تكشف المراجعة الواعية للأدبيات السابقة أن البحوث والتحليلات المتعلقة بظاهرة الحركات الجهادية العنيفة في الساحل الأفريقي ودوافعها الكامنة لا تزال تهيمن عليها الروايات الغربية التي تتبناها بعض الدول والمؤسسات البحثية. ولذلك فمن الضروري الاستفادة من البحوث العلمية الوطنية في هذا المجال، والبناء عليها ودعمها، والمساعدة على ضمان نشر نتائجها وأخذها في الاعتبار لدى وضع السياسات الوطنية والإقليمية.
ما الذي أدى إلى تحول منطقة الساحل لتصبح مصدرا لخطر داهم يهدد ليس فقط أمن وسلامة سكان دول المنطقة، ولكنه يمتد ليشمل دول الجوار القريب؟ واقع الأمر، يتعين على الباحث الذي يحاول الإجابة على التساؤل السابق أن يذهب بعيدا لفهم العوامل التي أسهمت في انتشار ثقافة العنف والتجنيد للحركات الإسلامية الجهادية في ساحل أفريقيا على وجه التحديد، والفضاء الأفريقي العام على وجه العموم. صحيح أن ثمة مؤثرات تاريخية ترتبط بتطور الخطاب الإسلامي في العالم العربي ومنطقة جنوب شرق آسيا مثل قضايا "الجاهلية" و"الحاكمية" و"الفرقة الناجية"، بالإضافة إلى تحولات الواقع السياسي والاقتصادي في الشمال العربي الأفريقي تحديدا، لكن العوامل المحلية الأفريقية تمثل الركيزة الأهم والأبرز في التفسير