الجمعيات الأهلية في مصر اختلالات الدور
2017-5-30

د. أيمن السيد عبد الوهاب
* نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية والخبير فى شئون المجتمع المدنى

يبدو واقع الجمعيات الأهلية من حيث القيم والأدوار والمسؤوليات مرآة عاكسة لمحدودية تطور المجتمع المدني، ولغلبة الطابع الأهلي على تنظيماته، كما يعكس هذا الواقع ما فرضته المرحلة الانتقالية من انكماش للمجال المدني لصالح المجال السياسي والذي عاشته مصر على مدار أربع سنوات (2011 –2014)، كذلك يشير هذا الواقع إلى محدودية الأفق الداعمة لتجاوز الكثير من الرؤى المتعلقة بالأنماط التقليدية لدور الجمعيات الأهلية ومجالات عملها باعتبارها أداة من أدوات الدولة المصرية وليس شريك فاعل في عملية التنمية. وهو ما يتجلى بوضوح من خلال رصد التطور الكمي لأعداد الجمعيات الأهلية والقفزات الكبرى في أعدادها خلال السبعة أعوام الماضية، حيث بلغ عددها 47٫580 جمعية وفقًا لإحصائيات 2017،  في حين كانت 30214 جمعية في عام 2010 ، أي بزيادة تتجاوز الـ 50% ، وقد تركزت غالبيتها في مجالات العمل الخيري والرعائي والمساعدات الاجتماعية، وهو ما يؤكد استمرار نفس الفلسفة الحاكمة للعمل الأهلي وعدم القدرة على إحداث تطور نوعي باتجاه العمل التنموي والتمكيني الذي يمكن أن تلعبه التنظيمات الأهلية ومكونات المجتمع المدني.

بمعنى أن هذا التطور الكمي لم يتوافق معه تطور نوعي في تغليب الفلسفة الداعمة لبناء مجتمع مدني قوي، يتجاوز حالة الهشاشة والضعف التي أبرزتها المرحلة الانتقالية، كما لم يعكس هذا التطور رغبة حقيقية من جانب طرفي العلاقة ـ الدولة والمجتمع المدني ـ في تصحيح العلاقة، وإيضاحها بالقدر الذي يسهم في تجاوز أزمة الثقة والانتقال إلى مرحلة الشراكة والتعاون.

كذلك أوضح ضعف التطور النوعي عدم قدرة مؤسسات المجتمع المدني على مواجهة الكثير من سلبيات المرحلة الانتقالية التي ما تزال تداعياتها قائمة حتى الآن، لاسيما تلك المرتبطة بالاستقطاب السياسي والاجتماعي، والمظاهر السلبية التي فرضت إيقاعها على الكثير من التفاعلات المجتمعية مثل العنف والتطرف والتمييز، بل إن بعض مكونات المجتمع المدني كانت سببًا وآلية في تنامي هذه المظاهر، وبالتالي بدت أنها جزء من الصراع السياسي والاجتماعي، وليس جزءًا من الحل عبر إدارة التنافس والصراعات المجتمعية من خلال أطر سلمية داعمة لقبول التنوع والاختلاف.

هذا التطور الكمي يشير أيضًا إلى عدم القدرة على الاستفادة من أخطاء الماضي، أو تصحيح مسار العلاقة بين الدولة والمجتمع، أو تنامي الوعي المجتمعي عبر تفعيل مقومات قواه المجتمعية ومنظماته، خاصة وأن كثيرًا من ملامح المشهد الحالي تعود إلى أوائل التسعينيات، وكأننا نعيد عجلة التاريخ.

صحيح أن التطور الكمي تخلله ـ كما سيتضح من تحليل خريطة الجمعيات ـ بعض النماذج الجيدة والقوية، لاسيما في إطار المبادرات المجتمعية الداعمة لبعض أنماط الحقوق الاجتماعية والاقتصادية من جانب، وتفعيل بعض أطر التعاون مع الدولة تجاه بعض القضايا والخدمات الاجتماعية من جانب ثان، وتنامي بعض الأنشطة المرتبطة بالشباب وعملية إدماجهم داخل منظمات المجتمع المدني، أو تأسيس بعض الكيانات الداعمة لأنشطتهم ورؤاهم الثقافية والاجتماعية وربما السياسية وإن لم يتوافر لها الأطر القانونية أو المؤسسية ـ من جانب ثالث.

وصحيح أيضًا أن هناك قفزة كبيرة في دعم الخدمات وتقديم المساعدات والرعاية الاجتماعية، يمكن تلمسها بوضوح، وهي قفزة ساهمت بحد كبير في تخفيف المعاناة عن العديد من شرائح المجتمع المصري، كما أنها أسهمت في تعزيز الأمن الاجتماعي –إلى حد كبير –ولكن تبقى هذه الأدوار وتلك المسئوليات وما يحكمها من قيم، هي جزء من كل، ولا يجب إذا كنا نتحدث عن بناء مجتمع مدني قوي وراسخ قادر على الإسهام الاقتصادي والتنموي، وداعم لعملية التحديث المجتمعي، ورافع من روافع بناء الدولة المصرية الحديثة، أن يبقى هذا الجزء من العمل الأهلي حاكمًا ومقيدًا لعملية تطوير المجتمع المدني لصالح المجتمع الأهلي ومنظماته وأدواره ومسئولياته وقيمه.

فالتكامل بين منظمات المجتمع الأهلي ومنظمات المجتمع المدني يجب أن تمثل محددًا للمرحلة القادمة، بالإضافة إلى أنها علامة على عدم استيعاب الدروس الماضية، فالمنظمات الأهلية تمثل الإطار القاعدي والأفقي للمجتمع، نظرًا لما تعبر عنه عملية تكوينها وأدوارها الرعائية والخيرية البسيطة، وما تحمله من قيم تكامل وتضامن، وبالتالي تبقى أدوار ومنظمات المجتمع المدني في طابعها ووظائفها وقيمها ممثلة للإطار الرأسي للمجتمع والمخترق لكل شرائحه وفئاته، فالوظائف المتعددة للمجتمع المدني تتطلب وعيًا مجتمعيًا ونخبويا، وتبلور قوى مدنية قادرة على إعادة تنظيم مكونات المجتمع المدني بالقدر الذي يمكنه من لعب أدواره التنموية والحقوقية والرعائية والتوعوية.

وبعيدًا عن الخوض في كثير من التفاصيل المرتبطة بأهمية الاستدلال بنتائج تشريح المجتمع وفئاته وشرائحه، والوقوف على درجة التحديث وعلاقتها بالكثير من القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية محل الجدل المجتمعي حاليًا، فإن تطوير وتقوية المجتمع المدني المصري، تعد أولوية ملحة لأي عملية إصلاح أو بناء قادمة، وإلا سوف نظل حبيسي دائرة اللا بناء واللا إصلاح، فالحركة في نفس المكان لا تحقق سوى الإجهاد والإنهاك ولا توفر التقدم.

أولًا: خريطة الجمعيات الأهلية.. الملامح والدلالات

تبدو أهمية القراءة التفصيلية في حدود ما هو متوافر من بيانات مسألة في غاية الأهمية، حيث إنها فضلاً عن دلالاتها في تحديد ورسم اتجاهات العمل الأهلي، وإظهار عملية التراكم، وما يحكمها من قناعات ثقافية وقيمية ودينية، إلا إنها لا تعكس القدرة على قياس حجم التأثير والفاعلية، نظرًا للحاجة لمزيد من المعلومات، والبيانات التي لا تتوافر للباحثين، ولا تعكسها قواعد البيانات الرسمية، التي تحتاج إلى إعادة تحديد، للوقوف على الفاعلية والتأثير ومن ثم القدرة على الرهان على المجتمع المدني ككل، والجمعيات الأهلية بشكل خاص في المرحلة القادمة، لاسيما تجاه القضايا المجتمعية الشائكة مثل دعم التنمية المستدامة، ومواجهة التطرف والتعصب، وتمكين الفئات المهمشة، فمثل هذه الأهداف تحتاج إلى إعادة صياغة قواعد البيانات لبناء خريطة معرفية تفصيلية.

واتساقاً مع تحدي بناء خريطة معرفية للجمعيات الأهلية، فإنه يمكن رصد عدد من الملامح ذات الدلالات والمفاهيم والمعاني الخاصة بعملية تطور دور الجمعيات الأهلية، وأنماط عملها، وتوزيعها جغرافيًّا وعلى مجالات العمل الأهلي، وفقًا لبيانات عام 2017. ومن هذه الملامح رصد التالي:

1ـ النمو المطرد لأعداد الجمعيات

ـ استمرار تزايد وتيرة أعداد الجمعيات، حيث شهدت الخمس سنوات الماضية، إشهار نحو 10856 جمعية، حيث كانت أعداد الجمعيات عام 2012 نحو 36724 جمعية، وهي زيادة أقل مما شهدته الفترة بين أعوام 2010 –2012 حيث تم إشهار نحو 6510 جمعية (30214 جمعية، 36724 جمعية) على التوالي، بمعنى أن هذه السنوات السبع قد شهدت إشهار ما يقارب 17366 جمعية أهلية، ومع الإقرار بأن هذه المرحلة شهدت قفزة كبيرة في أعداد الجمعيات إلا إنه يمكن التوقف أيضًا أمام قفزة أخرى شهدتها الفترة ما بين عامي 2009 –2010 حيث تم إشهار نحو 4222 جمعية، وهنا يمكن التوقف على أسباب متباينة لتلك القفزات ففي حين كانت سمات المرحلة الانتقالية دافعًا لتزايد أعداد الجمعيات، كان اتساع المجال المدني سببًا ودافعًا للنمو في الفترة ما قبل 2011 .

ـ وعلى نفس المنوال، يمكن رصد عدد من القفزات التي شهدتها  الجمعيات الأهلية، ففي عام 2000 كانت الطفرة الحقيقية لنمو منظمات المجتمع المدني وهي الفترة التي تزايد فيها زخم المتغيرات الخارجية، حيث توالت المؤتمرات العالمية للأمم المتحدة، وتزايد تفاعل المنظمات المصرية بشكل ملحوظ مع المؤسسات الأجنبية، كما شهدت هذه الفترة تأسيس سلسلة من منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان، فضلاً عن صحوة العمل النسائي الحقوقي. وبلغ عدد الجمعيات في هذا العام نحو 16.000 جمعية أهلية، وتأسس في ذلك العام 973 جمعية من بينهم 18 جمعية مركزية.  وعند مقارنة هذا الرقم بعام 1990 الذي بدا أنه شهد نقلة أخرى في أعداد الجمعيات الأهلية، حيث كان عددها نحو 12.832

ـ بينما تمثل النقلة الحقيقة كما يظهرها عام 2010 عندما ارتفعت أعداد الجميعات الأهلية ليصل إلى 30214 جمعية من بينهم 267 جمعية مركزية وهو ما يعني أنه خلال عشر سنوات تأسست نحو 14214 جمعية، أي أن الجمعيات الأهلية خلال هذا العام زادات بنسبة 47% على الرغم من أن الجمعيات الأهلية خلال فترة العشر سنوات ما بين عام 1990 وعام 2000 بلغ عددها 3168 جمعية أي ما يقرب من 20% وهو ما يعني أن الجمعيات الأهلية خلال عام 2010 زادت إلى الضعف.

2ـ  الانتشار الجغرافي

 وعلى الرغم من الارتفاع الواضح في عدد الجمعيات الأهلية خلال الفترات السابقة، إلا أنه من الملاحظ أن ذلك لم ينعكس على التوزيع الجغرافي، حيث ظلت المحافظات الحضرية مستحوذة على النصيب الأكبر من الجمعيات الأهلية.     

ـ فتكشف بيانات عام 2017 عن تركز الجمعيات في المحافظات الحضرية، حيث تمثل الجمعيات في القاهرة الكبرى (القاهرة 8899 جمعية، بنسبة 18.7%، الجيزة 4683 جمعية، بنسبة 9.8%، القليوبية 2273 جمعية، بنسبة 4.8%) نحو 33.3% من إجمالي الجمعيات على مستوى الجمهورية، ثم تأتي محافظة الإسكندرية تالية لمحافظة الجيزة بواقع 6.9% (3277 جمعية). والجدير بالملاحظة هنا أن هذا الترتيب لم يختلف على مدار السبعة أعوام الماضية، حيث القاهرة الكبرى بالنصيب الأكبر –رغم التراجع البسيط–حيث كانت على التوالى (القاهرة 6900جمعية، بنسبة 18.8%، الجيزة 3611 جمعية، بنسبة9.8%، القليوبية 1813 جمعية، بنسبة4.9%) بنحو 33.6% من إجمالي عدد الجمعيات على مستوى الجمهورية، ثم تأتي محافظة الإسكندرية تالية للجيزة  بواقع 7.1% وذلك وفقًا لإحصائيات عام 2012، وأيضًا وفقًا لإحصائيات 2010 احتلت القاهرة الكبرى الصدارة بواقع 37.2%.

والملاحظ أيضًا أن المحافظات الحدودية مثل شمال سيناء والوادي الجديد والبحر الأحمر(248 جمعية، 285 جمعية، 406 جمعية)، شهدت تراجعًا في تركز الجمعيات الأهلية حيث تمثل نحو 1.97% من إجمالي عدد الجمعيات الأهلية على مستوى الجمهورية وفقًا لاحصائيات 2017، والجدير بالملاحظة أن هذه الأعداد شهدت تراجعًا مقارنة بأعداد الجمعيات الخاصة بالمناطق الحدودية (شمال سيناء 319 جمعية، الوادي الجديد 250 جمعية، البحر الأحمر 272 جمعية) وفقًا لاحصائيات 2012 ، حيث كانت تمثل نحو 2.3%، بينما احتلت محافظات الصعيد المرتبة الوسط، حيث يتزايد عدد الجمعيات في وسط الصعيد، وفي شماله حيث يوجد نحو 1779 جمعية في بني سويف، و1649 في الفيوم، بينما يقل عددها في جنوب الصعيد مثل أسوان وقنا، فيوجد في الأولى نحو 1422 جمعية، والثانية 1249 جمعية.

أيضًا من الملفت ارتفاع النسبة في كل من محافظة المنوفية 1869 جمعية، الغربية 2088 جمعية، أسيوط 1561 جمعية، أسوان 1422 جمعية، الدقهلية 2240 جمعية، سوهاج 1222 جمعية، كفر الشيخ 2245 جمعية. وفيما يتعلق بالمناطق الحدودية كمرسى مطروح 304 جمعية، جنوب سيناء 160 جمعية.

3ـ  المجالات والأنشطة

فيما يتعلق بنشاط الجمعيات الأهلية، تشير البيانات إلى أنها موزعة على تنمية المجتمعات المحلية بواقع (17247 جمعية) 36.3% من إجمالي الجمعيات لعام 2017، وتأتي في المرتبة الثانية الجمعيات العاملة في مجال الخدمات الثقافية والعلمية والدينية بواقع (13361 جمعية) 28.1%، والجدير بالملاحظة هنا أن هذه الجمعيات العاملة في مجال الخدمات الثقافية والعلمية والدينية كانت تحتل الصدارة بنسب عالية في السنوات الماضية، وذلك وفقًا لإحصائيات 2012 حيث كانت تحتل الصدارة بنسبة 54.99%، في حين كانت 55.6%وفقًا لإحصائيات 2010 ، وهو ما يعبر عن تنامي دور التيار السلفي والإخوان المسلمين في التواجد من خلال التنظيمات الأهلية القاعدية، أما عن التراجع الأخير فيمكن إرجاعه إلى عمليات حل الجمعيات الأهلية المحسوبة على الإخوان المسلمين وتنامي الاهتمام بالتنمية المحلية ودعم الحكومة لهذا النمط من الجمعيات الأهلية ودورها في مجتمعاتها.

وقد جاءت الجمعيات العاملة في مجال المساعدات الاجتماعية في المرتبة الثالثة بواقع 24.5% (11651 جمعية) من إجمالي الجمعيات لعام 2017، وذلك على غرار إحصائيات 2012، حيث كانت تحتل المرتبة الثانية بواقع (17000 جمعية) 46.3%، وفي عام 2010 كانت تحتل أيضًا المرتبة الثانية بواقع 46.7% من إجمالي عدد الجمعيات.

وبالنسبة لنشاط الجمعيات العاملة في مجال حقوق الإنسان، فقد بلغ عددها نحو 239 جمعية من إجمالي عدد الجمعيات لعام 2017، وبطبيعة الحال لا يمثل هذا الرقم المحدود جدًا أعداد المنظمات الحقوقية في مصر ولكنه يشير إلى الجمعيات التي تخضع إلى قانون الجمعيات الأهلية، بينما تخضع باقي التنظيمات لأشكال متعددة من التنظيم القانوني والمؤسسي إذ إن غالبيتها تأسست باعتبارها شركات مدنية، وإن كانت شهدت زيادة طفيفة عما كانت عليه في عام 2012 حيث كان عددها 131 جمعية، وفي 2010 كان عددها يبلغ نحو 109جمعية، ويأتي في ذيل القائمة الجمعيات العاملة في مجال التنمية السكانية، ورعاية المسجونين، والتنظيم والإدارة، والدعم الفني وتطوير القدرات، وتمكين وتأهيل الشباب، والدفاع الاجتماعي، حيث بلغ أعدادهم على التوالي كالآتي (15 جمعية، 35 جمعية، 45 جمعية، 51 جمعية، 51 جمعية، 52 جمعية). والجدير بالملاحظة هنا أن هناك بعض الجمعيات العاملة في بعض الأنشطة قد تراجعت نسبتها عما كانت عليه في الأعوام الماضية، ومنها على سبيل المثال، تراجع نسبة الجمعيات العاملة في مجال التنظيم والإدارة وفق إحصائيات 2017 والتي بلغت نحو 45 جمعية، في حين كانت في عام 2012 تبلغ 92 جمعية، وفي 2010 كانت تبلغ 77 جمعية.

4ـ الجمعيات المركزية

بحلول عام 2017 بلغ عدد الجمعيات المركزية نحو 429 جمعية، بنسبة تزيد عما كانت عليه في عام 2012 حيث كانت تبلغ نحو 227 جمعية، وفي عام 2010 كانت تبلغ 267 جمعية، وهنا يمكن التمييز بينها على مستوى المجالات والأنشطة لاسيما وأنها منتشرة على مستوى الجمهورية لأنها مركزية النشاط والتأسيس، حيث تعمل 217 جمعية في مجال الخدمات الثقافية والعلمية والدينية وفقًا لإحصائيات 2017، بنسبة تزيد عما كانت عليه في عام 2012 حيث كانت تبلغ 118 جمعية، وفي عام  2010 كانت تبلغ 98 جمعية، و63 جمعية تعمل في مجال الصداقة بين الشعوب وفقًا لإحصائيات 2017، و 40 جمعية في مجال المساعدات الاجتماعية وفقًا لإحصائيات 2017، بنسبة تقل عما كانت عليه في عام 2012 حيث كانت تبلغ 76 جمعية، وفي 2010 كانت تبلغ 63 جمعية، و38 جمعية في تنمية المجتمعات المحلية وفقًا لاحصائيات 2017، و20 جمعية في مجال الأمومة والطفولة وفقًا لاحصائيات 2017، بنسبة تقل عما كانت عليه في عام 2012 حيث كانت تبلغ 78 جمعية، وفي عام 2010 كانت تبلغ 65 جمعية، و11 جمعية في مجال التوعية بحقوق الإنسان وفقًا لاحصائيات 2017، بنسبة تزيد عما كانت عليه في عام 2012 حيث كانت تبلغ 10 جمعيات، وفي عام 2010 كانت تبلغ 7 جمعيات، و10 جمعيات في مجال الخدمات الصحية وفقًا لاحصائيات 2017، بنسبة تقل عما كانت عليه في عام 2012 حيث كانت تبلغ 22 جمعية، وفي عام 2010 كانت تبلغ 18 جمعية، وفي مجال الصداقة بين الشعوب بلغت 53 جمعية وفقًا لاحصائيات 2017، و3 جمعيات في مجال الدعم الفني وتطوير القدرات وفقًا لاحصائيات 2017، و 2 جمعية في مجال التنظيم والإدارة وفقًا لإحصائيات 2017، و11 جمعية في رعاية الفئات الخاصة والمعوقين وفقًا لإحصائيات 2017، وعدد 3 جمعيات في مجال الأنشطة التعليمية وفقًا لإحصائيات 2017، وعدد 1 جمعية في مجال التنمية السكانية وفقًا لإحصائيات 2017، و4 جمعيات في مجال حماية البيئة والحفاظ عليها وفقًا لإحصائيات 2017، و6 جمعيات في مجال أرباب المعاشات وفقًا لإحصائيات 2017، وعدد 2 جمعية في مجال الدفاع الاجتماعي وفقًا لإحصائيات 2017، وعدد 2 جمعية في مجال حماية المستهلك وفقًا لإحصائيات 2017، و3 جمعيات في مجال المساءلة الاجتماعية وفقًا لإحصائيات 2017. بينما اختفت عدد من الجمعيات العاملة في بعض المجالات كـ تأهيل وتمكين الشباب، رعاية وتمكين الأسرة على عكس تقديرات 2010 حيث كانت تبلغ 37 جمعية. 

ثالثًا: إعادة التنظيم وتجاوز السلبيات

استنادًا لتنامي دور منظمات المجتمع  المدني، وفي القلب منها الجمعيات الأهلية في مجالات تحسين سبل المعيشة بشكل عام (مجالات التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية) والدخول لمرحلة المشاركة في صياغة أولويات القضايا والاحتياجات وتعميق مجالات عملها تجاه قضايا الفقر والتنمية الاجتماعية والاقتصادية والحقوق، فإن الاهتمام ببناء القدرات وتنميتها على المستوى الفردي أو المستوى المؤسسي أمرًا لا مفر منه لتنمية المجتمعات، لاسيما تلك التي تعاني من قصور وعدم عدالة في توزيع ثمار التنمية، فمسئولية المجتمع لا تقل عن مسئولية الدولة.

وبالتالي فمن الضروري الاهتمام ببناء وترسيخ أدوار منظمات المجتمع المدني بما يتوافق وأولويات احتياجات المجتمع، وذلك بحكم أن مكونات المجتمع المدني تكون أكثر قدرة على تلبية الاحتياجات، والتواصل على المستوى الشعبي، فضلاً عن تكامل أدوارها وأدواتها في في خدمة المجتمع.

ولكن تحديد الأهداف عبر صياغة رؤية واضحة للعمل الأهلي المصري قادرة على تعظيم فرص بناء مجتمع مدني قوي قادر على تجاوز الكثير من سلبياته ومظاهر ضعفه، كما تتطلب توفير السياق الملائم لذلك وفي مقدمة هذه المتطلبات يأتي مشروع قانون الجمعيات الأهلية الجديد المتوقع إعادة مناقشته بعد أن تم تجميده، فيجب على القانون الجديد أن يعالج العديد من المظاهر السلبية، وفي مقدمتها: قضايا التمويل الاجنبي وعلاقته بالمنظمات الحقوقية، ومتطلبات الحفاظ على الأمن القومي، وأن يسهم في تحفيز الأدوار التنموية والحقوقية، وأن يعلي من قيم الشفافية والمحاسبية، وأن يتجاوز بواقعه التطبيقي حالة التمييز القائمة لبعض أنشطة وأنماط العمل الأهلي على حساب أنماط أخرى.

كما يجب أن يتوازى مع القانون الجديد، تدعيم عدد من الرسائل الحاكمة لتحفيز السياق العام أو البيئة المحيطة بالعمل الأهلي بحيث يمكن أن تعاد صياغة أجندة التنظيمات الأهلية بالقدر الذي يعيد معه ترتيب الأولويات وفقًا للمتغيرات والتحديات التي يفرضها الواقع المجتمعي وتعكسها كثير من التفاعلات السياسية والمجتمعية، مثل:

أ. حالة الاستقطاب السياسي والديني التي تفرض نفسها على كثير من ملامح المشهد السياسي والاجتماعي، وتظهر أهمية مواجهتها عبر مشروعات وبرامج تهدف لزيادة عملية تحصين الإنسان المصري وبناء معارفه ومهاراته القادرة على مواجهة تحديات الطائفية والتعصب.

ب. توفير الحوافز التنموية جنبًا إلى جنب مع قيم الحوار والحريات ـ لاسيما في المناطق المهشمة ـ من شأنها أن تسهم في دعم قيم المواطنة والمسئولية المجتمعية وتعزيز قيم الانتماء.

ج. الوقوف على حجم التغيرات المجتمعية التي شهدها المجتمع المصري على مدى الست سنوات الأخيرة وانعكاساتها على الشخصية المصرية، يعد واحدًا من المتطلبات الضرورية لصياغة منهاجية جديدة تتبناها منظمات المجتمع المدني بالاستناد للمنهاج التنموي القائم على أسس حقوقية كسبيل لبناء الدولة الحديثة المستندة للقانون والمواطنة.

د. إن السياق الدولي والإقليمي بتأثيراته السلبية على قضية السلام والصراعات الطائفية والعرقية التي تعاني منها العديد من دول المنطقة، تلقي بالكثير من التحديات والمسئوليات على الدولة والمجتمع لتحقيق الأمن الإنساني ومنع الصراعات، وهي مسئولية تتجاوز قدرات المجتمع المدني المصري الذي لم يترسخ دوره بعد، ولكن الخبرة المتراكمة والمصداقية والثقة المتوافرة من جانب بعض منظمات المجتمع المدني من شأنها أن تسهم في تقوية بنيان المجتمع وتماسكه.


رابط دائم: