التحديات الأمنية في منطقة الساحل والصحراء من المنظورين الجزائري والمصري
2018-2-18
عرض: بهاء محمود

عقد مركز الأهرام  للدراسات السياسية والإستراتيجية ورشة عمل حول "التحديات الأمنية في منطقة الساحل والصحراء من المنظورين الجزائري والمصري" فى 8 فبراير 2018. شارك فيها عدد من الخبراء الجزائريين والمصررين والعرب، بالإضافة إلى عدد من باحثي وخبراء المركز. وأدارالورشة د. أماني الطويل، رئيسة الوحدة الدولية بالمركز.

بدأت أعمال الورشة بمداخلة من د. محمد يحيي الأمين مستاك، أستاذ العلوم السياسية بجامعة جيلالي ليابس-سيدي بلعباس(غرب الجزائر) عرض خلالها ملامح العقيدة الأمنية الجزائرية، ومجالات التهديدات الأمنية للجزائر، والتي حددها في ثلاثة  تحديات أساسية. التهديد الأول، هو الإرهاب القادم من منطقة الساحل والصحراء، استنادا إلى ما عُرف بنظرية "الموز" التي تطرح فكرة تصدير الإرهاب واستدعاء مشهد أفغناستان إلى منطقة الساحل والصحر. التحدي الثاني، هو قضية الهوية، وأبرزها أزمتي الأمازيغ والطوارق، وتسيد مفهوم القبيلة على حساب مفهوم واعتبارات الدولة الوطنية. التحدي الثالث، هو ظاهرة التصحر وما يرتبط بها من خطط التنمية وتأثيرها السلبي على قدرات الدولة الاقتصادية، خاصة مع مايراه الباحث من ضغوط التبعية الاقتصادية للاستعمار القديم (فرنسا) على دول الساحل والصحراء. ذلك أن 14 دولة لازالت تستعمل العملة الفرانكفونية، وأن ثلاثة بنوك مركزية من هذه الدول مازالت تابعة لفرنسا. ومن ثم، فإن هذه الدول ليست مستقلة من الناحية المالية.

وجاءت مداخلة دكتور كريمة الكواوي، الأستاذ المساعد بجامعة جيلالي ليباس أيضا، لتؤكد أن الأزمة الاقتصادية هي أهم التهديدات التي تشهدها دول الساحل والصحراء، فضلا عن حالة الهشاشة التي تعانيها الدولة الوطنية في أفريقيا والتي ترتبط بالفشل في بناء المنظومة السياسية المحلية المعنية بتحقيق الاستقرار السياسي. وفي السياق ذاته، أشارت د. كريمة إلى أزمة العلاقات المغربية- الجزائرية، ودورها في إعاقة التعاون بين البلدين من ناحية، وارتباطها بسباق التسلح بينهما من ناحية أخرى، وهو الأمر الذي يؤثر سلبا على ميزانية الدولتين التي تذهب نسبة مهمة منها إلى التسليح وتأمين الحدود بدلا من التوجيه إلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

وطرحت د. أميرة عبد الحليم، الخبيرة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، رؤيتها فيما يتعلق بالوضع الأمني الراهن في منطقة الساحل والصحراء، والمعالجات المصرية لها. أشارت في هذا الإطار إلى طبيعة الترتيبات الأمنية والتي تتولى أغلبها الجزائر، وذلك رغم المقاومة الفرنسية، مشيرة إلى طبيعة الاهتمام الأوروبي بالمنطقة بعد عام 2003، وهو ما يمكن تفسيره باتجاه الدول الأوروبية إلى حماية مصالحها الوطنية، خاصة محاولة تحجيم الهجرة غير الشرعية، فضلا عن الترتيبات الوقائية لحماية أوروبا من الإرهاب القادم من منطقة الساحل والصحراء.

أما فيما يتعلق بأبعاد التوجه المصري تجاه منطقة الساحل، فقد أشارت د. أميرة إلى أن مصر تتجه نحو تفعيل دورها الأفريقي للحفاظ على مصالحها الاستراتيجية. وفي هذا السياق، هناك تعاون قوي بين مصر من جهة ودول الساحل والصحراء من جهة أخرى، حيث اعتمدت مصر على التدريبات المشتركة والتعاون الاقتصادي.

وفي تعقيب على المداخلات الرئيسية، أشار الأستاذ أيمن السيسي، رئيس قسم التحقيقات بجريدة الأهرام، استنادا إلى خبراته الميدانية، إلى محاولة واشنطن نقل نموذج أفغانستان إلى منطقة الساحل الأفريقي، خاصة في ظل ضعف الانتماء للدولة الوطنية بالمنطقة، وذلك جراء سياسيات التهميش والإفقار وعوامل الفساد، ما جعل المواطنين لا يؤمنوا بالدولة الوطنية. مع الأخذ في الاعتبار قضية الطوارق وضياع حلمهم في تكوين دولتهم، ولافتا إلى أن تمويل العمليات الإرهابية يعتمد بالأساس على تجارة المخدرات، فيما تستند الميلشيات في ليبيا اقتصاديا على عمليات تهريب الأفارقة إلى أوروبا. كما أشار إلى تواطؤ فرق حماية الحدود في بعض الدول مع المهربين، حيث تم استغلال ذلك في تهريب 10000 مقاتل عبر المطارات الأفريقية - من بينها مطار نواكشوط- قادمين من سوريا  إلى المنطقة في جنوب شرق الجزائر  ثم ليبيا. وذهب أ. أيمن السيسي إلى أنه من المتوقع تزايد التهديدات الأمنية واتساعها في إقليم الساحل الأفريقي، مؤكدا أن ليبيا من المتوقع أن تكون قاعدة جديد للعمليات الإهابية مع استمرار حالة السيولة السياسية، فضلا عن التدخلات الإقليمية في منطقة الساحل من جانب قطر وتركيا والمهددة لأمن منطقة الساحل نظرا للتقاطعات الإقليمية والدولية.

وفي مداخلة من جانب السفير الليبي عمر الحامدي، أشار إلى تداعيات احتلال ليبيا، مؤكدا أن مصر والجزائر هما أقوى دولتين في المنطقة، وتقع عليهما مسئوليات جسيمة فيما يتعلق بالوضع الليبي الذي لا يجب التباطؤ في انقاذه. ومشيرا أيضا إلى طبيعة الأجندة الدولية في منطقة الساحل والمناوئة بطبيعتها للأمن الإقليمي في ليبيا وفي وسط أفريقيا.

وقد حذر السفير عزمي خليفة من ضخامة التحديات الأمنية في منطقة الساحل والصحراء، مؤكدا أن مسئولية مصر أساسية، ولابد من الاضطلاع بأعبائها مهما كانت كبيرة، مؤكدا أن مفهوم الأمن القومي القطري أصبح مرتبطا بشكل عضوي بالأمن الإقليمى.

وأشار السفير الليبي د. محمد السعيد المشاط إلى دور العرب في المنطقة في محاربة التبعية للغرب، مشيرا إلى الدور الليبي في عهد الرئيس السابق معمر القذافي في دعم  مالي والنيجر وتشاد. أما الملحق الإعلامي المغربي أشرف الدوك، فقد أكد أن بلاده تسعى للتعاون الإقليمي بشأن التهديدات الأمنية في منطقة الساحل، مشيرا إلى قدرة بلاده الكاملة على حماية الحدود المغربية ومكافحة الإرهاب.

التعقيب النهائى كان للدكتورةأماني الطويل التي أشارت إلى أن التنافس العربي العربي في أفريقيا قد ساهم بشكل فعال في تحجيم الدور العربي أولا بإفريقيا لصالح الأدوار الغربية مجتمعة أو منفردة، وأن الإدراك الأفريقي للعرب بات سلبيا بسبب تصدير أزمات النظام العربي إلى أفريقيا. وأشارت إلى أن القمم العربية- الأفريقية متعثرة ولم تتجاوز أربعة قمم على مدى أربعين عاما تقريبا، وأن الصراع الجزائري- المغربي بسبب قضية الصحراء بات من عوامل تراجع التأثير العربي على التهديدات الأمنية في منطقة الساحل الأفريقي. وأشارت أخيرا إلى ضرورة التعاون العربي الأفريقي لضمان الاستقرار السياسي، وسلامة الدولة الوطنية في منطقة الساحل ولصحراء.


رابط دائم: