د. أميرة محمد عبد الحليم

خبيرة الشئون الأفريقية - مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

وسط ترتيبات أمنية شديدة انعقدت الانتخابات الكينية في الثامن من أغسطس الجاري (2017). وقد أكدت هذه الانتخابات من جديد على استمرار الأزمة التي تعيشها كينيا منذ انتخابات عام 2007، وعدم قدرة المجتمع والنظام السياسي في هذه الدولة الأفريقية المهمة على تجاوزها، بجانب ظهور تهديدات جديدة زادت من وطأة الأزمة ونتائجها على الشعب الكيني.

فقد ذهب الناخبون الكينيون إلى مراكز الاقتراع لانتخاب رئيس الدولة، وكذلك أعضاء الجمعية الوطنية، والنواب من النساء، والمحافظين، وأعضاء مجلس الشيوخ، ومجالس المقاطعات. ومن بين ثمانية مرشحين للرئاسة كان الرئيس المنتهية ولايته أهورو كينياتا، وزعيم المعارضة رايلا أودينجا الأوفر حظًا في السباق الرئاسي، حيث يحتاج المرشح للفوز بالدور الأول للانتخابات إلى الحصول على 50%+1 من الأصوات، أو على الأقل ربع الأصوات في 24 من 47 مقاطعة.

وكان الرئيس المنتهية ولايته، أهورو كينياتا (55 عامًا)، قد وصل إلى السلطة خلال انتخابات عام 2013، وهو ابن جومو كينياتا، أول رئيس لكينيا بعد استقلالها عن بريطانيا في عام 1963.أما رايلا أمولو أودينجا، (72 عامًا)، المرشح المنافس، فهو ابن ياراموجي أودينجا أول نائب للرئيس الكيني، وتلقى تعليمه في ألمانيا، وهو رجل ثري وفقًا للمعايير الكينية؛ فلديه أسهم في مصنع إنتاج أسطوانات الغاز (east Africa spectre) وإنتاج الإيثانول، بجانب مشروعات في مجال استيراد وتوزيع النفط. وحاول أودينجا الوصول إلى الرئاسة خلال ثلاثة انتخابات سابقة، كان أولها في عام 1997.

وعلى الرغم من سير العملية الانتخابية في هدوء إلى حد بعيد، حيث لم يتخلل الحملات الانتخابية سوى بعض أعمال العنف الخفيفة، كان أخطرها مقتل أحد المسئولين في "اللجنة المستقلة للانتخابات والحدود" IEBC. ومع حالة الحماس التي انتابت الشعب الكيني، والتي برزت في المشاركة الكبيرة في الاقتراع، إلا أن إعلان نتائج الانتخابات قد صاحبه تصاعد للاشتباكات وأعمال العنف بين الشرطة ومتظاهرين، بعد رفض زعيم المعارضة أودينجا لهذه النتائج وتأكيده حدوث اختراق لقاعدة البيانات الخاصة باللجنة الانتخابية.

وفي أعقاب إعلان "اللجنة المستقلة للانتخابات والحدود"النتائج الأولية للانتخابات، والتي أشارت إلى فوز الرئيس أهورو كينياتا بفترة رئاسية ثانية، وحصوله على 54.27% من الأصوات، مقابل حصول منافسه رايلا أودينجا على 44.8%، بفارق 1.4 مليون صوت لصالح كينياتا، شهدت مناطق عدة في نيروبي احتجاجات ومواجهات بين الشرطة ومتظاهرين، حيث رفض أنصار زعيم المعارضة نتائج الانتخابات، خاصة بعد إعلانه عن حدوث تزوير واسع النطاق. وقد تركزت معظم الاحتجاجات في غرب نيروبي، خاصة في مدينة كيزومو Kisumuوهي مسقط رأس أودينجا، مما أدى إلى مقتل عدد من المواطنين.

وقد حملت هذه الاحتجاجات مخاوف من تكرار أعمال عنف عامي 2007-2008، إلا أن تأكيد العديد من المراقبين الدوليين للانتخابات على مصداقيتها، قد أبعد سيناريو العنف قليلًا. فقد أكد وزير الخارجية الأمريكي السابق، جون كيري، الذي يقود بعثة مراقبة "مركز كارتر للانتخابات"، على سلامة العملية الإلكترونية للانتخابات. كما أشار رئيس بعثة الكومنولث لمراقبة الانتخابات والرئيس السابق لغانا، جون ماهاما، إلى أنه لا يوجد سبب للشك في قدرة اللجنة الانتخابية على تقديم انتخابات ذات مصداقية. وعبر رئيس بعثة الاتحاد الأفريقي والرئيس السابق لجنوب أفريقا، ثابو مبيكي، عن وجهة نظر مماثلة، حيث أكد أنه راض عن أداء اللجنة والطريقة التي أدارت بها الانتخابات. كما ذكر بيان بعثة مراقبة الاتحاد الأوروبي أن المعارضة قدمت "إدعاءات خطيرة" ولكن اللجنة الانتخابية تستكمل خطواتها بأقصى قدر من الشفافية والالتزام القانون.

وعلى الرغم من محاولات النظام الحاكم استعادة الاستقرار عقب الانتخابات إلا أن استمرار الأزمة السياسية التي تعود إلى الصراع على السلطة، ذلك الصراع الذي بدأت ملامحه منذ عام 1966عندما دبت الخلافات بين رفقاء الكفاح الرئيس جومو كينياتا ونائبه ياراموجي أودينجا، إلا أن هذا الصراع ظل كامنًا وبعيدًا عن العنف حتى ظهر في أسوأ صوره عقب انتخابات عام 2007.

أسباب الأزمة السياسية   

ظلت كينيا لسنوات طويلة تمثل نموذجًا للاستقرار والأمن في شرق أفريقيا، وحتى عام 2007 عملت كمركز لشرق أفريقيا في المجالات المالية والاتصالات، ومقرًا للعديد من المنظمات الدولية غير الحكومية، ونقطة جذب للسياحة. وتوقع المحللون الاقتصاديون آنذاك أن تتحول كينيا خلال سنوات قليلة إلى قاطرة للنمو الاقتصادي في إقليم شرق أفريقيا. إلا أن أحداث العنف التي شهدتها البلاد عقب انتخابات 2007، كشفت عن أزمة سياسية حالكة تدعمها الاختلافات الإثنية التي استغلها السياسيون في صراعهم على السلطة .

 فتاريخيًا لم يكن الكينيون يعرفون أنفسهم بحسب انتماءاتهم الإثنية. كما فشل المستعمر البريطاني في استخدام الصراع العرقي لمنع توحد الكينيين في مواجهته، لكن التكتيكات التي تبناها الرئيس الأسبق دانيال أراب موي (1978-1992) للحفاظ على سلطته في مواجهة أحزاب المعارضة التي كانت تضم العديد من "الكيكويو"، أدت إلى تقسيم المجتمع الكيني، مستغلا في ذلك حالة التعددية الإثنية داخل كينيا، حيث يتوزع المجتمع على (41) جماعة إثنية، أكبرها من حيث العدد جماعة "الكيكويو" بنسبة 17% من إجمالي عدد سكان كينيا، وهم الأكثر تعليمًا والأعلى دخلًا. يأتي بعدها جماعات "الوهيا"، و"اللوه" (التي ينتمي إليها زعيم المعارضة أودينجا)، ثم "الكالينجين"، و"كامبا"، و"ميرو"، حيث ينتمي الرئيس موي إلى إثنية "الكالينجين". ويوضح الجدول رقم (1) المجموعات العرقية في كينيا ونسبتها إلى إجمالي عدد السكان.

وقد شهدت الفترة (1992- 1997) حملة ضد جماعة "الكيكويو"، ومواجهات في الوادي المتصدع بين "الكالينجين" و"الكيكويو". ووفقًا لشهادات بعض الجماعات الحقوقية الكبيرة ومنظمات مراقبة حالة حقوق الإنسان في العالم، مثل "هيومن رايتس وتش"، و"منظمة العفو الدولية"، أن الدولة  كانت ترعى هذا النوع من العنف. وقبل انتخاب الرئيس مواي كيباكي في عام 2002، والذي ينتمي إلى جماعة "الكيكويو"، كان العنف الإثني قد أصبح متواترًا داخل المجتمع الكيني.

إلا أن انتخاب موي كيباكي طرح أبعادًا جديدة للأزمة السياسية تجاوزت البعد الإثني، فقد تمكنت المعارضة في انتخابات 2002 من الفوز بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية للمرة الأولى في تاريخ البلاد. وجاء هذا الفوز كنتيجة لتحالف كيباكي مع عدد من القوى السياسية أبرزها الحزب الليبرالي الديمقراطي، والذي تحول لاحقًا إلى "الحركة الديمقراطية البرتقالية"، بزعامة رايلا أودينجا، الذي كان من المتوقع أن يتقاسم السلطة مع كيباكي إلا أن الأخير لم يف بوعوده. كما نجح رايلا أودينجا في إفشال مشروع كيباكي لتمرير دستور جديد للبلاد يزيد من صلاحياته، مما زاد من شعبية أودينجا. وظهر هذا بصورة واضحة في انتخابات 2007، حيث فاز حزب أودينجا بما يقرب من نصف مقاعد مجلس النواب، في حين فاز حزب كيباكي بأقل من ربع مقاعد المجلس. وقد اعتبر البعض ذلك تمهيدًا لفوز أودينجا بالانتخابات الرئاسية.

ومع فشل أودينجا في الفوز بالانتخابات الرئاسية، انتشر العنف في أنحاء مختلفة من البلاد، حيث عاد البعد الإثني للظهور، فتحالفت أفراد جماعة "الكالينجين" مع جماعة "اللوه" التي ينتمي إليها أودينجا في مواجهة جماعة "الكيكويو" التي دفع أفرادها ثمنًا فادحًا نتيجة لاستئثار كيباكي بالسلطة. وفي المقابل اتجه نظام كيباكي لاستخدام العنف المفرط في مواجهة معارضيه، إلى أن تم التوصل إلى اتفاق تقاسم للسلطة في مارس 2008 بين التحالف الحاكم بزعامة كيباكي والحركة الديمقراطية البرتقالية بزعامة رايلا أودينجا، حيث مثل اتفاق السلام محاولة لإنهاء العنف.

وحاول زعيم المعارضة الفوز خلال الانتخابات الرئاسية التي شهدتها البلاد في عام 2013، ولكنه فشل للمرة الثالثة، التي فاز بها أهورو كينياتا (الكيكويو)، الذي اختار ويليام روتو (الكالينجين) نائبًا له. ومع فوز الرئيس كينياتا في الانتخابات الأخيرة (2017) اتجه أودينجا لتعبئة أنصاره على أساس إثني في مواجهة جماعة الكيكويو، إلا أن استخدام الشرطة للعنف المفرط تجاه المتظاهرين ووصفها لهم بأنهم لصوص يحاولون استغلال الفوضى لنهب الممتلكات أدى إلى تصاعد العنف ومقتل ما يقرب من 24 شخصًا.     

 

جدول رقم (1): التوزيع النسبي للمجموعات الإثنية في كينيا

الترتيب

الجماعة الإثنية أو القبيلة

نسبتها من عدد السكان

1

الكيكويو

22 %

2

اللوهيا

14 %

3

اللوه

13 %

4

الكالينجين

12 %

5

كامبا

11 %

6

ميرو

6 %

7

الهنود والجماعات الأسيوية الأخرى

0.1 %

8

العرب

0.1 %

9

الأوروبيون البيض

0.1 %

10

القبائل الأفريقية الأخرى والجماعات الأخرى غير المدرجة

21 %

 

Source, http://www.worldatlas.com/articles/largest-ethnic-groups-in-kenya.htm

 

محاولات معالجة الأزمة السياسية

تعود الأزمة السياسية في كينيا كغيرها من العديد من الدول الأفريقية إلى انعدام ثقافة المشاركة وقبول الآخر؛ حيث تتسم المباراة السياسية هناك بأنها أقرب إلى المعادلة الصفرية. ولم يؤد الأخذ بالتعددية السياسية إلى مشاركة مختلف الجماعات في السلطة؛ فالجماعة الإثنية التي يفوز مرشحها في الانتخابات تحصل على كل شيء. هذا إلى جانب انتشار الفساد على نحو واسع بين المسئولين مما أدى إلى تآكل الثقة بالمؤسسات السياسية.

وعقب الأحداث الدامية التي خلفتها نتائج انتخابات 2007، حاولت الحكومة الكينية معالجة بعض أسباب الأزمة السياسية. ففي أغسطس 2010 تم إقرار دستور جديد للبلاد، أدخل بعض التعديلات على النظام السياسي الكيني بهدف تقوية السلطة السياسية لرئيس البلاد وتأسيس بعض الآليات لمعالجة أسباب الأزمة السياسية؛ فتم التحول بموجب الدستور الجديد إلى النظام الرئاسي، وإلغاء منصب رئيس الوزراء، وتحديد مدة ولاية الرئيس بفترتين رئاسيتين. كما تم إنشاء ما عرف بـ"لجنة الأراضي" لتسوية النزاع التاريخي بين الجماعات الإثنية على الأرض، وتحديدًا بين جماعتي "الكيكويو" و"الكالينجين".

وشملت هذه المحاولات أيضًا إنشاء "لجنة الحقيقة والعدالة والمصالحة"TJRC  في نوفمبر 2008 للمساعدة في علاج المظالم التاريخية لعدد من الجماعات الإثنية. كما أعلن الرئيس كينياتا قبل ما يقرب من عامين إنشاء صندوق برأسمال قدره 10 مليار شلن كيني لمساعدة ضحايا العنف السياسي الذي شهدته البلاد خلال عام 2007. لكن حتى اليوم لم تضع الحكومة خطة لكيفية عمل الصندوق، ولم يتلق الضحايا المساعدة المالية أو الرعاية الطبية أو المشورة. كما لم تنفذ حكومة كينياتا ما جاء في تقرير "لجنة الحقيقة والعدالة والمصالحة" الذي قُدم إليها في عام 2013، وهو أحد نتائج اتفاق السلام الذي أعقب الانتخابات الرئاسية لعام 2007. فقد وثق هذا التقرير انتهاكات حقوقية طويلة الأمد في مجالات ملكية الأراضي، والاغتيالات السياسية، وتهميش المجتمعات المحلية، وانعدام المساءلة. ووفقًا للقانون المنشئ للجنة كان على البرلمان أن يعتمد تقريرها عقب رفعه إلى حكومة كينياتا، على أن يتم نشره بعد ذلك في الجريدة الرسمية، ليبدأ تنفيذ ما جاء بالتقرير في غضون ستة أشهر. لكن لم تُقدم حكومة كينياتا التقرير إلى البرلمان لاعتماده، كما أعلن نائب الرئيس كينياتا، ويليام روتو، قبل إجراء الانتخابات الأخيرة أن تنفيذ هذا التقرير سيكون "وصفة للفوضى".

وهكذا، لم تنجح هذه الإجراءات في معالجة الأزمة السياسية، ولم تنجح في تحقيق الاستقرار أو منع تجدد العنف، وهو ما كشفت عنه بوضوح الانتخابات الأخيرة. فقد ترك الكثير من المواطنين منازلهم في عدد من مناطق الوادي المتصدع، خاصة في "إلدوريت" و"نيفاشا"، خوفًا من تكرار المذابح التي شهدتها هذه المنطقة في حالة نجاح الرئيس كينياتا في الانتخابات.

وإلى جانب هذه الإخفاقات التي اتسمت بها محاولات معالجة الأزمة السياسية في كينيا، فإن الانتخابات الأخيرة انعقدت في ظل ظروف أمنية صعبة، حيث لا تزال مناطق كثيرة في كينيا هدفًا ومسرحًا للعديد من الجماعات الإرهابية، خاصة حركة "شباب المجاهدين"، وتنظيم "داعش" الذي قام بعمليات للمرة الأولى في مومباسا ونيروبي خلال عام 2016، الأمر الذي دفع بالحكومة الكينية إلى فرض قانون حظر التجول منذ 8 يوليو 2017 ولمدة 90 يومًا في ثلاث مقاطعات في شرق كينيا (جاريسا، ونهر تانا، ولامو) بعد سلسلة من الهجمات العنيفة التي تعرضت لها من قبل حركة الشباب. وقد شملت هذه الفترة يوم الانتخابات الموافق 8 أغسطس الماضي. فقد تركت العمليات الإرهابية المجتمع المحلي عرضة للجانبين: الجماعات المسلحة والقوات الحكومية. هذا إلى جانب تعرض المواطنين في عدد من المناطق للقتل والسرقة. 

كذلك جرت الانتخابات في ظل إضرابين رئيسيين، إضراب للممرضين في المستشفيات العامة وآخر لأساتذة الجامعات، حيث جاء الإضرابان كنتيجة لفشل الحكومة في تنفيذ اتفاق حول زيادة الرواتب وتحسين ظروف العمل.

كما لم تف حكومة كينياتا بوعودها التي كانت قد أعلنتها أثناء انتخابات 2013؛ فلم تخفض أسعار السلع الأساسية، وزادت نسبة التضخم لتصل في إبريل 2017 إلى 11.48%، وارتفعت معدلات البطالة إلى نحو غير مسبوق. فوفقًا لآخر تقرير عن مؤشر التنمية البشرية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في كينيا، وصل هذا المعدل إلى 39.11%، وهو أعلى معدل للبطالة في إقليم شرق أفريقيا. أضف إلى ذلك مشكلة الفساد، فوفقًا لمؤشر الفساد لسنة 2016، الذي تعده منظمة الشفافية العالمية، احتلت كينيا الترتيب رقم 145 (من إجمالي 176 دولة).

***

في الوقت الذي لم يتضح فيه بعد مستقبل الاستقرار في كينيا عقب الانتخابات الأخيرة، إلا أن التهدئة لا تزال هي الاحتمال الأكبر في ظل تجربة العنف المريرة التي تعرض لها الشعب الكيني عقب انتخابات 2007، وما نتج عنها من تداعيات لا تزال آثارها حتى اليوم باقية.

لكن استمرار حالة التهدئة والحيلولة دون تجدد العنف يتطلب من النظام الحاكم والرئيس كينياتا التعامل بجدية لتسوية الأزمة السياسية، لأن استمرار حالة الاحتقان السياسي يدفع قوى المعارضة، وفي مقدمتهم رايلا أودينجا، للتلاعب بالانقسامات الإثنية وتسييس هذه الانقسامات للحصول على الدعم والتأييد الشعبي، وربما يكون الطريق الأفضل في هذا الإطار هو تشكيل منابر للحوار مع المعارضة من ناحية، والسماح بمشاركة عناصر من المعارضة في النظام السياسي وفي الحكومة الجديدة، من ناحية أخرى، على نحو يمكن أن يقضي على حالة الاستبعاد والتهميش السياسي والاقتصادي التي تتعرض لها العديد من الجماعات الإثنية ومناطقها التي تعيش فيها مما يؤدي إلى تحول هذه المناطق إلى مراكز لنمو السخط والاستياء. أضف إلى ذلك ضرورة إصلاح القطاع الأمني ومنع الاستخدام المفرط للعنف.

وأخيرًا، يمكن القول إن انتخابات 2017 مثلت المواجهة الأخيرة بين عائلات الكفاح ضد الاستعمار (عائلة كينياتا وعائلة أودينجا). هذه المواجهة التي استمرت لأكثر من نصف قرن، حيث لن يسمح الدستور لكينياتا بالترشح في انتخابات 2022، أما أودينجا فسوف يكون عمره 79 عامًا. وانتهاء هذه المواجهة يحمل آمال كثيرة في استعادة الاستقرار، واستكمال كينيا لمسيراتها التنموية.