ملفات - هل بات التجديد في حقل العلاقات الدولية ضرورة؟
PDF
الافتتاحية
د. محمد عباس ناجى

لاعتبارات عديدة، ربما لم يكن السؤال عن ضرورة التجديد في حقل العلاقات الدولية ليستوعب قضايا ومتغيرات جديدة مطروحًا في أى وقت مضى بنفس الأهمية والإلحاح التي يبدو عليها في الوقت الحالي. صحيح أن هذا السؤال قد لا يكون جديدًا، لكنه متجدد، بفعل التطورات التي تشهدها الساحة الدولية على مستويات مختلفة. ورغم اختلاف الاجتهادات التي طرحت في هذا الصدد حول الإجابة على هذا السؤال، بين اتجاه يدعو إلى ضرورة هذا التجديد، وآخر يرى أهمية التعامل مع ذلك بحذر، وثالث يعتبر أن هناك استمرارية في القضايا الخاصة بالصراع والتعاون دون نفى أهمية تطويرها بما يتوافق مع المعطيات الجديدة التي تفرضها التطورات الطارئة على الساحة الدولية، ورابع يضفي وجاهة خاصة على قضايا مثل الأمان الإنساني وقوة المجتمعات، وليس قوة الدولة، فإن هناك اتفاقًا على أن ما يحدث الآن من ظواهر جديدة بات يفرض إشكاليات منهاجية لا تبدو هينة أمام المدارس الكلاسيكية في العلاقات الدولية، وأهمها من دون شك، المدرسة الواقعية. فقد بات واضحًا أن الدولة لم تعد الفاعل الوحيد على المستوى الدولي، وأن النمط الكلاسيكي للصراع وأداته الأساسية متمثلة في القوة، تراجع لصالح أنماط أخرى وأدوات مختلفة، وأن هناك فواعل أخرى تظهر على الساحة وبات لها تأثير على اتجاهات وأنماط العلاقات الدولية، بداية من الشركات متعددة الجنسيات مرورًا بالمنظمات الإقليمية والدولية وحتى الأفراد، وانتهاءً بالظواهر الجديدة على غرار التغيرات المناخية والأوبئة. هذه الظواهر الجديدة بدأت تنتج تأثيرات تفوق ما فرضته الصراعات المسلحة التي عاصرها العالم على مدى قرون طويلة، وكان آخر تجلياتها الانسحاب الأمريكي من أفغانستان. كما أنها بدأت تتحول إلى محور أساسي في إدارة التفاعلات بين الأطراف الرئيسية في النظام الدولي. على سبيل المثال، اكتسبت الخلافات التي ما زالت مستمرة حول ما يسمى بـ'منشأ كوفيد-19'، طابعًا سياسيًا بامتياز، في ظل تحولها إلى محور لإدارة التفاعلات بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، وربما كان لها دور حتى في الأزمة الأخيرة التي تسبب فيها انسحاب استراليا من صفقة الغواصات الفرنسية، لصالح صفقة أمريكية بديلة مع تكوين تحالف 'اوكوس' بين استراليا والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، على نحو لا يمكن فصله عن الأزمة التي تصاعدت حدتها بين استراليا والصين حول مطالبة الأولى بالتحقيق في أصل فيروس كوفيد-19. كما كان للتغيرات المناخية أيضًا تأثير واضح على التفاعلات التي جرت على الساحة الدولية. فقد كانت تلك الظاهرة سببًا في إقدام دول عديدة على تقديم مساعدات لدول أخرى في إطفاء الحرائق التي اندلعت فيها، على غرار تلك التي تعرضت لها اليونان في أغسطس 2021.ورغم أن ذلك قد لا يعبر عن اتجاه جديد في العلاقات الدولية، فإن ما هو جديد هو أن تلك الظاهرة كانت سبباً في تأجيج التوتر بين دول مثل الجزائر والمغرب، في الشهر نفسه، عندما وجّهت الأولى اتهامات للثانية بالتورط في الحرائق التي اندلعت فيها، قبل أن تتخذ قرارًا بقطع العلاقات الدبلوماسية معها. وفي إطار اهتمام مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام بالمساهمة في النقاش حول هذه القضية، يتضمن هذا الملف اجتهادات رئيسية أربعة حول مدى إمكانية التجديد في حقل العلاقات الدولية، على ضوء تزايد تأثير متغيرات مثل الأوبئة، والتغيرات المناخية، والذكاء الاصطناعي، كتبها أربعة من كبار أساتذة العلوم السياسية على مستوى الوطن العربي، هم الأستاذ الدكتور على الدين هلال، والدكتور وحيد عبد المجيد، والأستاذ الدكتور بهجت قرني، والدكتور جمال عبد الجواد.

لتحميل الملف كاملا اضغط هنا