ما جرى خلال هذا الشهر برلمانيًا، هو حصاد هذا العدد من مجلة قضايا برلمانية. فالحديث عن تمديد مدة رئيس الجمهورية، سواء بزيادة عدد السنوات، أو زيادة مدد الرئاسة عاد يطل برأسه، وسيزيد إطلالا كلما قرب الإستحقاق الرئاسي، رغم أننا لا زلنا في إطار الاستحقاق الأول، حيث لا يزال هناك استحقاق آخر، أو مدة رئاسية أخرى. فقد أشار الأستاذ أحمد عبدالحفيظ - محامى بالنقض، ونائب رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان- فى الموضوع الأول، إلى فكرة " تأقيت السلطة"، وهى عدم السماح بتولى منصب رئاسة الدولة إلا لمدة محددة كما ذكر دستور 2012 المعدل، هنا يطرح الباحث من خلال هذا الموضوع فرضية أن دروس التاريخ المصرى تؤكد مخاطر تأبيد السلطة وإنه ليس أدل على ذلك من ثورات الربيع العربى التى أفرخها التأبيد.
هناك أيضًا الموضوع الجديد – القديم الذى يتعلق بالعلاقة بين البرلمان والصحافة على هامش المداخلة الشهيرة لرئيس البرلمان بحق صاحبة الجلالة. فيوضح الأستاذ رجائى الميرغنى -كاتب صحفى- أن السمات التى تجمع ما بين الصحافة كمهنة ذات رسالة تجاه الشأن العام، والبرلمان كسلطة شعبية ذات صلاحيات هى التى تضع كلا منهما فى مواجهة الآخر. وقد جرى النظر إلى الصحافة والبرلمان، باعتبارهما من أعرق معالم الحداثة التى أسهمت فى تشكيل وتطور التاريخ المصرى وما صاحب مسيرتهما من علاقات تراوحت ما بين التوافق والتصادم. ولكن تعرضت العلاقة بين الصحافة والبرلمان لاختبارات قاسية حول العديد من السياسات التى تبناها الحزب الوطنى الحاكم سابقا. أما العلاقة بين البرلمان الحالى والإعلام، فهى لم تكن واعدة، وذلك ما اتضح فى رفض إذاعة الجلسات، وتقويض التغطية الصحفية لأعمال البرلمان. هذا بالإضافة إلى تعدد الوقائع التى أظهرت حساسية بعض أعضاء المجلس تجاه النقد الذى طال أداءهم البرلمانى من قبل الصحافة.
أما الموضوع الثالث فيتناول واحد من أهم الموضوعات المثيرة للجدل، وهو قانون الجمعيات، وهل خرج من البرلمان إلى رئاسة الجمهورية، ورفضت تلك الأخيرة إصداره، أم ماذا بالضبط؟ هنا يطرح هذا الموضوع قضية محورية، هى هل من حق البرلمان حجز قانون أقره، دون أن يرسله لرئاسة الجمهورية لإصداره؟.حيث يتناول الدكتور جمال جبريل - أستاذ القانون العام بكلية الحقوق، جامعة حلوان- فى مقال يحمل عنوان "الحقوق التشريعية للرئيس المصرى.. قانون الجمعيات نموذجًا"، مسألة الحقوق التشريعية للرئيس المصرى، ويركز هنا على حق إصدار القوانين، ويطرح المقال سؤالا مهما هل من حق البرلمان عدم إرسال القوانين التى أقرها إلى رئاسة الجمهورية لإصدراها، ضاربًا مثالا بارزا بقانون الجمعيات الأهلية.
وعلى هامش موضوع إسقاط العضوية عن النائب محمد أنور السادات، يطرح المقال الرابع - إسقاط العضوية فى البرلمانات المصرية- للدكتور حسن سلامة - أستاذ العلوم السياسية بالمركزالقومى للبحوث الاجتماعية والجنائية - التطور التاريخى والرؤية المستقبلية فى مسألة إسقاط العضوية فى البرلمان المصرى ولجنته بالتطرق بشكل تفصيلى لإسقاط عضوية النائب محمد أنور السادات بسبب واقعتى تزوير توقيعات عدد من النواب، وإهانة المجلس أمام جهات أجنبية، ويشير إلى أن البعض ربط الأمر بحسابات سياسية، لحديث النائب عن معاش العسكريين، وكذلك اتهام رئيس البرلمان بتعطيل عمل لجنة حقوق الإنسان التى كان يرأسها لدعم الحريات العامة.
ويركز الموضوع الخامس، على دور الدولة فى دعم المنافسة ومنع الاحتكار، وإلى أى حد يمكن للدولة المصرية القيام بذلك؟. هنا تتناول الدكتورة أمانى فوزى الجندى الخبير الاقتصادى بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، هذا الشأن في موضوع يحمل عنوان "الدولة وتنظيم المنافسة والحد من الاحتكار ..حالة مصر". فتذكر أن اقتصادات السوقتعتمد على ميكانزمات قوى العرض والطلب لتحقيق التوازن، وهذا يعنى اللجوء إلى قوى السوق المتمثلة في قوى العرض والطلب لتحديد وجهة المتغيرات الاقتصادية الرئيسة. فهناك انطباع غير صحيح يتمثل فى الاعتقاد بأن اقتصاد السوق يعنى تخلى الدولة عن دورها الاقتصادي، والحقيقة أن اقتصاد السوق يفترض دوراً رئيساً للدولة كما للأفراد، وللدولة دور مهم فى حماية اقتصاد السوق، من خلال تشجيع المنافسة، ودعم آليات السوق الحر، والحد من الممارسات الاحتكارية.
أما فيما يتصل بقضية تنمية مثلث حلايب، ودور البرلمان فى هذا الشأن، سعيًا لدعم المواطنة فى هذا الجزء من أرض الوطن الذى أصبح مطمعًا لقوى خارجية، فهو محور الموضوع السادس من المجلة. حيث توضح الباحثة نورا فخرى أنور - الباحث المساعد بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية- أن أبناء مثلث حلايب يشعرون بغصَّة من الدولة المصرية التى أهملتهم وهمشت قضاياهم، على الرغم من أنهم تحملوا أعباء كثيرة للدفاع عن الأمن القومى للدولة على مدار التاريخ. مما يتعين على البرلمان النظر بعين الاعتبار لاحتياجتهم، من خلال تنظيم الزيارات الميدنية لتلك المنطقة، وعقد جلسات استماع للمشاكل التى تواجههم، ووضع حل لهذه المشكلات، مع النظر فى منح أهل منطقة حلايب وشلاتين حق امتلاك الأراضى.
وتختتم المجلة بموضوعين يتعلق أولهما بدور اللجان النوعية فى إشراك المواطنين فى أعمالها، حيث توضح الأستاذة أيلين والكر - متخصص إشراك الجماهير – المملكة المتحدة – وزميل جلوفر بارك جروب GPG- أن هناك بعض البرلمانات قد لا يتاح للجان فرص كبيرة لاختيار موضوعات للتحقيق. فالبعض قد تحال إليه موضوعات من الحكومة. وقد يكون عبء المتابعة التشريعية ثقيلاً ويترك قليلاً من الوقت للجان لتقوم بعمل استباقى فى اختيار موضوعات التحقيق، حيث تقوم اللجان باختيار موضوعات التحقيق، وهناك طرق كثيرة تقوم فيها الموضوعات بفرض نفسها، فالأعضاء مقربون من اهتمامات الناخبين، وسوف تكون لهم رؤية حول مساحات السياسات التى تحتاج إلى الاهتمام.
فيما يتناول ثانيهما طرح الأسئلة البرلمانية على السلطة التنفيذية، كوسيلة من وسائل الرقابة البرلمانية. حيث يوضح الأستاذ ميج مون - خبيرة بمؤسسة الشركاء الدوليين- أن أعضاء مجلس النواب يؤدون ثلاثة أدوار رئيسة: دورهم كنواب عن الناخبين، ودورهم كمشرعين، وكذلك دورهم فى محاسبة الحكومة، من خلال أنشطة المراقبة. وتمثل الأسئلة البرلمانية جزءاً رئيساً من دور النائب، وهى أيضاً واحد من أشهر أشكال المراقبة شيوعاً بين أعضاء مجلس النواب. إن الأسئلة والأجوبة تعد طريقة مفيدة لإثراء معلومات الجماهير بشأن العمل فى البرلمان، ولتقديم المعلومات إلى النطاق العام، ويمكن أيضاً استخدامها فى إلقاء الضوء على إخفاقات الحكومة أو نجاحاتها، كما أنها وسيلة للضغط على الحكومة من أجل العمل.