تسارعت الأحداث فى أعقاب اتجاه روسيا لغزو أوكرانيا فى 24 من فبراير 2022، إذ فرضت التحركات الروسية وردود الفعل الدولية والإقليمية الكثير من الآثار والتداعيات التي لم تقف عند حدود القارة الأوروبية بل تجاوزتها للعالم بأسره، حيث دخل النظام الدولي في إطار عملية تغيير تحمل الكثير من التكهنات حول مستقبل الاستقرار ومصائر الشعوب وكيف سيصبح شكل العالم والقوى المهيمنة على العلاقات الدولية مع نهاية الأزمة في ظل الاستقطاب المتصاعد واتجاه العديد من الدول إلى تغيير سياساتها الدفاعية، بالتخلي عن حيادها العسكري ومحاولة الانضمام إلى حلف شمال الأطلنطي. كما زادت دول مثل ألمانيا من ميزانياتها العسكرية في تحول تاريخي لسياستها، هذا فضلاً عن الآثار التي تتركها الحرب الروسية- الأوكرانية على مستقبل حلفاء روسيا وفى مقدمتهم الصين .
وعلى المستوى الميداني، لا تزال الحرب الروسية- الأوكرانية تبعث بإشارات مختلفة حول طبيعة النتائج المرتقبة للحرب، فعلى الرغم من صمود القوات الأوكرانية في مواجهة الغزو الروسي ومحاولاتها منع سقوط المدن الرئيسية في أيدى الجيش الروسي مع تزايد الخسائر لدى الطرفين، حيث أكد تقييم للمخابرات العسكرية البريطانية صدر في 15 مايو 2022، أن روسيا فقدت نحو ثلث القوة القتالية البرية التي نشرتها في فبراير ٢٠٢٢، إلا أن الجيش الأوكراني يقر بحدوث انتكاسات مع استمرار تقدم القوات الروسية وسيطرتها على مزيد من المدن وخاصة في شرق أوكرانيا .
وأمام هذه التطورات المتلاحقة في الحرب الروسية- الأوكرانية وما تطرح من تهديدات على الاستقرار والأمن الدولي والإقليمي، تأتى أهمية هذا الملف الذى حاول من خلاله مجموعة من الخبراء والباحثين تحليل أسباب وتداعيات الحرب الروسية-الاوكرانية عبر عدد من المحاور .