يتطلع العالم إلى ما بعد الحقبة الأمريكية في أفغانستان، ومصير أفغانستان في ظل العهد الجديد لحركة طالبان. وبينما تراهن بعض الأطراف الدولية والإقليمية على أن الطبعة الجديدة من طالبان مختلفة عن السابقة ما بين منتصف عقد التسعينيات وحتى سقوط كابول عقب هجمات 11 سبتمبر 2001، فإنه لا يزال من المبكر إثبات صحة هذه الفرضية، حيث لا تزال هناك حالة من اللايقين تسيطر على التكهنات بشأن مستقبل أفغانستان – طالبان. ورغم الإشارات الأولى التي أطلقتها طالبان بهذا المفهوم، إلا أن الإطار الأيديولوجي الحاكم لمظلة حكم 'الإمارة الإسلامية' الجديدة ومؤسساتها- إن جاز التعبير- ربما يقلص من وجاهة التفاؤل بهذا المسار، كما أن اختبار الثقة في الحركة سيستغرق بعض الوقت للحكم على مدى التغير ليس فقط على مستوى الحركة، ولكن على مستوى البلاد التي عانت لعقود من الحروب ما بين العهدين السوفيتي والأمريكي، ولم تعرف على مدار ما يقارب من 7 عقود تقريباً حالة الاستقرار.
من جانب آخر، يمكن التنبؤ –مبدئياً - بأن الخروج الأمريكي من أفغانستان سيعيد تشكيل محور جيوسياسي في أقاليم شرق وجنوب آسيا، بالنظر إلى الأهمية الجيوستراتيجية للموقع الأفغاني بين قوى دولية مثل الصين وروسيا وأخرى إقليمية على غرار باكستان والهند وإيران، والتي تمثل أقاليم الجوار المباشر لأفغانستان.
في هذا السياق، يسلط هذا الملف الضوء على ما جرى فى رحلة الخروج الأمريكي من أفغانستان، ورحلة عودة طالبان إلى كابول، كما يقدم رؤى أوّلية لاستشراف المشهد التالي في أفغانستان على المستويات المختلفة السياسية والاجتماعية والأمنية والاقتصادية.