يناقش العدد 34 يونيو 2016، من دورية الملف المصري "الجمعيات الأهلية... الإشكاليات والمسارات"، حيث تناقش الدكتورة أماني قنديل، أستاذة العلوم السياسية، العلاقة بين الجمعيات الأهلية والدولة بعد الثورة. وترى ترى أن العلاقة بين الدولة والجمعيات والمؤسسات الأهلية قد ارتبطت بمراحل سياسية، وفى كل مرحلة كان هناك مستجدات ومتغيرات تصغ طبيعة العلاقة. كما ترى أن هناك تغيرا في دور الجمعيات الأهلية بعد ثورة يناير 2011 في اتجاه اختلاط العمل الخيري بالعمل السياسي، بعدما كان مقتصرا على العمل الخيري فقط قبلها. وعقب هذه الفترة وبسبب حالة عدم الاستقرار التي شهدتها البلاد تراجع نشاط وعدد الجمعيات والمؤسسات الأهلية بشكل كبير كما حدث تحول كبير في علاقاتها مع الدولة
وتناول د. أيمن السيد عبد الوهاب، رئيس تحرير فصلية أحوال مصرية، اختلالات أدوار الجمعيات الأهلية في مصر، حيث يرى أن هناك انكماشا للمجال المدني لصالح المجال السياسي خلال المرحلة الانتقالية التي تعيشها مصر منذ 2011، رغم الزيادة الهائلة التي تقرب من 50% في عدد الجمعيات الأهلية، إلا أن غالبيتها اقتصر على العمل الخيري والرعوي مما يعني استمرار ضعف وهشاشة المجتمع المدني في مصر، رغم وجود نماذج جيدة وقوية إلا أنها تظل جزءا من كل. كما يؤكد أن الاستقطاب السياسي له تأثيره الكبير على المجتمع المدني من خلال تحويله إلى جزء من الصراع السياسي والاجتماعي خلال المرحلة الانتقالية. كما يتضح من خلال قراءة خريطة الجمعيات الأهلية أنه يجب أن يكون هناك تكامل بين منظمات المجتمع الأهلي والمجتمع المدني بما يتوافق وأولويات احتياجات المجتمع حتي يتم تبلور قوى مدنية قادرة على إعادة تنظيم مكونات المجتمع المدني.
وتتناول د. هويدا عدلي، أستاذ العلوم السياسية بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، الدور الذي تلعبه الجمعيات الأهلية في مصر في السنوات الأخيرة خاصة في مجال تقديم الخدمات الاجتماعية الأساسية، والتي كانت تعد تاريخيًّا من اختصاص أجهزة ومؤسسات الدولة. كما تناقش طبيعة هذا الدور وتقييم فاعليته في الحد من الفقر في المجتمع المصري وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين. وتنتهي في هذا السياق إلى أنه لا يمكن للجمعيات الأهلية أن تكون بديلا للدولة في تقديم الخدمات الاجتماعية؛ فهي مسئولية أساسية للدولة تجاه مواطنيها، كما أن النجاح في تقديم خدمات جيدة هو أحد مصادر شرعية أي نظام سياسي، وأن مساهمة القطاع الأهلي في هذا الشأن لابد أن تكون من خلال شراكة مع مؤسسات الدولة من أجل تحسين أداء الخدمات وضمان الكفاءة والفاعلية والمساءلة والشفافية وليس مجرد سد الفجوة.
ويرصد د. وحيد عبد المجيد، الكاتب بمؤسسة الأهرام، دور الجمعيات الدينية في مصر بعد عـــــام 2013، حيث يوضح أن الجمعيات الإسلامية تواجه أزمة غير مسبوقة منذ منتصف 2013، وتحديدا الجمعيات التابعة، أو المتهمة بأنها تابعة، لجماعة "الإخوان المسلمين"، والجمعيات السلفية الكبرى الأكثر تأثيرا التي يضم كل منها أعدادا كبيرة من الفروع أو الجمعيات المحلية التابعة للمركز الرئيسي، وهي "الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسُنة المحمدية"، و"جمعية جماعة أنصار السُنة المحمدية"، وهما الأقدم، إذ يعود تأسيس الأولى إلى عام 1912، والثانية إلى عام 1926، وجمعية الدعوة السلفية المشهرة تحت اسم "جمعية الدعاة الخيرية".
وتناول الأستاذ نجاد البرعي، المحامي الحقوقي، وضع منظمات حقوق الإنسان في مصر بعد عام 2013، حيث يرى أن الحملة ضد منظمات حقوق الإنسان بدأت بعد ثورة 25 يناير 2011 بفترة وجيزة واستمرت في عهد الرئيس محمد مرسي. ورغم فترة الهدوء النسبي التي شهدتها مرحلة الرئيس المؤقت عدلي منصور، إلا أنه تبين أنها فترة الهدوء الذي يسبق العاصفة، حيث تم التضييق على منظمات حقوق الإنسان بشكل غير مسبوق ثم زاد الوضع سوءا بمنع كافة الحقوقيين من السفر والتحفظ على أموال بعض منهم وسجن بعضا آخر مما أدي إلى تراجع وتفكك حركة حقوق الإنسان في مصر.
وناقشت الأستاذة نهلة حسن، خبيرة مؤسسات المجتمع المدني، وضع المنظمات الدولية والتمويل الأجنبي في مصر، حيث ترى أنه لا يوجد خلاف على أحقية الدولة المصرية في تقنين وإدارة ملف التمويل الأجنبي بشكل يحافظ على مصالح الدولة والمواطنين بما لا يتعارض مع التزامات مصر الدولية ومواد الدستور المصري لعام 2014 والتي تقضي بحرية التنظيم، لكن واقع الأمر أن القوانين القائمة يتم استخدامها فقط للسيطرة على عمل منظمات المجتمع المدني وليس من منطلق قانونية الأنشطة بل لفرض الهيمنة ومنع المعارضين. كما ترى أن الدولة تقوم تحت غطاء قانونية التسجيل أو قانونية الحصول على موافقات بالتضييق على بعض الجمعيات. وعلى الجانب الآخر، يتمسك الحقوقيون والعاملون في قطاع المنظمات الأهلية بشرعية عملهم وتوجهاتهم، ويظل ملف التمويل الأجنبي أداة يتمسك بها الطرفان في صراع دائر حول أحقية كل منهم في إدارته بما يخدم ما يراه من الصالح العام.