يناقش عدد مارس 2017 من الملف المصري قضية العنف والتطرف في مصر من خلال سبعة مقالات تحليلية. المقال الأول بعنوان "جماعة الإخوان والعنف"، للدكتورة إيمان عبد المنعم المحررة المتخصصة في الحركات الإسلامية، ويرى أن جماعة الإخوان المسلمين تعيش صراعا داخليا منذ فض اعتصامي رابعة والنهضة، على خلفية انقسامها حيث إلى فصيلين أحدهما يتمسك بالنهج السلمي في مقاومة السلطة، بينما ينتهج الآخر سبيل الجهاد، وأخذ هذا النهج عدة أشكال منها "كتائب حلوان"، و"قاوم" و"ثائر" و"إعدام" التي جعلت مرجعيتها كتاب "فقه المقاومة الشعبية للانقلاب" الذي صدر في أواخر 2014.
ويوضح العميد خالد عكاشة، مدير المركز الوطني للدراسات الأمنية، أنه مع اندلاع ثورات الربيع العربي عام 2011 ، انطلقت التنظيمات المسلحة في الانتشار لاسيما في سوريا وليبيا، حيث استدعت التنظيمات الإرهابية هناك شباب الدول الإسلامية، وتعد مصر من بين هذه الدول. وكانت أبرز الدوافع لانضمام هؤلاء الشباب سهولة الانتقال والوصول لتنظيم الدولة في سوريا والعراق، وانهيار الدولة في ليبيا. ويشير عكاشة إلى أن خطر العائدين من ميادين القتال يشكل أزمة للأمن القومي المصري مما يستوجب على الدولة صياغة استراتيجيات للمواجهة لا تعتمد على آليات المواجهة الأمنية فقط، إنما يلزم الاعتماد على استراتيجيات متطورة لاستيعاب هؤلاء العائدين.
ويتناول الدكتور محمد مجاهد، مستشار المركز القومي لد راسات الشرق الأوسط، تأثير الجماعات الإرهابية في الإقليم على الإرهاب في سيناء. فـمع بروز تنظيم داعش تبلور التنافس الجهادي بينه وبين تنظيم القاعدة على المساحات التي كان ينشط فيها التنظيم الأخير خاصة في سوريا والعراق، بل زادت المنافسة في أقاليم جديدة منها ليبيا ودول جنوب الساحل الأفريقي وشمال سيناء في مصر، الأمر الذي يفرض تداعيات خطيرة خاصة في ظل تنوع وتطور النشاط الإرهابي بسبب الصلات التنظيمية بين المجموعات الإرهابية في مختلف الأقاليم والذي أتاح لها إنشاء معسكرات تدريبية وتجهيز للمقاتلين مما أكسب تلك التنظيمات قدرة نوعية تتطلب استراتيجية كاملة لا تقتصر فقط على الشق الأمني في مواجهتها.
ويناقش الأستاذ محمد خيال، المحرر المتخصص في الحركات الإسلامية، كيف تحولت السجون المصرية لحاضنة للعناصر الإرهابية؛ فيوضح أن قيادات الجماعات الإرهابية، خاصة تنظيم داعش،تنشط داخل السجون المصرية مستغلين حداثة وصغر سن الشباب الجدد الذين تم حبسهم على إثر الاضطرابات إبان حكم الرئيس محمد مرسي، وعدم وصول أي من مصادر المعرفة من وسائل إعلام وصحف إلى داخل السجون حيث يقوموا بنسج الأكاذيب حول القوة الخيالية للتنظيم وحث هؤلاء الشباب على الانضمام إلى هذه التنظيمات بغرض ممن أتى بهم للسجون أو قام بتعذيبهم أو التنكيل بهم، في ظل انشغال أجهزة الدولة المعنية بمحاربة الإرهاب في سيناء.
ويطرح د. سامح فوزى، نائب رئيس قطاع المشروعات الخاصة والخدمات المركزية بمكتبة الإسكندرية، سؤالا حول كيف يطول التطرف الأقباط، حيث يرى أن الجماعة السلفية تنظر في مصر إلى قضايا الأقباط باعتبارها قضايا عقائدية استنادا للمنهج السلفي المعنى بمحاربة البدع ومظاهر الشرك والكفر، وهو ما اتضح في رد فعل أعضاء حزب النور داخل البرلمان على قانون بناء الكنائس، والدعاء لضحايا حادث البطرسية، إضافة إلى الفتاوى التي يطلقها السلفيون لملاحقة الأقباط قبل الاحتفال بعيد الميلاد، فيما تتبنى السلفية الجهادية خطابا أكثر تشددا تجاه الأقباط، حيث تعتبرهم هدفًا للاعتداء. وعلى الجانب الأخر يتعرض دور الأزهر في مكافحة خطاب التطرف إلى نوعين من الانتقاد الأول من قوى علمانية باعتباره لا يخوض المعركة ضد التطرف من وجهة نظرهم، والثاني من التيارات السلفية باختلاف ألوانها باعتباره يخرج عن التصور الإسلامي الصحيح.
ويتناول الأستاذ مصطفى كمال، الباحث المساعد بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، تطور أشكال التنظيمات الإرهابية وسبل مواجهتها، حيث يوضح أن التنظيمات الإرهابية تطورت على مدار عقود لعدة أسباب بعضها يتعلق بالعوامل الذاتية والموضوعية، وبعضها يتعلق بطريقة التفكير، والبنية العسكرية. وأهم ما يميز التنظيمات الإرهابية في جيلها الأول هو الحفاظ على مناطق تمركزها، أما في جيلها الثاني فتتميز باستبدال استراتيجيتها القديمة القائمة على مقاتلة العدو البعيد بالعدو القريب. بينما تتميز جيلها الثالث بأنها قوة عسكرية عابرة للأقطار تمتلك كفاءة قتالية احترافية يديرها عقل استراتيجي. ووفقا للباحث فإن مواجهة التنظيمات الإرهابية بمختلف أجيالها تتطلب تضافر جهود القوى الدولية التي تعاني من أضرارها مع وضع استراتيجية مواجهة موحدة تعتمد على خطط طويلة المدى متدرجة بشكل زمني.
ويوضح الأستاذ يوسف الورداني، الباحث المتخصص في دراسات الشباب ومكافحة التطرف، اقتران سقوط نظام الإخوان المسلمين بتزايد نشاط الخلايا النوعية المسلحة، الأمر الذي دفع الدولة المصرية إلى الاهتمام بظاهرة التطرف، من خلال اتباعها مقاربة شاملة للتعامل مع الظاهرة، شملت المواجهة الفكرية وتفكيك الخطاب المتطرف، واتخاذ سياسات وإجراءات لوقاية الكتلة السائلة من الشباب، والمواجهة الأمنية للتنظيمات المتطرفة والإرهابية في سيناء، وتنقية المناهج التعليمية من النصوص الشاذة، والمواجهة الإلكترونية للأفكار المتطرفة، ويبقى لنجاح جهود الدولة الإسراع في صياغة استراتيجية وطنية شاملة لمكافحة التطرف، واتخاذ قرارات وسياسات للتعامل مع انتشار حالات التطرف داخل السجون، والتعامل مع المقاتلين العائدين من داعش.