عرض العدد 72 من دورية "قضايا برلمانية"
2018-9-18

نــورا فخـري أنور
* باحث مساعد - مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

يناقش هذا العدد من "قضايا برلمانية" تحليلا موسعا لنتائج الانتخابات الرئاسية، مقارنة بالانتخابات السابقة، حيث يوضح الأستاذ عبد الناصر قنديل، خبير النظم الانتخابية ومدير المجموعة المصرية للدراسات البرلمانية، في تقرير بعنوان "قراءة فى الدلالات الرقمية لانتخابات الرئاسة عام 2018"، العوامل التى تحدد اتجاه أصوات المصريين كمحاولة للتعلم والاستفادة فى إعادة رسم الأولويات، وتطوير بنية العملية الانتخابية، فضلا عن اقتراح الإجراءات والخطط التى يمكن عبرها رفع مستوى المشاركة.

ويتطرق العدد بعد ذلك إلى ما هو أصبح، بحكم الأمر الواقع، تاليا للانتخابات الرئاسية، وهى انتخابات المجالس المحلية، حيث يشير الدكتور سمير عبدالوهاب، أستاذ ورئيس قسم الإدارة العامة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، بجامعة القاهرة، في تقرير بعنوان "قانون جديد للإدارة المحلية بين الضرورة وتأخر الإصدار"إلى ضرورة إدراك أهمية دور الإدارة المحلية، وأن القانون الحالى للإدارة المحلية لم يعد يناسب التطورات المعاصرة والخبرات الحديثة فى مجال الحكم المحلى واللامركزية، كما لم يعد مواكبا للتطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التى شهدتها مصر، خاصة بعد 25 يناير 2011، و30 يونيو 2013، خاصة أن مشروع القانون لا يزال بمجلس النواب منذ ما يقرب من 15 شهرا، دون إدراجه ضمن جدول أعمال المجلس، ودون تحديد لموعد مناقشته. ويترتب على ذلك تأجيل إجراء الانتخابات المحلية -ربما كما جاء على ألسنة بعض أعضاء مجلس النواب، وعلى رأسهم المتحدث الرسمى باسم المجلس- إلى النصف الأول من عام 2019، وذلك على أساس أن إصدار اللائحة التنفيذية سوف يحتاج إلى نحو 5 أشهر بعد صدور القانون. ويستعرض المقال هنا الظروف والمبررات المطروحة لتأجيل سن القانون، وكيف أن التأجيل يضر بمسيرة الديمقراطية، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية على حدٍ سواء.

ويتضمن العدد  أيضا قراءة للموازنة العامة للدولة، من حيث أبوابها، والهدف الذى تبتغيه فيما يتصل بالنمو، وذلك مقارنة بالموازنة السابقة؛ حيث توضح الأستاذة أسماء الخولي، الباحث في الاقتصاد الدولي، في تقرير بعنوان "تحليل الموازنة العامة للدولة للعام المالى 2018/2019" أنه على الرغم من النتائج المهمة لبرنامج الإصلاح الاقتصادى على مدى العام المالى الجارى، لا تزال التحديات المالية والاقتصادية قائمة، بما يستدعى الاستمرار فى تنفيذ البرنامج للتأكد من استدامة النتائج الإيجابية، ورفع مستوى معيشة الأفراد. هذا وقد تم إعداد تقديرات الموازنة فى ضوء المخاطر المحيطة بتطور أداء الاقتصاد العالمى. فعلى الرغم من ارتفاع تقديرات النمو والاستثمار بالموازنة العامة للعام المالى 2018/2019، فإن أى تغير فى كل من معدلات نمو الاقتصاد العالمى، وحجم التجارة العالمية، وأسعار الصرف والفائدة، وأسعار النفط العالمية قد يؤثر بشكل كبير فى نمو الاقتصاد المصري.

يناقش العدد أيضا مشروع قانون التأمينات والمعاشات، والهدف منه، وأثره على أرباب المعاشات، حيث يشير الأستاذ حساني شحاته، الباحث الاقتصادي في مركز البديل للتخطيط والدراسات الستراتيجية، في تقرير بعنوان "قانون موحد: هل يحمى قانون التأمينات الجديد أصحاب المعاشات؟" إلى الوقت الذى تتبنى فيه الدولة برنامجا للإصلاح الاقتصادى الناجز، بالتعاون مع مؤسسات التمويل الدولية، واتخاذ قرارات كانت مؤلمة لهذه الطبقة التى تتقاضى تأمينات تعينها على الحياة، هناك مشكلات موازية تتعلق بتحرير سعر الصرف -وما ينطوى عليه من فقد الجنيه المصرى أكثر من 50% من قيمته. وهنا تجدر الإشارة إلى أن هناك حاجة ملحة لقانون جديد للتأمينات الاجتماعية، لكن شريطة ألا يخل ذلك بحقوق أصحاب المعاشات، وأن يكون هناك آلية تضمن الاستثمار الجيد لأموال المعاشات والتأمينات. ثم يناقش العدد سبل مواجهة الإرهاب بشكل وقائي، من خلال تعديل تشريعى يسمح بالإبلاغ عن السكان الأجانب الذين يشغلون الوحدات السكنية المؤجرة أو المباعة لأجانب؛ حيث يرصد الأستاذ محمد فارس، الصحفي، في تقرير بعنوان "تعديل قانون الإرهاب بين المأمول ومخاوف انحراف التطبيق" الهدف من مشروع تعديل قانون مكافحة الإرهاب، وهو تغيير مفهوم الإيواء للعناصر الإرهابية، بحيث لا يقتصر مفهوم الإيواء أو المساعدة، فى التعديل الجديد، على مفهومه الضيق بالتعاون العسكرى، أو إخفاء تلك العناصر داخل المنازل. لذلك، أفرد مقترح القانون مساحة أوسع لهذا المفهوم، حيث أوضح وعرَّف الإيواء بصوره المختلفة، والتى تتمثل فى توفير وسائل المعيشة للإرهابيين، أو أى مبان للسكن. لذا من الضرورى إضافة مادة فى التعديلات الخاصة بقانون مكافحة الإرهاب تنص بشكل صريح، وتتضمن أنه يعد فاعلا أصليا فى العملية الإرهابية كل من أخفى إرهابيا، وهو يعلم أنه إرهابى، ولو كان ذا قرابة من الدرجة الثانية.

كما يطرح العدد أيضا مسحًا دوريًا لرصد أبرز إنجازات البرلمان على الصعيدين التشريعى والرقابى، وذلك خلال الربع الثانى من الدورة الحالية؛ من خلال تقرير يحمل عنوان "حصاد الأداء البرلمانى فى الربع الثانى من دور الانعقاد الثالث"، حيث يوضح الأستاذ محمد المصري – كاتب متخصص في الشئون البرلمانية- أن المجلس قد ناقش العديد من القضايا المجتمعية التى تهم المواطنين. كما، شهدت جلساته التأييد الكامل للقوات المسلحة فى عمليتها الشاملة "سيناء 2018 لمكافحة الإرهاب"، وأعلن المجلس قيادة وأعضاء التأييد والدعم الكاملين للقيادة السياسية فى موقفها من الإرهاب، إلى جانب كل الدعم للقوات المسلحة. وفى ضوء ذلك، قام هذا التقرير بعرض الدور التشريعى، والدور الرقابى، وشئون العضوية للمجلس فى الربع الثانى من دور الانعقاد الثالث، بالإضافة إلى الحديث عن اللائحة الداخلية، والدبلوماسية الشعبية، ونشاط الشعبة البرلمانية.

وأخيرا، نختتم "قضايا برلمانية"، كما جرت العادة، بمقالين من خارج مصر، حول وضع المرأة فى الحكومة المحلية؛ حيث توضح الأستاذة ميج مون – وزيرة سابقة للمساواة في المملكة المتحدة- في تقرير يحمل عنوان " المرأة فى الحكومة المحلية" أنه يمكن لكل امرأة مهتمة بالسياسة المحلية أن تشارك وتدعم الآخرين، من خلال التطوع للمساعدة فى العديد من المهام. ستجد بعض النساء أنه من خلال ذلك النوع من المشاركة سيعرفن المزيد عن دور الممثلة المنتخبة. وعند رؤية النساء الأخريات فعالات فى السياسة المحلية، سيزيد إيمانهن بأن ذلك شيء يجدر القيام به. ويعد فهم أدوار ومسئوليات المجلس المحلى هو الخطوة الأولى، ثم يأتى الاستعداد لاكتساب المهارات والمعرفة. وعلى الرغم من كون المرأة ممثلة منتخبة، فإن ذلك يستلزم وقتًا وتفانيًا، ويعد أيضًا شيئًا مثمرًا للغاية لأنه يتيح الفرصة لإحداث تغيير فى المجتمع المحلي. كما تشير الأستاذة سارة هيوارد - الرئيسة السابقة لمجلس كامدن بالمملكة المتحدة- في تقرير يحمل عنوان "القيادة النسائية فى الحكومة المحلية" إلى أن إعطاء الأولوية للمساواة بين الجنسين فى الحكومة الوطنية يعد نعمة ونقمة فى ذات الوقت.

وقد يعنى التركيز الأقل موارد أقل فيما يتعلق بمساعدة المرأة فى الحصول على السلطة والخدمات التى تستحقها، لكنه يوفر أيضًا حرية أكبر للعمل. حتى فى عصر الهواتف المحمولة زهيدة الثمن، وشبكات الإنترنت، فمن الأسهل بناء تحالفات وشبكات فى مناطق جغرافية محددة أكثر من بنائها وطنيًا ودوليًا، ويعنى ذلك أن الحكومة المحلية تقدم البؤرة المثالية للنساء اللاتى يرغبن فى التغيير.


رابط دائم: