يستمد البحث في موضوع اللغة والسياسة في جمهورية جنوب أفريقيا أهميته من عدة اعتبارات من بينها قله الدراسات التي تصدت لهذه القضية، والتأكيد على أن علاقة الهوية باللغة ليست هوسًا عربيًا، بل هاجسًا بشريًا لا يرتبط بجماعة أو إقليم بعينه. علاوة على إلقاء الضوء على بعض جوانب الصراع الفكري  بين أنصار الأحادية اللغوية وأنصار التعددية اللغوية، وما خلفه ذلك من صراعات مصالح مادية ورمزية. وأثار ذلك على استقرار مجتمع جمهورية جنوب أفريقيا في الأمد القريب والمتوسط. وهو أمر يستمد أهميته بدوره من أهمية جمهورية جنوب أفريقيا كأحد الأقطاب الإقليمية في قارة أفريقيا. إضافة إلى أن خبرة السياسة اللغوية لجمهورية جنوب أفريقيا حال نجاحها تمنح مزيدًا من الدعم، وبارقة الأمل لدعاة الاهتمام باللغات الوطنية؛ كسبيل من سبل الخروج من ربقة الاعتماد على اللغات الأجنبية كنافذة على العلوم الحديثة.

هذه الدراسة تسعى إلى التعرف على أثر الرابطة الوثيقة بين اللغة والهوية على السياسة اللغوية في جمهورية جنوب أفريقيا، وبيان المطالب اللغوية وانعكاساتها، وكيف تمت إدارتها في مرحلة التحول الديمقراطي في جمهورية جنوب أفريقيا. وصولًا إلى تقييم واقع السياسة اللغوية في جمهورية جنوب أفريقيا ومستقبلها. وذلك من خلال ثلاثة مباحث رئيسة تتناول التركيب الإثني والمطالب اللغوية للجماعات المختلفة، والإطار الدستوري والقانوني الحاكم لمسألة اللغة، وأخيرًا بيان واقع ومستقبل تلك السياسات والعوامل الحاكمة لها. كل ذلك على أمل أن تكون الدراسة لبنة في جهود بعث الاهتمام البحثي العربي بقارة أفريقيا التي على أهميتها ما زالت لا تحظى بالاهتمام الكافي في البحوث والكتابات العربية.