على إنشاء مؤسسات من شأنها دعم وتعزيز العلاقات المصرية بدول حوض النيل من خلال محورين، الأول استمرار المفاوضات حول المشروعات المائية على نهر النيل والآخر تنشيط العلاقات المصرية مع دول حوض النيل عبر عدة مستويات.

ويحلل الدكتور محمد فايز فرحات الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الانفتاح المصري على روسيا والصين، حيث يرى أنه بالرغم  من عدم إغفال السياسية الخارجية المصرية الدائرة الآسيوية خلال العقود الماضية إلا أنه كان يصعب الحديث عن وجود "توجه" مصري نحو آسيا أو نحو القوى الآسيوية. وقد فرضت التحولات الراهنة في هيكل النظام العالمي والصعود الاقتصادي للعديد من القوي الآسيوية ضرورة التوجه شرقا نحو القوى الآسيوية، وهو ما عكسه الانفتاح المصري على آسيا خلال السنوات الأربع الماضية والالتحاق بعدد من التفاعلات والمؤسسات الآسيوية المهمة إلى الحد الذي يكفل الحديث عن تطور سياسة مصرية آسيوية، أو وضوح الدائرة الآسيوية في السياسة الخارجية المصرية.