مصر واكتشافات الغاز الطبيعي في شرق المتوسط: رؤية مستقبلية
2018-10-21

تمثل اكتشافات الغاز الطبيعي في منطقة شرق البحر المتوسط رصيدًا استراتيجيًا واقتصاديًا بالغ الأهمية لمصر، خاصة أنها تعد من أقدم دول هذه المنطقة تاريخًا في مجال استكشاف وتطوير موارد الغاز الطبيعي. ومن المتوقع أن يسهم حقل ظُهر العملاق، المكتشف في أغسطس 2015، حال تطويره وتنميته بشكل كامل، في مغادرة مصر «نادي مستوردي الغاز الطبيعي»، وبالتالي عودة الاستقلالية لمصر في  هذا المجال، وهو الأمر الذي شكل هاجسًا كبيرًا لصانعي القرار المصري، من الناحية الاقتصادية، بسبب العقبات التي كانت تواجه توفير النقد الأجنبي اللازم لدفع فواتير استيراد الغاز الطبيعي من الخارج. كما سيسهم هذا الحقل العملاق أيضًا في ضخ عشرات المليارات من الجنيهات، على مدى الأعوام المقبلة إلى الخزانة المصرية.

إلا أن الاستفادة من هذه الاكتشافات ستعتمد  على تطور الأوضاع السياسية والجيوبولتيكية في هذه المنطقة، التي تشهد حاليا درجة عالية من الغموض والضبابية.  ويؤكد كثير من الخبراء أنه من غير المحتمل الاستفادة القصوى من اكتشافات الغاز الهائلة في شرق المتوسط، في المدى المنظور، نتيجة وجود عدة تحديات، أبرزها استمرار الخلافات العميقة والصراعات المزمنة بين دول المنطقة، والتي ربما تتفاقم نتيجة اكتشافات الغاز. فاستمرار حالة الحرب السائدة في علاقة إسرائيل مع لبنان وسوريا، وعدم وجود ترسيم معترف به دوليا للحدود البحرية الإسرائيلية مع مصر ولبنان، وبالطبع فلسطين المحتلة، يضع علامات استفهام كبرى حول فرص وإمكانات التعاون الإقليمي بشأن هذه الاكتشافات. فإذا ما أُضيف إلى ذلك النزاع المزمن بين تركيا وجمهورية قبرص حول مسألة قبرص الشمالية، وعدم الاستقرار وانتشار الأعمال الإرهابية في سوريا والعراق وليبيا، يمكن تفهم مدى تعقد البيئة السياسية والاستراتيجية  في منطقة شرق البحر المتوسط. ومن جهة أخرى، تبدو الشركات الدولية الكبرى العاملة في مجال الغاز الطبيعي مترددة في ضخ مزيد من الاستثمارات في البنية التحتية للغاز الطبيعي في منطقة شرق المتوسط نتيجة استمرار عدم الاستقرار الجيوسياسي في المنطقة، وما يصاحبه من تحديات تجارية وسياسية وأمنية.


رابط دائم: