عقد مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بالتعاون مع مركز المشروعات الدولية الخاصة خلال الفترة من 14 إلى 16 يناير2015، بمدينة الغردقة، مؤتمرا لـ"المنتدى الاقتصادي لمصر بكرة" تحت شعار "الحق في الاستثمار"، وذلك بمشاركة نخبة من الاكاديميين والخبراء الاقتصاديين وبعض رجال الأعمال وممثلين لوسائل الإعلام المصرية.
وقد تناولت الجلسة الافتتاحية تقديم نبذة مختصرة عن فكرة المنتدى والأهداف الرئيسية له، فضلا عن التوصيات التي وصلت إليها اللقاءات السابقة، وكان ذلك بمثابة ربط للقضايا التي عالجتها اللقاءات السابقة بالهدف الأساسي من انعقاد المنتدى لهذا العام.
وقد ركز المؤتمر على قضية أساسية، كانت محور جلساته المختلفة، وهي قضية "دمج القطاع غير الرسمي في القطاع الرسمي"، وذلك من خلال عدة محاور رئيسية، أهمها: مفهوم القطاع غير الرسمي في مصر في سياق متغير، والتوظيف ما بين ضمانات العمل الرسمي وحوافز العمل غير الرسمي، وأهم العناصر الجاذبة التى يقدمها القطاع غير الرسمي إلى العامل وصاحب العمل، وأخيراً الآليات المطلوبة للاستفادة من القطاع غير الرسمي، سواء بدمجه في القطاع الرسمي أو التعامل الإيجابي معه، وصولا إلى تحقيق العدالة الاجتماعية للقطاع غير الرسمي من خلال الاحتواء المالي.
أولا: السياق العام لمفهوم القطاع غير الرسمي في مصر
يمثل القطاع غير الرسمي للاقتصاد في مصر تحدياً كبيراً نظراً لكبر حجمه، وما يمثله من نسب مرتفعة، وهو ما يعني أن نسبة كبيرة من الأنشطة الاقتصادية يتم تشغيلها بمستوى أقل من المستوى الأمثل للتشغيل وبتكلفة مرتفعة، الأمر الذي يحد من تعظيم الاستفادة من الموارد والطاقات المتاحة لهذه المنشآت التي تعمل داخل هذا القطاع، نظرا لانخفاض معدلات الإنتاجية ومعدلات جودة المنتج -في معظمها- وذلك نتيجة عدم قدرتها على الاستفادة من الخدمات التمويلية وغير التمويلية المقدمة للقطاع الرسمي، وبالتالي يمثل بقاء هذه المنشآت خارج الإطار القانوني عائقًا أمام نموها وزيادة قدرتها التسويقية.
وفي هذا الإطار تناولت الدكتورة ريم عبد الحليم بالرصد والتحليل نشأة القطاع غير الرسمي في مصر، وتطرقت إلى تطور مفهوم الاقتصاد غير الرسمي عبر الأدبيات النظرية، والدراسات التجريبية للحالة المصرية، ثم قامت بالمقارنة بين التعريفات القديمة والحديثة في تناول المنشآت غير الرسمية.
كما أشارت إلى تحديد ثغرات التعريف الحالي، وأكدت بأن هناك حاجة الى تعريف أكثر ديناميكية.
أما في الجزء الثاني من الدراسة فقد قامت بتحليل طبيعة القطاع غير الرسمي مقارنة بالقطاعات الأخرى ومدى مساهمته في النمو الاقتصادي.
أما الجزء الأخير من الدراسة فتناولت جميع المبادرات الحكومية وغير الحكومية لإضافة الصفة الرسمية على القطاع غير الرسمي، وعلى تنظيم الشركات غير الرسمية الصغيرة ومتوسطة الحجم داخل جمهورية مصر العربية؛ وذلك من أجل الوقوف على نقاط القوة والضعف في كل مبادرة حكومية أو غير حكومية.
وفي هذا الإطار، أكدت على أن أهم أسباب اتجاه العامل إلى هذا القطاع هو عدم وجود فرصة في القطاع الرسمي، أو أن القطاع غير الرسمي جاء مكملا لنمط النمو الليبرالي الجديد الرأسمالي، ولكن المدرسة القانونية –والتي تعد الأهم- تفسر نشأته نتيجة عدم وجود محفزات للتسجيل في القطاع الرسمي، ومن ثم الهروب من أعباء التسجيل بدون عائد كافي.
ومن ثم كان تعريف "دوسوتو" للاقتصاد غير الرسمي، بأنه مجموعة الأنشطة التي تتم خارج الأطر القانونية والتنظيمية التقليدية، نتيجة الهروب من الأعباء القانونية والتي يعد العائد منها غير كاف.
وأضافت الدكتورة ريم القول بأنه رغم عدم وجود اهتمام بالقطاع غير الرسمي على المستوى الحكومي في مصر بالشكل المرجو، إلا أن القطاع ينتشر نتيجة تخوف الأفراد من الأعباء القانونية والمادية للتسجيل الرسمي، حتى وأن تم التسجيل يحدث تهرب من الأعباء سواء الضريبية أو غيرها.
وعلى الجانب الحكومي هناك اتجاه فكري يركز على قضية التسجيل والضرائب مع وجود تطور كبير جداً في التمويل متناهي الصغر خاصة في السنتين الماضيتين.
أما المجتمع المدني فتناوله من خلال كيفية تنظيم العلاقة بين القطاعين بما يضمن وجود تواصل فعال أو آلية داخل القطاع غير الرسمي تضمن إيجاد شكل تنظيمي للعلاقة.
وفي نهاية حديثها، أكدت د.
ريم على أن محاولات تحويل القطاع غير الرسمي لازالت في المنشآت الصغيرة والمتوسطة في مصر محدودة، تركز بالأساس على "التسجيل" كهدف نهائي، ومن ثم توسيع القاعدة الضريبية؛ وبقى الحافز الوحيد المقدم للمنشآت هو وجود أصول رسمية متاحة لها تسمح بتقديمها للحصول على تمويل صغير لتوسعة النشاط.
وحاولت الدولة في سبيل ذلك تيسير آليات التسجيل من ناحية، ومن ناحية أخرى تنظيم آلية التمويل متناهي الصغر والصغير.
إلا أن هذه النظرة أغفلت أن التمويل لم يكن حافزاً كافياً، وكما هو الحال في التجربة الدولية بقي تبسيط الإجراءات غير كاف كحافز للتسجيل، بل ظل الهروب للقطاع غير الرسمي مستمراُ؛ وهو ما يؤكد على أهمية إعادة النظر في منظومة الدوافع الحقيقة المقدمة للتحول نحو صفة الرسمية.
ومع تفاقم العمل غير الرسمي حتى في المنشآت المسجلة، بدأت الدولة في محاولة تقديم حد أدنى
من بعض برامج التأمينات لهذه العمالة، في فصل واضح بين قضية التشغيل غير الرسمي وانشار
الرسمية بشكل كامل.
في الوقت نفسه، بدأ المجتمع المدني نفسه في إطار الدفاع عن الحق في العمل، والخوف من التحول الظالم للرسمية في التركيز على تنظيم وتدريب المنشآت غير الرسمية لمنحها أطر للدفاع عن حقوقها وحقوق المشتغلين فيها كخطوة نحو "رسمية عادلة".
إلا أن كافة المبادرات أغفلت تناول كامل لقضية التكلفة والعائد من التحول للرسمية من وجهة نظر صاحب المنشأة، وهو الأمر الذى افتقدته دراسات عدة باستثناء دراسة د.
أحمد جلال في عام 2008 حول جوانب التكلفة والعائد للتحول نحو الرسمية.
وفي دراسة استقصائية، للقطاع غير الرسمي في مصر خاصة في مجال الألبان في محافظات مختلفة، أكد المهندس طارق ثابت رئيس شركة ميجاكوم، أنه من أهم أسباب البدء والاستمرار في القطاع غير الرسمي، عدم وضوح أوجه الاستفادة أو الاضطرار للتسجيل، والتخوف من الإجراءات والتكلفة والتعامل مع الجهات الحكومية.
إلا أن الدراسة أكدت قابلية القطاع غير الرسمي للحوار واستعداده له، من خلال سلاسل القيمة والجمعيات المتخصصة والروابط.
ومن جانبها أكدت الدكتورة مشيرة خطاب، الوزيرة السابقة للأسرة والسكان، أن موضوع الحق في الاستثمار يستهدف خروج الاقتصاد من عنق الزجاجة وإظهاره.
وإن الأمل كبير في تعافي مصر اقتصاديا لجذب المستثمرين، وبالتالي فلابد من تعامل جاد مع قوانين الاستثمار والإفلاس وهيكل الاستثمار والضرائب وتكلفة العمالة وغياب العملة الصعبة.
غياب مجلس النواب إذا يمنع الاستثمار المباشر.
كما أكدت أن مصر جذبت مؤخرًا مستثمرين نحو المشروعات الوطنية العملاقة لتوفر الآمال لديهم في تعافي مصر، فهناك مستثمرون استراتيجيون قاموا بشراء بعض الشركات مثل شركة بسكو مصر فهم يرون أن هناك طاقات هائلة وهناك 90 مليون مصري يريدون المأكل والمشرب والتعليم.
ومن جانبهم أشار المشاركون في المنتدي إلى بعض الإشكاليات التي تتعلق بالقطاع غير الرسمي في مصر، وعلاقته بالقطاع الرسمي، ومنها:
• فكرة الحق في الاستثمار تشير إلى وجود التزامات متبادلة من الدولة والمستثمر معا، بما يحقق الصالح العام.
وكما يوجد استغلال في القطاع الرسمي، يوجد أيضا في غير الرسمي، ولكن يبقى على الدولة العامل الأكبر في التشريع والتنظيم ورفع الوعي المجتمعي.
• التعامل والتواصل بين الرسمي وغير الرسمي، يحفل القطاع غير الرسمي بالشك والريبة، ونوع من اللامصداقية.
وبالتالي يعبر تزايد حجم القطاع غير الرسمي عن أزمة ثقة في الدولة.
• القطاع غير الرسمي لا يشمل فقط الاكشاك، والباعة الجائلين، بل يشمل أموراً أخرى مثل الدروس الخصوصية وغيرها.
• من أسباب انتشار القطاع غير الرسمي في مصر، الفساد.
• هناك إشكالية في توافر بيانات واحصاءات عن القطاع غير الرسمي في مصر، ومن ثم يصعب رصده، كما أنه لدينا موروث ثقافي بأن رقابة الدولة تمثل عوائق كبيرة ولكنها لم تعد موجودة الآن وعدم تحقيق نتائج لا يعني عدم الرجوع لها، في لازمة ولكن بضوابط وقواعد محددة وواضحة.
• من الصعب الحديث عن تحسين مناخ القطاع غير الرسمي في ظل عدم تحسين القطاع الرسمي، والرسمية هنا لا تعني فقط التسجيل ولكن تشمل التسجيل والاستمرار في النشاط وإذا تم الخروج يكون بشكل رسمي.
• السياسة الاقتصادية، فليس هناك توجه اقتصادي محدد للدولة، مع وجود بعض التعارض في البرامج الاقتصادية للوزارات المختلفة، ورقابة مهملة، كما أننا لدينا أزمة في التخطيط طويل المدى.
• تعد منظومة النقل والمواصلات أحد معوقات الاستثمار والتوظيف وكذلك منظومة المناطق اللوجستية والشحن، ومركزية الدولة التي تؤدي إلى وجود صعوبات في الاستثمار خارج القاهرة الكبرى.
ثانيا: التوظيف ما بين ضمانات العمل الرسمي وحوافز العمل غير الرسمي
تعتبر مشكلة البطالة في مصر من المشكلات المزمنة التي تواجهها البلاد، حيث تشير آخر الأرقام الرسمية إلى أن نسبة البطالة سجلت أعلى معدلاتها تاريخيا عند 13.4% بنهاية ديسمبر 2014، وترتفع هذه النسبة الى 30% بين فئة الشباب دون عمر الثلاثين.
وهنا يشير مجدي صبحي، نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إلى أن العاملين في القطاع غير الرسمي يمثلون 60% من حجم العمالة في مصر، وفقاً لتقديرات 2011، ولكن جزء كبير من تلك العمالة ترى أن هذا العمل مؤقت لحين وجود فرصة في القطاع الرسمي الذي يعاني من أزمة في طرح فرص جديدة، وبالتالي أصبح القطاع غير الرسمي موظف لقطاع عريض من العمالة خاصة من الشباب.
ويمثل فرصة جيدة للحد من البطالة، ولكن هل ضمانات العمل الرسمي كافية للحد من ظاهرة العمل غير الرسمي.
في هذا الإطار يشير د.
زياد بهاء الدين، المحامي ونائب رئيس مجلس الوزراء سابقا، إلى أن الاقتصاد الرسمي ليس ظاهرة سيئة بالحد الموصوف، بل أنه أنقذ البلاد في بعض المواقف وعالج البطالة، وفي المقابل توجد بعض العيوب في فكرة حقوق العمالة في القطاع الرسمي وخاصة القطاع الخاص، ومنها ما أشار إليه المشاركون من خلال عدم وجود ضوابط تلزم المنشأة بحقوق العامل أو الموظف، وكذلك فكرة دورية العمالة، فهناك شركات كبيرة تقوم بالتقاط العمالة من الشركات الصغيرة التي قامت بالتدريب.
كما أن النظرة العامة للتدريب بها الكثير من العيوب، فلا يوجد عمالة مدربة ومؤهلة حسب متطلبات المستثمرين، وأيضا هناك ثقة مفقودة بين أصحاب العمل والعمال، نتيجة النظرة السلبية من الأول للثاني، وبالطبع كل هذه التحديات تزيد من التوجه للقطاع غير الرسمي، فطبيعة ومحدودية الضمانات في القطاع الرسمي تشجع على زيادة العمل الغير رسمي.
ثالثا: إشكالية التطور التكنولوجي وثبات الأطر التشريعية
في الواقع العملي، يواجه قطاع الأعمال في مصر، الرسمي وغير الرسمي، بصعوبة جمة، تتمثل في عدم قدرته على اللحاق بركب التطور والتقدم التكنولوجي الحادث في العالم في مختلف أنواع الاستثمارات، سواء في مجالات الصناعة أو التجارة أو الخدمات.
فهناك أنماط جديدة للأعمال في العديد من بلدان العالم تحقق أرباحا مرتفعة وتخدم المجتمع، ولكنها لا تتوافق تماما مع القوانين والتشريعات القائمة وقد تكون هناك بعض الصعوبات في التعامل معها بصورة قانونية سواء في التسجيل أو التشغيل.
وفي هذا الإطار، أكد الدكتور خالد إسماعيل، رئيس شركة KIAngel، أن مصر تعد من الدول المتأخرة في التطور التكنولوجي عند مقارنتها بالدول المتقدمة، فلم تستطيع مصر ملاحقة الثورات الصناعية والتطورات التكنولوجية، ومن ثم لن تتحرك بالسرعة الواجبة للحاق بالموجات الجديدة من التطور نتيجة عدم تحقيق الموجات السابقة.
كما أكد أن هناك عناصر أساسية لم تلتحق بها مصر مثل بقية الدول –ولكنها قابلة لسرعة التطبيق- منها عملية تأسيس الشركات، ففي بعض الدول يمكن تأسيس الشركة من خلال الإنترنت في عدة أيام دون حاجة لنظام الشباك الواحد أو غيره، مع إمكانية إجراء التحريات الأمنية والتفاصيل الباقية المختلفة، وفي حال وجود مشكلة يتم استدعاء المؤسس واتخاذ اللازم.
ومن جانبه أشار الدكتور أيمن إسماعيل، استاذ كرسي عبد اللطيف جميل لريادة الأعمال بكلية إدارة الأعمال بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، إلى أن مواكبة التطورات التكنولوجية، بإمكانها مساعدة القطاع غير الرسمي والشركات الصغيرة في الخروج من الإطار الرسمي أكثر مما هو الآن، رغم أنها تساعد على زيادة حجم الاقتصاد.
كما أن انتشار التجارة الالكترونية غير الرسمية في ظل عدم وجود الدولة وعدم قدرتها على التحكم في هذه التجارة رغم كبر حجمها، واختلاف مستويات التعامل، وهذه الطرق الجديدة (مثل التجارة على مواقع التواصل الاجتماعي أو ما يسمى بالتجارة الافتراضية) لا تتيح أي شكل من أشكال الضرائب.
وفي الجانب التشريعي، فإن التجارة الافتراضية أضحت واقع، في حين أن القوانين أصبحت افتراضية، وليس لها صلة بالواقع، وليس هناك قدرة على تنفيذها.
وخلاصة ذلك أن الدولة ليس لها وجود في هذه التعاملات، بل يمكن القول أن الدولة لا تعلم بها.
وفي حالة وصول الدولة لها، تقوم هذه التعاملات بالخروج من المجال الداخلي إلى خارج مصر، مما يجعله يحصل على حماية دولية.
رابعا: نحو استراتيجية للدمج والحد من المؤسسات الموازية
في ضوء تطور مفهوم القطاع غير الرسمي وتقييم المحاولات السابقة لدمجه خلال الفترة الماضية، وفي هذا الإطار أكد المستشار هشام رجب، المستشار الاقتصادي لوزارة الصناعة والتجارة، أن المحاولات السابقة لدمج الاقتصاد غير الرسمي، كانت قليلة الإنجاز خاصة من الجانب الحكومي، ولكن الجمعيات المعنية بهذا الأمر كانت لها دراسات جيدة، ولها اسهامات ونجاحات في هذا الإطار.
وهناك إشكاليات تتعلق بالعشوائية والتخطيط والإدارة من جانب الحكومة في إدارة ملف دمج القطاع غير الرسمي، وفي هذا الإطار هناك عدة عناصر مطلوبة لتحديد الاستراتيجية، أولها، من المسئول أو المعني بقضية التعامل مع القطاع غير الرسمي، ويرى البعض أن المسئول هو وزارة الصناعة والتجارة الداخلية بالإضافة إلى الاتحادات الصناعية والتجارية، ويكون هناك ثقة متبادلة، وثانيها دور الجمعيات والروابط، من خلال التوعية والتواصل بين القطاعات المختلفة، وثالثها، التدرج في الحل ووضع البرامج الزمنية والبدء بالقطاعات التي بها أكثر المخاطر.
كما أشار الأستاذ هاني توفيق، رئيس مجلس ادارة الجمعية المصرية للاستثمار المباشر، إلى أن مشكلة القطاع غير الرسمي أن المنافسة غير عادلة مع القطاع الرسمي، كما أنه يعاني من عدم وجود تأمينات اجتماعية ومعاش وتأمين صحي، ويرى أن المسألة هى مسألة تشريعية ولابد من تغليظ العقوبة، كذلك هناك حاجة إلى تسهيل التمويل من الحكومة لضم القطاع غير الرسمي، والتركيز على تحصيل الضرائب كجزء من التضييق على هذا القطاع.
فيما أكد الدكتور وحيد عبد الصمد، عضو مجلس ادارة اتحاد جمعيات التنمية الاقتصادية، إلى أنه يجب تحديد المشكلة، وتوصيفها، بالإضافة إلى توفير الاحصائيات الخاصة بها، من أجل حصر هذا القطاع غير الرسمي، كذلك هناك مركزية في العمليات التنموية، مع إهمال قطاعات الصعيد على سبيل المثال، التي أدت لقدوم أهل الصعيد إلى القاهرة في صورة قطاع غير رسمي.
كما أن هناك مشكلة في تشريعات الضمان والتأمين الصحي والاجتماعي، والأكثر من ذلك اتجاه الدولة في زيادة العائد لم يأت إلا من الضرائب فقط دون دراسة كاملة للمشكلة.
خامسا: توصيات عامة
وفي محاولة للوصول إلى توصيات عامة وحلول مقترحة من جانب المشاركين لحل مشكلة القطاع غير الرسمي في مصر، فقد تم تقسيم الحضور إلى ثلاث مجموعات.
حيث ناقشت المجموعة الأولى: نوع الحوافز والإجراءات التشريعية والمؤسسية القابلة للتنفيذ من أجل دمج القطاع غير الرسمي؟ أما المجموعة الثانية: فقد ناقشت كيف يساهم التحول من اقتصاد قائم أساسا على التعاملات النقدية إلى اقتصاد يقل فيه حجم التعاملات النقدية في تحقيق العدالة الاجتماعية للقطاع غير الرسمي من خلال الاحتواء المالى.
فيما ذهبت المجموعة الثالثة إلى مناقشة قوانين الخروج من السوق كأحد العوامل التى تعوق عملية الدخول الرسمي إلى الأسواق، وما هى المقترحات القابلة للتنفيذ في هذا الشأن؟
وقد تمثلت توصيات المجموعة الأولي فيما يلي:
1) دراسة أسباب فشل تجارب دمج أو تحديث القطاع غير الرسمي السابقة واستخلاص العبر منها، ودراسة التجارب الناجحة في دول تتشابه ظروفها مع مصر، مثل الهند وماليزيا وفيتنام، والتعرف على نظم التحفيز والردع التى استخدمتها.
2) التدرج التصاعدى في استخدام نظم التحفيز، لتبدأ بالدعم الفني والتسويقي الخ، حتى لمن سيتسمر لوقت طويل كغير رسمي، ثم التحفيز لمن يحتاج إلى ميزة ليندمج في الرسمي، ثم الردع للكبار الذين يجب دمجهم ولو قسراً في الرسمي.
3) الحكومة الإليكترونية أساس أى إصلاح هيكلي أو إداري أو تنظيمي بصفة عامة، وقد ثبت أن الجماهير العادية – ومن خبرة بطاقات الخبز والتموين.
على استعداد للتعامل بالنظم الذكية، شريطة وجود منافع واضحة.
4) يجب الحرص الشديد عند استخدام الضرائب كآلية تحفيز، ومنح الأولوية لحوافز من نوع تقديم خدمات مالية ميسرة وتسويقية وفنية مناسبة.
5) استخدام ضغط المستهلكين لتحديث القطاع غير الرسمي، والتوسع في استخدام الفواتير أو ما بات يعرف ب"الفوترة"، والاهتمام بحماية المستهلك الوسيط وليس النهائي فقط، واستخدام حوافز مثل منح جوائز، ورد جزء من الضريبة، للملتزمين بتقديم الفواتير أو الإصرار على استلامها، وبطبيعة الحال فدور التوعية أساس في كل ما تقدم.
6) أن تشمل المساءلة العامة محاسبة المسئول (الوزير- المحافظ- إلخ) عما أنجزه أو لم ينجزه في ملف دمج القطاع غير الرسمي، التابع لكل منهم، واستحداث مؤشرات تساعد على ذلك.
7) تفعيل دور وحدة العدالة الاقتصادية بوزارة المالية لتكون بمثابة معمل لتحديد المشاكل ووضع الاستراتيجيات والسياسات المطلوبة لإنجاح الدمج.
8) شباك واحد عابر للتقسيمات الإدارية للدولة، يعمل بمعايير واحدة، ويقدم كل أوراق التسجيل والترخيص والدمج ويتلقى الإخطارات.
9) ربط تقديم الحوافز بمجموعة من الالتزامات على المستهدف، مثل تسجيل الأبناء في المدارس، واستمرارهم، والتطعيمات، والمراجعة الطبية للأم الحامل الخ، على أن تزيد الحوافز أو تتناقص، طبقا لتطور النشاط ومدى الالتزام بما سبق.
10) عدم الاندفاع إلى إقامة كيانات حكومية جديدة، أو إنشاء تشريعات جديدة، واعتبار أن مجرد عمل الكيان أو التشريع هو الحل.
11) التفكير في عمل تغيير جذري في فلسفة قانون الإدارة المحلية/ الحكم المحلي، لتكون المحليات – والسلطات المركزية- دافعة للاستثمار والنمو، وليست أجهزة للتسلط والكبح.
ويتعين أيضاً تغيير فلسفة أجهزة الرقابة والمتابعة (مثل شرطة المرافق ومباحث التموين) لتكون حامية للالتزام بالمعايير والاشتراطات، وليست أجهزة مداهمات ومطاردات وقتية أو موسمية.
12) دراسة تجربتي ألمانيا والدانمارك، وتشجيع إقامة اتحادات (أو نقابات) محلية منتخبة تضع المعايير وتقدم الخدمات والتراخيص، وتحاسب، وتتفاوض الخ.
13) تشبيك سلاسل القيمة مع الموردين أو الموزعين بالقطاع غير الرسمي، كل في مجاله، وتتولى الاتحادات (المقترح السابق رقم 12) تنظيم هذه العملية.
14) التأكيد على تطبيق الميزة المنصوص عليها في القانون (مثل قانون المشاريع الصغيرة والمتوسطة) من خلال جهة واحدة، دون الحاجة إلى الذهاب إلى عدة جهات ووزارات.
أما توصيات المجموعة الثانية، فقد تمثلت في:
ارتأت المجموعة أن التحول لمجتمع غير نقدي، يزيد من قدرة الدولة في تحصيل ضرائبها، ومن ثم يمكن تحقيق ذلك من خلال التالي:
1) أن تتم كافة المعاملات المالية عند شراء أصول، بالوسائل غير النقدية، وإتاحة كل مدفوعات الجهات الحكومية سواء وسائل المواصلات أو غيرها يجب أن تتاح بالوسائل غير النقدية.
2) أن يتم سداد الديون والأقساط، وأقساط التأمين بالوسائل غير النقدية، وأيضاً صرف التأمينات والمعاشات، وكذلك الاكتتابات وزيادة رؤوس أموال الشركات.
3) تفعيل القانون الخاص بفواتير كل المعاملات.
4) تفعيل منظومة دفع الأموال عبر الأجهزة المحمولة، وإقناع الدولة بها.
أما المجموعة الثالثة فقد تمثلت توصياتها في:
1) العمل على إصدار قانون مستقل للإفلاس والصلح الوافي لتنظيم العملية بشكل مفصل سواء بالخروج النهائي أو بما يكفل إعادة التأهيل لمن يرغب وتبني فلسفة جديدة لصالح الصناعة والمجتمع وذلك في أسرع وقت.
2) ضرورة إيجاد آلية أكثر فعالية للتعامل مع مصلحة الضرائب في حالات الإغلاق الاختيارى، وبما لا يطيل أمد العملية وبما يضمن سهولة الخوف من سجلات الممولين.