بالتزامن مع انعقاد قمة المناخ السنوية COP27 في شرم الشيخ بجمهورية مصر العربية، تستمر المناقشات المتعلقة بتأثير التغيرات المناخية على حالة الأمن بصفة عامة وعلى السياسات الأمنية بصفة خاصة، وتكشف هذه المناقشات عن أنه لا يوجد تصور مركزي حول علاقة الأمن بالتغيرات المناخية، ويرتبط بذلك استخدام عبارات من قبيل «أزمة المناخ» و«أضرار المناخ» و«التحديات المناخية» دون أن تعطي هذه العبارات معاني واضحة لعلاقة المناخ بالأمن أو بانعدام الأمن.
ورغم ذلك، توجد شواهد من مناطق عدة في العالم تفيد بأن التغيرات المناخية إما تسببت في كوارث بيئية أثرت بشكل مباشر على الأمن القومي لدول بعينها، أو أنها أصبحت تساهم في خلق بيئة تضعف حالة الأمن في الدولة بصفة عامة وأصبحت تلعب دوراً مضاعفاً Multiplier يزيد من حدة طائفة أخرى من التهديدات المؤثرة على الأمن القومي سواء الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية.
وفي هذا الصدد، حذر صندوق النقد الدولي بشكل متكرر طوال السنوات الماضية من الآثار السلبية للتغيرات المناخية على قدرة الدول النامية على الاستمرار في تحقيق معدلات جيدة من النمو الاقتصادي، لاسيما وأن هذه التغيرات قد تزيد من إضعاف البنى التحتية من طرق وسكك حديد ووسائل نقل والتي هي ضعيفة أصلاً في معظم الدول النامية، بينما تعد البنية التحتية عنصراً مهماً في خطط تحقيق نمو اقتصادي مرتفع.
كما أن الكوارث البيئية الناتجة عن التغيرات المناخية مثل الفيضانات والسيول المتكررة بشكل مفاجيء، تتسبب في خسائر مالية كبيرة لاقتصادات الدول نتيجة الأضرار المادية التي تلحق بالمباني والطرق ووسائل النقل وارتفاع تكلفة إعادة البناء في المناطق المتضررة، فضلاً عن تكلفة تعطل الأنشطة الاقتصادية طوال فترة الفيضانات والسيول.
وفي إطار اهتمام مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بالمساهمة في إثراء المناقشات ذات الصلة بالأبعاد الأمنية للتغيرات المناخية، يحوي هذا الملف خمس مساهمات تناقش هذه العلاقة بين التغيرات المناخية وخمس قضايا أمنية هي أمن الطاقة في أوروبا، والأمن الإنساني في أفريقيا، والصراعات المسلحة في أفريقيا، والحرب الروسية-الأوكرانية، والإرهاب في منطقة الساحل، وكتب هذه المساهمات خمسة من خبراء المركز وباحثيه وهم دكتور أحمد قنديل، ودكتورة أميرة عبدالحليم، ودكتورة إيمان رجب، وأستاذ أحمد عليبة، وأستاذة بسمة سعد.