تقدم هذه الكراسة محاولة لتقييم أجندة عمل الاتحاد الأفريقى خلال سنوات عمله التى تجاوزت العقد ونصف، خاصة فى مجال التدخل لمنع الصراع فى القارة الأفريقية. فقد عبر التحول من منظمة الوحدة الأفريقية إلى الاتحاد الأفريقى عن نقلة نوعية كبيرة فى آليات عمل المنظمة القارية وقدرتها على تسوية الصراعات فى القارة الأفريقية، بعد أن أقر القانون التأسيسى للاتحاد الأفريقى حق المنظمة في التدخل فى الشئون الداخلية للدول، وإن كان هذا التدخل محكوم بمجموعة من الشروط، إلا أنه سمح ببناء العديد من الهياكل الأمنية للمنظمة القارية. كما تدخلت المنظمة بصورة فعلية فى العديد من الصراعات التى لا تتوافر فيها الشروط التى أقرها القانون التأسيسى مما زاد من جهوزية الاتحاد الأفريقى وقدرته على منع الصراع فى البيئة الأفريقية.
غير أن حالات تدخل الاتحاد الأفريقى فى الصراع عكست مجموعة من التحديات التى تواجهها المنظمة القارية. كان في مقدمة هذه التحديات المشكلات المالية التى تعانى منها المنظمة، والتى تلقى بتأثيراتها على قدرتها على التدخل لتسوية الصراعات، حيث يأتى الجزء الأكبر من ميزانية الاتحاد الأفريقى من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى، فى ظل عدم تقديم العديد من دول الاتحاد لمساهماتها المالية فى ميزانية الاتحاد. كل ذلك فى الوقت الذى لا تزال دول عديدة فى القارة ترفض تدخلات الاتحاد الأفريقى فى شئونها الداخلية، بل وتعمل على توجيه عدد من الآليات الأمنية بما يخدم مصالحها. هذا فضلا عن التداخل فى الاختصاصات بين عدد من أجهزة الاتحاد الأفريقى مما يؤثر على فعالية المنظمة. هذه التحديات تتطلب تضافر الجهود الأفريقية للعمل على تحقيق الطموحات الكبيرة التى يمثلها الاتحاد الأفريقى وآلياته المختلفة لتسوية الصراعات حتى يستمر دور الاتحاد كنموذج لمنظمة إقليمية تعمل على تحقيق الاستقرار والأمن فى بيئة تعج بقائمة معقدة من التحديات والتهديدات.