ملفات - حرب أكتوبر: 52 عامًا على الانتصار العظيم
PDF
الافتتاحية

بانتصار‭ ‬أكتوبر‭ ‬العظيم،‭ ‬عبر‭ ‬الجيش‭ ‬المصري‭ ‬قناة‭ ‬السويس،‭ ‬ومعه‭ ‬عبرت‭ ‬مصر‭ ‬من‭ ‬مرحلة‭ ‬إلى‭ ‬أخرى‭. ‬من‭ ‬مرحلة‭ ‬حاولت‭ ‬فيها‭ ‬أطراف‭ ‬عديدة‭ ‬كسر‭ ‬عزيمتها‭ ‬وإجبارها‭ ‬على‭ ‬القبول‭ ‬بالأمر‭ ‬الواقع‭ ‬الذي‭ ‬حاولت‭ ‬إسرائيل‭ ‬فرضه‭ ‬عبر‭ ‬التوسع‭ ‬في‭ ‬احتلال‭ ‬الأراضي‭ ‬بالقوة،‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬أثبتت‭ ‬فيها‭ ‬مصر‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تقبل‭ ‬هذه‭ ‬السياسة،‭ ‬وأنها‭ ‬بالعلم‭ ‬والتماسك‭ ‬والتضامن‭ ‬المجتمعي‭ ‬وتسخير‭ ‬قدرات‭ ‬الدولة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬الهدف‭ ‬الأسمى‭ ‬والأهم،‭ ‬وهو‭ ‬تحرير‭ ‬الأرض،‭ ‬تستطيع‭ ‬رفع‭ ‬كُلفة‭ ‬تلك‭ ‬السياسة‭ ‬بالشكل‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬إسرائيل‭ ‬تحمله،‭ ‬وتدمير‭ ‬أسطورة‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يقهر‭. ‬

كان‭ ‬الأساس‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬أكتوبر‭ ‬هو‭ ‬استعادة‭ ‬الكرامة‭ ‬وتحويل‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الصمود‭ ‬إلى‭ ‬طاقة‭ ‬جبارة‭ ‬انعكست‭ ‬في‭ ‬قدرة‭ ‬مصر‭ ‬–‭ ‬وسوريا‭ - ‬على‭ ‬الإعداد‭ ‬للحرب‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬لفت‭ ‬انتباه‭ ‬العدو‭ ‬المتربص‭ ‬وداعميه‭ ‬ومواجهة‭ ‬الصعوبات‭ ‬الفنية‭ ‬والعملياتية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬قائمة‭ ‬بل‭ ‬والتغلب‭ ‬عليها‭ ‬ببراعة‭ ‬وعبقرية‭ ‬سجلها‭ ‬التاريخ‭ ‬بأحرف‭ ‬من‭ ‬نور‭ ‬لأصحابها‭. ‬

وكانت‭ ‬خطة‭ ‬الخداع‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬واختيار‭ ‬توقيت‭ ‬الحرب‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬الأمثلة‭ ‬التي‭ ‬أكدت‭ ‬كفاءة‭ ‬وجدارة‭ ‬العسكرية‭ ‬المصرية‭. ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬الاستعانة‭ ‬بخبرات‭ ‬أكاديمية‭ ‬وعلمية،‭ ‬مثل‭ ‬مركز‭ ‬الأهرام‭ ‬للدراسات‭ ‬السياسية‭ ‬والاستراتيجية،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬استثمار‭ ‬القدرات‭ ‬الثقافية‭ ‬والفنية‭ ‬دليلاً‭ ‬على‭ ‬قدرة‭ ‬مصر‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬التحدي‭ ‬وتحقيق‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬متصوراً‭ ‬أنه‭ ‬مستحيل‭.‬

كان‭ ‬الانتصار‭ ‬أيضاً‭ ‬بداية‭ ‬عصر‭ ‬جديد‭ ‬سعت‭ ‬مصر‭ ‬خلاله‭ ‬إلى‭ ‬الاهتمام‭ ‬بعملية‭ ‬التنمية‭ ‬ودعم‭ ‬الاستقرار‭. ‬لكن‭ ‬مصر‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬لم‭ ‬تغفل‭ ‬أبداً‭ ‬أن‭ ‬قدراتها‭ ‬العسكرية‭ ‬هي‭ ‬صمام‭ ‬الأمان‭ ‬ضد‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬تسول‭ ‬له‭ ‬نفسه‭ ‬محاولة‭ ‬تهديد‭ ‬أمنها‭ ‬واستقرارها‭. ‬وقد‭ ‬أثبتت‭ ‬التطورات‭ ‬التي‭ ‬طرأت‭ ‬على‭ ‬ساحة‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬خلال‭ ‬الأعوام‭ ‬الأخيرة،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬تنفيذ‭ ‬عملية‭ ‬‮"‬طوفان‭ ‬الأقصى"‬،‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬وما‭ ‬تلاها‭ ‬من‭ ‬اندلاع‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬وامتدادها‭ ‬إلى‭ ‬لبنان‭ ‬وسوريا‭ ‬واليمن‭ ‬وإيران،‭ ‬رجاحة‭ ‬ورشادة‭ ‬السياسة‭ ‬التي‭ ‬اتبعتها‭ ‬مصر‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭.‬

فقد‭ ‬اعتمدت‭ ‬هذه‭ ‬السياسة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬حماية‭ ‬أمن‭ ‬واستقرار‭ ‬مصر‭ ‬يرتبط‭ ‬في‭ ‬الأساس‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬بتعزيز‭ ‬القدرات‭ ‬العسكرية،‭ ‬بل‭ ‬أيضاً‭ ‬بتنويع‭ ‬مصادر‭ ‬السلاح،‭ ‬للدرجة‭ ‬التي‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬ترسيخ‭ ‬استراتيجية‭ ‬الردع‭ ‬المصرية‭ ‬ضد‭ ‬غطرسة‭ ‬القوة‭ ‬التي‭ ‬تمارسها‭ ‬بعض‭ ‬الأطراف،‭ ‬متصورة‭ ‬أنها‭ ‬تستطيع‭ ‬بذلك‭ ‬فرض‭ ‬ترتيبات‭ ‬أمنية‭ ‬واستراتيجية‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬لن‭ ‬يكتب‭ ‬له‭ ‬النجاح‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الدور‭ ‬الحيوي‭ ‬الذي‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬مصر‭ ‬والذي‭ ‬وقفت‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬عقبة‭ ‬أساسية‭ ‬أمام‭ ‬كل‭ ‬مخططات‭ ‬الشر‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

د. محمد عباس ناجي

رئيس تحرير الموقع الإلكتروني - خبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

لتحميل الملف كاملا اضغط هنا