عرض العدد 46 من الملف المصري "إدارة المناطق الحدودية في مصر"
2018-7-4

مصطفى كمال
* باحث مساعد - مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

يناقش هذا العدد إدارة المناطق الحدودية في مصر، حيث تناقش د. إيمان رجب، خبيرة في الأمن الإقليمي وقائم بأعمال رئيس الوحدة الأمنية والعسكرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، المداخل النظرية واعتبارات السياسات العملية لإدارة المناطق الحدودية، حيث تعرف المناطق الحدودية على أنها المنطقة المحاذية لخط الحدود الذي يفصل الدولة عن الدول المجاورة لها. كما ترى أنه يوجد العديد من المداخل النظرية التي اهتمت بدراسة المناطق الحدودية، من بينها 1) المدخل التاريخي والجغرافي الذي يهتم بدراسة التطور التاريخي للمناطق الحدودية. 2) المدخل الوظيفي الذي يهتم بتحركات البشر والسلع عبر الحدود. 3) نظرية السيادة وهي ترتبط بالمدخل السياسي للمناطق الحدودية. 4) المدخل العولمي، ويهتم بثلاث قضايا رئيسية هي تأثير عمليات العولمة على الحدود السياسية للدولة، ودور الفاعلين من غير الدول في إعادة تعريف الحدود، والتدفقات عبر الحدود. 5) مدخل الدراسات الاستراتيجية/ الأمنية، ويهتم بدراسة المناطق الحدودية باعتبارها مصدر لتهديد الأمن القومي للدولة.كما توجد مجموعة من القضايا التي تتصدر المناقشات الخاصة بالتعامل مع المناطق الحدودية خلال الفترة الحالية، من بينها الهوية الأقاليمية، والحوكمة، والتهديدات الأمنية في المناطق الحدودية، والحق في تقرير المصير.

فيما يتناول د. محمد عز العرب، خبير الشئون الخليجية بمركز الأهرام تأثير التحولات الإقليمية على الحدود المصرية، حيث يرى أن التحولات التي شهدها إقليم الشرق الأوسط، من انهيار الدول الوطنية، وتمدد دور الجيوش الوطنية، وزيادة مخاطر التنظيمات الإرهابية، وانعدام أفق تسوية الصراعات المسلحة، وغياب التوافقات بين القوى الإقليمية، وزيادة التدخلات الإقليمية والدولية، أثمرت عن تبلور ظاهرة الحدود الرخوة، وهي خطوط التماس المشتركة غير المسيطر عليها من جانب دول الجوار الجغرافي بنسبة كاملة من أجهزة الأمن وقوات الجيش وحرس الحدود وخفر السواحل ووحدات الجمارك، وهو ما ينطبق على حال الحدود المصرية من كافة الاتجاهات الاستراتيجية المختلفة، لذا اتبعت مصر حزمة من السياسات للحد من تداعيات أزمات الحدود من بينها تعزيز التنسيق داخل المؤسسات المصرية، وتعزيز الإجراءات الأمنية على النقاط الحدودية، وتطوير العلاقات بين السلطات المركزية وسكان المناطق الحدودية، والدفع باتجاه تسوية الصراعات في الإقليم، وترسيم الحدود البحرية مع دول الجوار.

فيما رصدت د. أميرة عبد الحليم، خبيرة في الشئون الأفريقية بالمركز، السياسات المصرية لتطوير منطقة الحدود الجنوبية، حيث ترى أنه بالرغم من تميز الحدود الجنوبية بالروابط والقواسم المشتركة التي تجمع بين شعبي وادي النيل، وعلى الرغم مما تواجهه الدولتان من تهديدات مشتركة، وعلى قدر ما تحمله الحدود من فرص للتعاون ومصالح مشتركة بين الشعبين المصري والسوداني، تظل هذه الحدود أحد العوامل المثيرة للمشكلات بين الدولتين في أوقات الأزمات، بسبب ادعاءات السودان السيادة على بعض مناطق الحدود. ولعلاج تلك المشكلات تبنت الحكومة المصرية مجموعة من السياسات لتطوير منافذ الحدود الجنوبية، بعضها ارتبط بتأكيد السيادة المصرية على مثلث حلايب وشلاتين، بينما ارتبط بعضها الآخر بتفعيل التعاون المصري- السوداني عبر منافذ الحدود.

وتناول الأستاذ أحمد كامل البحيري، الباحث بالمركز، الحدود الغربية لمصر. ويرى أنه كان من بين تداعيات موجة الربيع العربي تحول الحدود الغربية لمصر إلى مصدر تهديد نتيجة انهيار الدولة الليبية وعدد من دول الجوار الجغرافي. تلك الحالة المضطربة فرضت على الدولة المصرية مهام تأمين غير تقليدية، حيث أصبحت القوات المسلحة المصرية ليست معنية فقط بتأمين حدود الدولة وإنما امتدت مسئوليتها لتشمل تأمين حدود دول الجوار معها. وتظهر هذه المعضلة بوضوح عند التطرق لحدود مصر الغربية، حيث أدى انهيار بنية ومقومات الدولة الليبية في أعقاب سقوط نظام معمر القذافي إلى تحول المنطقة الحدودية بين مصر وليبيا والجزء المتاخم لها على الجانبين إلى ملاذ للتنظيمات الإرهابية المسلحة. وتتسم المنطقة الغربية لمصر بالعديد من السمات والخصائص الطبيعية والديموغرافية، جعلت من مهمة تأمين الحدود الغربية لمصر عملية معقدة، كما تنطوي على العديد من الإشكاليات والمهددات تتعلق بالداخل على الجانب المصري وأخرى تتعلق بالجانب الليبي، وهو ما دفع الجيش المصري إلى اتخاذ سياسات تتعلق بالبعدين السياسي والأمني والعسكري لمواجهة إشكالية الحدود الغربية.

وناقش الأستاذ محمد جمعة، الباحث بالمركز، مدخل لفهم إدارة الحدود الشمالية الشرقية. ويرى أنه على الرغم من أن هذه الحدود لم تعد وحدها مصدر التهديد الاستراتيجي للدولة المصرية، إلا أنها لا تزال الأكثر سخونة حتى هذه اللحظة. نظرا لما شهدته من موجة غير مسبوقة من النشاط الإرهابي منذ العام 2011. وتختلف الإشكاليات والتحديات على حدود مصر مع قطاع غزة عن غيرها من الحدود المصرية، لذلك فالمقاربات الأمنية للحدود وحدها لا تصلح كإطار لفهم وتفسير سلوك واستجابات الدولة المصرية في مواجهة التحديات والتهديدات، وإنما يتطلب الأمر المزج بينها وبين المدخل الوظيفي المتعلق بالتعاون عبر الحدود وإدارة العمليات الاجتماعية في المناطق الحدودية، وهو ما يتطلب الاستمرار في زيادة مساحة التفاهمات المتبادلة مع حماس، بدلاً من شن صراع صفري ضدها يمكن أن يدفعها إلى أحضان خصوم مصر الإقليميين.

وتتناول الأستاذة أمل مختار، الباحثة بالمركز، قضية الحدود البحرية المصرية، حيث ترى أن هناك أربع وسائل لتعيين الحدود البحرية بين الدول، إما بالاتفاق، أو بشكل منفرد دون مخالفة للقانون الدولي للبحار، أو بقرار فوقي من مجلس الأمن، أو عن طريق التحكيم الدولي. وميزت اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار بين النظام القانوني للمناطق البحرية التي تعد جزءًا من إقليم الدولة وتخضع لسيادتها، وتلك التي يكون للدولة ولاية إقليمية محدودة عليها، وأخيرًا المناطق البحرية التي لا تخضع لأي دولة وتتمثل في أعالي البحار، وذلك من خلال تعيين 8 مناطق، هي: المياه الداخلية، البحر الإقليمي، المنطقة المتاخمة، المنطقة الاقتصادية الخالصة، الجرف القاري، المياه الأرخبيلية، البحر العالي. ووفقا لهذه الاتفاقية تم تعيين الحدود البحرية المصرية في البحر المتوسط والبحر الأحمر. وتختلف التهديدات للحدود البحرية المصرية ما بين تهديدات ذات طبيعة عسكرية وتهديدات ذات طبيعة أمنية. ولمواجهة هذه التهديدات عملت مصر على تطوير التسليح وتطوير العمل من أجل تأمين المياه الإقليمية والاقتصادية المصرية، وتدشين الأسطول الجنوبي في البحر الأحمر، وإجراء العديد من المناورات العسكرية بهدف رفع الكفاءة القتالية للقوات المكلفة بتأمين الحدود البحرية.


رابط دائم: