شاركت مصر منذ اشتعال الصراع في اليمن في 25 مارس 2015 في التحالف العربي بهدف تأمين ممر الملاحة في مضيق باب المندب، وظلت متمسكة بأهمية التسوية السلمية للصراع هناك على نحو يضمن مشاركة كل الأطراف في هذه التسوية. ورغم تطور العمليات خلال الفترة التالية على عاصفة الحزم، ظلت مصر ثابتة في سياساتها تجاه اليمن، وحرص الرئيس عبدالفتاح السيسي على توضيح أن المشاركة المصرية فى قوات التحالف العربى تتضمن "المشاركة بعناصر من القوات البحرية لتأمين حرية الملاحة فى الممر الملاحى فى باب المندب وتأمين وصول السفن إلى قناة السويس, ولدينا عناصر من القوات الجوية مع أشقائنا فى السعودية ولكن ليس لدينا أى قوات برية فى أى بلد فى المنطقة، وكل ما لدينا من قوات خارج مصر هى فى إطار قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة"[1].
ولكن يظل السؤال مرتبطًا بإمكانية أن تتبنى مصر سياسات خارجية أكثر نشاطًا وتأثيرًا تجاه الصراع في اليمن خلال الفترة المقبلة، لاسيما في ضوء التحولات التي تشهدها المنطقة.
وفي هذا السياق، تم تخصيص هذا العدد من دورية "بدائل" لتحليل السياسة الخارجية المصرية تجاه الصراع في اليمن، وتقديم رؤية لتنشيطها في ضوء الثوابت التي حكمت المواقف المصرية تجاه اليمن. حيث يطرح الأستاذ أبوبكر باذيب الباحث اليمني، في هذه الدراسة ثلاث توصيات رئيسية، تهتم التوصية الأولى بالبعد السياسي الدبلوماسي وتتضمن استمرار الدعم السياسي للشرعية اليمنية وتنشيط دور مصر كعضو في مجلس الأمن الدولي في إثارة القضية اليمنية، وتتعلق التوصية الثانية بالبعد العسكري الأمني، وتشمل الاستمرار بفاعلية ضمن التحالف العربي والإسهام في بناء قوات الجيش اليمني والأمن، وتنصرف التوصية الثالثة إلى البعد الاقتصادي الإنساني وتتضمن دعوة مصر لعقد مؤتمر دولي للإغاثة ومشاريع الإعمار وتقديم تسهيلات خاصة للرعايا اليمنيين وفتح قنصلية مصرية في العاصمة المؤقتة عدن.
وتنطلق الدراسة من فكرة رئيسية مفادها أن الصراع في اليمن يؤثر على الأمن القومي المصري من حيث ما يطرحه من تهديدات على المجرى الملاحي لمضيق باب المندب وهو ما قد يؤثر على المرور في قناة السويس، فضلًا عن دوره في تمدد خطر الإرهاب في المنطقة، ويجادل الأستاذ أبوبكر باذيب أن هذه العوامل كفيلة بأن تدفع مصر لأن تتحرك بصورة نشطة أكثر من أجل دفع عملية التسوية السياسية في اليمن.
كما ترى الدراسة أن تفاعل الدولة المصرية مع الصراع في اليمن يمكن أن يستثمر بشكل أكبر، حيث تستطيع مصر أن تلعب دورًا مختلفًا في هذا الصراع، باعتبارها طرفًا مقبولًا من كل الأطراف والقوى اليمنية.