جبهة النُصرة وتنظيم القاعدة .. سوريا على خطى العراق
2013-4-14

صافيناز محمد أحمد
* خبيرة متخصصة فى الشئون السياسية العربية ورئيس تحرير دورية بدائل - مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية
فى تطور "مفاجئ " سيكون له مردوده على مسار الأزمة السورية أعلنت جبهة النُصرة السورية فى العاشر من شهر ابريل الجارى مبايعتها لزعيم تنظيم القاعدة ايمن الظواهرى على السمع والطاعة والجهاد، بعد يوم واحد من إعلان أبو بكر البغدادى زعيم تنظيم القاعدة( فرع العراق) أن جبهة النصرة التى تحارب النظام السورى هى جزء من التنظيم الناشط فى العراق، وذلك عبر تسجيل صوتى نشر على شبكة الانترنت قال فيه البغدادى "آن الأوان لنعلن أمام أهل الشام والعالم بأسره أن جبهة النصرة ما هى إلا امتداد لدولة العراق الإسلامية وجزء منها"، وأعلن أيضا دمج اسم التنظيم الذى يرأسه وهو "دولة العراق الإسلامية" واسم "جبهة النُصرة" فى تنظيم واحد هو تنظيم "الدولة الإسلامية فى بلاد العراق والشام"، مؤكدا أن تنظيم القاعدة فى العراق هو الذى سمى أبو محمد الجولانى زعيما لجبهة النُصرة منذ ظهور الجبهة على مسرح الأحداث فى سوريا خلال عام 2011، دون أن تفصح تلك التصريحات عن "مدى ونوع " الارتباط بين الجبهة وبين تنظيم القاعدة؛ وهل يعد أرتباطا مركزيا أم هيكليا أم مجرد التزاما بالرؤية العامة للتنظيم، وإن كان البغدادى قد أشار إلى دور تنظيم القاعدة فى العراق فى إمداد جبهة النُصرة بالتمويل والتدريب والمقاتلين. إعلان جبهة النُصرة مبايعتها لزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهرى مباشرة وتجاهلها أو تنصلها مما أعلنه البغدادى، جاء ردا على مباغتة البغدادى لجبهة النُصرة التى أماط فيها اللثام عن العلاقة بين الطرفين؛ فوفقا لما أعلنه الجولانى زعيم جبهة النُصرة، بأن الجبهة وإن كانت تقدر للتنظيم فى العراق - باعتباره فرع من فروع التنظيم الأكبر- ما قدمه من تضحيات فى مواجهة الوجود الأمريكى هناك وما بذله من دماء تحت لواء راية الدولة الإسلامية، وما قدمه من مساعدات للجبهة، إلا أنها ومجلس الشورى ومسئولها العام لم "يستشاروا" من قبل فرع التنظيم بالعراق فى مسألة "تبعية" الجبهة له. ولكن فى الوقت نفسه فإن دعوة البغدادى للجبهة بضرورة "الارتقاء الجهادى نحو الدولة الإسلامية " دفعت الجولانى إلى مبايعة زعيم التنظيم مباشرة، البعض رأى فى هذه الخطوة تعبيرا عن قدر من الخلاف فى الرؤى بين التشكيلات الفرعية لتنظيم القاعدة لاسيما مع فرع العراق لما كان لعملياته ضد الأفراد والمؤسسات العراقية المعروفة بتعاونها مع الاحتلال الأمريكى حينئذ من تأثيرات وتداعيات سلبية على الاستقرار الأمنى والسياسى فى العراق، الأمر الذى يفسر تخوف جبهة النُصرة السورية من تبعيتها لتنظيم القاعدة العراقى من أن توصم بالتاريخ ذاته، ما قد يقلص من أهمية نضالها ضد الجيش النظامى السورى خاصة أنها وفى إطار مواجهتها للنظام السورى تلافت أخطاء القاعدة التى مارسها التنظيم فى العراق حتى الآن، لكن وفى المقابل فإن تبعيتها للتنظيم العام من شأنه تأكيد النزعة المتطرفة لـلجبهة خاصة فى رؤيتها للشريعة واحتمالات تطبيقها على السوريين مستقبلا فى مرحلة ما بعد سقوط النظام، حيث تثير هذه الاحتمالات قلق الكثير من الطوائف السورية؛ الدرزية والمسيحية والعلويين الشيعة والسنة المعتدلين الذين يخشون من أن تحاول جبهة النُصرة فرض حكم مماثل لحكم حركة طالبان الأفغانية. فى هذا السياق فإن اعلان الجبهة تبعيتها لتنظيم القاعدة بمبايعتها لزعيم التنظيم أيمن الظواهرى من شأنه خلط أوراق الأزمة السورية والتأثير بشكل ما على الموقف الدولى والإقليمى من الأزمة وتفاعلات القوى المعنية بها، والأخطر من كل ذلك هو إعطاء النظام السورى "قبلة الحياة" وتقويته فى وقت يعانى فيه من ضربات داخلية ناجحة حققها الجيش السورى الحر والجبهة ضده ويعانى أيضا من عزلة دولية وإقليمية خارجية، لأن هذا الإعلان سيكون ذريعة للنظام لاستمرار المواجهة مع المقاومة باعتبارها عناصر إرهابية، بل ويعطى أعماله الإجرامية شرعية مقبولة على الأقل أمام مواطنيه الذين لايزالون يؤيدونه، ما يستدعى التساؤل حول ماهية جبهة النُصرة، ودلالات توقيت إعلان مبايعتها لتنظيم القاعدة، وتداعيات تلك المبايعة على مسار الأزمة السورية وعلى مواقف القوى الدولية لاسيما الولايات المتحدة؟ ماهية جبهة النُصرة؟: هى جماعة سلفية جهادية شُكلت فى أواخر عام 2011 بعد اندلاع الثورة السورية فى مارس من العام المذكور، وتعد من أبرز قوى الثورة فقد استطاعت فى غضون شهور قليلة من تشكيلها أن توجه ضربات موجعة للجيش النظامى السورى نتيجة لتمتع عناصرها بخبرة عسكرية قتالية عالية؛ حيث تضم مقاتلين سوريين من الذين قاتلوا من قبل فى العراق وأفغانستان والشيشان كما تضم عددا من المقاتلين من جنسيات أخرى (عرب وأتراك وأوزبك وشيشانيين وبعض من الأوروبيين). وهو ما يفسر الضربات العسكرية الناجحة التى وجهتها الجبهة للنظام والتى استهدفت فى غالبيتها مراكز عسكرية وأمنية ومنها : تفجير مبنى قيادة الأركان بدمشق، تفجير مبنى المخابرات بحرستا، تفجير مبنى الضباط فى حلب، كما شاركت مع الجيش السورى الحر وقوى الثورة السورية المسلحة ككتائب أحرار الشام فى السيطرة على مطار تفتناز ومعرة النعمان ومواجهة الجيش السورى فى حلب والسيطرة على بعض ألوية الجيش النظامى. وقد اختارت الجبهة أبو محمد الجولانى زعيما لها، بعض تقارير الاستخبارات الأمريكية تقول بأن الجبهة تنتمى فكرا وتنظيما ونمطا لاسيما نمط عملياتها لفرع تنظيم القاعدة فى العراق، وأنها تضم حوالى 30 ألف مقاتل عدد كبير منهم عراقيين ما دعى واشنطن إلى إدراجها ضمن الجماعات الإرهابية فى ديسمبر 2012، وقالت الخارجية الأمريكية فى توضيح لهذا الإجراء "أن الجماعة مسئولة عن ما يقرب من 600 هجمة فى عدة مدن سورية عام 2012، بما فى ذلك تفجيرات انتحارية أودت بحياة عدد من السوريين الأبرياء". وقد قوبل هذا الاجراء الأمريكى "وقتها" برفض من قوى المعارضة السورية السياسية والعسكرية، أما حاليا وفور إعلان الجبهة تبعيتها لتنظيم القاعدة أعلن الجيش السورى الحر أنها لا ترتبط به ولن تشاركه فى أية عمليات عسكرية أخرى. وقد أصدرت الجبهة أول بيان لها فى يناير 2012 ودعت فيه جموع الشعب السورى إلى الجهاد ضد نظام بشار الأسد، وتنشط جبهة النُصرة فى أغلب المناطق التى تشهد مواجهات بين قوات المعارضة السورية والجيش النظامى، وميدانيا تسيطرعلى العديد من الأحياء والمدن سواء بمفردها أو بالاشتراك مع غيرها من الجماعات المقاتلة خاصة فى مدن حلب وريفها ومحافظة الرقة وإدلب ودير الزور وفى ريف دمشق ومحافظة درعا مهد الثورة السورية. التوقيت والمستفيدون: أدى توقيت الإعلان عن تبعية جبهة النُصرة لتنظيم القاعدة إلى ارباك قوى المعارضة السياسية والمسلحة على حد سواء وهو ما كان سببا لتحفظ زعيم النُصرة محمد الجولانى على توقيت إعلان البغدادى لطبيعة الارتباط بين الجانبين تحت مسمى الدولة الإسلامية لما سيثيره من ردود أفعال داخلية بين قوى المعارضة بعضها البعض، وردود فعل خارجية ستؤثر بالضرورة على مسار الأزمة برمتها، كما أنه يتناقض بشكل واضح مع تأكيد الجبهة منذ ظهورها على هدف إقامة دولة مدنية ديمقراطية بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد؛ المعارضة من جانبها أعلنت تنصلها من مساندة الجبهة أو التعاون معها خلال المرحلة القادمة فقد سارع الجيش السورى الحر إلى رفض مشاركة الجبهة له فى أى عمليات جديدة على الرغم مما أعلنه المنسق الإعلامى والسياسى للجيش الحر لؤى المقداد من أن الواقع الميدانى المتفاعل يوميا مع أهداف الجيش النظامى يفرض نفسه على الجميع ما قد يدفع الجيش السورى الحر "مضطرا" إلى التعاون مع الجبهة فى بعض العمليات كما قال:" أن جبهة النصرة تنظيم قد يكون يؤمن بأهداف الثورة ويعمل لإسقاط النظام، لكن لديه فكر نختلف معه". بالإضافة إلى ذلك فقد أعلن رئيس الائتلاف السورى المعارض معاذ الخطيب أن "فكر" تنظيم القاعدة لا يتناسب مع سياسة الائتلاف وطالب الثوار باتخاذ قرارات واضحة وحاسمة فى هذا الشأن. البعض يرى أن "توقيت" الإعلان عن الارتباط بين الجبهة وتنظيم القاعدة هدفه الإضرار بالثورة السورية ووصفها بالإرهاب وهو ما اعتاد نظام بشار الأسد التصريح به فى الوقت الذى تحقق فيه المعارضة السورية المسلحة ضربات قوية للنظام قد تساهم فى حسم المعركة، ما يجعل النظام هو المستفيد الأول من هذا الإعلان، خاصة بعد أن بعثت الخارجية السورية برسالة للأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون فى العاشر من ابريل الجارى أى فى نفس توقيت الإعلان عن الارتباط بين النُصرة وتنظيم القاعدة مفادها "أن التفجيرات الانتحارية والاستهداف العشوائى المتكرر بالقذائف للأحياء المدنية فى دمشق باتت سلوكا نمطيا للمجموعات الإرهابية المسلحة"، هكذا يرى النظام السورى عمليات الجيش السورى الحر والجماعات الثورية المسلحة الأخرى كالنُصرة وكتائب أحرار الشام يراها كمجموعات إرهابية، وبالإعلان عن العلاقة بين القاعدة وبين النُصرة سيكون المبرر لمزيد من القمع الذى سيمارسه النظام تجاه قوى الثورة السورية حاضرا فى مشهد الأزمة السورية. فى الإطار نفسه يشير البعض إلى أسباب تأخر اعلان الارتباط بين الجبهة وتنظيم القاعدة إلى رغبة الجبهة فى أن تنال دعم السوريين لعملياتها أولا وهو ما تحقق بالفعل، وأن الإعلان عن الارتباط مع القاعدة مبكرا وفى ظل الخبرة السيئة لهذا التنظيم سيقوض من فرص التعاون بين الجيش السورى الحر وبين الجبهة، وبينها وبين المواطنين فى المناطق التى حررتها وتتولى الإشراف عليها أمنيا وتتولى أيضا الإدارة المحلية لها ونجحت فى تلبية احتياجات المواطنين بها. التداعيات على مسار الأزمة السورية: بهذا الشكل يكون الإعلان عن الارتباط بين تنظيم القاعدة وجبهة النُصرة السورية قد خلط الأوراق مجددا أمام القوى الدولية والإقليمية المعنية بالأزمة، خاصة تلك التى تدعم المعارضة وسيؤدى مستقبلا إلى مزيد من التعقيد فى المشهد السياسى للمنطقة برمتها؛ لأنه سيضعها أمام خيارات غاية فى الصعوبة لاسيما الولايات المتحدة التى كانت ولا تزال متخوفة من هيمنة العنصر الإسلامى على المقاومة السورية، ناهيك عن أنه وفى حالة التنسيق بين قاعدة العراق وبين نظيرتها السورية ستكون كل من لبنان والأردن وتركيا أيضا فى مرمى أهداف التنظيمين لاسيما بعد سقوط النظام السورى، وسيغطى التنسيق المحتمل مستقبلا بين فرعى تنظيم القاعدة فى العراق وسوريا المنطقة الممتدة من العراق إلى سوريا وستكون بمثابة قاعدة جغرافية استراتيجية جديدة للتنظيم تتمتع بإمكانيات بشرية ومادية ضخمة تفوق فى تأثيراتها حجم التأثيرات التى حدثت فى أفعانستان، لأنها لن تكون هذه المرة بعيدة عن التأثير الجيوسياسى لمنطقة الشرق الأوسط بل ستكون بهذه القاعدة الجغرافية المحتملة فى "قلب" المنطقة وقريبة مباشرة من إسرائيل. وبما أن واشنطن لديها قناعة تامة نتيجة لخبراتها السابقة مع تنظيم القاعدة بأنه كلما طال أمد أى أزمة يتورط فيها تنظيم القاعدة ازداد التنظيم قوة وثبات على الأرض ونتيجة للتأثيرات السلبية لوجوده فى سوريا على أمن اسرائيل فإن ثمة تحولا ربما سيشهده الموقف الأمريكى تجاه جبهة النُصرة، وهو ما بدأ فعلا بتسريب أخبار عن اعتزام واشنطن توجيه ضربة لقواعد الجبهة باعتبارها جماعة إرهابية، ناهيك عن اعتبار البعض أن توافقا ما روسى أمريكى من المحتمل حدوثه يتضمن قيام روسيا بالتدخل ولو استخباراتيا لملاحقة عناصر الجبهة مقابل أن تضمن الولايات المتحدة لروسيا مصالحها فى سوريا فى حالة "اضطرارها" التخلى عن نظام الأسد مستقبلا. الارتباط بين جبهة النُصرة والقاعدة من شأنه أيضا ارباك القوى الدولية الراغبة فى تسليح المعارضة بأسلحة نوعية تزيد من قدرتها على حسم الواقع الميدانى فى مواجهة الجيش النظامى، ما قد يؤدى إلى تراجع أو على أقل تقدير تردد تلك القوى فى مساعيها لرفع الحظر عن تسليح المعارضة وبالتحديد الموقفين البريطانى والفرنسى اللذان يضغطان فى هذا الاتجاه، مخافة أن تصل هذه النوعية من الأسلحة لجماعات متشددة تتبنى فكر تنظيم القاعدة ما يمكن أن يؤدى إلى مواجهات طويلة ودامية مع القوى الدولية وربما مع إسرائيل مستقبلا. بهذا المعنى باتت القوى الدولية مترددة بين دعم مشروعين للمعارضة: الأول، يمثله الائتلاف السورى المعارض الذى يريد إقامة دولة مدنية ديمقراطية دستورية تحتكم لمبدأ تداول السلطة وحكم الصناديق الانتخابية. والثانى، مشروع إسلامى بحت يقوم على قواعد الشريعة الإسلامية على أن تكون الدولة السورية وقتها جزءا من الخلافة الإسلامية. بمقتضى الحال ستدعم الدول الغربية والولايات المتحدة المشروع الأول، ولكن لكى يتحقق هذا المشروع لابد من تسليح المعارضة دون جبهة النُصرة لأن إعلان الارتباط بين النُصرة وبين القاعدة جعل الدول الكبرى أقل حماسا تجاه مسألة التسليح وانعكس ذلك بوضوح فى اجتماعات وزراء خارجية مجموعة دول الثمانية فى لندن مع عدد من قيادات المعارضة السورية وهو اجتماع جاء بعد يوم واحد من اعلان الارتباط بين الجبهة والقاعدة، ما يعنى أن التسليح إن تم سيكون "بشروط" محتملة يصبح بمقتضاها هدف القضاء على جبهة النُصرة ومثيلاتها من جماعات المقاومة السورية سابقا على هدف اسقاط نظام الأسد نفسه ومنها: • أن يعلن الجيش السورى الحر تبرؤه رسميا من التعاون مع جبهة النصرة ميدانيا وهو أمر قد يكون سهل فى التصريحات الرسمية لكن على أرض الميدان والمعارك فإن ضربات جبهة النُصرة أقوى بمراحل وأكثر تأثيرا من ضربات الجيش السورى الحر، ما يعنى أن المعارضة قد تخسر ذراعا عسكريا قويا أو أن يصيبها قدر من الانقسام فى الرؤى والتنفيذ وهو أمر سينعكس بالسلب على المواجهات مع النظام السورى. • أن تنخرط المعارضة أولا فى محاربة جبهة النُصرة وشل قدراتها مقابل أن توافق القوى الكبرى على تسليح الجيش السورى الحر، ويحمل هذا الشرط المحتمل فى طياته وقود الحرب الأهلية التى إن بدأت تأخذ مجراها ستكون حربا طائفية بالأساس وتصبح سوريا وقتها دولة فاشلة ضعيفة ممزقة قابلة للتجزئة. فى إطار السياق السابق كيف يمكن أن نستبين تأثير الارتباط بين جبهة النُصرة وتنظيم القاعدة على إسرائيل؟ فى أعقاب الاعلان عن علاقة النُصرة بالقاعدة صرح عاموس جلعاد المنسق الأمنى والسياسى بوزارة الدفاع الإسرائيلية فى مقابلة مع صحيفة يديعوت أحرونوت يوم 10/4/2013، بأن إسرائيل تفضل وجود تنظيم القاعدة فى جوارها السورى على وجود محور الشر( ايران وحزب الله ونظام الأسد). التصريح للوهلة الأولى يعد مفاجأة ويعكس رؤية إسرائيل بالنسبة لتطورات الأزمة السورية ويتناقض فى الوقت نفسه مع مخاوف أمريكية دائمة على أمن إسرائيل من وقوع المخزون الكيماوى والبيولوجى السورى فى قبضة جماعات جهادية متشددة قد تكون على صلة بالقاعدة!، فإسرائيل ترى أن الأفضل لها أمنيا مواجهة القاعدة على بقاء الأسد ومن ورائه ايران وأنه وحتى ولو "تفككت" الدولة السورية إلى دويلات طائفية مما قد يؤدى إلى استقرار تنظيم القاعدة فى إحداها فإنه وفقا لتصريحات جلعاد " ليس بإمكان إسرائيل أن تفضل على ذلك بقاء نظام الرئيس الأسد ذلك أن محور الشر مخيف "، مشيراً الى أن "هذا التنظيم يعمل بشكل منهجى على بناء قدراته الخاصة فى هذه الدولة، لكن مهما كان التهديد الذى يشكله هذا التنظيم، إلا أنه لا يقارن بالتهديد الذى يشكله محور إيران وسوريا وحزب الله". التصريح يبين أن التعامل الأمريكى الإسرائيلى مع سوريا سيكون على مراحل للتصفية وربما التجزأة. المرحلة الأولى تتمثل فى زوال نظام بشار الأسد أيا كانت الطريقة التى سيتم بها ذلك؛ بالتدخل العسكرى أو بتمويل المعارضة وتسليحها أو حتى بتسوية سياسية إقليمية، ثم بعد ذلك تبدأ مرحلة مواجهة تنظيم القاعدة فى سوريا على غرار ما فعلته الولايات المتحدة فى العراق، أو أن يتم دمج المرحلتين معا باعتبار أن وجود تنظيم القاعدة على الآراضى السورية سيعد ذريعة كافية لتدخل عسكرى ربما يكون أمريكى أو أمريكى غربى من خلال الناتو للقضاء على التنظيم باعتباره تنظيما عالميا للإرهاب. بعدها ستكون سوريا دولة فاشلة ضعيفة قابلة للتجزأة أو على أقل تقدير تقع تحت الرعاية الأمريكية سياسيا وقابلة لتطبيق نظام للمحاصصة الطائفية الذى يمكنها ( أى الولايات المتحدة) من التأثير مستقبلا على توجهات وسياسات سوريا الجديدة تماما كالدور الذى لعبته واشنطن فى العراق مع فروقات بسيطة تتجنب وتتلافى فيها أخطاء التجربة العراقية حماية لأمن حليفتها الاستراتيجية إسرائيل.

رابط دائم: