نــورا فخـري أنور

باحث مساعد - مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

خلال الشهرالفائت سالت دماء زكية وبريئة، جراء وقوع أحداث تفجيركنيستين في طنطا والإسكندرية، أعلن على أثرهما حالة الطوارئ في عموم البلاد، بعدأن كانت قاصرة على بعض مناطق شمال سيناء. وفي هذا السياق، يتناول العدد 60 من مجلة قضايا برلمانية" حالة الطوارئ بين الضمانات الدستورية والحقوقية والحاجة إلى إجراءات موازية"، حيث يوضح الأستاذ أيمن عقيل (محام بالنقض رئيس مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان) أن حالة الطوارئ تعد عملية إجرائية للحماية أولا وأخيرا، ويجب أن يكون هدفها النهائى هو الحفاظ على الحقوق والحريات لعموم الشعب. وعلى ذلك، يستلزم من السلطات القائمة على إنفاذ القانون الالتزام بقواعد الشفافية والإفصاح بشكل مستمر، وجعل الشعب وقواه المختلفة على علم بجميع الإجراءات التى تم اتخاذها بمقتضى الصلاحيات المنبثقة عن استخدام قانون الطوارئ. هذا بالإضافة إلى البحث فى آليات جديدة لتجفيف منابع تمويل الجرائم الإرهابية وامتداداتها إقليميا، ودوليا. وفى هذا السياق، قد ترتبط ضمانات إعلان حالة الطوارئ بضمان الحقوق الأساسية، كحق الحياة، والحماية من التعذيب، وحرية الفكر والوجدان.

 ويتناول العدد ذاته أيضا ما أثير خلال شهر أبريل من نزاع بدأ يظهر جليًا، بعد أن كان خفيًا، بين السلطتين التشريعية والقضائية على خلفية سن تشريع يجعل لرأس الدولة في مصر صوت فاعل في تعيين رؤساء الهيئات القضائية، بعد أن كان هذا الصوت صوتًا شرفيًا، ما جعل البعض يشكك في حياد دولاب العدالة. حيث يوضح الأستاذ مهاب عادل (باحث مساعد بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية) تحت عنوان "التوازن بين السلطتين التشريعية والقضائية.. واقع مأزوم"، أنالخلل التوازنى فى العلاقة بين السلطتين القضائية والتشريعية يرجع إلى تداخل الاختصاصات التى تمارسها كل سلطة وعدم وضوحها. فهناك أزمة حقيقية بين السلطتين المذكورتين، تتضح من خلال تفاوت المؤشرات فى درجات الخلل التى كشفت عنه، والتى أوجدت درجة عالية من الخلل، نتجت عن إخلال البرلمان بمبدأ الفصل بين السلطات بالعمل على ترجيح كفة السلطة التنفيذية على حساب السلطة القضائية، وهو ما جاء فى مشروع القانون المقدم من البرلمان لتعديل قانون السلطة القضائية.

ويتناول العدد أيضا أحد القضايا المسكوت عنها منذ بداية الدور البرلمانية الأولى للبرلمان وهي مسألة تفرغ النواب، وكيف أن لائحة المجلس تجاوزت كل من الدستور والقانون في السماح لبعض النواب بممارسة أعمال عامة وخاصة وحصول بعضهم على رواتب من خارج المجلس جراء تلك الأعمال، فى تقرير يحمل عنوان "تفرغ النواب بين حسم الدستور، والتفاف القانون، وتجاوز اللائحة" للدكتور " فتحى فكرى" أستاذ القانون العام بحقوق القاهرة".

ثم يتطرق العدد لمسألة بيئية مهمة وهي إدارة المخلفات أو ما يسمى إعلاميًا بتدوير القمامة، من خلال تقرير يحمل عنوان، "استراتيجية إدارة المخلفات الصلبة"، حيث تشير الدكتورة شرين فراج، عضو مجلس النواب، إلى أنه من الأهمية إشراك القطاعين العام والخاص في منظومة الاستفادة من القمامة، ليس فقط لخطورتها على صحة الإنسان وتلوث البيئة، بل للاستفادة من موادها الأولية، مما ينتج عنه تحقيق عائد اقتصادى يدر- في حالة مصر- مليارات الجنيهات، فضلا عن منع ما يحدث من تدهور بيئى جسيم، نتيجة سوء إدارة المخلفات، وتدهور صحة المواطن. وفى هذا السياق، تعود المكاسب ليس على الدولة فحسب، بل تحقق المنظومة دخلا لرب المنزل، وعبرها يتم تشغيل الشباب، ووقف عمل الفريزة بترك باقي القمامة بالشوارع، وإدماج الجامعيين والفريزة في منظومة واحدة للتخلص –والاستفادة- من القمامة.

كما يتناول العدد الجديد من المجلة، كيفية دعم البرلمان للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، من خلال تقرير بعنوان "كيف ندعم الشركات الصغيرة والمتوسطة"، حيث يوضح الأستاذ كولين بريد (خبير بمؤسسة الشركاء الدوليين للحوكمة) أن الحاجة ملحة للغاية لوجود قطاع من الشركات الصغيرة والمتوسطة نابض بالحياة داخل اقتصاد الدولة، إذ يصل عددها فى الغالب إلى ما يزيد على 98 %. وعلى ذلك، من الضرورى مواجهة التحديات، من خلال معالجة فجوات مهارات الشركات الصغيرة والمتوسطة، وإعادة مراجعة اللوائح والقوانين لمساعدتها على إيجاد وتعزيز الشركات الصغيرة والمتوسطة الجديدة، وتنفيذ سياسات جديدة لإثراء الموارد الخاصة.

كذلك تتناول المجلة قضية المشاركة السياسية للمرأة ومسألة التمييز الإيجابي لصالحها بغية الخلاص من حالة الغبن اللاحق بها في مجال ممارسة العمل العام والسياسي خاصة، حيث يطرح الأستاذ ميج مون (خبير مؤسسة الشركاء الدوليين للحوكمة) أن غالبًا ما تكون الأسباب وراء التغيرات السياسية المؤثرة على المساواة بين الجنسين مختلفة بحسب كل دولة. وفى هذا السياق، يعد العمل الناشط للمرأة، والتضامن بين النساء والرجال أمرا بالغ الأهمية، وتعزيز مكانة المرأة فى المجال العام، مع وجود رغبة سياسية، وفهم للفوائد المُكتَسَبة، ومن شأن الضغط من جانب أعضاء الأحزاب السياسية، ومنظمات المجتمع المدنى، والإعلام أن يصنع تغييرا حقيقيا فى رغبة القادة السياسيين الإقليميين والقوميين بشأن دعم السياسات التى تثمِّن مشاركة المرأة السياسية.

وأخيرًا، تعرض المجلة كما اعتدنا منذ بداية الدورة، وكل ثلاثة أشهر، لرصد أداء البرلمان في المجالات السياسية والتشريعية والرقابية، وكذلك شئون العضوية ونشاط اللجان، وذلك في الربع الثاني من تلك الدورة، حيث يرصد الأستاذ محمد المصرى(كاتب متخصص فى الشئون البرلمانية) رصدًا حيًا لأداء البرلمان خلال الفترة من (يناير- مارس 2017 )، من زاوية الوظيفتين التشريعية والرقابية، وكذلك الوظيفة السياسية، وأعمال اللجان، ومسئول العضوية.