اكتسبت الجولة التي قام بها الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى منطقة الشرق الأوسط، وشملت كلاً من إسرائيل والأراضي الفلسطينية والسعودية، حيث عقد قمة مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والعراق والأردن، خلال الفترة من 13 إلى 16 يوليو 2022، أهمية خاصة لاعتبارات رئيسية أربعة: يتمثل أولها، في أنها توافقت مع تصاعد حدة أزمات إقليمية ودولية كان لها ارتدادات مباشرة على منطقة الشرق الأوسط، ومن بينها الحرب الروسية-الأوكرانية وما فرضته من ارتفاع كبير في أسعار النفط، على نحو حوّل ملف الطاقة تحديداً إلى عنوان رئيسي للجولة.
ويتعلق ثانيها، بأنها توازت مع اتجاه دول عديدة بالمنطقة إلى إعادة تقييم اتجاهات علاقاتها الدولية ليس فقط مع الولايات المتحدة الأمريكية وإنما أيضاً مع منافسيها، لاسيما روسيا والصين. فالرئيس بايدن جاء إلى المنطقة مؤكداً عدم استعداد واشنطن إلى الانسحاب منها لصالح منافسيها، لكنه قوبل برسائل عديدة مفادها أن لدول المنطقة خياراتها على الساحة الدولية، وأنها سوف تتعاطى مع التطورات التي تشهدها تلك الساحة بما يتوافق مع مصالحها في المقام الأول.
وينصرف ثالثها، إلى أنها جاءت في وقت تزايدت فيه التوقعات بحدوث تطورات رئيسية في ملفات رئيسية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. ورغم أن النتائج التي أسفرت عنها زيارة الرئيس الأمريكي لإسرائيل والأراضي الفلسطينية لم تتوافق مع تلك التوقعات، فإن النتيجة الأهم كانت في قمة جدة، عندما أدرك الرئيس بايدن أن القضية الفلسطينية ما زالت تحظى بأولوية لدى الدول العربية التي شارك قادتها في القمة، رغم كل الأولويات الأخرى التي تفرض نفسها على أجندة تلك الدول.
ويتصل رابعها، بأنها حفَّزت قوى أخرى على توجيه رسائل مضادة بدورها. وبدا ذلك جلياً عندما استضافت طهران القمة الثلاثية- بعد زيارة بايدن بثلاثة أيام- بمشاركة الرؤساء الإيراني إبراهيم رئيسي والروسي فيلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان. ورغم أن العنوان الرئيسي لتلك القمة كان الملف السوري، إلا أن ذلك لا ينفي أن طهران وموسكو استغلتا القمة لتأكيد حضورهما في ملفات المنطقة المختلفة، ولتعزيز العلاقات فيما بينهما لمواجهة الضغوط والعقوبات الغربية والأمريكية.
انطلاقاً من ذلك، يُفرِد الموقع ملفاً خاصاً حول جولة الرئيس بايدن، يتضمن التوقعات وردود الفعل الاستباقية للزيارة، ثم التفاعلات التي جرت خلالها، وأخيراً النتائج التي انتهت إليها.