يبدو أن عام 2022 سوف يشهد استحقاقات عديدة على المستويات المختلفة، لاسيما الإقليمية والدولية. فعلى المستوى الإقليمي، تبدو الأزمات الرئيسية في الشرق الأوسط مقبلة على مرحلة جديدة تتراوح فيه أنماط التفاعلات بين التهدئة والتصعيد، وذلك نتيجة المؤشرات العديدة التي برزت في النصف الثاني من عام 2021، وتوحي بأن ثمة محاولات لتحسين العلاقات بين قوى رئيسية عديدة بالمنطقة، مع استمرار التصعيد والتوتر بين القوى المحلية التي تتأثر بتلك التفاعلات، نتيجة ارتباط معظمها بحسابات ومصالح هذه القوى. وتبدو هذه الانعكاسات جلية في حالات مثل سوريا والعراق واليمن وليبيا وتونس والسودان، حيث ما زالت الجهود التي تبذل للوصول إلى تسويات لأزماتها تواجه عقبات لا تبدو هينة.
ورغم أن القضية الفلسطينية بدأت تستعيد مكانتها من جديد كقضية رئيسية على المستوى العربي، خاصة بعد أن حظيت باهتمام خاص، على الصعيد الدولي أيضاً، فرضته الحرب التي دارت بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في مايو 2021، فإنها ما زالت تواجه تحديات لا تبدو هينة، في ظل جمود عملية السلام بسبب سياسات حكومة نفتالي بينيت، والتركيز على ما يسمى بـ”السلام الاقتصادي مقابل التهدئة” بدلاً من السلام مقابل تجميد الاستيطان وعمليات التهويد.
ومن دون شك، فإن استمرار تصاعد حدة تلك الأزمات يمثل بيئة مواتية للتنظيمات الإرهابية، لاسيما تنظيمى “داعش” و”القاعدة”، اللذين يجريان عملية إعادة هيكلة بناءً على المعطيات الجديدة التي فرضتها التطورات التي طرأت على خريطة التنظيمات الإرهابية خلال عام 2021، لاسيما بعد الضربات القوية التي تعرض لها التنظيمان خلال هذا العام.
وعلى المستوى الدولي، يبدو أن التنافس سوف يتصاعد بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية خلال العام الجديد. كما أن الاقتصاد العالمي مرشح لمواجهة تحديات لا تبدو هينة خلال العام الجديد، وفي مقدمتها مخاطر الركود التضخمي، حيث أن تعافي النمو الذي حدث في العام المنصرم لم يقترن بتعافٍ في التشغيل، بسبب استمرار الاعتماد على حزم التحفيز التي تقدمها الحكومات، وهو ما يعني أن التعرض لركود مبكر سيؤدي بدوره إلى تقليص احتمالات تعافي التشغيل وعودته إلى مستويات ما قبل الأزمة التي فرضها انتشار وباء “كوفيد-19”.
ووسط هذه البيئة الإقليمية والدولية التي يمكن أن تفرض ضغوطاً سياسية واقتصادية واجتماعية، ما زال تأثير خطابات اليمين المتطرف قائماً بقوة رغم التراجع الملحوظ في شعبيتها على المستوى السياسي، وهو ما سيكون له دور، في الغالب، في إنتاج نمط جديد من “الإرهابيين” الذين ينتمون إلى اليمين المتطرف، ويمارسون ما يسمى بـ”الإرهاب الأبيض”.