تتناول هذه الدراسة مستجدات ومسار العلاقة القلقة بين تركيا والاتحاد الأوروبي، والتي دخلت مناخ الشحن على خلفية قرار البرلمان الأوروبي بتجميد مفاوضات العضوية مع تركيا على خلفية الإجراءات الاستثنائية التي تتخذها السلطة منذ الانقلاب الفاشل في يوليو 2016، ناهيك عن تمديد العمل بقانون الطوارئ، وتمرير مراسيم قانونية دون الرجوع للبرلمان، وهو الأمر الذي يصطدم بمعايير وقيم العائلة الأوروبية.

ووصلت العلاقة بين تركيا والاتحاد الأوروبي ذروة التأزم في مطلع العام 2017، عشية رفض دول أوروبية تجمعات انتخابية سعى حزب العدالة والتنمية إلى تنظيمها داخل عدد من المدن الأوروبية في إطار عملية الحشد والتعبئة للتعديلات الدستورية التي تم الاستفتاء عليها في 16 أبريل 2017، والتي كرست من وجهة نظر أوروبا حكم الفرد، وأسست لنظام سياسي رئاسي شبه سلطوي.

غير أن التحول إلى النظام الرئاسي والإجراءات الاستثنائية التي اتخذتها تركيا عشية انقلاب يوليو الفاشل لم تكن فقط هي التي بددت فرص أنقرة للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي، فالاتحاد الذي وقع قبل 60 عاما على معاهدة روما التي أرست ما أصبح لاحقا بالاتحاد الأوروبي، يخشى دخول دولة مسلمة، يفتح  رئيسها رجب طيب أردوغان الباب واسعا أمام تغيرات جذرية تصب باتجاه "أدلجة" المجتمع، وتغذى الاستقطاب الأيدبولوجي العلماني غير المسبوق في البلاد، فضلا عن عودة الاعتبار للأيدولوجيا في سياسة أردوغان الخارجية والداخلية.

في المقابل تمثل قضية اللاجئين، والموقف الأوروبي الداعم للأكراد في سوريا والرافض للإجراءات القمعية ضد أكراد تركيا، إضافة إلى قرار مجلس أوروبا بوضع تركيا تحت المراقبة مداخل جديدة لتعقد العلاقة بين تركيا- العدالة والتنمية، والاتحاد الأوروبي. وفي ظل اشتراطات الاتحاد الأوروبي، تبقى عضوية أنقرة التي تحمل وفاء للاتحاد بعيدة المنال. وفي هذا السياق ربما تتجه تركيا عمليا إلى البحث عن بدائل أخرى لعضوية الاتحاد الأوروبي، منها التوجه شرقا إلى العالم الإسلامي، أو بناء شراكة استراتيجية مع روسيا، أو تطير علاقاتها مع مجموعة "البريكس"، وغيرها من البدائل التي تناقشها هذه الدراسة.