السلطة الانتقالية في ليبيا: فرصة لتغيير الواقع رغم التحديات الصعبة
2021-2-16

أحمد عليبه
* خبير- مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

تشكلت السلطة التنفيذية الليبية الجديدة التي نتجت عن ملتقى الحوار السياسي في جنيف في 5 فبراير الجاري (2021) في سياق اختراق سياسي مفاجئ يختلف كلياً عن السياقات التقليدية لتشكل الحكومات السابقة عبر أربع دورات انتقالية متتالية، كانت تستند إلى معادلة توازنات القوى الداخلية وتوافقات القوى الخارجية، وبالتالي يمكن القول إن الدلالة الرئيسية لفوز السلطة الجديدة عبر آلية ملتقى الحوار السياسي هى التصويت الاحتجاجي بهدف كسر المعادلات النمطية السائدة في المشهد الليبي على مدار عقد كامل، الأمر الذي يوفر فرصة استثنائية لتغيير هذا المشهد، وهو ما سيتوقف على أداء السلطة خلال المرحلة الانتقالية الجديدة وقدرتها على وقف دوران عجلة المراحل الانتقالية المتعاقبة، والعبور إلى مرحلة الاستقرار السياسي الدائم. 

مؤشرات عديدة

تعكس معطيات المرحلة البينية بين إعلان الحكومة الجديدة واستكمال إجراءات التشكيل الحكومي عدداً من المؤشرات الهامة ذات الدلالة في المشهد القادم، ومنها على سبيل المثال:

1- قبول النتائج: وهو مشهد يحسب للنخبة الليبية المشاركة في الحوار السياسي. فالقوائم الخاسرة سرعان ما رحبت بالنتائج وأعلنت دعمها للسلطة الجديدة، وهى نقطة جوهرية في المشهد الليبي، فغالباً ما كان يتم التشكيك في نتائج التوافقات السياسية أو عدم الاعتراف بالنتائج، وبناءاً على هذه الخطوة تمكنت الحكومة الجديدة من الوصول إلى طرابلس، وفرضت النتائج أمر واقع جديداً تجري فى ضوئه الخطوة التالية وهى تسلم السلطة على نحو سيشكل سابقة جديدة في المشهد الليبي.

2- شرعية السلطة: أو ما يطلق عليه "تحصين" السلطة باعتمادها ومنحها الثقة من البرلمان، وهى مسألة جدلية في كافة السوابق الليبية، لدرجة أنه لم تتولى حكومة واحدة السلطة دون أن يُطعن في شرعيتها القانونية لأسباب إجرائية مختلفة. ويبدو أنه تم استدراك هذا الموقف مبكراً في ملتقى الحوار،  حيث تم الإقرار بأنه في حال تعذر حصول الحكومة على ثقة البرلمان تعود مرة أخرى إلى الملتقى ليمنحها إياها، كبديل لسد الذرائع أمام أى عملية طعن محتملة. لكن من المهم الإشارة في هذا الصدد إلى أن جوهر الخلاف البرلماني الحالي لا يتعلق بمنح الحكومة الثقة، بل على العكس أكد العديد من النواب تأييدهم لها، وإنما يرتبط باستمرار تداعيات الانقسام البرلماني وإمكانية استكمال النصاب القانوني للجلسة العامة للتصويت.

3- استقطاب الدعم السياسي: وذلكمن جانب كافة الأطراف الفاعلة على الساحة، بهدف إجراء مشاورات سياسية حول المرحلة المقبلة، وهى نقطة جوهرية أخرى تشير إلى متغير إضافي في المشهد، فغالباً ما كانت الحكومات السابقة تلجأ للقوى الداعمة فقط، حيث توجه رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي إلى الرجمة للقاء القائد العام للقوات المسلحة المشير خليفة حفتر ثم رئيس البرلمان المستشار عقيلة صالح فى القبه. وعلى الجانب الآخر توجه رئيس الحكومة عبد الحميد دبيبة إلى مصراته التي تشكل الثقل السياسي في الغرب. كذلك هناك استدراك مهم يتعلق بطى صفحة الخلاف والانقسام الحاد في المشهد الليبي، فضلاً عن إشارة أخرى لكون تحركات السلطة الجديدة بدأت في الداخل أولاً في مؤشر على أولوية كسب ثقته من جهة بالإضافة إلى أولوية ترتيب البيت الداخلي من جهة أخرى.

ديناميكية جديدة

في سياق هذه التطورات، يمكن تصور ملامح المرحلة الجديدة في ضوء تحليل التحركات والخطاب السياسي لقادة السلطة التنفيذية الجديدة، وذلك على النحو التالي:

1- وضع حد لثنائية الاستقطاب الجهوي (شرق – غرب): التي شكلتها التفاعلات الجيوسياسية الداخلية خلال السنوات السابقة ووصلت عملياً إلى مستوى من الانفصال وإغلاق الحدود على الجانبين، وبالتبعية كان الوضع الميداني انعكاساً للواقع السياسي في ظل انقسام السلطة التنفيذية والتشريعية والقوة العسكرية، وبالتالي فإن زيارة رئيس المجلس الرئاسي إلى الشرق والتي تشكل سابقة تمثل اختراقاً لهذا الوضع، لاسيما لقائه مع قائد الجيش الذي يعكس استدراكاً للوضع القائم على الانقسام العسكري الذي يعد أحد أكبر المعضلات في الحالة الليبية، حيث أن إعادة الاعتبار للمؤسسة العسكرية بصفتها تشكل النواة الصلبة يمثل اختباراً حقيقياً للسلطة الجديدة، لاسيما فيما يتعلق بملف توحيد المؤسسة العسكرية، وذلك على الرغم من الجدل الذي أثاره هذا الخطاب لدى بعض القوى في الغرب والتي انتقدته بخطاب راديكالي يستند إلى ما أسمته "تداعيات الصراع على السلطة"، رغم أن تلك القوى نفسها كرّست لما يمكن تسميته بـ"ديكتاتورية المليشيات". كذلك كان الخطاب السياسي واضحاً فى إنهاء "الوجود العسكري الأجنبي" في البلاد كأحد الملفات الإشكالية التي تمثل عقبة أمام استعادة الاستقرار وإنهاء مُحرِّكات الاستقطاب السياسي والعسكري، وأحد أدوات العودة إلى سيناريو الحرب مرة أخرى.

2- استبعاد نظرية المدن "المنتصرة" و"المهزومة": وهى تركة سيكولوجية معقدة تشكلت فى مرحلة ما بعد سقوط نظام القذافي (فبراير 2011)، قامت على الفرز الاجتماعي المناطقي والطبقي، الذي يفرق بين مدن الثورة "التقدمية"، والتي تشكل مصراته الحالة الرمزية لها في الغرب مقابل بنغازي في الشرق، واتسعت هذه الدائرة بالتدريج مع تعمق حالة الانقسام بين الشرق والغرب، وظهرت بالتبعية أيضاً حالة من العداء المستحكم بين "قوى ثورية" منتصرة مقابل "قوى مضادة" مهزومة، الأمر الذي يشكل تهديداً للتماسك الاجتماعي في البلاد أشد خطورة من الانقسام السياسي، ومن ثم فإن زيارة رئيس الحكومة أيضاً إلى مصراته وحديثه عن ضرورة أن تقود عملية المصالحة السياسية في البلاد يمثل اختراقاً في هذا الملف بالنظر إلى تداعياته التي قادت في المرحلة الماضية إلى حالة من التمزق في النسيج الليبي، بين قاعدة اجتماعية تمتلك مقومات ومظاهر الحضارة (متمدينة ومنفتحة على العالم، وبها طبقة التجار ورجال المال والأعمال، ومنظومة تعليمية متميزة) وبين منظومة تقليدية تهيمن عليها القبلية ولا تمتلك مقومات مناظرة.

3- التحرر النسبي من سيطرة النفوذ الخارجي: جاءت عملية اختيار السلطة الجديدة خارج حسابات وتوقعات معظم القوى الخارجية، وهو ما يمنح الحكومة الجديدة هامشاً مستقلاً في تحركاتها الخارجية، دلالة ذلك أن تحليل الخطاب السياسي للقادة الجدد في هذا الإطار يعكس درجة من التوازن في العلاقات مع القوى الإقليمية والدولية. فالقاسم المشترك هو وحدة لغة الخطاب الدبلوماسي الهادىء في مراعاة مصالح القوى الخارجية في ليبيا دون تمييز أو انحياز، وتقويض دور أدواتها الداخلية، مثل الوجود العسكري من خلال القواعد والقوات العسكرية. ويمكن القول إن تراجع مشروعات التصعيد العسكري في الفترة الحالية سيُقوِّض من دور هذه الأدوات، فالسلطة الجديدة- بحكم كونها ليست امتداداً للقوى السابقة- ليست بحاجة إلى تكديس المزيد من الأسلحة أو استدعاء المزيد من القوى الأجنبية، بل إن دورها الوظيفي يتعارض مع هذا التوجه. وفي المحصلة الأخيرة يمكن القول إن قوى السلطة الجديدة إن لم تنجح فى إنهاء الوجود الأجنبي فى البلاد فلديها القدرة على تقويض دوره.

4- الدعم اللوجستي للسلطة الجديدة: ويمتد هذا الدعم على أكثر من مستوى، منه، على سبيل المثال، المقبولية الاجتماعية للسلطة الجديدة. فعلى الرغم من كونها ليست سلطة منتخبة شعبياً، إلا أن رغبة الجماهير في تغير المشهد السياسي تمثل قيمة مضافة لهذه السلطة. كذلك فإن هناك متغيراً متزامناً على الصعيد الخارجي يتعلق بتغير الإدارة الأمريكية، فلا شك أن إدارة الرئيس جو بايدن لديها موقف واضح داعم لعملية التسوية، كما ظهر موقفها المتشدد تجاه الأطراف الداعمة لقوى الحرب، عندما طالبت تركيا وروسيا بإخراج قواتهما والمرتزقة التابعين لهما من ليبيا. وعلى الأرجح، سيقود هذا الموقف بالتبعية إلى توجه أوروبي موازٍ، يدعم مسار التسوية السياسية، بالإضافة إلى أن هذا المتغير فى السلطة أيضاً سيرجح كفة القوى الإقليمية التي دعمت مسار الحل السياسي مثل مصر التي لم تنخرط عسكرياً في المشهد وركزت جهودها تجاه الحل السلمي للأزمة الليبية، فضلاً عن استمرارية المسارات السياسية والعسكرية والاقتصادية التي اعتمدها مؤتمر برلين في يناير 2020، وعلى الأرجح ستشكل تلك المسارات عامل دعم وإسناد للحكومة الجديدة، فعلى سبيل المثال أشار أكثر من عضو في اللجنة العسكرية إلى أن هناك توافقاً بين اللجنة وممثلي السلطة الجديدة حول القضايا الرئيسية مثل إنهاء الوجود الأجنبي وإجلاء المرتزقة، وهو سياق مختلف عن الوضع السابق، حيث لم يكن هناك توافق حول تلك القضايا، بل على العكس كانت هناك مساومات وشروط مسبقة، ففريق الوفاق في اللجنة كان يطالب بخروج المرتزقة الروس أولاً، وفي المقابل كان فريق الشرق يطالب بإنهاء الوجود التركي واجلاء المرتزقة الذين جلبتهم أنقرة قبل أى تحرك من جانبه. لكن السلطة الجديدة تضع عنواناً شاملاً لإنهاء الوجود الأجنبي بشكل عام دون تصنيف ودون شروط وبشكل متزامن.

5- متغير الأولويات: يعكس خطاب السلطة الجديدة أيضاً تغيراً في الأولويات، حيث تتبنى اتجاهات رئيسية، منها الأولوية الوطنية، التي تتمثل، كما سلفت الإشارة، فى إعادة ضبط أنماط الانخراط الخارجي، وإعادة توحيد المؤسسات الوطنية. وعلى التوازي، هناك أولوية لتحسين الوضع المعيشي للمواطنين من رفع كفاءة البنية التحتية، وتوفير المتطلبات العاجلة، مثل معالجة أزمة الكهرباء، وتردي الوضع الصحي فى ظل تفاقم تداعيات جائحة كورونا. وعلى الرغم من أن جدول الأعمال السياسي يفرض على الحكومة الجديدة أعباءاً مختلفة، تتعلق بالملفات السياسية بالدرجة الأولى، إلا أن وجود آليات موازية تتمثل في المسارات السياسية قد يخفف من هذه الأعباء، فضلاً عن أن الخلفية الدبلوماسية لرئيس المجلس الرئاسي والاقتصادية لرئيس الحكومة ستمنح هذه الحكومة القدرة على التعامل مع تلك الملفات الشائكة.

تحديات صعبة

الدرس المستفاد من تراكم الخبرات في الحالة الليبية يتطلب عدم الإفراط فى التفاؤل الاستباقي إزاء منعطفات التحول السياسي، وحتى مع تشكل حكومات من خلال انتخابات وتوافقات سياسية، إلا أنها اصطدمت بواقع صعب وحافل بالتحديات المعقدة والمركبة، منها تحدي التمكين الحقيقي. فعملياً أغلب الحكومات لم تكن هى المتحكم الحقيقي في القرار، ومن ثم فإن معادلة الاختراق السياسي التي جاءت بهذه السلطة لا تلغي في الوقت ذاته معادلة موازين القوى التي لديها مصالحها الخاصة. ويمكن تناول هذه التحديات في النقاط التالية:

1- التوافق مع القوى السياسية: تبدو السلطة الجديدة هى الأقل في الخبرة السياسية إذا ما قورنت بغيرها من الخبرات السياسية للقوائم الأخرى المناظرة التي فشلت في الفوز في منتدى الحوار السياسي. وعلى الرغم من أنها تقدم خطاباً سياسياً تصالحياً ووحدوياً، إلا أن السؤال الرئيسي في هذا الإطار يكمن في مدى امتلاك السلطة الجديدة مقومات وقدرات تنفيذ مشروعها على أرض الواقع، خاصة وأنها محكومة بولاية انتقالية مدتها 18 شهراً يفترض أن تعالج خلالها تراكمات صراع دام لعقد كامل. كذلك هناك مؤشر دال على التوافق مع معطيات المشهد الراهن، فعلى سبيل المثال أكد رئيس الحكومة عبد الحميد دبيبة في اليوم الأول لإعلان فور قائمته أنه سيعمل على تشكيل حكومة تكنوقراط، لكن يبدو من المشاورات التي يجريها أنه يتجه إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تستوعب كافة القوى السياسية، وهو اتجاه قد يواجه تحديات عديدة، لاسيما في ظل تعارض توجهات النخبة السياسية الليبية، فضلاً عن أن الملفات الصعبة على جدول الأعمال السياسي تحتاج إلى شخصيات مخضرمة سياسياً.

2- مقاربة الأهداف الاستراتيجية: يبدو أن هناك مقاربة مختلفة في المنظور الوظيفي للسلطة خلال المرحلة الانتقالية. فالسلطة الجديدة تنظر إلى دورها الوظيفي بمنظور الحكومة التي يتعين عليها معالجة التداعيات المتراكمة خلال المراحل السابقة، على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية، بالإضافة إلى ما يتعلق بالاستحاقات السياسية، وهو سقف قد يكون أعلى من المنظور الذي تتبناه القوى الخارجية المنخرطة في الملف لاسيما الدول الغربية التي تركز حصراً على الاستحقاقات السياسية كهدف، فلا يكاد يخلو بيان من التأكيد على ضرورة إجراء الانتخابات في 24 ديسمبر المقبل كجدول زمني لنهاية المرحلة بغض النظر عن الوفاء بالاستحقاقات الأخرى التي يفترض أن تُهيِّىء الأجواء المطلوبة لإجراء تلك الاستحقاقات في وضع طبيعي وآمن سياسياً وعسكرياً وصحياً، رغم أنه لا توجد أي ضمانات لذلك، بل إن هناك شكوكاً فى إمكانية الالتزام بالجدول الزمني لتلك الاستحقاقات لأسباب إجرائية ولوجستية معروفة، وهو ما أكدته المفوضية العليا للانتخابات أكثر من مره بأنها ستكون بحاجة للمزيد من الوقت.

3- تكتيك "الكمون المؤقت" لقوى المصالح المشتركة: وهى القوى التي تستغل المرحلة الانتقالية في تعزيز قدراتها وإعادة ترتيب الاصطفافات تمهيداً للمرحلة المقبلة، التي تمثل المحك الحقيقي للمستقبل السياسي للبلاد، والاختبار الحقيقي لتلك القوى في الوقت ذاته، وبالتالي ستتعامل مع المرحلة الحالية باعتبارها مرحلة مؤقتة ستسعى خلالها إلى تعزيز قدراتها مثل القوى المليشياوية وقوى الإسلام السياسي، اللتين يجمعها قاسم المصالح المشتركة فضلاً عن تمدداتها الخارجية. فلا شك أن هذه القوى هُزِمت فى جولة اختيار السلطة، بل إنها سارعت إلى التنصل من تحالفاتها السابقة، ففي أول تصريح لمحمد صوان رئيس حزب العدالة والبناء- الواجهة السياسية للإخوان المسلمين في ليبيا- انتقد حكومة الوفاق ووصفها بـ"الضعيفة"، على الرغم من أن هذا التيار كان يهيمن فعلياً عليها. وهناك مؤشر كاشف عن ترتيبات "الإخوان" للمرحلة المقبلة يتمثل في التركيز على ملف الاستفتاء على الدستور قبل الانتخابات، في ظل تمسك أعضاء مجلس الدولة الاستشاري المحسوبين على الحركة بهذا الأمر، وهو موشر كفيل بإحداث ارتباك في كافة الاستحقاقات السياسية الأخرى، خاصة في حالة ما إذا جاءت نتائج الاستفتاء بالرفض وهى نتيجة يرجحها مراقبون متخصصون في الملف.

4- التشابكات الهيكلية: وتبدو هذه التشابكات بشكل واضح في الملف العسكري. فمن الصحيح أن هناك تقارباً بين رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي والقائد العام للجيش المشير خليفة حفتر، لكن منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة- وفق الترتيبات الجديدة للسلطة- مُوزَّع بين رئيس المجلس الرئاسي ونائبيه، وهى معضلة تتطلب الوصول إلى توافق إجرائي داخل الرئاسي حول كافة المسائل المتعلقة بهذا الملف، هذا بخلاف وزارة الدفاع التي سيكون لديها حقيبة مستقلة داخل الحكومة وعليها التعامل مع إرث وزارة دفاع الوفاق خاصة ما يتعلق بالاتفاقيات الخارجية وملف الهيكلة العسكرية، في إطار مشروع التوحيد والإدماج وهو من أكثر الملفات تعقيداً في ضوء أداء الطرفين، فمن الصحيح أن هناك متغيراً جديداً في السلطة، لكن إلى أى مدى يمكن للسلطة الجديدة تطويع توازنات القوى المتغلغلة على الساحة والتي فرضتها المرحلة السابقة، لصالح مشروع التوحيد، فعلى الرغم من تراجع سيناريو الحرب مرحلياً لكن أدوات الحرب لا تزال موجودة في المشهد من القواعد العسكرية والقوى المليشياوية والمرتزقة.

في الأخير، يمكن القول إنه على الرغم من التفاؤل السائد حول وصول سلطة تنفيذية جديدة في ليبيا، إلا أن ذلك لا ينفي أن الإشكاليات الموجودة على الأرض لا تبدو هينة، وأن تلك السلطة سوف تواجه تحديات خلال محاولاتها تجاوز الملفات الصعبة في المرحلة القادمة. 


رابط دائم: