النموذج الآسيوي في التكامل الاقتصادي وتحرير التجارة
2018-11-27

أدى ازدهار موجة جديدة من مشروعات تحرير التجارة بعد انتهاء الحرب الباردة إلى التمييز بين الترتيبات الإقليمية التى سادت بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة وحتى منتصف الثمانينيات، من ناحية، وتلك التى ازدهرت بشكل متسارع مع أواخر عقد الثمانينيات، من ناحية أخرى، على نحو جعل البعض يطلق على النوع أو النمط الأول "الإقليمية التقليدية" أو الإقليمية القديمة old regionalism أو الموجة الأولى من الإقليمية، مقابل "الإقليمية الجديدة" new regionalism أو "الموجة الثانية من الإقليمية" التى ازدهرت مع بداية عقد التسعينيات.

وواقع الأمر، إن التمييز بين نمطين أو موجتين من الإقليمية لا يستند فقط إلى ازدهار كل منهما في ظل نظام عالمي مختلف، بقدر ما يستند أيضا إلى مجموعة أخرى من التحولات الجوهرية التى لحقت بظاهرة الإقليمية ذاتها، خاصة فيما يتعلق بسياسات تحرير التجارة، والحدود الجغرافية والأيديولوجية لمشروع تحرير التجارة الإقليمية، ومستوى مؤسسية المشروع، والعلاقة مع النظام الاقتصادي العالمي.. إلخ. كما كانت هناك سمة أخرى مهمة وهي ارتباط الموجة الثانية من الإقليمية بسماتها الجديدة بالأقاليم الآسيوية؛ خاصة منطقة أقاليم آسيا المحيط الهادئ، والأقاليم المرتبطة بالمحيط الهندي، على نحو أضفى طابعا آسيويا على هذه الظاهرة.

فى هذا الإطار، ثارت تساؤلات مهمة حول أسباب تصاعد ظاهرة "الإقليمية الجديدة"، وما إذا كانت هناك علاقة بين تصاعد الإقليمية الجديدة وأداء الموجة الأولى من الإقليمية؟ ورغم وجود مجموعة من التحولات المهمة وراء ظهور الموجة الثانية من الإقليمية، لكن الدراسة تنطلق من افتراض وجود علاقة قوية بين فشل الموجة الأولى من الإقليمية فى دول العالم الثالث وازدهار الإقليمية الجديدة وفق خصائص محددة. وتطرح الدراسة هنا مجموعة من التساؤلات حول مظاهر فشل الإقليمية التقليدية؟ وما هى أسباب فشلها؟ وما هى مجموعة الخصائص التى ميزت الإقليمية التقليدية والتى كان خلو الموجة الثانية من تلك الخصائص مبررا للحديث عن نمط جديد أو موجة ثانية من الإقليمية؟


رابط دائم: