نــورا فخـري أنور

باحث مساعد - مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

يتطرق هذا العدد إلى ثلاثة مشروعات ومقترحات بقوانين على مائدة أو بساط البحث فى مجلس النواب، إضافة إلى موضوعات أخرى جديرة بالاهتمام ارتبطت بعمل البرلمان وأدائه خلال الأشهر الماضية بشكل مباشر، أو غير مباشر.

فيما يتعلق بمشروعات أو مقترحات القوانين، ثمة مشروع قانون مقدم من الحكومة لتعديل قانون حماية المستهلك رقم 67 لسنة 2006، وهو تعديل من الأهمية بمكان لأنه يتواكب مع المستجدات التي حدثت خلال العقد الماضي. وفي ضوء ذلك، أعدت الدكتورة أماني فوزي الجندي، الخبير الاقتصادى بالمركز القومى للبحوث الجنائية، تقريرا بعنوان "الأهمية الاقتصادية لحماية المستهلك فى ظل مشروع القانون الجديد"، حيث أوضحت أن مشروع القانون المعروض على البرلمان ينظم العلاقات بين المستهلكين والموردين، مع الأخذ فى الحسبان الجوانب الاجتماعية المختلفة للمشكلات التى قد تواجه المستهلك. وقد تم وضع مواد منظمة لعددٍ من الظواهر الجديدة فى السوق لم يتطرق إليها القانون القائم، وذلك اتفاقًا مع مبادئ الأمم المتحدة بشأن حماية المستهلك، خاصةً فيما يتعلق بمجال التجارة الإلكترونية، والتأكيد على ضرورة المساواة فى المعاملة بالنسبة للمستهلكين عبر الإنترنت، وزيادة الشفافية بمعلومات دقيقة وواضحة يمكن الوصول إليها بسهولة عن التجار والسلع أو الخدمات التى تقدمها، والشروط والأحكام التى تقدم لهم.

كذلك هناك مناقشة مهمة حول مشروع قانون المحال العامة والتجارية الذى طال انتظاره، وتخضع له مئات الآلاف من المحلات "المدنية"، حيث أشارالدكتور حسن سلامة، أستاذ العلوم السياسية بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، في تقرير بعنوان "العلاقة بين القانون والمجتمع: مشروع قانون المحال العامة نموذجًا"، إلى أن تصريحات الحكومة التى جاءت بشأن مشروع قانون المحال تهدف إلى إيجاد نوع من التطوير فى آليات إصدار التراخيص للمنشآت والمحال العامة، خاصة أن القانون الحالى لا يواكب التطورات الأخيرة،فيما يتصل بإصدار التراخيص، علاوة على ما يتضمنه هذا القانون من تضارب بين المحال العامة، والمنشآت السياحية والفندقية، مما أثر بالسلب فى اختصاصات الجهات الإدارية ذات الصلة، وهو الأمر الذى استدعى الحكومة للتدخل، والفصل بشكل نهائى بين المحليات، وهيئة المجتمعات العمرانية، وأيضا السياحة، فى إصدار التراخيص.

وناقش الأستاذ محمد فارس، الباحث في العلوم الاجتماعية، مقترح قانون إعانة البطالة، وكيف لتلك الإعانة ألا تكون بديلا عن سياسة التشغيل، وذلك في تقرير بعنوان "إعانة الشباب... القانونيعالج البطالة على حساب التنمية"، حيث أوضح أن هذا المقترح يعد فكرة نبيلة ومعمول بها فى بعض الدول بالخارج لمساعدة الشباب على ظروفهم المعيشية، ولكن تظل هذه الإعانات مرتبطة بموازنة الدولة، بسبب آليات التمويل والمبالغ التى ستصرف عليها، إذا ما تعذر التمويل من خلال المصادر المقترحة فى اقتراح مشروع القانون. لذلك يصبح الحل العملى للقضاء على البطالة وحماية الشباب من الفقر هو إعطاءهم قروض ميسرة، على أن تشارك فيها بعض الوزارات المختلفة، وصندوق التنمية بالدولة. ولكن هذا لا ينفى أن اقتراح هذا القانون يعد تعويضا عن تقصير الحكومة فى توفير فرص عمل مناسبة أو مشاريع حقيقية للشباب.

على الجانب الآخر، يناقش هذا العدد مسألة العفو الرئاسى عن بعض الموقوفين، وهو ما خصصت له السلطة التنفيذية لجنة سميت بهذا الاسم، تقوم "قضسايا برلمانية" بتقييم أدائها من خلال تقرير بعنوان"تقييم لجنة العفو الرئاسية.. المهام والصلاحيات والإشكاليات"،حيث يشير الأستاذ معتز بالله عثمان، الباحث فى مجال حقوق الإنسان، إلىأبرز الملاحظات على تشكيل اللجنة، وهو غياب العناصر والخلفيات القانونية عنها. فأعضاء اللجنة غالبيتهم يعملون فى الإعلام، أو ناشطون فى العمل العام. فضلا عن ذلك، فإنه لم تتم الاستعانة بالخبرات الوطنية فى مجالات الرصد والتوثيق حتى يمكن تكوين قاعدة معلومات، وصورة متكاملة عن الأوضاع القانونية للمطلوب العفو عنهم. كان المنهج المتبع من قبل اللجنة هو استبعاد جميع العناصر الإخوانية التى ثبت تورطها فى أعمال عنف.

واستحوذ الشأن الخارجى على نصيب كبير فى هذا العدد، حيث يناقش موقف البرلمان من سد النهضة الإثيوبى، في تقرير يحمل بعنوان "البرلمان وأزمة سد النهضة"، حيث يشير الأستاذ أحمد عسكر، الباحث المساعد بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، إلى عدد من المؤشرات التى تعكس ضعف دور البرلمان واللجان المختصة حيال أزمة سد النهضة وتطوراتها. ومن بين تلك المؤشرات، اعتبار نواب البرلمان أن تلك الأزمة قضية تمس الأمن القومى، وملف سيادى خاص بالأجهزة السيادية، فضلا عن تحميل الأنظمة السابقة مسئولية تطور أزمة سد النهضة، بسبب غياب الدور المصرى عن القارة الأفريقية، بالإضافة إلى إهمال ملف السودان، الذى سمح بدخول قوى إقليمية ودولية مناوئة للدور المصرى فى المنطقة. هذا بالإضافة إلى غياب المبادرات البرلمانية فيما يخص الأزمة، كتشكيل وفد برلمانى لزيارة البرلمانات الأفريقية، وإثارتها فى البرلمان الأفريقى.

كما يستعرض هذا العدد الرصد الدورى ربع السنوى لأداء البرلمان فى الأشهر الأولى من دور الانعقاد، فى تقرير بعنوان "الأداء البرلمانى فى الربع الأول من دور الانعقاد الثالث"، يلقي فيه الأستاذ محمد المصرى، الكاتب المتخصص فى الشئون البرلمانية، الضوء على أعمال مجلس النواب فى بدايات دورانعقاده الثالث فى الفترة من2 أكتوبر وحتى نهاية جلسات ديسمبر 2017، ونشاط الشعبة البرلمانية للمجلس التى تدعم مسيرة الدبلوماسية البرلمانية، كما يستعرض أيضا السوابق والتقاليد البرلمانيةالتى أرساها المجلس لأول مرة، ثم حديث النواب حول اللائحة الداخلية التى تنظم عمل المجلس، بالإضافة لشئون العضوية.

وتختتم الدورية بتقرير عن تمكين المرأة، عبر بعض المواقع العربية والدولية ذات الأهمية، والتى لا غنى عنها للبرلمانيات، حيث تدعوالسيدة "مج مون"، الخبيرة بمؤسسة الشركاء الدوليين ووزيرة المساواة السابقة بالمملكة المتحدة، إلى ضرورة تمكين النساء للمشاركة فى السياسة بشكل فعال للمشاركة فى الشبكات المناسبة حيث يمكن لتلك الشبكات تنمية المعارف، أو المهارات، أوالقيام بدورأساسى فى وضع السياسات وبناء الدعم لإحداث تغيير، فضلًا عن الالتحاق بالشبكات القائمة. وكما تقول "مون" يتعين على النساء فى أثناء أداء دورهن السياسى مراعاة متى يرغبن فى إرساء شبكة جديدة لتنفيذ هدف معين، إذ يمكن لإنشاء شبكة ما تقديم ما يلزم لتحقيق هدف سياسى، كما أن هناك ضرورة لإشراك الرجال فى الكفاح من أجل تحقيق المساواة بين الجنسين، ومن الجيد التفكير فى الوقت المناسب لإشراك الرجال كمشاركين ومؤيدين.