مقاربة هجين: السياسة الخارجية لإدارة جو بايدن تجاه منطقة الشرق الأوسط
2021-2-15

تعهد الرئيس المنتخب، جو بايدن، خلال الاستحقاق الرئاسى لعام 2020، بإحداث تغييرات فى مقاربات السياسة الخارجية لإدارة دونالد ترامب التى لم تلتزم بالأسس التقليدية التى حكمت التحركات الأمريكية الخارجية خلال سبعة عقود منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وتأسيس الولايات المتحدة الأمريكية النظام الدولى الراهن الذى تهيمن عليه، ما أحدث تراجعا فى المصداقية والنفوذ الأمريكى. ولهذا، يُتوقع أن تشهد السياسة الخارجية للإدارة الديمقراطية الجديدة تجاه منطقة الشرق الأوسط وما تموج به من أزمات وتحديات جملة من التغييرات خلال السنوات الأربع المقبلة، بعد تبنى ترامب خلال سنوات حكمه سياسات مثلت قطيعة مع المقاربات الأمريكية التقليدية تجاه المنطقة.

سترتبط مقاربة الإدارة الأمريكية الجديدة تجاه منطقة الشرق الأوسط بمحددات عدة يتمثل أولها فى تصاعد تيار داخل الأوساط السياسية الأمريكية، ولا سيما خلال إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما، التى سيتولى عديد من مسئوليها السابقين مناصب عليا بإدارة بايدن، هذا التيار يؤمن بتراجع أهمية المنطقة بالنسبة للمصالح والأمن القومى الأمريكى فى مقابل تزايد أهمية آسيا، ومناطق إستراتيجية أخرى حول العالم. وينصرف ثانيها إلى أن إدارة بايدن ستولى أهمية أكبر لقضايا الداخل الأمريكى، التى على أساسها صوت الناخب فى 3 نوفمبر 2020، فى وقت تشهد فيه الولايات المتحدة الأمريكية حالة غير مسبوقة من الاستقطاب السياسى والثقافى فى التاريخ الأمريكى منذ فترة الحرب الأهلية، وأزمة صحية وطنية قاتلة أنتجت تداعيات اقتصادية على غرار أزمة الكساد العظيم فى ثلاثينيات القرن المنصرم، وارتفاع معدلات البطالة بين الأمريكيين إلى مستويات غير معهودة من قبل. ويتعلق ثالثها بتركيبة الكونجرس الأمريكي، فعلى الرغم من فوز الديمقراطيين بمعقدي ولاية جورجيا في 5 يناير 2021، فإن الأغلبية بالمجلس مقسمة بالتساوي بين الحزبين (50 مقعد للجمهوريين و50 مقعد للديمقراطيين)، ولا سيما مع معارضة بعض المشرعين الديمقراطيين لمقاربات بايدن لبعض قضايا السياسة الخارجية الأمريكية، وهو ما سيعقد كثير من مقاربات الإدارة الجديدة تجاه منطقة الشرق الأوسط، في ظل تصدر القضايا الداخلية النقاش داخل الكونجرس بمجلسيه.

وعلى الرغم من تبنى الرئيس المنتخب سياسات مغايرة عن تلك التى اتخذها الرئيس دونالد ترامب تجاه منطقة الشرق الأوسط، فإن إدارة بايدن ستستمر فى تبنى بعض سياسات سلفه التى حققت نجاحات فى المنطقة، والبناء عليها لتنفيذ مقارباتها لسياسة خارجية تقليدية تجاه القضايا والأزمات الشرق أوسطية، والتى ستنطلق من رؤية براجماتية تحمى فى المرتبة الأولى المصالح والأهداف الأمريكية رغم تراجع أهميتها الإستراتيجية بعض الشيء خلال العقد المنصرم، وإصلاح الأضرار التى رتبتها إدارة ترامب، والعودة إلى الخيار الدبلوماسى للتعامل مع أزمات وصراعات المنطقة.


رابط دائم: