40 عاما على الثورة الإيرانية.. السياسة الخارجية بين الإيديولوجيا والمصلحة
2019-1-15

يتداول الإيرانيون مثلا شعبيا يقول «ياك بام و دو هوا»، أو «سقف واحد وطقسان»، ويعبرون من خلاله عن استيائهم باستمرار من حالة الازدواجية على المستويين الشخصي والعام، والتي تبدو عنوانا رئيسيا للتفاعلات التي تجري على الأصعدة المختلفة، لاسيما الاجتماعية والسياسية. واللافت في هذا السياق أن هذه الازدواجية امتدت حتى إلى السياسة التي تتبناها إيران في التعامل مع القضايا الداخلية والخارجية، والتي تبدو جلية، على سبيل المثال، في الاتهامات التي توجهها باستمرار لبعض القوى الإقليمية والدولية بالتدخل في شئونها الداخلية في الوقت الذي باتت التدخلات الإيرانية في الأزمات الإقليمية المختلفة والشئون الداخلية لبعض دول المنطقة رقما مهما يفرض تداعيات مباشرة على معظم التطورات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط.

ويمكن القول باطمئنان إن هذه الازدواجية تفرض باستمرار حالة من التعقيد، وأحيانا الارتباك، عند دراسة اتجاهات السياسة الخارجية الإيرانية التي تتنازعها دوما توجهات وأفكار وتيارات سياسية وأيديولوجية عديدة، على نحو يجعل من محاولة تفكيكها ودراسة المتغيرات المؤثرة فيها مهمة لا تبدو يسيرة على الباحثين المهتمين بالشأن الإيراني.

هذه الدراسة تتناول المحددات الحاكمة، أو المدخلات الرئيسية، التي تؤثر بشكل مباشر على عملية صنع قرار السياسة الخارجية الإيرانية إزاء القضايا المختلفة. وتنطلق من افتراض رئيسي أن هذه العملية لا تبدو منفصلة عما يموج داخل إيران من تفاعلات لا تبدو بعيدة عن الانخراط الإيراني في أزمات المنطقة المختلفة، بل إنها تعتمد في الأساس على اعتبارات داخلية خاصة بمتغيرات مثل الهوية والتاريخ والحضارة وغيرها، وهى متغيرات لها حضور كبير في دولة مثل إيران، تمثل، سواء اتفقنا أو اختلفنا معها، قوة إقليمية لا يمكن تجاهلها في منطقة الشرق الأوسط.


رابط دائم: