تتناول العوامل أو المحددات التي تجعل بعض الفاعلين السياسيين ينجحون في الاستفادة من التغير الكلي الحادث في هيكل الفرص السياسية في مراحل الحراك الثوري بينما لا ينجح البعض الآخر من الفاعلين فى الاستفادة من هذا التغير، بالتطبيق على دراسة جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسية حزب الحرية والعدالة بعد التغير السياسي الذي شهدته مصر في بدايات العام 2011، ووصولهم إلى السلطة في منتصف العام 2012، وحتى سقوط حكمهم في منتصف العام 2013، وممارسات كوادرهم للعنف بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة، وأنماط تحالفاتهم مع المنظمات الإرهابية خلال الأعوام الثلاثة الماضية، فيما يعرف بمراحل الصعود والهبوط لنفس الفاعل وإن تغيرت «العوامل الوسيطة» التي أدت إلى النجاح أحيانا والتعثر في أحيان أخرى.
وقد خلصت الدراسة إلى أن العوامل التي أسهمت في الصعود السياسي للإخوان في مصر تمثلت في قدرة ونجاح الجماعة على التكيف مع المرحلة الانتقالية، والقدرات السياسية والتنظيمية العالية للجماعة، وقوة ومتانة شبكة تحالفات الإخوان في الداخل والخارج. إلا أن الجماعة لم تستطع الحفاظ على نجاحها، وسرعان ما تحولت إلى فشل ذريع في ممارسة الحكم، بعد عام واحد من تولي السلطة، لأسباب تتعلق بافتقار النخبة الحاكمة لسلوكيات رجل الدولة، واختلالات نسقها العقدي، وإشكاليات التنظيم السياسي المعبر عنها، وتآكل الرصيد المجتمعي لقياداتها وقواعدها، وسلطوية السلوك السياسي لنمط حكمها.
وعلى الرغم من محاولات الإخوان المستمرة بعد خروجهم من الحكم العودة إلى المشهد السياسي مرة أخرى، إلا أن محاولاتهم قد باءت بالفشل. كان أبرز هذه المحاولات دعوات التحريض على التظاهر التي قادتها جماعة الإخوان على مواقع التواصل الاجتماعي خلال ما سمته «ثورة الغلابة» للخروج بالمظاهرات في يوم 11 نوفمبر 2016. لكن هذه الدعوات لم تلق استجابة مؤثرة من قبل المواطنين؛ فقد خرجت بعض المظاهرات فى عدد محدود من المحافظات المصرية، ولكنها لم تعبر عن ثورة شعبية بقدر ما عبرت عن مظاهرات احتجاجية محدودة النطاق، الأمر الذي يعكس فشل الإخوان في التأثير على الرأي العام المصري للخروج في فعالية 11 نوفمبر، في محاولة منها لاستعادة فرصها السياسية وعودتها للمشهد السياسي المصري من جديد، الأمر الذي طرح العديد من السيناريوهات لمسار مستقبل الفرص السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في مصر خاصة في ضوء التطورات الإقليمية والدولية التي شهدها عام 2017.